محاكمة بنك عربي بسبب أموال متحدث حماس تثير قلق الأوساط المصرفية

المصرف أغلق حساب أسامة حمدان .. ورئيس جمعية المصارف اللبنانية واثق من كسب الدعوى

مارك سوكولو مع زوجته رينا وابنتهما جامي الذين أصيبو في انفجار بالقدس عام 2002 وهم من المطالبين بتعويضات من البنك العربي ({نيويورك تايمز})
مارك سوكولو مع زوجته رينا وابنتهما جامي الذين أصيبو في انفجار بالقدس عام 2002 وهم من المطالبين بتعويضات من البنك العربي ({نيويورك تايمز})
TT

محاكمة بنك عربي بسبب أموال متحدث حماس تثير قلق الأوساط المصرفية

مارك سوكولو مع زوجته رينا وابنتهما جامي الذين أصيبو في انفجار بالقدس عام 2002 وهم من المطالبين بتعويضات من البنك العربي ({نيويورك تايمز})
مارك سوكولو مع زوجته رينا وابنتهما جامي الذين أصيبو في انفجار بالقدس عام 2002 وهم من المطالبين بتعويضات من البنك العربي ({نيويورك تايمز})

كان هناك حساب مصرفي أساسي لدى فرع البنك العربي بمنطقة المزرعة في بيروت في لبنان، وما لفت الانتباه أن الحساب كان باسم: أسامة حمدان، المتحدث باسم حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.
وحسبما أفاد المدعون، فإنه أثناء فترة الست سنوات التي ظل فيها حساب السيد حمدان جاريا، تلقى الحساب ما لا يقل عن ثلاثة تحويلات مصرفية لصالح حركة حماس، وهي الصفقات التي جرى مراجعتها والتصديق عليها من جانب مسؤولي البنك العربي.
والآن، يمثل البنك للمحاكمة أمام محكمة فيدرالية في بروكلين؛ حيث يدعي المدعون أن هذه القضية ستسلط الضوء على إحدى الشبكات الغامضة والمترابطة التي تمول الإرهابيين.
ويقول المدعون بأن هذا البنك والبنوك المماثلة له تشكل بنية تحتية هامة بالنسبة لشبكة تعمل - في بعض الأحيان - بمثابة نظام ضمان اجتماعي بالنسبة لـ(الإرهابيين). كما أنهم قالوا: إن أفراد الأسر تلقوا تعليمات بالذهاب إلى فروع البنك العربي للحصول على أموال خيرية عقب مقتل أقاربهم.
وبينما قامت السلطات الأميركية بمقاضاة بنوك جراء تورطهم في تشغيل أموال فاسدة، تعد هذه بمثابة أول محاكمة مدنية تنعقد ضد أحد البنوك، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وكان من المقرر أن تنعقد أولى جلسات المحاكمة أمس.
وثار الجدل لفترة طويلة حول هذه القضية، وأسفرت تلك القضية عن نشوب خلافات في إدارة أوباما، كما أنها أثارت انتباه المحكمة العليا الأميركية، ورأت حكومة الأردن، حيث يوجد المقر الرئيسي للبنك، أن هذه القضية تعرض كامل البنية التحتية المصرفية في منطقة الشرق الأوسط لمخاطر كبيرة. ويراقب بعض مديري البنوك التنفيذيين المحاكمة بشيء من التوتر، خشية إدانة البنك وما قد يعنيه ذلك من أن يصبح الخوض في أعمال تجارية في مناطق كثيرة بالعالم أمرا خطيرا للغاية.
ويؤكد البنك العربي أنه أجرى تحرياته بشأن الإرهابيين، من خلال التحقق من الأسماء التي تتعارض مع تلك القوائم المعمول بها التي تتضمن الأفراد والمنظمات الإرهابيين. وفي هذا الصدد، أشار البنك أنه بمجرد إضافة السيد حمدان إلى إحدى تلك القوائم عام 2003. جرى إغلاق حسابه.
