الحلقة الأولى : ثاتشر تبنت «الواقعية» مع ليبيا.. وتركت «القاتل» يغادر السفارة

«الشرق الأوسط» تبدأ نشر الوثائق البريطانية المفرج عنها * لندن تبدي قلقا على إمدادات النفط خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية

ميخائيل غورباتشوف قبل أن يصبح رئيسا.. الوثائق تبين أنه لن يكون قادرا على أن يقوم بتغييرات جذرية للنظام الشيوعي
ميخائيل غورباتشوف قبل أن يصبح رئيسا.. الوثائق تبين أنه لن يكون قادرا على أن يقوم بتغييرات جذرية للنظام الشيوعي
TT

الحلقة الأولى : ثاتشر تبنت «الواقعية» مع ليبيا.. وتركت «القاتل» يغادر السفارة

ميخائيل غورباتشوف قبل أن يصبح رئيسا.. الوثائق تبين أنه لن يكون قادرا على أن يقوم بتغييرات جذرية للنظام الشيوعي
ميخائيل غورباتشوف قبل أن يصبح رئيسا.. الوثائق تبين أنه لن يكون قادرا على أن يقوم بتغييرات جذرية للنظام الشيوعي

في بداية يناير (كانون الثاني) من كل عام ترفع الحكومة البريطانية قيود السرية المفروضة على نقاشات الحكومة ومحاضر جلساتها ومراسلات سفاراتها مع جهازها الإداري في وزارة الخارجية ولقاءات وزرائها مع نظرائهم في الدول الأخرى وطواقم مباحثاتها الدولية ومفاوضاتها في أمور الساعة والقضايا الدولية.
وابتداء من اليوم، تنشر «الشرق الأوسط» سلسلة من الحلقات تستمد مادتها من هذه الوثائق التي أفرج عنها أمس بناء على قانون السرية المطبق على الوثائق والملفات الرسمية، التي مضى عليها 30 عاما وتعود لعام 1984.
وفي هذا العام وعلى خلاف ما حدث في السنين السابقة، استثنى الأرشيف الوطني البريطاني، المركز المسؤول عن تدقيق وترتيب الوثائق زمنيا ومن ثم نشرها، مراسلات السفارات البريطانية مع وزارة الخارجية البريطانية، والتي تشكل عادة مادة صحافية دسمة تلقي الضوء، ليس فقط على علاقات بريطانيا بالدول الأخرى، وإنما العلاقات الدولية بشكل عام بسبب مكانة بريطانيا على الساحة الدولية وتاريخها الكولونيالي الطويل. وقال الأرشيف الوطني إنه بصدد الإفراج خلال العام الحالي عن الملفات والوثائق التي تخص وزارة الخارجية، والتي تعود لتلك الفترة.
بعض الملفات تبقى قيد السرية لمدة أطول من ذلك، كما أن بعض الوثائق قد تحتوي على أسماء أشخاص ما زالوا في مواقع حكومية رسمية، وقد يتعرض أصحابها للإحراج أو الأذى الشخصي، فتجد أن بعض الأسماء حذفت عمدا من الوثيقة.
الوثائق التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» تغطي عام 1984، وأخرى مرتبطة بنفس الموضوع، لكنها تعود إلى عامي 1982 و1983، وتخص مداولات الحكومة ومحاضر جلساتها والمراسلات بين الوزارات المختلفة. كما أن هناك مجموعة كبيرة من الملفات التي تخص مكتب رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر، زعيمة حزب المحافظين، ومراسلات طاقمها الشخصي مع الدوائر الحكومية المختلفة. بعض الوثائق تتضمن تعليقات كتبتها ثاتشر بخط يدها على هذه الوثائق. في السنين الماضية، استحوذت منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا الصراع العربي - الإسرائيلي وبداية الحرب العراقية - الإيرانية والاجتياح الإسرائيلي للبنان، ومحاصرة أرييل شارون لبيروت وخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية منها، على حصة كبيرة من هذه الوثائق السرية، وخصوصا أنها جاءت في فترة حرجة من التطورات السياسية في المنطقة التي شهدت مفاوضات كامب ديفيد ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
وثائق هذا العام، وبسبب عدم الإفراج عن ملفات وزارة الخارجية، تناولت في معظمها الكثير من القضايا المحلية مثل الميزانية والتفجيرات التي قام بها الجيش الجمهوري الآيرلندي والعلاقات الآيرلندية - البريطانية. لكن بعضها تناول العلاقات البريطانية - الأرجنتينية بعد حرب الفولكلاند، والاختلاف في المواقف بين بريطانيا والولايات المتحدة تجاه سباق التسلح مع الاتحاد السوفياتي بخصوص «المبادرة الاستراتيجية الدفاعية»، أو ما أصبح يعرف بـ«حرب النجوم»، التي أطلقها الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ريغان.
بعض الملفات تتناول بإسهاب أوروبا الشرقية وتخوف ثاتشر من انهيارها المتسارع الذي قد يؤدي إلى حرب عالمية، ووصول غورباتشوف للسلطة والتخوف من فترة يوري آندروبوف وقسطنطين تشيرنينكو الذي تسلم بعده. إلا أن الغرب كان متفائلا من «الإصلاحي» ميخائيل غورباتشوف، لكنه لم يكن يتوقع أن يقوم الأخير بتغييرات جذرية للنظام الشيوعي.
الوثائق تلقي ضوءا على العلاقات الخاصة التي جمعت مارغريت ثاتشر مع الرئيس الأميركي رونالد ريغان. وهناك رسالة من ثاتشر تفضي فيها بعواطفها تجاهه بعد انتخابه لفترة ثانية، والتي تقول له فيها إنها فرحة جدا بانتصاره في انتخابات 1984. «ما هذا الانتصار؟!»، هكذا كتب في رسالة خاصة نشرها الأرشيف الوطني كاملة، مع إعطاء الصحافة الحق بنشر صورة عنها، وهذا عادة لا يسمح به عادة بأن يقوم أحد بنشر صور للوثائق.
وبالنسبة لبريطانيا، لم تكن هي الأخرى تعرف الكثير عن المستشار الألماني هلموت كول، وظلت علاقاتها معه ينتابها الفتور. قالت تقارير نشرت سابقا إنها عندما التقته في برلين في إحدى المناسبات استأذنها معتذرا بأنه مرتبط بموعد آخر. لكن شاهدته صدفة بعد دقائق في أحد المطاعم يجلس وحيدا ويلتهم الآيس كريم، ويقال إن علاقتهما لم تتحسن، ولاحقا كانت متحمسة للسقوط أوروبا الشرقية، لكنها كانت مستاءة جدا من الوحدة الألمانية، والذي قد يؤدي إلى صعود ألمانيا كقوة اقتصادية في أوروبا والعالم. توقعاتها كانت في محلها. الأزمة المالية التي عصفت باقتصادات العالم وأوروبا أثبتت تنبؤات مارغريت ثاتشر بخصوص صعود القوة الألمانية التي فرضت إرادتها على منطقة اليورو وظلت هي محصنة ضد الأزمة المالية أكثر من غيرها.
