واشنطن تقطع الطريق أمام أي تدخل خارجي لفرض حلول على السودان

واشنطن تقطع الطريق أمام أي تدخل خارجي لفرض حلول على السودان
TT

واشنطن تقطع الطريق أمام أي تدخل خارجي لفرض حلول على السودان

واشنطن تقطع الطريق أمام أي تدخل خارجي لفرض حلول على السودان

قطع مسؤولون أميركيون الطريق أمام احتمالات تدخل خارجي في شؤون حكومة الرئيس عمر البشير، وفرض حلول لتحدي الاحتجاجات المستمرة منذ شهرين، في أحد أخطر التحديات التي واجهها منذ جلوسه على كرسي الحكم قبل نحو ثلاثين عاماً.
وشهدت بعض أنحاء البلاد مظاهرات متفرقة استعداداً لموكب المظاهرات الذي دعا له «تجمع المهنيين السودانيين» والقوى المتحالفة معه، الخميس، والذي ينتظر أن يشارك فيه قادة وزعماء المعارضة.
وقال المساعد الخاص للرئيس الأميركي وكبير المستشارين بمجلس الأمن القومي لشؤون أفريقيا، سيريل سارتر، أمس، إن السودان يمر بمرحلة انتقالية تتطلب احترام الحكومة لحق المواطنين في التعبير السلمي عن أنفسهم، مع التزام الطرف الثاني (المحتجين) بالسلمية ذاتها.
وأوضح سارتر، حسب تصريحات منسوبة إليه بعد اجتماعه ومساعد الرئيس فيصل حسن إبراهيم بالخرطوم، أمس، أن الحكومة السودانية مطلوب منها ممارسة المزيد من الصبر، لإيجاد حلول سياسية للأزمة، مؤكداً عدم فرض أي حلول من الخارج على السودان.
ووصف المسؤول الأميركي لقاءه مع مساعد البشير بأنه «كان مثمراً وبناءً»، وقال: «جئت من أجل مواصلة الحوار بين الجانبين ووضعه في مساره الصحيح، بما يقود إلى إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في وقت قريب»، وتابع: «مع مزيد من الصبر، من خلال العمل المشترك، البلدان سيجدان طريقهما إلى شراكة قوية».
بدوره، أكد إبراهيم الذي يشغل منصب نائب البشير في الحزب الحاكم، ومنصب مساعده في الرئاسة، التزام حكومته بالحوار مع أميركا في الجوانب ذات الاهتمام المشترك كافة، وذلك أثناء بحثه مع الوفد الأميركي «سير المرحلة الثانية من الحوار الأميركي السوداني».
ووصل سيريل سارتر، وبرفقته مدير دائرة أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي دارين سيرايل، إلى الخرطوم أول من أمس، في زيارة تستغرق يومين، يجري خلالها مباحثات مع المسؤولين السودانيين، تتعلق بالحوار السوداني - الأميركي وتطورات الأوضاع في البلاد.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2018 ألغت إدارة الرئيس دونالد ترمب عقوبات اقتصادية وتجارية كانت مفروضة على السودان منذ عام 1997، بيد أنها لم تحذف اسمه من قائمة وزارة الخارجية للدول الراعية للإرهاب المدون فيها منذ عام 1993، بسبب استضافته مجموعات إسلامية متطرفة، على رأسها زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، الذي قتله القوات الأميركية في باكستان.
واشترطت الولايات المتحدة لاستكمال المرحلة الثانية من الحوار بين واشنطن والخرطوم، وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، أن يوسع السودان تعاونه في مكافحة الإرهاب، ويعزز حماية حقوق الإنسان ويتيح الحريات الدينية والسياسية، ويحسن وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلاد، وأن يوقف الأعمال العدائية الداخلية، ويخلق بيئة مواتية لعملية السلام، ويتخذ خطوات مطلوبة لمعالجة ادعاءات متعلقة بدعم الإرهاب، وأن تلتزم حكومة الخرطوم بقرارات مجلس الأمن والحظر المفروض على كوريا الشمالية.
وتزامنت زيارة المسؤولين الأميركيين، وبلوغ الاحتجاجات السودانية شهرها الثاني دون توقف، إذ انطلقت في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي مظاهرات تلقائية احتجاجاً على الغلاء وندرة السلع والدواء والوقود والنقود، قبل أن تتطور إلى المطالبة بتنحي الرئيس البشير وحكومته على الفور. وتتناغم مطالب المحتجين مع بعض الشروط الأميركية لحذف اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
وحسب تقارير حقوقية محلية ودولية، فإن حكومة البشير استخدمت عنفاً مفرطاً تجاه المتظاهرين السلميين أدى باعترافها لمقتل 31 شخصاً، فيما تقول منظمة العفو الدولية إن عدد القتلى في الاحتجاجات بلغ 51 قتيلاً، وهو ما تؤكده المعارضة السودانية وحزب الأمة القومي الذي يترأسه الصادق المهدي آخر رئيس وزراء منتخب أطاحه انقلاب الرئيس البشير في 30 يونيو (حزيران) 1989.
وعلى الرغم من أن الحكومة السودانية تزعم أن الاحتجاجات بدأت في التراجع، فإن المعارضين يرون أن الاحتجاجات والمظاهرات لا تزال تكسب زخماً جديداً، وأن المتظاهرين لن يتراجعوا قبل تنحي الرئيس البشير وحكومته.
وفي الوقت الذي تقلل فيه حكومة الرئيس البشير من قدرة المظاهرات على إسقاطها، فهي أبدت تفهمها لمشروعية ما سمته «مطالب الشباب» الاقتصادية، ووعدت بالعمل على توفير حلول لها، لكن حسب شهود، فإن الأوضاع على الأرض لا تزال تتفاقم، وإنها (الحكومة) لم تقدم حلولاً عملية للمشكل السياسي وتجليه الاقتصادي، بل اعتمدت على «الحل الأمني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».