بروفايل: أيمن عودة... أمل الشباب لفلسطينيي 48

رغم المشاكل التي تهدد حجم «القائمة المشتركة» في الكنيست

عودة يعتبر من أفقر القادة السياسيين في إسرائيل مالياً
عودة يعتبر من أفقر القادة السياسيين في إسرائيل مالياً
TT

بروفايل: أيمن عودة... أمل الشباب لفلسطينيي 48

عودة يعتبر من أفقر القادة السياسيين في إسرائيل مالياً
عودة يعتبر من أفقر القادة السياسيين في إسرائيل مالياً

قبل شهر من انتخاب أيمن عودة لعضوية الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، عام 2015، سار هو ومجموعة من سكان عرب النقب، مشياً على الأقدام من منطقة بئر السبع إلى القدس، لمسافة 100 كلم، في مسيرة احتجاج سلمي على أوضاع هذه الفئة السكانية المظلومة بأقصى جنوب فلسطين.
انطلقوا من قرية وادي النعم، التي تعتبر واحدة من 38 قرية عربية هناك لا تعترف بها الحكومات الإسرائيلية، ويعيش فيها أهلها من دون كهرباء أو خطوط أنابيب مياه أو مجار. وكانت هذه رسالة منه إلى المجتمع الإسرائيلي كله أن قائدا من طراز جديد يدخل الحلبة السياسية. شاب يلجأ إلى أساليب نضال سلمية مؤثرة على المجتمع اليهودي. فكان كثير من سائقي السيارات يتوقفون إلى جانب المسيرة ويحيونها وبعضهم يشتمها لكن الغالبية تتعاطف معها.
ولكن، لا أقل أهمية من هذا، أن العرب رأوا فيه أملاً جديداً. فقد ملوا من القيادات التي تعتمد في كفاحها أسلوب الشعارات الطنانة التي لا تجدي نفعاً، بل تتحول إلى سلاح يستخدمه اليمين الإسرائيلي لضرب قضية السلام وتبرير سياسة التمييز العنصري ضدهم. يريدون قيادة شابة تطرح أساليب نضال أخرى مجدية. وجاء أيمن عودة بهذه المسيرة، ليبرز قضية جمهور كبير يعيش على هامش المجتمع. ذلك الشاب الذي تربّى في حيفا «مدينة العز» التي تعتبر ثالث أكبر مدينة في إسرائيل، بعد تل أبيب والقدس الغربية، يصل إلى النقب ويمضي فيه أياماً طويلة.