في مفاوضات بريطانيا مع الحكومة الصينية حول هونغ كونغ، تقول الوثائق إن طاقم المفاوضات البريطاني عد الرئيس الصيني الأسبق دينغ سياو بينغ جاهلا بأمور هونغ كونغ، ولهذا تمكنت بريطانيا من انتزاع ما تريده في المفاوضات.
* قطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا بعد تصفيات للمعارضة وقتل ضابطة الشرطة
* بالنسبة للعلاقات مع العالم العربي، كشف عن أربعة ملفات تضمنت مراسلات طاقم رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر مع الوزارات والأجهزة المختلفة، التوتر في العلاقات الليبية – البريطانية، وخصوصا بعد أن قام نظام القذافي بتصفية بعض معارضيه في لندن، والتحريض الذي أطلقه السفير الليبي موسى كوسا بخصوص الناشطين الليبيين في لندن، والذي طلب على أثره مغادرة لندن. ولكن تعقدت الأمور أكثر بعد أن أطلق واحد من طاقم السفارة الرصاص على المتظاهرين خارج مبنى السفارة الليبية في وسط لندن، وكانت النتيجة قتل إيفون فليتشر، الضابطة في قوة شرطة لندن، يوم 17 أبريل (نيسان) 1984. وبالمقابل، تعرضت السفارة البريطانية في طرابلس لحصار من قبل قوات القذافي.
الملفات الأربعة تناولت «السياسة الواقعية» لمارغريت ثاتشر التي أخذت في الاعتبار المصالح الاقتصادية لبريطانيا، بسبب إمدادات البترول ووجود عقود تجارية مع ليبيا تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وكان رأي مارغريت ثاتشر أن تلجأ الشركات البريطانية إلى وكالات التحكيم الدولي. وكان هناك اتفاق بين الوزارات المختلفة على إلغاء جميع العقود التي تخص مبيعات الدفاع، وأن لا تربط بريطانيا بين العقود التجارية والوضع السياسي القائم بين البلدين. وهذا ما كتبته ثاتشر بخط يدها على إحدى الوثائق، وتقول إنها تتفق مع تقييم وزارة الخارجية، وإنه يجب أن لا نقول «إن الأسباب سياسية»، حتى لا تستعمل الخلافات السياسية كذرائع في العلاقات التجارية بين الدول في المستقبل. كما أرادت بريطانيا إعادة النظر في المعاهدات الدولية، مثل معاهدة فيينا، التي تمنح حصانة دبلوماسية لسفارات وطاقمها، وهذا عقد الأمور لأن بريطانيا كانت تريد دخول مبنى السفارة الليبية وتفتيشه بحثا عن السلاح. وفي محادثة تليفونية قال ووزير الداخلية ليون بريتون لرئيسة الوزراء ثاتشر: «في النهاية قبلنا أن يغادر القاتل المبنى حرا طليقا». وتضيف الوثيقة أنها، أي ثاتشر «لم تختلف مع هذا الرأي». أحد الملفات يتضمن رسالة من الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، موقعة من قبل أمينها العام محمد يوسف المقريف، يحث فيها ثاتشر على أن تكون حازمة في تعاملها مع القذافي.
* الحرب العراقية - الإيرانية والخوف على إمدادات البترول
* الملف يتناول التصعيد في الحرب بين البلدين، مما قد يؤدي إلى تأثر إمدادات البترول. وكتب جون كول، السكرتير الخاص لمارغريت ثاتشر في مارس (آذار) 1984 رسالة لرئيسة الوزراء، محذرا من أن توقف إمدادات البترول بسبب الحرب بين البلدين قد يقحم الولايات المتحدة وبريطانيا التدخل عسكريا في الحرب وبشكل مباشر دون أن يكون أي من الطرفين قد فكر بها مليا». وفي نهاية العام عقد لقاء بين الطرف حول «قواعد الاشتباك» للتحضير لمثل هذا السيناريو، وكتب وزير الخارجية جيفري هاو إلى نظيره الأميركي، أن المباحثات يجب أن تبقى قيد السرية بين الطرفين، وأن «لا يكون هناك أي تعليقات حول الموضوع من أي جانب».
الملف يتناول المبيعات البريطانية العسكرية، والتي لا تعد خطيرة لإيران، وهذا ما استمرت في عمله بريطانيا رغم الانتقادات لها من قبل الدول الأخرى (وهذا ما تناولته «الشرق الأوسط» في عرضها للوثائق العام الماضي).
ويتضمن الملف لقاءات بين الرسميين والعسكريين البريطانيين مع الملك حسين في عمان، ومن ثم اجتماعهم مع صدام، وكذلك وزير خارجيته طارق عزيز في بغداد. ويصف صدام في اللقاء «الهجمات الانتحارية» التي كان يقوم بها الإيرانيون في فبراير (شباط) 1984 قائلا: «هجم الإيرانيون مثل الجراد، وجرى القضاء عليهم بنفس الطريقة التي يحارب بها المزارعون الجراد، يحفرون الخنادق، ويحرقونهم عندما يقعون فيها». وقال صدام للوفد البريطاني الزائر إنه شاهد بأم عينه كيف يجري القضاء على الإيرانيين، ووعد أن يزودهم بشريط مصور حول عمليات إبادة المهاجمين الإيرانيين.
مارغريت ثاتشر متخوفة من حرب عالمية إثر انهيار متسارع لأوروبا الشرقية هناك أيضا ملفات تتناول العلاقات الألمانية – البريطانية، وكذلك العلاقات مع ألمانيا تحت قيادة هلموت كول الذي لم تجمعه علاقات طيبة مع مارغريت ثاتشر التي كانت دائما متخوفة من القوة الألمانية. ثاتشر خلال قمتها مع كول كانت متخوفة من «الانهيار المتسارع لدول أوروبا الشرقية الذي قد يقود إلى حرب عالمية». واتفق الجانبان على أن «البيانات التي تنشرها واشنطن بخصوص أوروبا الشرقية لا تساعد في احتواء الأزمة».
الملف المنفصل الذي يتناول العلاقات السوفياتية – البريطانية، يركز على زيارة ميخائيل غورباتشوف في ديسمبر (كانون الأول) 1984. الزيارة جاءت قبل أن يصبح غورباتشوف رئيسا للاتحاد السوفياتي، لكنه كان عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي. في الوثائق تقدم وزارة الخارجية البريطانية تقييما لشخصية غورباتشوف وتصفه إحدى الوثائق بأنه «إصلاحي»، وبأنه «الرجل الذي سيقود الاتحاد السوفياتي إلى القرن الحادي والعشرين». لكن الوثائق تبدي تحفظها حول ما يمكن أن يعمله «خصوصا أنه لا يوجد ما يوحي بأنه لا يؤمن بالشيوعية، أو أنه سيعمل أو قادر على أن يقوم بتغييرات جذرية للنظام الشيوعي».
* أميركا لم تكن تعرف إذا كان آندروبوف متزوجا
