تصاعد الجدل حول عمل المنظمات الدولية في مصر

مسؤول مصري لـ {الشرق الأوسط}: لن نحظر أحدا «استثنائيا»

تصاعد الجدل حول عمل المنظمات الدولية في مصر
TT

تصاعد الجدل حول عمل المنظمات الدولية في مصر

تصاعد الجدل حول عمل المنظمات الدولية في مصر

تصاعد الجدل مجددا في مصر حول أعمال المنظمات الحقوقية الدولية في مصر، أو طرق التعامل مع تقاريرها الخاصة بمصر. وبينما أقام محام مصري دعوى أمس يطالب فيها بحظر عمل المنظمات الأجنبية في مصر من دون ترخيص، أكد مسؤول مصري لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة تعكف حاليا على إعداد ردود على الاتهامات المرسلة التي تشنها بعض من المنظمات الدولية تجاه الدولة المصرية، إلا أن مصر لن تلجأ لأي إجراءات استثنائية لمنع العمل على أراضيها، «لأنه لا يوجد ما نخفيه عن العالم، ولا نخشى شيئا»، فيما أوضح حقوقيون أن الحل الوحيد في رأيهم لتوقف تلك المهاترات هو تفعيل التحقيقات القضائية المستقلة، التي تمكن مصر من الرد بقوة على أي اتهام.
وأقام أمس محام مصري دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالب فيها بإغلاق مقار منظمة «هيومان رايتس ووتش»، وكل المنظمات الأجنبية التي تعمل في مصر دون ترخيص من الحكومة، مع منعها من إصدار أي تقارير تخص مصر مع ما يترتب على ذلك من آثار. واختصم المحامي كلا من رئيس الوزراء ووزير التضامن بصفتهما، مشككا في المنظمة الدولية وأهدافها ومصادر تمويلها. وكانت «هيومان رايتس ووتش» أصدرت تقريرا الأسبوع الماضي تشير فيه إلى تجاوزات السلطات المصرية خلال أحداث فض اعتصامين لمؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي في 14 أغسطس (آب) العام الماضي، وهي الاتهامات التي استنكرتها السلطات المصرية وأطراف حقوقية محلية، متهمة بدورها المنظمة الدولية بالانحياز وعدم المصداقية.
وتأتي تلك الدعوى رغم تأكيد «هيومان رايتس ووتش» أن مكتبها في القاهرة مغلق منذ شهور، معللة ذلك بـ«فشل محاولاتها المتكررة لتسجيل مكتبها المحلي رسميا» لدى السلطات المصرية.
ووسط الجدل حول عمل المنظمات الدولية في مصر، أو تناولها للشأن المصري، عادت إلى الأذهان أحداث شائكة شهدتها مصر في نهاية عام 2011 ومطلع عام 2012، حين أحالت النيابة المصرية مصريين وأجانب إلى القضاء بتهمة التمويل الأجنبي غير المشروع، وهي القضية الخاصة بخمس منظمات للعمل المدني، هي المعهد الجمهوري والمعهد الديمقراطي ومنظمة فريدوم هاوس والمركز الدولي الأميركي للصحافيين، إضافة إلى مؤسسة كونراد الألمانية. لكن مصدرا مصريا مسؤولا أكد أمس لـ«الشرق الأوسط» أن مصر لن تحظر بأي صورة استثنائية عمل أي منظمة أو جهة على أراضيها، وأن القوانين الطبيعية والإجراءات المعروفة هي التي تتحكم في عمل أي هيئة أو منظمة على أرض مصر.. معللا ذلك بقوله «نتعامل بشفافية مطلقة، ولا يوجد ما نخفيه عن العالم، ولا نخشى شيئا». وشدد المصدر، الذي طلب حجب هويته، على أن «العمل جار في القاهرة حاليا لإعداد ردود مفصلة حول النقاط التي وردت بتقرير هيومان رايتس ووتش، والتي ترى مصر أن بها تجاوزا لمعايير الحيادية».
وأوضح حقوقيون أن إنهاء الجدل في المسائل الخلافية الخاصة بالتقارير الغربية الحقوقية يعتمد بالأساس على إرساء قواعد معروفة، ومنها الشفافية المطلقة في عرض الحقائق، والاعتماد على التقارير القضائية المستقلة في مصر، «حتى يغلق الباب أمام أي ادعاءات مغرضة، تهدف إلى تشويه صورة مصر عالميا». ويرى جورج إسحق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، أنه «طالما لم يكن هناك تحقيق قضائي حقيقي فيما حدث في أحداث رابعة أو غيرها، سنظل في دائرة تلك المهاترات إلى ما شاء الله.. بالفعل نحتاج لتحقيق قضائي محايد لمعرفة المخطئ والمصيب في الطرفين، فإذا صدر مثل ذلك التحقيق سنغلق الباب أمام أي منظمة متربصة؛ لأننا لا نستطيع أن نرد على تلك الاتهامات دون تحقيق قضائي». وأكد إسحق لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا كان هناك قاض للتحقيقات كما طلبنا في توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان لأغلقنا باب الجدل». موضحا أن «الأزمة الحالية ستأخذ وقتها.. ولن نتدخل كمجلس مجددا، فنحن وضعنا تقريرنا ولن نتدخل في هذا الشأن مرة أخرى».
وحول الجدل حول اختلافات نتائج التقارير الحقوقية الخاصة بأحداث فض الاعتصام وما تلاها من أيام، وخصوصا في أعداد القتلى من الطرفين، أوضح إسحق أن المجلس اعتمد في تقريره على مصادر، ومنها الطب الشرعي وشهادات الوفاة وغيرها. لكن التقارير الأخرى التي نراها، ومن بينها تقرير «هيومان رايتس ووتش»، تذكر أرقاما مرسلة دون الاستناد إلى أي مستندات أو مصادر معلومة.
وكشف إسحق عن أن المجلس ينتظر تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس المصري السابق المستشار عدلي منصور، حول أحداث ما بعد 30 يونيو (حزيران) عام 2013، بما يتضمنه من وقائع فض الاعتصامات وأحداث العنف في المحافظات، والذي سيصدر في سبتمبر (أيلول) المقبل، موضحا أن هذا التقرير سيكون له دور مهم في مجريات الأمور.
وقال إسحق: «يرأس اللجنة أستاذ القانون فؤاد عبد المنعم رياض، وهو قاض سابق في المحكمة الجنائية الدولية وموضع ثقة، وتعاون مع جميع الأطراف.. فيما واجه المجلس القومي لحقوق الإنسان بعضا من التعنت من بعض الأطراف خلال إعداد تقريره».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.