إسرائيل تنصب «القبة الحديد» بعد استهداف تل أبيب

مطالب باغتيال قادة التنظيمات في غزة رغم تطمينات «حماس» وتخليها عن مسيرة العودة

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع غزة أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع غزة أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تنصب «القبة الحديد» بعد استهداف تل أبيب

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع غزة أمس (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع غزة أمس (رويترز)

على الرغم من إعلان حركة «حماس» أن إطلاق الصاروخين من قطاع غزة باتجاه تل أبيب تم بالخطأ، ولإثبات «نياتها الطيبة» ألغت «مسيرات العودة» الأسبوعية على الحدود، فإن القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية رفضت المخاطرة وقررت نصب منظومتها الدفاعية «القبة الحديدية» حول المدن الكبرى (تل أبيب والقدس وبئر السبع) وأعلنت أن جيشها يقف على أهبة الاستعداد لمواجهة ضربات صاروخية أخرى.
أتى ذلك بعدما قصفت إسرائيل نحو 100 موقع فلسطيني، معظمها تابع لحركة «حماس» فجر أمس الجمعة، ردا على إطلاق صاروخين من طراز «فجر» الإيراني. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن طائراته ومروحياته شنت غارات على نحو 100 هدف تابع لـ«حماس» في قطاع غزة، وأن «من بين الأهداف مركز مكاتب مقر الضفة الغربية التابع للحركة في حي الرمال في وسط قطاع غزة، والموقع المركزي لإنتاج الوسائل القتالية الصاروخية في القطاع، وعددا من المجمعات العسكرية، وتم استهداف موقع تدريبات عسكري في جنوب قطاع غزة».
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة في بيان صحافي عن «إصابة 4 فلسطينيين بجروح وحروق مختلفة، من بينهم رجل وزوجته في رفح (جنوب القطاع)، وإصابتين في غزة» من جراء القصف. وقالت مصادر فلسطينية إن الطائرات الإسرائيلية أغارت بعدة صواريخ على موقعي تدريب لـ«كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» وثالث لـ«سرايا القدس» التابعة لـ«حركة الجهاد الإسلامي» في وسط وجنوب قطاع غزة، ما خلف أضرارا مادية من دون وقوع إصابات.
ونفت «كتائب القسام»، في بيان، مسؤوليتها عن الصواريخ التي أطلقت في الوقت الذي كان يعقد فيه اجتماع بين قيادة الحركة ووفد أمني مصري حول التفاهمات الخاصة في قطاع غزة. كما أصدرت وزارة الداخلية التي تديرها «حماس» بيانا أعلنت فيه أنها «تتابع إطلاق صواريخ من قطاع غزة خارج عن الإجماع الوطني والفصائلي وستتخذ إجراءاتها بحق المُخالفين».
وجاء القصف الإسرائيلي، بعد جلسة مطولة للقيادات العسكرية عقدت في مقر القيادة في تل أبيب برئاسة بنيامين نتنياهو، بصفته رئيسا للحكومة ووزيرا للدفاع، واستمرت من العاشرة ليلا وحتى الثانية فجرا. وتخللت الجلسة خلافات حادة حول سبل الرد على الصاروخين، خصوصا أن أجهزة الأمن لم تعرف كيف تفسر هذه الظاهرة. ووفقا لمصدر أمني، الحيرة كانت سيدة الموقف في الجلسة. فقد اعتقدت المخابرات في البداية أن إطلاق الصاروخين بالتزامن مع الجلسة التي عقدها رجال المخابرات المصرية مع قادة «حماس» في غزة، يعني أن من أطلقهما هو طرف معارض لاتفاق التهدئة المتبلور. وأشاروا بذلك إلى إحدى القوى المرتبطة بإيران. وقالوا: «هناك جهة ما في غزة شعرت بأن التهدئة باتت أقرب من أي وقت مضى، وقررت عرقلتها. وهذه الجهة هي الجهاد الإسلامي المرتبط بإيران على الغالب. وقد يكون جهة شيعية معارضة لحماس في القطاع. وقد يكون أيضا القائد الحماسي فتحي حماد، الذي يسيطر على شمال قطاع غزة، ويتخذ خطوات تمرد في السنتين الأخيرتين على قيادة حماس».
ولكن حركة الجهاد الإسلامي سارعت إلى الإعلان أنها لم تطلق الصاروخين وتبعتها «حماس» وأصدرت بيانا مماثلا. وفي وقت لاحق، وصلت معلومات إلى إسرائيل تقول إن «حماس» هي التي أطلقت الصاروخين وإن بيان النفي الذي أصدرته كاذب. وقالوا إن «حماس» فعلت ذلك لأنها أرادت حرف الأنظار عن المظاهرات التي وقعت في شوارع غزة، أول من أمس، تحت الشعار «بدنا نعيش بكرامة»، واحتج فيها المواطنون على الغلاء وعلى زيادة الضرائب. فقمعتها قوات «حماس» بقسوة شديدة، تسببت في كسور في عظام العشرات من المتظاهرين.
عندها قررت القيادات الإسرائيلية الانتقام من حماس، فقصفت 100 هدف في قطاع غزة، معظمها تابعة لها. وقد حرصت «حماس»، قبل ذلك على إخلاء مواقعها، وفي الوقت نفسه بعثت الرسائل عبر مصر وعبر الإعلام، فقررت ولأول مرة ألا ترد على القصف الإسرائيلي. وأعلنت أن الصاروخين أطلقا بالخطأ، وليس بشكل مقصود. ولكي تثبت صدق نياتها وحرصها على التهدئة مع إسرائيل، أعلنت أنها ستوقف مسيرات العودة الأسبوعية، هذا الأسبوع. وبالفعل، لم تنطلق هذه المسيرات أمس، لأول مرة منذ 30 مارس (آذار) 2018.
وساد الهدوء التام على الحدود حتى مساء أمس، وتوجهت «حماس» وإسرائيل إلى المصريين لكي يستأنفوا الجهود للتهدئة. وقد تحول الموضوع إلى عنوان أساسي في المعركة الانتخابية الإسرائيلية. وراح منافس نتنياهو من يمينه ومن يساره يهاجمونه ويتهمونه بـ«فقدان الردع أمام تنظيم إرهابي صغير مثل حماس»، كما قال غابي أشكنازي، رئيس أركان الجيش الأسبق والمرشح في قائمة حزب الجنرالات. وطالب كل من وزير المالية، موشيه كحلون، ووزير المعارف، نفتالي بنيت، باستئناف الاغتيالات ضد قادة «حماس». وكانت واشنطن أيدت الغارات الإسرائيلية على غزة. وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنه يؤيد «حق إسرائيل في حماية مواطنيها» بعد قصف عنيف استهدف غزة، رداً على إطلاق صواريخ من القطاع مساء الخميس تجاه تل أبيب.
وقال بومبيو الذي يزور إسرائيل قريباً: «مرة أخرى، يتعرض المواطنون الإسرائيليون لهجوم من إرهابيين في غزة مسلحين ومموّلين من قِبل أسيادهم في طهران». وأضاف على «تويتر»: «نحن إلى جانب حليفتنا، لإسرائيل الحق في حماية مواطنيها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.