* لقاء ثاتشر مع جين كير كباترك، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة، يلقي أيضا بعض الضوء على العلاقات الغربية مع الاتحاد السوفياتي، خصوصا فترة وجود يوري آندروبوف في الحكم (من نوفمبر/ تشرين الثاني 1982 إلى فبراير 1984). ثاتشر قالت إنها تعتقد، كما بينت التقارير التي وصلت إليها، أن الاتحاد السوفياتي متخوف من أن الولايات المتحد الأميركية قد توجه ضربة نووية مفاجئة ضده. وقالت جين كير كباترك: «يجب أن نتوخى الحذر في تعاملنا مع الاتحاد السوفياتي هذه الأيام، لأن مزاج موسكو يبدو غريبا هذه الأيام». وقالت لمارغريت ثاتشر في اجتماعها معها في أبريل 1984، إن الغرب لم يكن يعرف الكثير عن فترة آندروبوف: «لم نكن نعرف إذا كان متزوجا أم لا». وبعد ثلاثة أشهر من وجوده في الحكم قالت «سي آي إيه» إنها لاحظت أن «الاتحاد السوفياتي قد صعد من حملاته التضليلية في المعلومات».
بعض الوثائق تناولت العلاقات البريطانية - الفرنسية من خلال زيارتين قامت بهما مارغريت ثاتشر إلى باريس ولقائها مع الرئيس ميتران في نوفمبر 1984 لمناقشة توسيع «السوق الأوروبية المشتركة» الذي أصبح فيما بعد «الاتحاد الأوروبي». وقالت ثاتشر إن عام 1984 سيسجله التاريخ على أنه عام «العلاقات الأوروبية».
* الرئيس الصيني جاهل بأمور هونغ كونغ
* الملف يتناول شؤون المستعمرة السابقة هونغ كونغ، والتي قرب وقت تسليمها إلى الصينيين يبين الخلافات داخل الحكومة بخصوص انتزاع أكبر قسط ممكن من التنازلات الصينية. وكتبت ثاتشر إلى السير بيرسي كرادوك تشكره على ما أنجزه خلال المفاوضات مع الحكومة الصينية، قائلة: «شكرا جزيلا وتهانينا لك.. كانت النتائج جيدة جدا» بخصوص الوضع الخاص للمستعمرة بعد تخلي بريطانيا عنها بعد 150 سنة من وجودها تحت مظلة التاج البريطاني.
وكتب كرادوك مقيما الزعيم الصيني قائلا: «تمكنا من انتزاع ما يمكن انتزاعه من الصينيين.. ذهبنا إلى أبعد من الحافة.. إن الرئيس دينغ سياو بينغ جاهل بأمور هونغ كونغ». لكن وزير الخارجية جيفري هاو كتب يقول، إن «في رأيي هذا أفضل ما يمكن أن نحققه في المفاوضات تحت هذه الظروف»، معترفا بأن الطاقم البريطاني في المفاوضات «لم يستطع أن ينتزع أكثر من هذا». كما يتضمن الملف رسائل من ثاتشر إلى رئيس الوزراء الأسترالي بخصوص وضع هونغ كونغ، ورسالة أخرى إلى الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان. وكتبت على الرسالة التي صاغها أحد مستشاريها قائلة: «الرسالة الموجهة إلى الرئيس ريغان صياغتها سيئة جدا.. حاولت تعديلها».
* ثاتشر تهدد بوقف مفاوضات آيرلندا الشمالية
* المحادثات البريطانية مع حكومة جمهورية آيرلندا استحوذت على عدد من الملفات. التفجير في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 1984 الذي استهدف الحكومة وقيادة حزب المحافظين في «غراند هوتيل» في مدينة برايتون الساحلية خلال انعقاد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين زاد من ثبات مارغريت ثاتشر في تعاملها مع ملف «إقليم آيرلندا الشمالية» المتنازع عليه. وعلقت ثاتشر بخط يدها على إحدى الوثائق قائلة: «أحداث ليلة الخميس الماضي في برايتون تملي عليني أن نتريث قليلا في المفاوضات، إن لم نوقفها بالكامل»، مضيفة بخط يدها على رسالة من سكرتيرها الخاص قائلة: «التفجير أدى إلى تباطؤ الأمور، وقد يقتل المبادرة الجديدة بالكامل، وأعتقد أنه سيكون جزءا من سلسلة من التفجيرات».
عرفت ثاتشر بأنها المرأة الحديدية خلال فترة حكمها التي شهدت نزاعات داخلية، مثل إضرابات عمال المناجم، وأيضا الإضراب عن الطعام الذي قام به سجناء من أعضاء الجيش الجمهوري الآيرلندي، والذي شوه صورة بريطانيا على الصعيد الدولي. إحدى الوثائق تبين عدم اكتراثها بمعاناة أمهات المضربين عن الطعام جراء تدهور حالتهم الصحية. وعلقت بخط يدها حول الرسائل التي وصلت إليها من سفاراتها بخصوص الامتعاض الدولي تجاه موقفها من الإضراب، وكتبت معلقة على طلب الأمهات لقاءها قائلة: «لا يهمني أبدا ما سببه الإضراب من ألم وحزن لبعض الناس (الأمهات).. للأسف، لا أرى كيف يمكن أن يساعد الاجتماع بالأمهات في حل الأزمة ووضع حد لآلامهن.. وبغض النظر عما كتب وقيل حول التعاطي مع الإضراب. للأسف، هؤلاء الشباب (المضربون) مستعدون أن يضيعوا حياتهم من أجل هدف لا يمكن لأي حكومة في العالم أن تلبيه لهم».
* نظام القذافي هدد باستخدام العنف
* بعث السفير البريطاني في طرابلس، ببرقية إلى لندن يخبر المسؤولين بأنه طلب منه الحضور في وقت متأخر من مساء يوم 16 أبريل إلى مكتب وزارة الخارجية في طرابلس. إذ يقول السفير: «في منتصف ليل 16 أبريل طلب مني الحضور إلى مكتب اللجان الشعبية للشؤون الخارجية، واستقبله شخص اسمه (حفيانا)، عضو آخر في اللجان الشعبية التي تشكلت أخيرا. المسؤول الليبي كان يقرأ من نص جاهز يقول إن مظاهرة ضد الجماهيرية ستنظم في لندن يوم 17 أبريل».
وكان النشطاء الليبيون قد طلبوا من الشرطة البريطانية تصريحا بتنظيم مظاهرة احتجاجية سلمية يوم 17 أبريل أمام مبنى السفارة الليبية في ميدان «سانت جيمس سكوير» بوسط لندن. وهذا ما سمحت به الشرطة حسب القوانين المعمول بها في بريطانيا، والتي تقبل بحرية التعبير السياسي السلمي.
ويضيف السفير البريطاني في رسالته قائلا: «إن المسؤول الليبي استمر في القراءة من النص الجاهز.. يقول إن الحكومة لن تتحمل مسؤولية العنف الذي سيقع إذا سمح للمظاهرة بأن تنظم، لأن ذلك يشكل تهديدا للمكتب الليبي (السفارة)، قلت له إن بريطانيا دولة تسمح بحرية التعبير، وذكرته بأنها نظمت قبل أسابيع أمام سفارتي (البريطانية في طرابلس) مظاهرة، وأن الحكومة البريطانية لن تأبه بهذا النوع من التهديد باستعمال العنف. وفي هذه اللحظة سحب كلامه وقال إنه لا يقصد التهديد المباشر. لقد أكدت له أن لندن ستضمن سلامة المكتب الليبي (السفارة)، وأخبرته بأنني سأخبر لندن بما قاله».
لكن بعد عملية إطلاق النار ومحاصرة الشرطة البريطانية مبنى السفارة، وقيام «القوى الثورية» الليبية بمحاصرة السفارة البريطانية في طرابلس. كتب السفير البريطاني في طرابلس يقول إنه كان يحاول الاجتماع مع وزير الخارجية الدكتور عبد السلام التريكي، الذي قال عنه إنه ينتمي إلى بعض العناصر في النظام الليبي التي لا تحبذ هذا النوع من الأعمال.
