السعودي الشارخ أمير الساحل باللاذقية وممول «القاعدة» في أفغانستان

السفير المعلمي لـ {الشرق الأوسط} : السعودية متوافقة مع قرارات مجلس الأمن

عبد المحسن الشارخ
عبد المحسن الشارخ
TT

السعودي الشارخ أمير الساحل باللاذقية وممول «القاعدة» في أفغانستان

عبد المحسن الشارخ
عبد المحسن الشارخ

تبنى مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، بالإجماع، القرار الذي تقدمت به بريطانيا على إدراج أسماء ستة قياديين متطرفين؛ اثنين من السعودية، ومثلهما من الكويت، وأيضا من سوريا، على لائحة العقوبات الدولية الخاصة بتنظيم القاعدة، مما يؤدي إلى تجميد ممتلكاتهم ومنعهم من السفر، خصوصا أن خمسة منهم يعملون تحت لواء جبهة النصرة، وأخرى تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
وأكدت السعودية والكويت التزامهما تطبيق بنود قرار مجلس الأمن 1270 الذي ضم ستة أسماء، من بينهم اثنان سعوديان ومثلهما كويتيان. وقال السفير عبد الله بن يحيى المعلمي، مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن السعودية دائما تتوافق مع الشرعية الدولية، ومع قرارات مجلس الأمن، وأي قرار يصدر عن مجلس الأمن، يحظى دائما بالاهتمام الكبير داخل السعودية.
وقال السفير المعلمي، إن جميع قرارات الأمم المتحدة، تدرس في السعودية، لدى الجهات المعنية، بذات الموضوع، حيث تتخذ في ضوئها الإجراءات اللازمة.
ويهدف القرار إلى إضعاف المقاتلين الإسلاميين المتطرفين في العراق وسوريا، بإجراءات لقطع مصادر التمويل عنهم، ومنعهم من تجنيد المقاتلين الأجانب، خصوصا أن القرار يشكل أوسع إجراء تتخذه الأمم المتحدة، في مواجهة المتطرفين الذين باتوا يسيطرون على أجزاء واسعة في سوريا والعراق، ويرتكبون أعمالا وحشية.
وتتضمن الأسماء المدرجة على قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة في محاولة لقطع التمويل عنهم، هم عبد المحسن عبد الله إبراهيم الشارخ، وعبد الرحمن محمد ظافر الدبيسي الجهني (جبهة النصرة)، وكلاهما سعودي، وحجاج بن فهد العجمي (جبهة النصرة)، وحامد حمد حامد العلي (جبهة النصرة)، وكلاهما كويتي، وأبو محمد العدناني (داعش) وسعيد عريف (جبهة النصرة)، وكلاهما سوري.
ويأتي السعودي عبد المحسن عبد الله إبراهيم الشارخ، المكنى بـ(سنافي النصر)، وهو المطلوب رقم 49 في قائمة الـ85.
التحق بجبهة النصرة في اللاذقية، بعد أن وجد في إيران لفترة طويلة، حيث كان الشارخ، ملازما إلى جانب زميلة السعودي صالح القرعاوي، الذي سلم نفسه بعد إصابته بعاهة مستديمة، نتيجة انفجار قنبلة أثناء تحضيرها، وأصيب في عينه، وبترت إحدى ورجليه، حيث كان الشارخ والقرعاوي يتنقلان بين إيران ووزيرستان، وعملا مع بعض داخل كتائب عبد الله عزام هناك.
وكانت السعودية، أصدرت خمس قوائم للمطلوبين في قضايا الإرهاب، من بينهما قائمتان احتوتا على أسماء مطلوبين سعوديين في الخارج، حيث أبلغت السلطات السعودية، في حينها، الشرطة الدولية (الإنتربول) عن معلومات المطلوبين في الخارج، وصورهم، وآخر مكان يوجدون فيه، في إطار التعاون الأمني الذي تعمل به السعودية مع الدول الأخرى، في مكافحة الإرهاب، والقضاء عليه.
وبحسب مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» فإن المطلوب عبد المحسن الشارخ (30 عاما)، التحق بتنظيم القاعدة في السعودية وأفغانستان، وكان يقوم بأعمال لوجستية خلال وجوده في السعودية، وضمنها إيواؤه للمطلوب عبد الله الرشود أحد المطلوبين على قائمتي الـ19 والـ26 (يُعتقد أنه قتل في العراق في 2004)، حيث غادر البلاد إلى البحرين في أبريل (نيسان) 2007. ومن ثم رصد آخر وجود له بإيران.
