ضربات الجيش الليبي ترغم مسلحي درنة على «استسلام جماعي»

TT

ضربات الجيش الليبي ترغم مسلحي درنة على «استسلام جماعي»

استسلمت قيادات متطرفة كثيرة وبارزة في مدينة درنة لقوات الجيش الوطني الليبي، أمس، وأُعلن عن مقتل خمسة أصوليين خلال المواجهات الأخيرة هناك، في وقت قالت فيه الكتيبة (303 مدفعية)، أمس، إن مهمتها القتالية في المدينة انتهت، وبدأت في إعادة عتادها وجنودها إلى مدينة المرج، شرق بنغازي. وفي غضون ذلك تنتظر المدينة، التي كانت حتى وقت قريب معقلاً للجماعات الإرهابية من أنحاء مختلفة، لحظة الإعلان النهائي لتحريرها من القيادة العامة للقوات المسلحة، بقيادة المشير خليفة حفتر.
وقال مصدر أمني، أمس، إن قرابة 50 من مقاتلي ما يسمى (مجلس شورى درنة)، سلموا أنفسهم إلى كتيبة (210 مشاة)، مشيراً إلى أن «من بين المستسلمين جرحى ونساء وأطفال تابعون للجماعات الإرهابية، كانوا يختبئون خلف بناية مُهدمة».
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، أن من بين الذين سلموا أنفسهم حافظ الضبع، المعروف بـ«أبو أيوب» عضو مجلس شورى درنة، كما تم اعتقال المدعو أبو حفص الموريتاني، المسمى المفتي الشرعي للتنظيم في درنة، لافتاً إلى أن القوات التي تمشط الشوارع، والبنايات بالمدينة القديمة عثرت أيضاً على جثث عدد من «الإرهابيين»، بينهم الناطق السابق لمجلس شورى مجاهدي درنة محمد إدريس المنصوري، الشهير بـ«ديسكا»، ومحمد دنقو، أحد أبرز العناصر المتطرفة هناك.
ونعت وكالة «درنة زووم» أمس، خمسة من العناصر، التي كانت تقاتل قوات الجيش الوطني في درنة، وقالت إنهم «قضوا في الخطوط الأخيرة بمحور المدينة القديمة»، ومنهم محمد الطشاني، وعدنان الشاعر ومحمد الخرم، بالإضافة إلى دنقو والمنصوري.
من جهته، قال المكتب الإعلامي للكتيبة (303 مدفعية)، أمس، في بيان تحت عنوان «الأسود تعود إلى عرينها»، إن قوات الكتيبة «خاضت أشرس المعارك في مدينة درنة، وشاركت في اعتقال كبار الإرهابيين هناك»، مشيراً إلى أنها قدمت ثلاثة من أبطالها، مع إصابة أغلب أفراد السرية المقاتلة، وأن الكتيبة التي تم تكليفها من قبل القائد العام للقوات المسلحة التحرك لتطهير درنة «عادت إلى ثكنتها منتصرة».
وسبق أن أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي، تحرير مدينة درنة الليبية رسميا من الجماعات الإرهابية في نهاية يونيو (حزيران) الماضي. وظهر حفتر في كلمة متلفزة، وجهها وقتها إلى الشعب الليبي، وقال إن الجيش الوطني، الذي تمكن من تحرير مدينة بنغازي من الإرهابيين، حرر مدينة درنة. لكن عقب إعلان ذلك بدأت فلول التنظيمات الإرهابية تخرج من مخابئها إلى الشوارع الرئيسية، الأمر الذي أرغم قوات الجيش على التعامل معها ومواجهتها.
وقالت الأمانة العامة للهلال الأحمر الليبي في درنة، إن فريق انتشال الجثث، التابع لها، انتشل أول من أمس عشر جثث مجهولة الهوية من المدينة القديمة، تم تسليمها إلى جهات الاختصاص لاستكمال باقي الإجراءات، حيث سيتم دفنها عن طريق الحركة العامة للكشاف والمرشدات في المدينة.
في غضون ذلك، ثمن نواب وسياسيون ليبيون «انتصارات الجيش الوطني، وتضحياته في سبيل تطهير البلاد من براثن الجماعات المتطرفة»، مشيرين إلى أنه بسيطرته على درنة «فإن البلاد مع موعد قريب للاستقرار.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.