في البرقية قال السفير: «اجتمعت بمسؤولين في مكتب الخارجية الليبي، وطلبت مقابلة التريكي، لكنهم قالوا إنه مشغول.. اجتمعت مع السويدان (مسؤول في مكتب العلاقات الخارجية) وكان لقاء سيئا. قلت له إن بين 60 و70 شخصا تظاهروا خارج السفارة الليبية في لندن، ومن دون أي مشكلات، لكن أطلقت ثلاث رصاصات من السفارة على المتظاهرين من دون أي مبرر، جرح على أثر ذلك 11 شخصا، وقتلت ضابطة شرطة. طلبت منهم، حسب تعليماتكم (في لندن)، إعطاء السلطات البريطانية تصريحا لدخول المبنى من أجل حجز الرشاش الذي استعمل في إطلاق النار من على سطح السفارة في لندن، لكن رفض السويدان إعطاء تصريح بالدخول، وبدأ يتكلم عن خطورة قيام الشرطة البريطانية دخول المبنى من دون تصريح. كررت طلبي، وأن يجري إعلام الدكتور التريكي به، لكنه رفض ذلك وقال إن جميع أعضاء اللجنة الشعبية للعلاقات الخارجية يتكلمون بصوت واحد.
بعد ذلك سألت السويدان من المسؤول عن إطلاق النار؟! لكنه قال إنه لم يكن هناك سلاح أو إطلاق نار. قلت له لا داعي للاستمرار في هذا النقاش على هذه الأرضية وغادرت المكان. سكرتيرة التريكي ودعتني وأعدت طلب مقابلة التريكي.
قال لي السويدان إن على أعضاء طاقمي أن يبقوا في السفارة أو في بيوتهم من أجل سلامتهم. لقد طلبت من طاقمي أن يلتزموا بذلك حتى تتضح الأمور».
وفي برقية ثانية (عبر التلكس) يقول السفير البريطاني في طرابلس:
* التركي: هناك عناصر وعقلانية من الليبيين تقف ضد الأعمال الطائشة
* «طلب التريكي مني الحضور إلى مكتبه في طرابلس وطرح نقطتين، وقال إن هذه المطالب جاءت من أعلى (يقصد القذافي). أولا قال إنه يريد أن تهدأ الأمور ويوقف التصعيد»، مضيفا أن ما حدث كان خارجا عن إرادته. وقال التريكي إنه سيقدم الحماية لي ولطاقم سفارتي: «لقد طلبت قوات إضافية من الشرطة لحماية سفارتي ولبي طلبي». وقال إنه أعطى تعليمات لطاقم سفارته في المكتب الشعبي الليبي (السفارة الليبية في لندن) أن يبقوا في الداخل حتى إشعار آخر.
وقال إن الوضع سيكون خطيرا إذا حاولت الشرطة البريطانية دخول مبنى المكتب الشعبي. قلت له: «لا يوجد لدي تعليمات جديدة من لندن بخصوص الموضوع، وأعدت ما قاله لي السويدان وحفيانا، وكررت ما جاء من تقارير سابقة وصلت إليَّ بأن الرصاص أطلق من داخل مبنى المكتب الشعبي، والآن أنتظر تعليمات إضافية من لندن، وعرض التريكي أنه سيكون تحت تصرفي خلال الفترة».
كما نوه التركي بأن هناك عناصر متزنة وعقلانية من الليبيين وتقف ضد هذه الأعمال الطائشة، وأعتقد أنه محق في ذلك. هذه أخبار جيدة، إذا بدأ ينحاز بنفسه إلى هذا النوع من الليبيين».
قبل حادث مقتل ضابطة الشرطة البريطانية يوم 17 أبريل 1984، أظهرت الكثير من الوثائق أن السلطات البريطانية اعتقلت الكثير من الأشخاص الليبيين، بعضهم جرى ترحيلهم بعد أن عدوا أشخاصا غير مرغوب بهم، وبعضهم أدين في المحاكم بالقيام بتفجيرات واغتيالات لعناصر من المعارضة الليبية النشطاء على الساحة البريطانية.
وأطلق نظام القذافي تهديدات ضد هؤلاء النشطاء، وجاءت بعض التهديدات علنا على لسان موسا كوسا، الأمين العام للجنة الشعبية (الطاقم الدبلوماسي برئاسة كوسا) آنذاك، التي تدير المكتب الشعبي (السفارة). وفي يونيو (حزيران) 1980، وبعد أن قدم كوسا أوراق اعتماده كدبلوماسي في لندن صرح علنا بأن النظام سيقوم بتصفيات المناوئين جسديا لحكم القذافي. وفي اليوم التالي بعد التصريحات التي أطلقها كوسا «يؤيد فيها قتل المعارضين للنظام في لندن»، والتي أعلنها أيضا وزير الخارجية السير جيفري هاو أمام البرلمان البريطاني، طلب من كوسا أن يغادر لندن، التي عدته شخصا غير مرغوب فيه.
بعد إطلاق الرصاص من المكتب الشعبي الليبي وقتل ضابطة الشرطة أرسلت الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا رسالة إلى رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر تقول فيها:
«نريد أن نعبر باسم جبهة إنقاذ ليبيا عن شجبنا واشمئزازنا المطلق لعملية إطلاق النار على المتظاهرين الليبيين والشرطة البريطانية أمام المكتب الشعبي الليبي، التي كانت معروفة سابقا باسم السفارة الليبية، والتي أدت إلى مقتل الضابطة إيفون فليتشر وجرح 11 شخصا من المتظاهرين المسالمين.
إننا نشد على أياديكم ونحثكم على اتخاذ خطوات ثابتة ضد الذين قاموا بهذه الجريمة النكراء والتأكد من مثولهم أمام القانون. يجب أن لا يكون لديك أدنى شك من أن الجريمة نفذت بتعمد وسبق إصرار، وبتوجيهات شخصية من القذافي نفسه ونظامه. خطط القذافي العدائية ضد بريطانيا وتهديداته لحكومتك ليست بالشيء الجديد ومعروفة. هذا ما عبر عنه عندما قرر أن السفارة لا تشكل بعثة الدبلوماسية وحولها إلى مكتب شعبي من دون صفة دبلوماسية. ممثلو المكتب أصبحوا (أعضاء لجان ثورية)، وهؤلاء لا يعترفون أو يحترمون العلاقات الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية وأعرافها. إننا نقدر ونثمن القوات البريطانية على دورها في احتواء الأزمة والغضب، ونقدم تعازينا لعائلة الضابطة إيفون فليتشر وزملائها في العمل.
كلنا ثقة أن حكومتك ستتعامل مع هذه الأعمال البربرية وعصابات القذافي الإرهابية في بريطانيا من خلال التقاليد والأعراف البريطانية العريقة المعمول بها والتي تحترم الحرية وحرمة وحياة الإنسان».
(الرسالة موقعة من قبل الأمين العام للجبهة محمد يوسف مقريف). في الحلقات القادمة تتناول «الشرق الأوسط» بعض وثائق المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قام بها ضباط من الجيش الليبي ضد القذافي، وكذلك حساسية الوضع بالنسبة لبريطانيا بسبب تشابك مصالحها التجارية مع ليبيا، والتي تقدر بمئات الملايين، وكذلك خوفها من رد الفعل الليبي ضد البريطانيين الذين يقدر عددهم بأكثر من 8000 شخص، إضافة إلى طاقم السفارة.



