مزيد من التفجيرات في مقديشو بعد هجمات دامية لـ«حركة الشباب»

«ممادو كوفا» يظهر في فيديو بعد ثلاثة أشهر من إعلان الفرنسيين مقتله

صوماليون يمرون قرب موقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة مقديشو أمس (رويترز)
صوماليون يمرون قرب موقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة مقديشو أمس (رويترز)
TT

مزيد من التفجيرات في مقديشو بعد هجمات دامية لـ«حركة الشباب»

صوماليون يمرون قرب موقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة مقديشو أمس (رويترز)
صوماليون يمرون قرب موقع التفجير الانتحاري وسط العاصمة مقديشو أمس (رويترز)

أعلنت قيادة أركان الجيش الفرنسي، أول من أمس، أنها بدأت تحليل محتويات مقطع مصور يظهر فيه قائد «جبهة تحرير ماسينا» ممادو كوفا الذي سبق أن أعلن الفرنسيون مقتله نهاية العام الماضي، وقد انتشر الفيديو على المنتديات الجهادية وتداولته وسائل الإعلام الفرنسية، وينفي فيه «كوفا» خبر مقتله ويتهم الفرنسيين بـ«الكذب والتضليل والتخبط».
وكانت وزيرة الدفاع الفرنسية فلروانس بارلي قد أعلنت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن القوات الفرنسية المنتشرة في دولة مالي تمكنت من شن عملية عسكرية خاصة قتل فيها أزيد من ثلاثين إرهابياً من «جبهة تحرير ماسينا»، بما في ذلك قائد الجبهة ممادو كوفا، وهي المعلومات التي نفاها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ويأتي ظهور «كوفا» لتأكيد ذلك النفي.
وظهر «كوفا» في الفيديو الجديد وهو يجري حواراً مع شخصين تم إخفاء ملامح وجهيهما طيلة الفيديو البالغة مدته 19 دقيقة، وجاء في الفيديو أنهما ممثلان لمؤسستين دعائيتين تابعتين لتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب» تحملان اسمي «الزلاقة» و«الأندلس»، وقال «كوفا» إنه لم يكون موجوداً في الموقع الذي هاجمه الفرنسيون شهر نوفمبر الماضي.
وأوضح كوفا أنه اعتقل «العميل» الذي سرب معلومات هي التي استند عليها الفرنسيون في هجومهم، وقال: «العميل الذي اعتمدتم عليه لاستهدافنا هو الآن في قبضة المجاهدين، وهو قيد البحث والتحقيق وقد اعترف بجريمته، كما أقول لكم إن عميلكم قد ضللكم من حيث يدري أو لا يدري، فالمركز المستهدف لم تطأه قدماي».
واتهم كوفا وزيرة الدفاع الفرنسية بـ«الكذب والتخبط»، وقال إن «تخبط وزارة الدفاع وبعثتها العسكرية في مالي، ليست بالأمر الجديد بل تكررت عدة مرات»، مشيراً إلى حوادث وقعت خلال السنوات الأخيرة قال إنها تثبت تخبط الفرنسيين»، ولكنه قال إن الصحافة التي تداولت خبر مقتله وقعت ضحية التخبط الفرنسي وهي «معذورة إلى حد ما» لأنها وقعت في «فخ» الخبر الذي أكدته وزيرة الدفاع الفرنسية.
وبدا كوفا بصحة جيدة في الفيديو، يتحرك ويتجول رفقة عدد من المقاتلين في إحدى الغابات، ويستخدم سلاحاً رشاشاً، كما ظهر في بعض اللقطات وهو يتجول على متن زورق في أحد الأنهار، ويأتي ظهور «كوفا» بعد أيام قليلة من إعلان الجيش الفرنسي مقتل الجزائري جمال عكاشة المعروف بلقب «يحيى أبو الهمام»، أمير منطقة الصحراء الكبرى التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والرجل الثاني في جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، ولكن المقابلة التي أجريت مع «كوفا» خلت بشكل تام من أي إشارة إلى عملية مقتل «أبو الهمام».
ويعد «كوفا» أحد قادة التحالف الذي يضم أربع جماعات مسلحة، ويحمل اسم «نصرة الإسلام والمسلمين»، والذي يوصف الآن بأنه التنظيم الإرهابي الأكثر خطورة في منطقة الساحل الأفريقي، وهو داعية مالي انخرط عام 2012 في صفوف «أنصار الدين» التي يقودها إياد أغ غالي، ليؤسس بعد ذلك كتيبة خاصة به تحمل اسم «جبهة تحرير ماسينا» أغلب مقاتليها من قبائل الفلان.
وقال «كوفا» في الفيديو الأخير إنه سعيد بما اعتبر أنه «إقبال الآلاف المؤلفة من الفلان على الجهاد»، قبل أن يضيف أنه «منذ سنوات خلت لم يكن عدد المجاهدين الفلان يتجاوز أصابع اليد الواحدة»، وكان كوفا قد ظهر العام الماضي في مقطع فيديو يدعو فيه شباب قبائل الفلان إلى الانخراط في صفوف جبهته.
على صعيد آخر سُمع دوي انفجارات وأعيرة نارية في العاصمة الصومالية مقديشيو أمس الجمعة، بعد أكثر من 12 ساعة على هجوم من تنفيذ حركة الشباب المتشددة في منطقة راقية راح ضحيته، بحسب الشرطة، نحو 25 قتيلا، وقال رجل الشرطة أحمد بشأني لوكالة الأنباء الألمانية إن بعض المسلحين اختبأوا في منزل كانوا استولوا عليه ويقاتلون قوات الأمن، وأضاف أن المسلحين يستخدمون قنابل.
وأنقذت قوات الأمن المدنيين من المبنى المجاور لفندق «مكة المكرمة» الذي كثيرا ما يتردد عليه السياسيون، ومن بين الذين جرى إنقاذهم أطفال وكبار في السن، وقال رجل شرطة آخر إن حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع من العدد الحالي البالغ 25، وأضاف أن أكثر من 50 شخصا نقلوا إلى مستشفيات مختلفة في المدينة لتلقي العلاج.
وأشار مدير مستشفى المدينة، محمد يوسف، إلى أنهم يعالجون 27 مصابا وبعضهم في حالة حرجة، فيما قالت الشرطة مساء الخميس إن انتحاريا فجر شاحنة مفخخة، ربما كان يستهدف الفنادق الشهيرة في المنطقة.
وتشن «حركة الشباب» التي تربطها صلات بتنظيم «القاعدة»، هجمات بشكل منتظم على المسؤولين الحكوميين والأجانب والفنادق والمطاعم في الدولة المضطربة الواقعة في القرن الأفريقي؛ وكان أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم عام 2017 عندما قام انتحاري بتفجير شاحنة مفخخة في العاصمة في أسوأ هجوم على الإطلاق للحركة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».