وقال المصدر إن المطلوب الشارخ خطط لعمليات اختطاف وقتل، داخل السعودية، بالتنسيق مع زميله صالح القرعاوي، إبان وجودهما في السعودية، ومساعدة قيادة التنظيم بتقديم الدعم المالي لهما، لا سيما أن السلطات السعودية رصدت اتصالات من الشارخ، لأشخاص قُبِض عليهم، يطلب منهم الشارخ تقديم الدعم المالي، بطرق غير مشروعة.
وأشار المصدر إلى أن الشارخ، انتقل إلى من إيران إلى أفغانستان، للقتال هناك، وأصبح ضمن القيادات المقربة من أصحاب القرار في «القاعدة»، حيث غادر أفغانستان إلى سوريا، مرورا بإيران، والتحق بجماعة النصرة، وعُيّن هناك أميرا على الساحل في اللاذقية.
وأضاف: «كان الشارخ يشارك في القتال مع جماعة النصرة، وتعرض إلى إصابة قوية، حيث تواترت أنباء عن مقتله، إلا أنه جرى علاجه هناك، وعاد مع التنظيم مرة أخرى، في أدوار إدارية وليست عسكرية، مما أدى إلى ملء فراغه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)».
وارتبط عبد المحسن الشارخ بعلاقة قوية مع أبو خالد السوري، وهو أحد أعضاء تنظيم القاعدة سابقا، وأحد رفاق أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي، وسفير أيمن الظواهري، وأبلغ أبو خالد السوري بأنه مهدد بالقتل، وذلك قبل شهر من اغتياله في عملية انتحارية بحلب، مطلع العام الحالي.
وذكر المصدر أن السعودي الآخر، وهو عبد الرحمن محمد ظافر الدبيسي الجهني، المطلوب رقم 22 في قائمة الـ47، التي أعلنت عنها وزارة الداخلية السعودية، يُعدّ ذا درجة أكثر أهمية وخطورة، ولديه القدرة على تنفيذ الأعمال القتالية، حيث غادر الجهني ضمن 27 شخصا أُدرجت أسماؤهم ضمن قائمة 47 إلى أفغانستان، والتحق بالتنظيم هناك، وانتقل إلى القتال بجانب صفوف «النصرة» في سوريا.
ويطالب القرار تنظيمي «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة»، بأن «يضعا حدا لكل أعمال العنف والإرهاب، وأن يلقيا سلاحهما ويحلا نفسيهما فورا»، كما يطلب القرار من كل الدول الأعضاء «اتخاذ إجراءات على الصعيد الوطني لتقييد تدفق مقاتلين إرهابيين أجانب» يلتحقون بصفوف «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة».
ويدين المجلس في قراره «أي تعامل تجاري مباشر أو غير مباشر» مع هذين التنظيمين أو الجماعات المرتبطة بهما، مؤكدا أن «هذا النوع من التعاملات يمكن اعتباره دعما ماليا» للإرهاب، ويخضع بالتالي لعقوبات دولية.
ودفعت الأزمة في العراق، الولايات المتحدة، إلى شن ضربات جوية وإلقاء مواد غذائية ومياه لمساعدة عشرات الآلاف من المدنيين الذين فروا أمام تقدم الإسلاميين المتطرفين.
ووافقت فرنسا على إرسال أسلحة إلى المقاتلين الأكراد، بينما دعا البابا فرنسيس الأمم المتحدة إلى أن تفعل ما بوسعها لوقف الهجمات على المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى.
وبعد التصويت على القرار، أشادت سامنثا باور، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بـ«الموقف الصلب والموحد» لمجلس الأمن، و«بإرادته لاتخاذ إجراءات جدية» في مواجهة ما وصفته بـ«الجبهة الجديدة للتهديد الإرهابي»، وأضافت أن «القصص عن دموية الدولة الإسلامية أشبه بكوابيس».
وتحدثت باور عن 12 ألف مقاتل أجنبي يشاركون في القتال في سوريا.
ووضع القرار الذي يصف الجهاديين بالتهديد للسلام والأمن الدوليين تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مما يفسح المجال لتعزيز الإجراءات بالقوة العسكرية.



من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» خلال «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد، وحتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وبتنظيم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، وهيئة الحكومة الرقمية.