أوكرانيا تتصدر مباحثات شي وماكرون في باريس


الرئيسان ماكرون وشي خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
الرئيسان ماكرون وشي خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تتصدر مباحثات شي وماكرون في باريس


الرئيسان ماكرون وشي خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
الرئيسان ماكرون وشي خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى باريس أمس (الأحد)، حيث يتوقع أن تتصدر حرب أوكرانيا وقضايا التجارة مباحثاته مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وفي زيارته الأولى إلى أوروبا منذ عام 2019، اختار الرئيس الصيني اعتماد التوازن الدبلوماسي في محطاته؛ فبعد زيارة الدولة إلى فرنسا التي تدعوه منذ زهاء عام إلى «حمل روسيا على تحكيم العقل» بشأن الحرب في أوكرانيا، يتوجه شي إلى صربيا والمجر القريبتين من موسكو.

ويأمل ماكرون أن تساعد زيارة شي، والمحادثات التي ستحصل بينهما، على «زحزحة» الصين عن السياسة التي تنتهجها إزاء روسيا والحرب في أوكرانيا.

وبحسب مصادر الإليزيه، فإن ماكرون «سيسعى لتشجيع شي على الضغط على موسكو حتى تُغيّر حساباتها (في أوكرانيا)، ولتسهم الصين في إيجاد حلول لهذه الحرب».

ويعقد شي، اليوم (الاثنين)، خلال الزيارة التي تتزامن مع ذكرى مرور 60 عاماً على إقامة علاقات دبلوماسية فرنسية - صينية، سلسلة اجتماعات مع ماكرون، الذي استبق زيارته بمشاورات مع المستشار الألماني أولاف شولتس.

وصباح اليوم، تنضم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى الرئيسين في قصر الإليزيه في جلسة يُتوقع أن تثار خلالها النزاعات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي والمخاوف من «حمائية الصين».


ماكرون للتركيز على البُعد الأوروبي في محادثاته مع الرئيس الصيني

الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
TT

ماكرون للتركيز على البُعد الأوروبي في محادثاته مع الرئيس الصيني

الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
الرئيسان ماكرون وجينبينغ خلال الزيارة التي قام بها الأول إلى الصين في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

للمرة الثالثة في 10 سنوات، تفرش باريس السجاد الأحمر تحت قدمي الزعيم الصيني شي جينبينغ الذي يقوم بزيارة دولة من يومين لفرنسا، في إطار جولة أوروبية ستقوده لاحقاً إلى صربيا والمجر. وليس اختيار الرئيس الصيني عام 2024 لزيارة فرنسا من باب الصدفة. والسبب أنه يصادف الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين باريس وبكين، حيث كانت فرنسا السباقة، غربياً، في الاعتراف بالصين الشعبية قبل أن تلحق بها، بعد سنوات، دول غربية أخرى آخرها الولايات المتحدة الأميركية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين في عام 1978.

وجاء شي جينبينغ إلى فرنسا في عام 2014 في الذكرى الخمسين للعلاقات مع فرنسا، وعاد إليها مرة أخرى في عام 2019 في الذكرى الخامسة والخمسين للمناسبة نفسها. وتعدّ هذه الزيارة ثاني مرة يستقبل فيها الرئيس إيمانويل ماكرون نظيره الصيني، منذ وصوله إلى قصر الإليزيه ربيع عام 2017 .

تنسيق أوروبي

قبل أن تحط طائرة جينبينغ في مطار أورلي، جنوب العاصمة باريس، قام ماكرون بسلسلة اتصالات مع عدد من نظرائه الأوروبيين لتنسيق المواقف، ولإبراز جبهة موحدة بخصوص الملفات الخلافية بين الاتحاد الأوروبي والصين. وأهم من تواصل معهم كان المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي دعاه إلى عشاء عمل في قصر الإليزيه مساء الخميس الماضي وطلب منه الانضمام إليه في المحادثات مع جينبينغ، على غرار ما فعله في عام 2019 مع المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن «مصدر مطلع» أن شولتس اعتذر عن المشاركة بسبب زيارة مقررة له إلى لاتفيا وليتوانيا.

المستشار الألماني أولاف شولتس اعتذر عن المشاركة في محادثات الإليزيه بين ماكرون وجينبينغ (إ.ب.أ)

وكان شولتس قد قام بزيارة رسمية إلى بكين منتصف الشهر الماضي. وبحسب المصدر المذكور، فإن ماكرون أراد إضفاء طابع «خاص» على العشاء مع شولتس مساء الخميس، لذا تم برفقة زوجتيهما، في مطعم «لا روتوند» الباريسي الشهير الواقع في الدائرة السادسة في العاصمة، الذي يرتاده إيمانويل ماكرون بانتظام. ودرج المسؤولان على التشاور لدى كل استحقاق أو اجتماع مهم.

وقبل زيارة شولتس لبكين، تشاور مع ماكرون عبر الفيديو. ونُقل عن الناطق باسم المستشارية الألمانية أن «المشاورات المسبقة بين ألمانيا وفرنسا دائماً ما تكون وثيقة جداً»، واصفاً إياها بـ«الممارسة الجيدة، وسنواصل هذا التعاون الفرنسي - الألماني في هذا المجال، لا سيما فيما يتعلق بموضوع الأمن».

ويرى الإليزيه أن هذا النوع من المشاورات سيتيح للرئيس الفرنسي «التحادث مع شي جينبينغ من منظور أوروبي». وفي أي حال، فإن الاتحاد الأوروبي سيكون مُمثّلاً برئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، التي ستشارك في جانب من محادثات يوم الاثنين، حيث يتوقع أن تُثار خلالها النزاعات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، فيما العلاقات الثنائية الفرنسية - الصينية ستكون مقصورة على ماكرون وجينبينغ.

