محادثات عسكرية روسية ـ أميركية للتنسيق في سوريا

لافروف يستبعد تشكيل مجموعات دولية ـ إقليمية جديدة

TT

محادثات عسكرية روسية ـ أميركية للتنسيق في سوريا

كشفت وزارة الدفاع الروسية عن محادثات جارية مع الجانب الأميركي تهدف إلى تقريب وجهات النظر حيال التحركات في سوريا، خصوصاً على صعيد العمليات العسكرية للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في هذا البلد، وخطط واشنطن للانسحاب جزئياً من الأراضي السورية.
وفي أول مسعى لفتح حوار مباشر لتقييم الموقف على ضوء التحركات الأميركية الأخيرة، انطلقت أمس في فيننا محادثات رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف مع نظيره الأميركي جوزيف دانفورد. ورغم أن موسكو كانت أعلنت سابقاً عن أن الاتصالات على المستوى العسكري لم تنقطع بين البلدين مع تفاقم مساحة الخلافات في ملفات عدة، فإن التنسيق السابق شمل مسائل عدم الاحتكاك في الأجواء السورية، بينما يعد هذا الحوار أول محاولة جدية لتقريب وجهات النظر حيال آليات التعامل مع ملفات شائكة في سوريا؛ بينها الوضع في الشمال السوري على خلفية قرار واشنطن سحب القوات الذي تم تعديله لاحقاً بإعلان الإبقاء على مئات العسكريين الأميركيين في المنطقة، والوضع في محيط مخيم الركبان في الجنوب، والوجود الأميركي في قاعدة التنف على الحدود مع العراق والأردن.
ولم يوضح بيان أصدرته وزارة الدفاع تفاصيل عن أجندة الحوار بين العسكريين من البلدين، لكن أوساطاً قريبة من الوزارة لفتت إلى رغبة موسكو في فهم نيات واشنطن وآليات تنفيذ قرارات تقليص وجودها في بعض المناطق السورية، فضلاً عن الاهتمام الذي توليه موسكو لتنفيذ تفاهمات سابقة بالشروع في تفكيك مخيم الركبان للاجئين السوريين، وحسم ملف الوجود الأميركي في التنف.
وفي الجانب الأميركي، لم تصدر تفاصيل أيضاً عن التوقعات من هذه المباحثات، واكتفى المتحدّث باسم هيئة الأركان الأميركية باتريك رايدر، بترجيح أن تتصدر المحادثات عمليات التحالف الدولي في سوريا، ومستقبل العلاقات العسكرية بين موسكو وواشنطن، وقضايا الأمن الدولي. وكان رئيسا الأركان أجريا محادثات تمهيدية قبل أيام عبر اتصال هاتفي مهدا خلاله لإطلاق جولة الحوار المباشر.
ويأتي الاجتماع الحالي بالتزامن مع قرب الإعلان عن إنهاء وجود تنظيم داعش في سوريا، وبعد إعلان واشنطن عن نية الانسحاب من سوريا قبل نهاية أبريل (نيسان) المقبل. كما يتزامن مع تصعيد موسكو من حدة انتقاداتها لتحركات واشنطن في منطقة جنوب سوريا، وتوجيه اتهامات للجانب الأميركي بمواصلة عرقلة وصول الإمدادات الإنسانية إلى منطقة الركبان، وهي تهمة نفت واشنطن صحتها وقابلتها باتهامات مماثلة للجانب الروسي.
وأعلن «مركز المصالحة الروسي» في سوريا، أول من أمس، أن الجانب الأميركي «يرفض تقديم ضمانات لعبور قوافل المساعدات الإنسانية في نطاق 55 كيلومتراً حول القاعدة الأميركية في منطقة التنف السورية». وأشار إلى أنه «وفقاً للقرار المتخذ في بداية الشهر خلال جلسة مشتركة للهيئات السورية والروسية الخاصة بعودة اللاجئين السوريين إلى الوطن، ومن أجل منع وقوع كارثة إنسانية في مخيم الركبان، سيرت وزارة الدفاع الروسية قافلة من الحافلات إلى نقطة تفتيش جليب، لنقل الراغبين من سكان مخيم الركبان دون عوائق من منطقة التنف إلى أماكن إقامتهم الدائمة».
وشدد «المركز» على أن الحكومة السورية ضمنت أمن النازحين وتسهيل إجراءات استعادة وثائقهم، موضحاً أن هذه البيانات أبلغ بها مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، ومشيراً في المقابل إلى أن واشنطن رفضت طلباً روسياً للسماح بعبور هذه القوافل إلى منطقة التنف لنقل اللاجئين الراغبين بمغادرة المنطقة.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه لا يرى حاجة لتشكيل مجموعات عمل جديدة حول سوريا في ظل «وجود إطار فاعل متمثل في (عملية آستانة)». لكن الوزير لم يستبعد إمكانية توسيع حضور الأطراف الإقليمية والدولية في هذا المسار.
وقال لافروف، الذي يقوم بجولة خليجية، إنه لم يتطرق خلال محادثاته في العاصمة القطرية إلى مسألة تشكيل مجموعة عمل جديدة تعنى بإعادة الاستقرار إلى سوريا، نظراً لوجود ما يكفي من أطر وآليات لمعالجة الأزمة السورية، موضحاً أنه لا يرى «حاجة لتشكيل أي مجموعات عمل حول سوريا. هناك (عملية آستانة) المتفق عليها من قبل الجميع، والتي تخوض تحت سقفها الحكومة السورية والمعارضة المسلحة مفاوضات ناجحة بوساطة تركيا وروسيا وإيران».
وذكّر لافروف بأن ممثلي الأمم المتحدة والأردن والولايات المتحدة شاركوا في صيغة «آستانة» بصفة مراقبين، قبل انقطاع الأميركيين عن الحضور، وأضاف: «لكن لا نستبعد ظهور مراقبين إضافيين في إطار هذه العملية».
وأضاف لافروف أنه «فضلاً عن ذلك؛ فهناك آليات تحرك المبعوث الأممي إلى سوريا، واتصالات في إطار رباعية روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا، كما تبقى موسكو على تواصل مع (المجموعة المصغرة)، وكذلك مع واشنطن عبر القنوات العسكرية»، مضيفاً أنه «في ظل وجود مثل هذه الشبكة المتشعبة من الاتصالات التي يجب ويمكن أن تؤدي إلى إنجاح جهود التسوية السورية، فلا داعي لاصطناع مجموعة أخرى».
اللافت أن تعليق الوزير الروسي جاء مخالفاً لإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل يومين عن إطلاق خطة لتشكيل مجموعة دولية جديدة تشمل الدول المنخرطة في النزاع السوري، وتتولى مهمة «إحلال الاستقرار النهائي» في سوريا بعد تطهيرها الكامل من الإرهاب.
وكان بوتين أوضح أن خطته التي تم الإعلان عنها بعد محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «تنص على سحب جميع القوات الأجنبية من سوريا، واستعادة مؤسسات الدولة السورية دورها، مع الحفاظ على وحدة أراضي سوريا».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.