رئيس الوزراء الجزائري يحذر من «سيناريو سوري»

السلطات تتوقع مظاهرات «مليونية} ضد «العهدة الخامسة» اليوم

رئيس الوزراء الجزائري يحذر من «سيناريو سوري»
TT

رئيس الوزراء الجزائري يحذر من «سيناريو سوري»

رئيس الوزراء الجزائري يحذر من «سيناريو سوري»

حذر رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى من «سيناريو سوري في الجزائر»، على خلفية الدعوات المكثفة لـ«مسيرات مليونية» اليوم، تندد بترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة. وتزامن ذلك مع تداول محادثة هاتفية مسجلة، جرت بين أبرز مواليين لبوتفليقة، تم تسريبها للإعلام، وتبين مدى استعداد الفريق المحيط بالرئيس المترشح الدخول في مواجهة مع الساخطين على «الولاية الخامسة».
ورد أويحيى أمس بالبرلمان على ملاحظات وأسئلة الكثير من النواب، طرحوها في سياق عرضه حصيلة عمل الحكومة لعام 2018، وأثناء سرد «إنجازات الرئيس» بالأرقام وتسمية المشروعات، تناول أويحيى الحراك الشعبي القوي الرافض للتمديد للرئيس، والذي ما يزال مستمرا منذ الجمعة الماضي، ويتوقع أن يزداد قوة اليوم بعد صلاة الجمعة. وقال بهذا الخصوص: «هناك حراك حاقد ضد بوتفليقة، فهل يستهدف تاريخه وإنجازاته؟. لقد أصيب الرئيس بالمرض منذ 2013، ولم يخف أبدأ أنه مريض، وترشح لانتخابات 2014 بناء على طلب من الشعب، واليوم يقدم للشعب حصيلة إنجازاته في وضوح وشفافية».
وانتقد نواب المعارضة، وهم أقلية، بشدة الأرقام والإحصائيات التي قدمها أويحيى. وقالوا إنه «بدل أن تعكس عمل الحكومة العام الماضي، تعاطت مع كل المشروعات والأعمال التي قام بها الجهاز التنفيذي منذ بداية الولاية الرابعة قبل 5 سنوات، وبذلك يشبه ما قدمه أويحيى للبرلمان، حملة انتخابية مبكرة لفائدة الرئيس المترشح».
وبحسب أويحيى، فإن ما يجري حاليا على صعيد الرفض الشعبي لاستمرار الرئيس في الحكم «سيعيد الجزائريين إلى أحداث العنف التي عرفتها البلاد سنة 1991». مشيرا إلى أنه «لا يفهم لماذا كل هذه المعارضة لترشح الرئيس لعهدة خامسة. فالدستور يكفل حق الترشح للجميع، ولا يحق لأحد أن يحرم الرئيس من طلب تجديد الثقة في برنامجه. ولكل الحق في مساندة مترشح آخر».
وبخصوص المظاهرات التي جرت الجمعة الماضي، وتمت في هدوء، قال أويحيى: «قرأت وسمعت من يقول إن المحتجين سلموا ورودا لرجال الشرطة. لكن في سوريا أيضا بدأت الأحداث بورود، وانتهت بأنهار من الدماء». داعيا «أصحاب النداءات المجهولة للتظاهر في الشارع إلى الخروج للعلن».
في سياق ذي صلة، اعتقلت قوات الأمن 30 صحافيا منتصف نهار أمس، أثناء احتجاج صاخب بالعاصمة، ضد «تكميم الأفواه» قبل أن تطلق سراحهم في آخر النهار. ووقف عشرات الصحافيين بـ«ساحة حرية الصحافة» لمدة ساعتين، رفعوا خلالها شعارات منددة بـ«التعتيم على الأحداث»، في إشارة إلى رفض وسائل الإعلام الحكومية وقطاع من وسائل الإعلام الخاصة (موالية للحكومة) نقل وقائع المظاهرات، ومحاولة تحريفها بالحديث عن «احتجاجات مطالبة بإصلاحات عميقة».
وكان صحافيو التلفزيون والإذاعة الحكوميين، قد نظموا مظاهرة بأماكن عملهم الأسبوع الماضي، تنديدا بمنعهم من «نقل الحقيقة». كما تم فصل صحافي من قسم الإنتاج بالتلفزيون بسبب التعبير في حسابه بـ«فايسبوك» عن رأيه المعارض للعهدة الخامسة.
وتشهد قاعات تحرير صحف وفضائيات خاصة، موالية للرئيس بوتفليقة، غليانا غير مسبوق بسبب «المعالجة غير المهنية للأحداث»؛ حيث يتعرض الصحافيون فيها لضغط شديد، حتى لا يقدموا الأحداث على أنها موجهة ضد الرئيس شخصيا.
ومنذ مساء أول من أمس، تابع قطاع واسع من الجزائريين على المنصات الرقمية الاجتماعية، أطوار محادثة مثيرة جرت بين عبد المالك سلال مدير حملة الرئيس، وعلي حداد رئيس أكبر تكتل لرجال الأعمال، يدعم بوتفليقة بقوة منذ وصوله إلى الحكم، وهو ممول كل حملاته الانتخابية السابقة، بينت استعداد الفريق المحيط بالرئيس الدخول في مواجهة مع المتظاهرين.
وتم تسجيل الحديث الذي جرى بينهما، وتم تسريبه في «يوتيوب»، وفيه تناول سلال استعدادات فريق حملته لزيارة عين وسارة (300 كلم جنوب العاصمة)، كانت مقررة اليوم في إطار الدعاية الانتخابية، لكنها ألغيت بعد تداول «الفضيحة».
وفي المكالمة قال سلال لحداد إنه لو صادف في طريقه بعض المتظاهرين «وأطلقوا علينا النار بكلاشنيكوف، فسنطلق النار نحن أيضا.. أين المشكلة»!. وكان يقصد أنه سيكون محاطا برجال الدرك، وأنهم سيتصدون لمتظاهرين محتملين، إذا اعتدوا على موكبه.
وتضمن الحديث بين سلال وحداد خوفا من تعاظم المظاهرات. لكن سلال أكد أن الرئيس «لن يسحب ترشحه»، بينما قال حداد «ينبغي أن نصمد حتى يوم 3 مارس (آذار)»، في إشارة إلى موعد تسليم بوتفليقة ملف ترشحه لـ«المجلس الدستوري»، حسبما أعلنه سلال الثلاثاء الماضي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.