برنامج حافل

لن تتوانى باريس عن العمل بأعلى المراسم البروتوكولية لتكريم ضيفها الكبير، حيث يستقبله رئيس الحكومة غبريال أتال لدى نزوله من الطائرة في مطار أورلي بعد ظهر الأحد، فيما الاستقبال الرسمي سيتم الاثنين في «قصر الأنفاليد» بحضور الرئيس ماكرون.

جانب من استقبال شي لنظيره الفرنسي في بكين أبريل 2023 (أ.ب)

ووفق البرنامج الذي وزّعه قصر الإليزيه، فإن ماكرون سيكون الثلاثاء في استقبال جينبينغ في مطار مدينة «تارب» الواقعة في منطقة البيرينيه (جنوب فرنسا)؛ حرصاً منه على إضفاء طابع «شخصي» على هذا الشق من الزيارة. وقبلها، سيُقام على شرف الزعيم الصيني «عشاء دولة» في قصر الإليزيه عقب عدة جلسات متلاحقة من المحادثات الثنائية، وبحضور فون دير لاين في جانب منها.

كذلك، حضّر الإليزيه برنامجاً خاصاً لعقيلة الرئيس الصيني، وإحدى محطاته زيارة متحف «أورسي» المعروف المطل على نهر السين. وبحسب الرئاسة، فإن التنظيم دخل في التفاصيل، ومنها التعرف على اللوحات وأقسام المتحف التي تود عقيلة جينبينغ زيارته.

رهان خاسر

ومنذ وصوله إلى قصر الإليزيه، دأب ماكرون على نهج السعي لبناء علاقات شخصية وخاصة مع عدد من زعماء العالم. إلّا أن نتائجه جاءت دوماً ضعيفة. فقد مارس هذا النهج مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي دعاه ليكون ضيف الشرف في احتفالات العيد الوطني في يوليو (تموز) عام 2017، إلا أن ذلك لم يمنع ترمب من انتهاج سياسة عدائية، إلى حد ما، إزاء الاتحاد الأوروبي والتنديد بشركاء بلاده في الحلف الأطلسي بسبب ضعف مساهمتهم المالية في الحلف، وتنفيذ سياسات اقتصادية وتجارية حمائية أضرّت بالاقتصاد الفرنسي والأوروبي.

كذلك، جرّب الخطة نفسها مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي خصّه بدعوة لزيارة شخصية مميزة إلى منتجعه الصيفي في حصن «بريغونسون» المطل على مياه المتوسط، في أغسطس (آب) 2019. وسعى، بالتوازي، إلى إقناع «مجموعة السبع» بإعادة روسيا إليها بعد أن أصر الرئيس الأسبق باراك أوباما على استبعادها، بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. وكانت النتيجة أن بوتين أغدق الوعود على ماكرون، ومنها أنه لن يغزو أوكرانيا، وذلك خلال زيارة سبقت بأيام انطلاق «العملية العسكرية الخاصة»، وهو الاسم الذي تطلقه موسكو على حربها على أوكرانيا.

أوكرانيا أوّلاً

يأمل ماكرون أن تساعد زيارة جينبينغ والمحادثات الرسمية والخاصة التي ستحصل بينهما على «زحزحة» بكين عن السياسة التي تنتهجها إزاء روسيا والحرب في أوكرانيا. والقناعة الغربية المترسخة تعد أن بكين هي الطرف الوحيد القادر على التأثير على بوتين، نظراً لحاجة الأخير إليها سياسياً واقتصادياً وتجارياً وعسكرياً.

وبحسب مصادر الإليزيه، فإن ماكرون «سيسعى لتشجيع جينبينغ على استخدام هذه الأوراق للضغط على موسكو حتى تُغيّر حساباتها (في أوكرانيا)، ولتسهم الصين في إيجاد حلول لهذه الحرب». وسبق لماكرون خلال زيارته لبكين، في أبريل (نيسان) من العام الماضي، أن دعا الرئيس الصيني «لحثّ روسيا على تحكيم العقل»، و«الدفع باتّجاه لمّ الجميع حول طاولة المفاوضات».

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال في بكين ديسمبر 2023 (د.ب.أ)

وبحسب المصادر الفرنسية، فإن الصين تُقدّم دعماً عسكرياً أساسياً مكّن روسيا من تعزيز صناعاتها العسكرية، من خلال تزويدها بالآلات الدقيقة للصناعات الدفاعية والرقائق الإلكترونية وبالمحركات المستخدمة في تصنيع المسيرات. وتضيف هذه المصادر أن «لا إثباتات» تفيد بأن الصين تقدم منظومات من الأسلحة لروسيا.

كذلك، فإن ماكرون سوف يشجع الصين على المشاركة في المؤتمر الواسع للسلام في أوكرانيا الذي ستستضيفه سويسرا. لكن المرجح أن تتغيب عنه بكين بسبب عدم دعوة روسيا إليه. ثم إن استجابة الصين للرغبات الغربية ليس أمراً مضموناً، إذ سبق لكثير من الزعماء الغربيين أن دعوها لذلك، ولا نتيجة حتى اليوم؛ نظراً للحسابات الاستراتيجية الصينية.

الحمائية الصينية

صباح الاثنين، تنضمّ فون دير لاين إلى ماكرون وجينبينغ في قصر الإليزيه في جلسة ذات طابع اقتصادي، في ظل خلافات صينية - أوروبية حول السياسة الحمائية التي تتبعها بكين من جهة، والمساعدات الحكومية التي تقدمها لشركاتها من جهة أخرى، الأمر الذي من شأنه، وفق النظرة الأوروبية، نسف «المنافسة الشريفة» بين الشركات لدى الجانبين. لكن يوجد تمايز في مواقف الدول الأوروبية بشأن السياسة المشتركة الواجب اتباعها، وقد أقر بذلك الرئيس ماكرون في المقابلة المطولة التي نشرتها له صحيفتا «لا تريبون دو ديمانش»، و«لا بروفانس» صباح الأحد، وفيها أشار إلى «غياب الإجماع» بين الأوروبيين بشأن الاستراتيجية الواجب اتباعها.

وقال ماكرون إن «بعض الأطراف لا يزالون يرون الصين كأنها سوق للبيع»، في حين أنها «تقوم بالتصدير بشكل هائل نحو أوروبا». كذلك لا يريد الرئيس الفرنسي أن تنتهج أوروبا «سياسة التبعية» للولايات المتحدة، مُصراً على وصفها شريكاً. ويريد ماكرون، كما جاء في المقابلة نفسها، العمل على توفير «حماية أفضل لأمننا القومي»، والتمتع «بواقعية أكبر بكثير في دفاعنا عن مصالحنا»، و«نيل المعاملة بالمثل» في عمليات التبادل مع الصين.