يعتبر أيمن عودة تفاعله مع منطقة النقب وأهلها نقطة الأوج في العمل السياسي والنضالي.
الحياة البائسة التي يعيشها السكان هناك كانت تقض مضاجعه. فيذهب إليهم في الأيام العصيبة، يقف إلى جانبهم ويتصدى للاعتداءات عليهم. وفي ذلك اليوم الذي كان فيه السياسيون في أوج دعايتهم الانتخابية، اختار عودة أن يكون مع هذه الشريحة من شعبه، الضعيفة والمستضعفة، كحامل رسالة «النضال الشعبي السلمي ضد الظلم والتمييز العنصري». وبالطريقة نفسها تعامل مع بقية القضايا، بدءاً بقضية النضال ضد الاحتلال ومن أجل السلام وحتى أبسط قضايا التمييز العنصري. حمل راية «اتباع وسائل نضالية تؤثر على المجتمع اليهودي وتجند العقلاء فيه إلى جانب نضالنا الشرعي لأجل السلام والمساواة والديمقراطية».
والجمهور العربي التقط الرسالة جيداً، فهو يؤمن بأن النضال حكمة والسياسة فن الممكن ويريد قادة يفهمون ذلك ويتبنونه. فتدفقت الجماهير العربية إلى صناديق الاقتراع بمئات الألوف وارتفعت نسبة التصويت من 54 في المائة في انتخابات 2013 إلى 62 في المائة في 2015، ومنح 86 في المائة منهم أصواتهم إلى «القائمة المشتركة» التي وقف أيمن عودة على رأسها. ففازت بثلاثة عشر مقعداً، وهو رقم قياسي في تاريخ فلسطينيي 48. والجمهور اليهودي أيضاً رأى فيه «قائداً عربياً من نوع جديد في إسرائيل»، وفي اليسار راحوا يتحدثون عن «أمل في تعاون وشراكة يهودية عربية» في العمل السياسي. وليس صدفة أن بيني غانتس، رئيس «حزب الجنرالات»، الذي يسعى لإسقاط حكم بنيامين نتنياهو، يعلن اليوم أنه لا توجد عنده مشكلة لإقامة ائتلاف حكومي يستند إلى أصوات العرب.
كان أيمن عودة يومها شاباً في الأربعين من العمر، أصغر النواب العرب عمراً. وبقدر ما حملته هذه الحقيقة من تفاؤل وأمل، استقدمت له أعداء في الساحة السياسية الإسرائيلية، خصوصاً، من جهة اليمين المتطرف الذي رأى فيه خطراً استراتيجياً على سياسته، وخصوماً وحساداً حتى من داخل تحالف الأحزاب الوطنية الأربعة في «القائمة المشتركة»، بل حتى من داخل حزبه. فتعرّض للأذى من الطرفين. بلغ الأذى أوجه في مطلع عام 2017، عندما تعرّض لمحاولة اغتيال من رجال الشرطة الإسرائيلية في معركة أم الحيران. ففي الوقت الذي حضرت قوات لهدم القرية بحجة أنها بنيت (قبل 60 سنة)، بلا ترخيص، أطلق عليه الجنود الرصاص من مسافة قريبة وأصيب بثلاث رصاصات إحداها مزقت جبينه وبأعجوبة لم تستقر في رأسه.
تلك الجريمة أثارت موجة استنكار واسعة في البلاد، لكن بيانات الاحتجاج والاستنكار من رفاقه العرب تأخرت. وكانت إشارة أولى على المعارك الداخلية التي سيفرضونها عليه في تلك المرحلة. ولم تكن معركة الحسد أقل قسوة من معركة المتطرفين اليهود ضده. ولكن أيمن عودة لم يرضخ، بل سار في طريقه بقوة، على مختلف الصعد. لم ينجح في كل المعارك التي أرادها إلا أنه نجح في فرض نقاش عميق حول طريقه، واستقطب فيه غالبية الناس. وإن كان من انتقادات له في الشارع العربي، فليست بسبب خطه السياسي، بل لأنه لا يصرّ على التقدم بخطوات كبيرة فيه. إذ كان يأخذ بالاعتبار استمرار وجود تيار فكري قديم يعتمد الشعارات أكثر من السياسات المُجدية للقضية الوطنية، مع أنه كان يعلم أن الخضوع لهؤلاء يلحق ضرراً بالقضية الوطنية.
على سبيل المثال، قام النائب باسل غطاس، من حزب «التجمّع» في «القائمة المشتركة»، بمحاولة إدخال 15 هاتفا جوالا إلى الأسرى الفلسطينيين في أحد السجون. وتبين فيما بعد أن المخابرات الإسرائيلية علمت بأمر هذه العملية قبل تنفيذها، فنصبت له كميناً. وحسب وقائع المحكمة، ضباط المخابرات صعقوا من الموضوع ولم يكادوا يصدقون أن شخصية سياسية بارزة مثل غطاس يحمل شهادة الدكتوراه، يمكنه أن يتخيل أنه سينجح في إدخال كمية كهذه من الهواتف. فقرّروا الانتظار لرؤية المشهد كاملاً. وصوّروه خطوة خطوة، وضبطوه متلبساً.