وعلى هامش المنتدى، أعلنت «منظمة التعاون الرقمي» التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرّاً لها، إطلاق المبادرة، بمصادقة عدد من الدول على بيان مشترك بهذا الإعلان وهي: السعودية، والبحرين، وبنغلاديش، وقبرص، وجيبوتي، وغامبيا، وغانا، والأردن، والكويت، والمغرب، ونيجيريا، وعُمان، وباكستان، وقطر، ورواندا.

وأكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة التي تقودها وترعاها الكويت، وتم تقديمها خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي، تهدف إلى تعزيز احترام التنوع الاجتماعي والثقافي، ومكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، من خلال جهود الوساطة والتنسيق بين الشركات والحكومات والجهات الأخرى ذات الصلة، مثل المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

وتضمّن الإعلان، إنشاء «لجنة وزارية رفيعة المستوى» تتولّى الإشراف على تنفيذ مبادرة «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» التابعة للمنظمة، فيما جدّدت الدول المُصادقة على الإعلان، التزامها بالدعوة إلى «إنشاء اقتصاد رقمي شامل وشفاف وآمن يُمكن الأفراد من الازدهار».

وأكّد الإعلان على رؤية الدول إلى أن القطاع الخاص، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، «شريك في هذه الجهود لتعزيز التأثير الاجتماعي الإيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة لنشر التأثيرات السلبية أو عدم الوعي الثقافي».

ودعا الإعلان، إلى بذل جهود جماعية من شأنها دعم القيم الوطنية، والتشريعات، وقواعد السلوك في منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأكيد «منظمة التعاون الرقمي» التزامها بتحسين الثقة في الفضاء السيبراني من خلال معالجة التحديات الأخلاقية والخصوصية المرتبطة بالتقنيات الناشئة.

وفي الإطار ذاته شدّد الإعلان على الأهمية البالغة للحوار النشط والتعاون بين منصات التواصل الاجتماعي والدول التي تعمل فيها، وعَدّ التعاون القائم على الثقة المتبادلة «مفتاحاً لضمان احترام المشهد الرقمي لحقوق وقيم جميع الأطراف ذات الصلة».

من جهتها، أشارت ديمة اليحيى، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استطلاعات للرأي شملت 46 دولة، أظهرت أن أكثر من 59 في المائة قلقون من صعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف عبر الإنترنت.

وأضافت أن ما يزيد على 75 في المائة من مستخدمي الإنترنت قد واجهوا أخباراً زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وتابعت: «تنتشر المعلومات المضللة على المنصات الاجتماعية بمعدل يصل إلى 10 أضعاف سرعة انتشار الحقائق»، الأمر الذي من شأنه، وفقاً لـ«اليحيى»، أن يسلّط الضوء على مفارقة مزعجة بأن «المنصات التي أحدثت ثورة في الاتصال والتقدم أصبحت أيضاً قنوات للانقسام، وتزعزع الثقة، وتزيد من حالة الاستقطاب في المجتمعات».

ونوّهت اليحيى إلى أن المعلومات المضلّلة «لم تعد قضية هامشية، بل جائحة رقمية مخيفة تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً»، وأضافت: «الدراسات بيّنت أن المعلومات المضللة قد تؤدي إلى إرباك الانتخابات في العديد من الدول خلال العامين المقبلين، مما يهدد الاستقرار العالمي». على حد وصفها.

وعلى جانب آخر، قالت: «بالنسبة للأجيال الشابة، فإن التأثير مقلق بشكل خاص، إذ يقضي المراهقون أكثر من 7 ساعات يومياً على الإنترنت، ويؤمن 70 في المائة منهم على الأقل بأربع نظريات مؤامرة عند تعرضهم لها». وخلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أدت المعلومات المضللة حول القضايا الصحية إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في معدلات التطعيم في بعض المناطق، مما عرض ملايين الأرواح للخطر.

وأردفت: «أكّدت خلال كلمتي أمام منتدى حوكمة الإنترنت على أننا في منظمة التعاون الرقمي ملتزمون بهذه القضية، بصفتنا منظمة متعددة الأطراف، وكذلك معنيّون بهذه التحديات، ونستهدف تعزيز النمو الرقمي الشامل والمستدام».

جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 10 آلاف مشارك من 170 دولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف متحدث دولي، وينتظر أن يشهد المنتدى انعقاد نحو 300 جلسة وورشة عمل متخصصة، لمناقشة التوجهات والسياسات الدولية حول مستجدات حوكمة الإنترنت، وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات، وتحديد التحديات الرقمية الناشئة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.