ضباط شرطة ينزعون لافتة نصبها نشطاء «التبت الحرة» أمام قوس النصر في باريس للاحتجاج على زيارة شي 4 مايو (أ.ب)

ولتأكيد الأهمية التي توليها باريس لعلاقتها الاقتصادية والتجارية مع الصين، فإن منتدى اقتصادياً موسعاً سيلتئم الاثنين بمشاركة كثير من رؤساء الشركات من الجانبين، على هامش زيارة جينبينغ. وما يهم فرنسا بالدرجة الأولى، اجتذاب الاستثمارات الصينية في عدد من القطاعات المهمة، وعلى رأسها إنتاج البطاريات الكهربائية، وذلك في إطار السياسة الهادفة إلى اعتماد السيارات الكهربائية والتخلي تدريجياً عن استخدام المشتقات النفطية والغاز. وسبق للصين أن أقامت مصنعاً مشابهاً في صربيا، وقد بدأ بالإنتاج.

يبقى أن زيارة جينبينغ لن تمر من غير حركات احتجاجية من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، التي ترى أن بكين تدوس عليها في تعاطيها مع مسلمي «الأويغور» والتبتيين وسكان هونغ كونغ. وسيكون لتايوان حصّة في المحادثات، وللأوضاع في بحر الصين، ونزاعات بكين مع كثير من دول تلك المنطقة. لكن فرنسا تريد السعي للتركيز على ما يجمع ويقرب بين الصين والأوروبيين بشكل عام.


فرنسا تفتح تحقيقاً بحق «توتال إنرجي» بعد هجوم إرهابي في موزمبيق

فرنسا تفتح تحقيقاً بحق «توتال إنرجي» بعد هجوم إرهابي في موزمبيق
TT

فرنسا تفتح تحقيقاً بحق «توتال إنرجي» بعد هجوم إرهابي في موزمبيق

فرنسا تفتح تحقيقاً بحق «توتال إنرجي» بعد هجوم إرهابي في موزمبيق

أعلنت النيابة العامة في نانتير قرب باريس، السبت، فتح تحقيق بتهمة القتل غير العمد ضدّ مجموعة «توتال إنرجي» على خلفية هجوم إرهابي دامٍ في مدينة بالما في موزمبيق في مارس (آذار) 2021 خلّف مئات القتلى وتبناه تنظيم «داعش».

ويأتي إعلان فتح التحقيق بعد شكوى تقدمّ بها ناجون وعائلات ضحايا يتهمون فيها المجموعة الفرنسية التي كانت تعمل على مشروع كبير للغاز المسال في المنطقة بأنها لم توفر الحماية لمقاوليها، حسبما قال ممثلو الادّعاء لوكالة الصحافة الفرنسية.

جنود من قوات الأمن الرواندية بالقرب من موقع «إنرجي» للغاز الطبيعي بموزمبيق في 22 سبتمبر 2021 (رويترز)

ويقول المدّعون إن «توتال إنرجي» لم توفر أيضاً الوقود اللازم لتتمكّن مروحيات من إجلاء مدنيين بعدما أدّى الهجوم الذي بدأ في 24 مارس 2021 في مدينة بالما الساحلية بموزمبيق إلى مقتل المئات.

واستمر الهجوم في محافظة كابو ديلغادو أياماً عدة وأسفر عن فرار الآلاف من منازلهم، بينما قُطعت رؤوس بعض الضحايا.

وفي اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، ذكّر ناطق باسم «توتال إنرجي» بما قالته المجموعة عندما رُفعت الشكوى ضدها في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مؤكداً أن العملاق الفرنسي «يرفض بشكل قاطع الاتهامات».

وأوضح أن فرق المجموعة في موزمبيق قدّمت مساعدات عاجلة وأوجدت سبلاً لإجلاء 2500 شخص بينهم مدنيون وموظفون ومقاولون، من موقع «أفونجي» على بعد نحو عشرة كيلومترات من وسط بالما.

وقال ممثلو الادّعاء إن التحقيق الفرنسي يسعى أيضاً إلى تحديد ما إذا كانت «توتال إنرجي» مذنبة بعدم إسعاف الأشخاص المعرّضين للخطر.

ويتهم سبعة أشخاص من بريطانيا وجنوب أفريقيا، هم ثلاثة ناجين وأربعة من أقارب الضحايا، الشركة الفرنسية بعدم اتخاذ خطوات لضمان سلامة المقاولين حتى قبل الهجوم.

وكانت «مجموعة الشباب» الإرهابية غير المرتبطة بالمجموعة الصومالية التي تحمل الاسم نفسه والتي قد نفذت الهجوم في مارس 2021، تنشط في محافظة كابو ديلغادو منذ 2017 وتقترب من مدينة بالما.

وقال محامي المدّعين هنري تولييز في 2023 عندما رُفعت الشكوى إن «الخطر كان معروفاً» حتى قبل الهجوم.

وأشار ممثلو الادّعاء إلى أنه بناء على نتيجة التحقيق الأولي، سيتم إمّا إسقاط الشكوى أو تكثيف التحقيق بهدف توجيه اتهامات محتملة.

«خطوة إيجابية»

ورحّب ناجون وعائلات ضحايا بقرار القضاء الفرنسي. وعدّ الناجي الجنوب أفريقي نيكولاس ألكسندر القرار «خطوة إيجابية». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «توتال إنرجي» تتحمّل «جزءاً من المسؤولية» في المأساة.

من جهتها، قالت الناشطة في منظمة «أصدقاء الأرض» في موزمبيق أنابيلا ليموس لوكالة الصحافة الفرنسية إن «التأثيرات السلبية» لعمليات الشركة في موزمبيق تتجاوز هجوم مارس 2021 بسبب «الدمار» البيئي و«الوفيات» الناجمة عن مشاريعها في البلد.

وعُلّق المشروع البالغة قيمته 20 مليار دولار والهادف لتطوير حقل غاز كبير في شبه جزيرة أفونجي بعد هجوم عام 2021، لكن رئيس مجلس إدارة المجموعة الفرنسية باتريك بويان قال مذاك الحين إنه يأمل في إحيائه.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بعثت مجموعة مؤلفة من 124 منظمة غير حكومية برسالة مفتوحة لـ28 مؤسسة مالية، بينها مصارف أوروبية ويابانية وجنوب أفريقية؛ بغية حثّها على الانسحاب من المشروع.

وقالت المنظمات بينها «رابطة حقوق الإنسان» و«أويل تشينج إنترناشونال» و«غرينبيس فرنسا» للمؤسسات المالية إنها ستتحمل «مسؤولية مباشرة وكبيرة» عن تأثير المشروع ما لم تنسحب منه.

وشددت المنظمات في الرسالة على أن «المخاطر الإنسانية والأمنية، إضافة إلى كون العمليات في مناطق النزاعات معقّدة» تمت الاستهانة بها، عادّةً أن مواصلة المشاريع تنمّ عن «تهوّر».

ولفتت إلى أن المشروع يهدد النظم البيئية المحلية والمناخ العالمي ولا يفيد المجتمعات المحلية. وعلّقت موزمبيق آمالاً كبيرة على رواسب الغاز الطبيعي التي اكتُشفت في الولاية الشمالية في 2010 وتعد أكبر رواسب يتم اكتشافها في جنوب الصحراء الكبرى.