هذه العملية ألحقت ضرراً كبيراً، ليس فقط بأعضاء الكنيست العرب، بل أيضا بالأسرى، الذين كانوا ينتظرون زيارات النواب العرب على أحرّ من الجمر، ليبثوا أمامهم مشاعرهم ويطرحوا مشاكلهم حتى يعالجها هؤلاء النواب من خلال مواقعهم البرلمانية. حصيلة ما حدث أن الحكومة قرّرت منع هذه اللقاءات تماما. ومنذ ذلك الوقت مرّت نحو السنتين، لم يلتق خلالها أي نائب عربي مع أي أسير. ومع ذلك، لم نسمع انتقادا من النائب عودة أو غيره على هذا التصرف، مع أن جميع النواب يتحدثون عنه في الغرف المغلقة، كتصرف غير مسؤول.والمعروف أن هذه الحادثة، أدت إلى إبرام صفقة بين النائب غطاس والنيابة الإسرائيلية، اعترف بموجبها بالتهمة ووافق على أن يفرض عليه حكم بالسجن الفعلي لسنتين. وعندما دخل السجن، نشبت مشكلة في «القائمة المشتركة»، إذ أصر حزب غطاس، «التجمّع»، على أن يحل محله في الكنيست شخصية سياسية من الحزب ذاته، ولكي يحصل هذا كان يجب على ثلاثة مرشحين في القائمة من الأحزاب الأخرى أن يستقيلوا. فراح بعضهم يتمنعون. وبدت القائمة المشتركة جسماً مترهلاً، يتصارع قادته على الكراسي، بشكل شائن. وهبطت قيمتها لدى الجمهور.
رغم ذلك، سجل أيمن عودة على اسمه، إنجازا ضخما، إذ تمكن من تحصيل «خطة خمسية» قيمتها 15 مليار شيقل (4.3 مليار دولار) من حكومة بنيامين نتنياهو، الأشد يمينية وعداءً للعرب في السنوات السبعين الماضية، وذلك بهدف سد قسم من الهوة الناشئة بين اليهود والعرب في إسرائيل الناشئة بسبب سياسة التمييز العنصري ضدهم. وهذه ليست مهمة سهلة.
الطريقة التي عمل بموجبها، تدل كثيراً على شخصيته ورسالته وأسلوب عمله المميز. إذ جمع طاقماً إلى جانبه من المهنيين، بقيادة علاء غنطوس، وهو موظف كبير سابق في قسم الميزانيات في وزارة الداخلية ومحاسب بلدية الناصرة، ومازن غنايم رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية. وعقدوا 70 جلسة مع رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية أمير ليفي، و20 جلسة مع وزير المالية موشيه كحلون، وخمس جلسات مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وخمس جلسات أخرى مع رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، وأقنعهم جميعا بضرورة العمل على سد هوة التمييز.
ومع أن الحكومة أقرت هذه الميزانية رسمياً في قرارها رقم 922 في أواخر عام 2015، وأقيم طاقم خارجي لمراقبة تنفيذ القرار في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، وبدأ ينشر التقارير التي تبيّن أن القرار ينفذ بنسبة 90 في المائة، ومع أن عودة نسب هذا الإنجاز لـ«القائمة المشتركة» كلها، ولم يتحدث عنها كإنجاز شخصي، ظل رفاقه في «القائمة» يشككون. ادعوا بداية أنه لا يوجد قرار. ثم ادعوا أنه لا ينفذ. ثم قرروا أن الزيادة ليست حقيقية وأنها مجرد تغيير ترتيب للبنود في الميزانية العادية. بل لوحظ أن الصراعات الشخصية لم تقتصر على هذا الموضوع، بل تفاقمت في اتجاهات أخرى أيضاً. ووصلت إلى حد تفكيك وتمزيق «القائمة المشتركة»، لتخوض الانتخابات هذه المرة في قائمتين منفصلتين، كل حزبين يشكلان قائمة منها. ولم يستطع أيمن عودة السيطرة على هذا الصراع. وبدأ الجمهور العربي ينفضّ عن القائمة. وحسب الاستطلاعات الأخيرة هناك احتمال أن يخسر العرب مقعدين.