ورغم ذلك قيدت مجموعة من الأحكام القاسية من قدرة البنك على الدفاع عن نفسه أثناء المحاكمة. كما أن إخفاق البنك في تقديم الأدلة التي طالب بها المدعون قاد بالقاضي نينا غيرشون للحكم بأن هيئة المحلفين قد يوعز إليها أنه «يجوز لها - ولكن لا يتطلب منها القيام بذلك - أن تستنتج» أن البنك قدم خدمات مالية إلى المنظمات والأفراد المدرجة على قائمة الإرهاب، وأنه مرر مدفوعات إلى الإرهابيين تعود إلى جهة خيرية أهلية تُسمى «اللجنة السعودية». كما قيد القاضي غيرشون أيضا من قدرة البنك على تقديم معلومات أثناء المحاكمة من شأنها أن تدحض من هذا الاستنتاج.
ويمثل الـ297 مدعيا هؤلاء الذين لقوا حتفهم أو أصيبوا أو قُتل أحد أفراد عائلاتهم في الهجمات الـ24 التي شنتها حركة حماس في الفترة ما بين عامي 2001 – 2004. ويزعم المدعون أن البنك العربي عقد صفقات لصالح الأفراد أو المنظمات التي يُعرف عنها ارتباطها بالأعمال الإرهابية.
وكان من بين المدعين ساري آن سنجر، وروى، المقيم حاليا في نيوجيرسي؛ فعندما كان يركب الحافلة رقم 14 A في القدس في يونيو (حزيران) 2003 للقاء أحد أصدقائه وتناول العشاء معه، فجر انتحاري – كان يجلس بالمقاعد البعيدة – قنبلته، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 شخصا، وأُصيب السيدة سينجر بشظية ونجت من الهجوم، الذي أعلنت حماس مسؤوليتها عنه.
وهناك مجموعة أخرى من المدعين تُدعى عائلة سوكولو، كانت تعيش في لونغ يالاند، وتقضي عطلتها في إسرائيل عام 2002. وأثناء خروجهم من محل أحذية، بالقرب من الفندق الذي ينزلون فيه، فجرت انتحارية نفسها، مما أسفر عن إصابة مارك ورينا سوكولو، واثنين من بناتهما جامي ولورين.
ويزعم المدعون أن جمعيات خيرية أهلية ترسل مدفوعات إلى الإرهابيين وعائلاتهم، ويتم ذلك عن طريق البنك، مشيرين إلى أن قوائم الجمعية المسماة «اللجنة السعودية» التي تُدرج فيها «أسماء الشهداء، والمستفيدين التابعين لهم، فضلا عن سبب مقتل الشهداء»، وذلك بناء على ما ورد في قرار القاضي غيرشون.
ويدلل المدعون أيضا على ذلك ببعض الإعلانات مثل الإعلان الذي نُشر في إحدى الصحف العربية عام 2002، والذي نص على الآتي: «على أقارب الشهداء، الذي تتضح أسماؤهم فيما يلي التوجه إلى فروع البنك العربي في محل إقامتهم من أجل الحصول على الدفعة العاشرة، وهو مبلغ قدره 5316.06 دولار أميركي لكل أسرة».
ووفقا لسجل حوالة مصرفية حصل عليها المدعون، هذا هو بالضبط المبلغ الذي حصل عليه رجل يُدعى شهيل أحمد إسماعيل المصري من خلال البنك العربي. وفي مقابلة تلفزيونية أُجريت معه، قال المصري بأنه كان يتلقى المبلغ المالي باعتباره «راتبا» لأن والده شن هجوما انتحاريا على صالون بيتزا سبارو في القدس عام 2001. مما أسفر عن مقتل أو إصابة 130 شخصا، بمن فيهم بعض المدعين في هذه القضية، وذلك وفقا لما ورد في قرار القاضي.
ومع ذلك، لا يزال البنك العربي مصرا على أنه لا صلة له باختيار المستفيدين من مدفوعات اللجنة؛ حيث إنه قام بفحص الصفقات التي تتعارض مع القوائم السوداء، ولم تجد مخالفات (حيث أوضح البنك أن أقارب الإرهابيين - الذين تلقوا المدفوعات - لم يكونوا مدرجين على القوائم السوداء). كما ذكر أن اللجنة لم تُدرج على الإطلاق على القائمة الأميركية الرسمية كإحدى المؤسسات التابعة لمجموعة إرهابية، ومن بين الـ180 ألف صفقة التي أجرتها اللجنة من خلال البنك العربي خلال هذه الفترة، لم يشكك المدعون سوى في عدد قليل من الصفقات.
