بنما، التي لقد كانت جزءاً من كولومبيا حتى عام 1903، أرض زاخرة بعجائب طبيعية ظلت مخفية عن الأنظار لعقود طويلة.
يصفها البعض بأنها بمثابة بلد جديد بدأ السائحون في استكشافه مؤخراً، ويقدم فرصة ممارسة الكثير من الأنشطة، وبخاصة الرياضات المائية الخطيرة، إلى جانب الاستمتاع بالشواطئ البكر الواقعة على ساحل المحيط الهادي، والتي لبعضها رمال سوداء اللون.
عند وصولك إلى المدينة لا بد من زيارة «كاسكو أنتيغوا» (البلدة القديمة)، فهي على قائمة الـ«يونيسكو» لمواقع التراث العالمي. وتزخر المنطقة رغم صغر مساحتها بمنازل ملونة مبنية على طراز الحقبة الاستعمارية، وكذلك بمطاعم تقدم أصنافاً عالمية من الطعام إلى جانب الأطباق التقليدية المحلية. هنا يمكنك التجول بالدراجة على طول الساحل لتستمتع بمشهد استثنائي خلاب للبحر.
أما لمحبي العمارة، فإن زيارة المتحف البيولوجي الذي صممه المعماري فرانك غيري، ضرورية، علماً بأنه مُخصص للحفاظ على تاريخ قناة بنما وتوعية الناس به. كذلك أصبحت مدينة كولون، التي تقع على بعد 40 دقيقة من العاصمة، وجهة شهيرة للتسوق نظراً لعدم فرض ضرائب بها. وللعلامات التجارية الكبرى بها متاجر ومنافذ تبيع منتجاتها للعملاء بشكل مباشر.
- التواصل مع السكان الأصليين
على بعد أكثر من ساعتين تقريباً من مدينة بنما، ستدخل عالماً مختلفاً تماماً، ألا وهو المنطقة التي يتجمع فيها السكان الأصليون للبلاد وهم الـ«إمبرا». بمجرد وصولك إليها، سوف يتولى السكان الأصليون مسؤولية نقلك بواسطة قواربهم. سيصطحبونك في جولة بين منازلهم؛ لتتعرف بفضلهم على عاداتهم وفنونهم، وكيف يتعايشون مع الطبيعة.
كذلك، يمكنك زيارة مجتمع «كونا» التقليدي في منطقة سان بلاس في رحلة تستغرق نحو ثلاث ساعات بالسيارة. وتستحق سان بلاس الزيارة حقاً. فهي مجموعة من الجزر البكر التي يزيد عددها على 300 جزيرة، يمكن زيارتها نهاراً فقط، فمن غير المسموح زيارتها ليلاً. الحل الوحيد إذا كانت هناك رغبة في قضاء ليلة في هذه الجزر البكر، فعن طريق رحلة بحرية.
تعد قناة بنما، التي تم افتتاحها عام 1914 من الوجهات السياحية المهمة في هذا البلد، لأسباب عدة، واحدة منها أنها من الأعمال الهندسية المبهرة على مستوى العالم. ثم إنها، إضافة إلى ربطها بين أميركا الجنوبية وبين أميركا الوسطى، فإن 5 في المائة من إجمالي تجارة العالم تمر عبرها؛ ما يجعلها شرياناً تجارياً حيوياً، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن نحو 14 ألف حاوية تمر عبرها سنوياً، 40 في المائة منها بشكل يومي، وتنتقل من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي وبالعكس بفضل مجموعة من الأهوسة. بعد توسيع القناة عام 2016 أصبحت تتكون من ثلاث حارات؛ مما زاد سعتها وطاقتها.
مع ذلك؛ تتجاوز الحقيقة كل ما يمكنك تصوره؛ فمشهد الأهوسة التي تمتلئ وتفرغ بحسب احتياج السفن، التي تقترب في حجمها من حجم المباني، حين تتحرك من محيط إلى آخر، مشهد فريد يوضح مدى أهمية التكنولوجيا.
أفضل نقطة لمشاهدة بُعد القناة، هي أهوسة «ميرافلورز»، الأقرب إلى مدينة بنما، عاصمة البلاد. يصعد المرء طوابق عدة ليرى من منصة متعددة المستويات مدى أهمية تلك القناة بالنسبة لحركة التجارة العالمية، حيث تمر منها السفن القادمة من مختلف أنحاء العالم. أفضل وقت يمكن أن تستمتع فيه بمشاهدة القناة هو بين الساعة التاسعة والحادية عشرة صباحاً. كذلك يمكنك زيارة متحف يستعرض تاريخ القناة، وتشييدها، ودورها في حركة التجارة اليوم إلى جانب تزويدك بمعلومات عن نباتات وحيوانات المنطقة.
بعد زيارة القناة من الأفضل العودة إلى مدينة بنما، حيث يمكنك رؤية التأثير الأميركي، ليس فقط بسبب الاقتصاد القائم على الدولار الأميركي، بل للتشابه الكبير بين المعمار بها ومعمار ميامي، حيث ناطحات السحاب الشاهقة، لكن في مناخ استوائي حار.
- الفساتين الذهبية
يتم تصنيع زي الـ« بوليراس» المتميز، الزي التقليدي الذي ترتديه النساء أثناء الاحتفالات والمهرجانات، في منطقة لوس سانتوس، الواقعة جنوب شرقي البلاد. عادة ما يتكون هذا الزي من قطعتين، هما بلوزة وتنورة عريضة طويلة بيضاء مزينة بالذهب. كذلك، يتم ارتداء فستان مزخرف بالذهب فوق ذلك الزي. إنها قطعة فريدة من نوعها تتم حياكتها بشكل خاص، ويمكن أن تصل كلفتها إلى ألف دولار. تقول إيزابيلا زيبيد، التي تعمل في مجال السياحة: «قد يستغرق العمل على هذا الزي ستة أشهر؛ لأن كل جزء فيه مصنوع يدوياً، فالأمر لا يتضمن حياكة التنورة فحسب، بل يحتاج إلى صائغ يعمل على الجزء المصنوع من الذهب». بطبيعة الحال، من الممكن القيام بجولة تستعرض طريقة صناعة ذلك الزي الخاص بترتيب مسبق.
يوجد في بنما، إضافة إلى الشواطئ، وما توفره من أنشطة مائية في بحر الكاريبي والمحيط الهادي، منطقة جبلية تسمى «كيركوي»، تبعد 45 دقيقة بالطائرة عن العاصمة. مكان مثالي لممارسة أنشطة، مثل مراقبة الطيور، وركوب الرمث. توضح زيبيد قائلة: «يمكنك الاختيار بين الأماكن الاستوائية أو الجبلية، فلدى بنما الكثير لتقدمه، ولا سيما أن مناخ وبيئة البلاد استوائية، حيث تقع في منطقة وسطى بين أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى؛ لذا تجمع بين سمات وخصائص الاثنتين».