- بطاقة هوية
ولد أيمن عودة في اليوم الأول من عام 1975، في حي الكبابير الجميل في مدينة حيفا، لأسرة وطنية كادحة. في بيت يطل على البحر الأبيض المتوسط، في أفق لا يعرف النهاية، يشبه كثيرا هذا الشاب القائد. تلقّى تعليمه في مدرسة تابعة للكنيسة الأرثوذكسية، التي نهل منها سمات التآخي الوطني المترفع عن التقاسمات الطائفية. لكن ثقافته الوطنية تبلورت من خلال العمل السياسي والوطني في صفوف «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة»، التي تحالف في إطارها الحزب الشيوعي «راكح» وقوى وطنية عدة. وانخرط عودة في العمل السياسي كفتى وشاب مع اندلاع «حرب لبنان الثانية» ثم «الانتفاضة الفلسطينية الأولى»، التي شهدت بلدات فلسطينيي 48 خلالهما مظاهرات ومسيرات تضامنية كثيرة تخللتها صدامات مع الشرطة القمعية. فدخل السجن عدة مرات، متعمدا بسمات الصمود والتحدي.
الاستراحة من النضال حلت، عندما سافر إلى رومانيا لدراسة الحقوق، وعودته منها محامياً. إلا أنه لم يعمل في المحاماة، بل عاد إلى غمار السياسة على الفور. وتزوّج من رفيقة دربه منذ الدراسة، نردين عاصلة، ولهما ثلاثة أولاد: الطيّب، وأسيل، وشام. الطيّب سمياه تيمنا بـ«معشوقه» الشاعر أبي الطيب المتنبي. وشام نسبة إلى هواه التاريخي العريق وبُعده الثقافي والوطني العروبي، الشام. وأسيل، اسم شقيق زوجته الذي استشهد عام 2000 برصاص الشرطة الإسرائيلية.
انتخب أيمن عودة باسم «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» عضواً في بلدية حيفا عام 1998، وظل فيها حتى 2003. وعمل في عدة جمعيات تعنى بحقوق العرب في إسرائيل.
وفي عام 2006، انتخب أميناً عاماً لـ«الجبهة»، وظل في هذا المنصب حتى انتخابه عضوا للكنيست عام 2015. ولقد اهتم بعدة مشروعات على مستوى الهوية الوطنية، مثل إطلاق أسماء على شوارع القرى والمدن العربية من خلال الحرص على تكريس الأسماء الوطنية من أجل تعزيز الانتماء الوطني الجامع. ومن أهمّ الأمور التي ثابر على طرحها تعزيز الشراكة بين المواطنين العرب الفلسطينيين واليهود الديمقراطيين، رافضا دعاوى التقوقع والانغلاق، مؤكداً أن الشراكة في صُلب الرؤية الإنسانية التي تقيّم الإنسان كإنسان بغضّ النظر عن انتماءاته التي لم يخترها مثل القومية أو اللون أو الجنس. وهو يقول في ذلك إن «الفلسطينيين في إسرائيل البالغة نسبتهم 20 في المائة لم ولن يحصلوا على الحقوق وحدهم من دون تعاون مع القوى اليهودية التي ترى أن انعدام المساواة يعني أن الدولة غير ديمقراطية. وهذا الطرح ينسجم لديه مع الطرح الطبقي حيث لا وطنية ولا قومية حقيقية تترفّع عن قضايا الفقراء، الذين يشكلون تسعين في المائة من الشعب»، على حدّ تعبيره.
وحقاً، عودة يعتبر من أفقر القادة السياسيين في إسرائيل مالياً. ولقد نشرت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي خلال الحملة الانتخابية لعام 2015 تقريرا حول ثروته الشخصية، اتّضح منه أن عودة هو منتخب الجمهور صاحب الثروة الأقل من بين أعضاء البرلمان الذين كشفوا عن ثرواتهم، إذ إنّه مديون بمبلغ 15 ألف شيقل في حسابه المصرفيّ، ولا تتعدّى قيمة معظم ممتلكاته 300 ألف شيقل.

- كيف يراه الآخرون؟
المجلة الأميركية «فورين بوليسي» اختارت عودة واحداً من أهم مائة شخصية عالمية لعام 2015. والمجلة الاقتصادية الإسرائيلية «دي ماركر» اختارته في المرتبة التاسعة، ضمن قائمة أكثر 100 مؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي لعام 2016، بفضل الخطة الاقتصادية التي حصلها من حكومة نتنياهو. والمجلة نفسها اختارته قائداً سياسياً عربياً وحيداً ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في إسرائيل.
ختاماً، رغم إخفاقات «القائمة المشتركة» وتفككها، فما زال عودة الأمل لدى أوسع أوساط الشباب العرب في إسرائيل، فلسطينيي 48. وهو يدرك أن هذه مسؤولية تحتم عليه أن يحدث تغييراً أكبر في سياسة هذه الشريحة من الفلسطينيين، يتلاءم مع الآمال المعقودة عليه.


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».