ربما لم تستمع المحكمة لبعض من هذا الدفاع أثناء المحاكمة نظرا لقرار القاضي غيرشون، الذي طعن فيه البنك. وقال مسؤولو البنك بأنهم لم يتمكنوا من تسليم عدد كبير من الوثائق المطلوبة جراء قوانين السرية المصرفية الأجنبية.
ورفضت محكمة استئناف الدائرة الثانية مراجعة الحكم القاضي غيرشون، ولذا أُحيل الاستئناف إلى المحكمة العليا، التي طلبت المشورة من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وفي الواقع، اتخذ مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية موقفا مؤيدا للبنك العربي، قائلين بأن الأردن كانت حليفا مجديا. ولم يرغب قسم الأمن القومي بوزارة العدل في التدخل ضد الضحايا الأميركيين جراء الهجمات الإرهابية، بيمنا وقف مسؤولو الضرائب والمسؤولون بوزارة المالية إلى جانب المدعين نظرا لأنه إذا حلت قوانين السرية المصرفية الأجنبية محل تلك القوانين المتعلقة بالولايات المتحدة، فإنه سيجري عرقلة جهودهم الرامية إلى تضييق الخناق على المتهربين من الضرائب من خلال الحسابات الأجنبية.
وأبدى الأردن رأيه في هذا الشأن، قائلا: «إن إجبار البنك العربي للمثول للمحاكمة من شأنه أن يضر بالوضع الاقتصادي للبنك وسمعته»، وأضاف: «ويمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار اقتصادي وسياسي في المنطقة التي لا تستطيع تحمل المزيد». ورفضت المحكمة العليا في نهاية الأمر الاستماع للقضية، مما سمح باستمرار العقوبات التي أصدر بها القاضي حكمه.
إن رهانات القضية المدنية لا تزال عالية، وليس فقط بالنسبة للبنك العربي ولكن لكامل الصناعة المصرفية، على حد تعبير المحامين الذين يتعاملون مع الأعمال المصرفية. ويقولون: إن انتصار المدعين من شأنه تسريع وتيرة التقشف على نطاق واسع بين البنوك الذين يباشرون أعمالهم في المناطق التي يمزقها الصراع.
وفي حالته الأكثر تطرفا، فإن الحكم ضد البنك العربي، يقلق بعض محامي البنك، من أن يعني أن تكون البنوك على المحك إزاء المخالفات من ناحية العملاء حتى إذا اتبعت المؤسسات المالية القواعد المصرفية.
وتحاول الحكومات في ذات الوقت منع الأموال الملوثة من التدفق إلى داخل النظام المالي الأميركي، وقد ورطت هذه التحقيقات بالفعل بعضا من عمالقة الصناعة المصرفية، بما في ذلك البنك البريطاني، وبنك (HSBC) وبنك باريبا الفرنسي.
وبالنسبة للبنوك الأوروبية الكبرى، فإن تجهيز تلك المدفوعات في صورة دولارات كان تجارة مربحة – وإحدى الفرص التي جعلتهم يفتحون الأبواب لدول مثل إيران، على حد وصف أحد ممثلي الادعاء الأميركيين.
أما بنك باريبا، وهو أكبر البنوك الفرنسية، فقد دفع بأنه مذنب حيال اتهامات جنائية نادرة وسدد عقوبة مالية تقدر برقم قياسي يبلغ 8.9 مليار دولار لمعالجة بلايين الدولارات بالنيابة عن السودان.
وقد جاءت عقب سلسلة من القضايا ضد بنك لويد، وكريدي سويس، وباركليز، وستاندرد شارترد. وقد توصلت كافة البنوك إلى صفقات مع السلطات الأميركية حول اتهامات بإجرائهم أعمال مع دول تواجه عقوبات من الولايات المتحدة الأميركية.
جنبا إلى جنب، ألقت تلك القضايا بظلال باردة على الصناعة المصرفية بأكملها، مما أدى ببعض البنوك إلى التخلص من بعض الأعمال الخطيرة بالكلية. فعلى سبيل المثال، قام بنك جي بي مورغان تشيس، وبنك أميركا، وسيتي غروب بتفكيك خدمات نقل الأموال في مناطق مثل المكسيك.
* خدمة «نيويورك تايمز»



وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».


«النواب» المصري يغادر القاهرة نهائياً إلى العاصمة الجديدة

مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)
مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)
TT

«النواب» المصري يغادر القاهرة نهائياً إلى العاصمة الجديدة

مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)
مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)

ودّع مجلس النواب المصري مقره التاريخي في قلب القاهرة نهائياً، بعد أن ظل على مدى نحو 160 عاماً شاهداً على تحولات سياسية وتاريخية مفصلية في مصر. وانتقل المجلس بكامل موظفيه إلى مقرّه الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، ليُسجل مرحلة جديدة من عمر الحياة البرلمانية المصرية، بحسب مراقبين.

وبدأت أمانة مجلس النواب وكامل الموظفين مباشرة أعمالهم في مقرهم الجديد، الأحد، بعد أن غادر آخر موظف المبنى القديم يوم الخميس الماضي، في حين أشار المستشار أحمد عزت مناع، الأمين العام لمجلس النواب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تخصيص أصول المبنى القديم لمجلس النواب متروك للدولة المصرية واستراتيجيتها في هذا الشأن، ولم يتم الإعلان عنه بعد».

وكان مجلس النواب عقد أولى جلساته التجريبية بمقره الجديد في أبريل (نيسان) 2024، ألقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة خلال مراسم أداء اليمين الدستورية لرئاسته لفترة جديدة. في حين لا يزال مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) يواصل انعقاده داخل المبنى التاريخي بوسط القاهرة، وفق مناع.

السيسي يلقي كلمة بمقر مجلس النواب الجديد في أبريل 2024 (الرئاسة المصرية)

وتقول الحكومة المصرية إن «هذا الانتقال تتويج لجهود استمرت عقوداً لتحديث البنية البرلمانية في مصر وتوفير بيئة عمل متكاملة تتواكب مع التطور العمراني للعاصمة الجديدة».

ومع ذلك تبقى أنظار مصريين معلقة بالمبنى القديم لمجلس النواب، الذي يصفه الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، بأنه «شاهد عيان وسجل تاريخي حيّ».

ويبرز عفيفي لـ«الشرق الأوسط» ارتباط هذا المبنى بـ«تطور الحياة البرلمانية في مصر منذ عهد الأسرة العلوية، ونشأة مجلس شورى النواب كأول برلمان مصري عام 1866، مروراً بمجلس النواب، ثم مجلس الأمة بعد ثورة يوليو (تموز)، وصولاً إلى مجلس الشعب في عهدَي الرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك، ثم مجلس النواب بصيغته الحالية».

ويضيف: «المبنى لم يكن مجرد مقر إداري، بل عاصر تحولات تاريخية وسياسية وتشريعية كبرى، وشكّل محطة مهمة في رسم ملامح النظام النيابي عبر عقود متتالية».

ويقع المبنى التاريخي في «شارع قصر العيني» بوسط القاهرة، وكان مخصصاً في البداية لنظارة الأشغال العمومية، واستضاف أول اجتماع رسمي لمجلس شورى القوانين والجمعية التشريعية في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1881.

ويعد مبنى مجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة من أكبر مقار البرلمانات في الشرق الأوسط؛ إذ أقيم على مساحة 26 فداناً (109 آلاف م²). وتتسع القاعة الرئيسية لـ1000 عضو، وتعلوه قبة بارتفاع 65 متراً وقطر 55 متراً.

ويتكون المبنى من ثلاثة أجنحة رئيسية، ويضم قاعات استماع، ومركزاً إعلامياً، ومركز معلومات وتدريب، ومباني خدمية تشمل مركزاً طبياً وشرطة ومسجداً وإطفاء.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال جلسة تأدية اليمين الدستورية بمقر مجلس النواب الجديد في أبريل 2024 (الرئاسة المصرية)

ويتزامن الانتقال مع قرب إسدال الستار على أطول وأكثر انتخابات نيابية جدلاً في تاريخ مصر الحديث؛ إذ تستعد الهيئة الوطنية للانتخابات لإجراء إعادة لانتخابات 49 دائرة، سبق أن جرى إلغاء نتائجها بسبب أحكام قضائية أو قرار من الهيئة الوطنية للانتخابات نتيجة «مخالفات وشبهات تزوير»، في حين يُنتظر إعلان النتائج النهائية يوم 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وتُجرى جولة الإعادة لـ30 دائرة سبقت إعادة الانتخابات فيها عقب إلغائها في المرحلة الأولى، على أن تُجرى خارج مصر يومَي 31 ديسمبر الحالي و1 يناير المقبل، في حين ستُجرى داخل البلاد يومَي 3 و4 يناير.

أما بالنسبة لـ19 دائرة سبق أن أعيد الاقتراع فيها بعد إلغاء نتائجها، فهي موزعة على 7 محافظات، وتتنافس على 35 مقعداً برلمانياً، وستُجرى انتخاباتها خارج مصر يومَي 24 و25 ديسمبر، وداخل البلاد يومَي 27 و28 ديسمبر.

كما يترقب مرشحون برلمانيون خاسرون وأنصارهم قرار المحكمة الإدارية العليا بجلسة الاثنين، للفصل في 32 طعناً على نتائج 30 دائرة انتخابية أعيد التصويت فيها بعد إلغاء نتائجها ضمن المرحلة الأولى من الانتخابات.