وإذا تمّت الاستفادة من جميع الرواسب، فيمكن أن تصبح موزمبيق من بين أكبر 10 بلدان مصدّرة للغاز، بحسب التقديرات.

لكن المنطقة شهدت مذاك تمرّداً لمجموعات مرتبطة بتنظيم «داعش»؛ ما يثير الشكوك حيال الخطة.


أوكرانيا: قوات موسكو تواصل التقدم على الجبهة الشرقية

أوكرانيون يشاركون في الاحتفال بعيد الفصح في تشيرنيهيف (رويترز)
أوكرانيون يشاركون في الاحتفال بعيد الفصح في تشيرنيهيف (رويترز)
TT

أوكرانيا: قوات موسكو تواصل التقدم على الجبهة الشرقية

أوكرانيون يشاركون في الاحتفال بعيد الفصح في تشيرنيهيف (رويترز)
أوكرانيون يشاركون في الاحتفال بعيد الفصح في تشيرنيهيف (رويترز)

واصلت روسيا تحقيق مكاسب ميدانية على خطوط الجبهة الشرقية، وأعلنت الأحد السيطرة على قرية أوتشريتين الواقعة في منطقة دونيتسك الأوكرانية.

في غضون ذلك، أسفرت عدّة ضربات روسية عن سقوط قتيلين وإصابة 16 شخصاً آخرين في شرق وشمال شرقي أوكرانيا، خصوصاً في خاركيف، ثاني كبرى مدن البلاد، والتي تُستهدف باستمرار، وفق ما نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن السلطات المحلية الأحد. وتأتي الهجمات، بينما كان يحتفل المسيحيون الأرثوذكس في أوكرانيا وروسيا بعيد الفصح. وقال الحاكم الأوكراني لمنطقة دونيتسك، فاديم فيلاشكين، عبر تطبيق «تلغرام»: «في بوكروفسك، أدّى سقوط صواريخ إلى مقتل شخصين، وإلحاق أضرار بمنزل». وتقع هذه البلدة على مسافة نحو 60 كلم شمال غربي مدينة دونيتسك، عاصمة المنطقة التي تحتلها روسيا، وأعلنت ضمّها إلى أراضيها في أعقاب الغزو. وفي خاركيف، أدى قصف روسي إلى إصابة عشرة أشخاص على الأقل، بحسب حاكم المنطقة الشمالية الشرقية أوليغ سينيغوبوف. وقال سينيغوبوف على «تلغرام» إن قوات موسكو قصفت وسط المدينة بـ«قنبلة جوية موجهة». ويُكثّف الجيش الروسي استخدام القنابل الموجهة التي يتم إسقاطها بالطائرات، وهي ذات قوة تدميرية كبيرة. وأدى هجوم آخر خلال الليل إلى إصابة ستة أشخاص، من بينهم فتاة صغيرة ولدت في عام 2015، حسبما أشار أوليغ سينيغوبوف في وقت سابق. إلى ذلك، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن الجيش الروسي أطلق 24 مسيّرة إيرانية الصنع من طراز «شاهد» خلال ليل السبت الأحد، مؤكدة أنها أسقطت 23 منها.

تقدّم ميداني روسي

من جانبه، أعلن الجيش الروسي السيطرة على قرية أوتشريتين الواقعة في منطقة دونيتسك. وفي الأشهر الأخيرة، تعلن موسكو بانتظام سيطرتها على بلدات صغيرة في المنطقة. ويظل الجيش الأوكراني في موقف دفاعي منذ فشل هجومه المضاد الكبير الصيف الماضي.

بمناسبة الفصح، نشر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رسالة فيديو من أمام كاتدرائية القديسة صوفيا وسط كييف. وبينما اعتبر أن بلاده تحظى بـ«دعم إلهي في مواجهة الغزو الروسي»، أشار إلى أنه «مع حليف كهذا، ستنتصر الحياة على الموت حتماً». وداخل الكاتدرائية، أقيم معرض لأيقونات دينية رسمت على بقايا ذخائر. أما في روسيا، فلم يتطرّق الرئيس فلاديمير بوتين بشكل مباشر في رسالة الفصح إلى الحرب التي دخلت عامها الثالث، وتعتبرها موسكو «عملية عسكرية خاصة». وفي رسالة إلى رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية المؤيد للحرب في أوكرانيا، شكر بوتين البطريرك كيريل على «تعاونه المثمر في الفترة الصعبة الراهنة، في حين من المهم بالنسبة إلينا أن نوحد جهودنا في ظل النمو الدائم وتعزيز قوة الوطن».

«تجنيد إجباري»

أفاد تقييم استخباراتي صادر عن وزارة الدفاع البريطانية بشأن تطورات الحرب في أوكرانيا، الأحد، بأن المرسوم الذي وقّعه حاكم منطقة زابوريجيا الموالي لروسيا، في 17 من أبريل (نيسان) الماضي، ينصّ على أن روسيا تقوم بتجهيز البنية التحتية والإجراءات اللازمة من أجل التجنيد العسكري في المناطق التي تسيطر عليها روسيا في زابوريجيا، كما نقلت وكالة «الأنباء الألمانية». وأشار التقييم الاستخباراتي اليومي المنشور على منصة «إكس»، إلى أنها ستكون أول حملة تجنيد إجباري تشهدها هذه المنطقة المحتلة بصورة مؤقتة، منذ ضمها غير القانوني من جانب روسيا في سبتمبر (أيلول) 2022. وترى موسكو على الأرجح أن هذا الإجراء هو وسيلة لتلبية احتياج القوات المسلحة الروسية إلى أفراد إضافيين من أجل دعم مجهودها الحربي، بحسب ما ورد في التقييم. وأضاف التقييم أنه من المرجح أن يكون تأثير المرسوم محدوداً، بسبب رحيل نسبة كبيرة من سكان زابوريجيا. وتنشر وزارة الدفاع البريطانية تحديثاً يومياً بشأن الحرب في أوكرانيا، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 من فبراير (شباط) 2022. وتتّهم موسكو لندن بشن حملة تضليل بشأن الحرب.


مسؤولة أممية تدعو ألمانيا للعدول عن قرار منع طبيب فلسطيني بريطاني من دخول أوروبا

الدكتور الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة يتحدث في «مركز الدراسات الفلسطينية» في بيروت ديسمبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)
الدكتور الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة يتحدث في «مركز الدراسات الفلسطينية» في بيروت ديسمبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)
TT

مسؤولة أممية تدعو ألمانيا للعدول عن قرار منع طبيب فلسطيني بريطاني من دخول أوروبا

الدكتور الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة يتحدث في «مركز الدراسات الفلسطينية» في بيروت ديسمبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)
الدكتور الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة يتحدث في «مركز الدراسات الفلسطينية» في بيروت ديسمبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)

دعت فرانشسيكا ألبانيز، المقررة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، ألمانيا، اليوم (الأحد)، إلى العدول عن قرار منع طبيب بريطاني فلسطيني شهد حرب غزة من دخول أوروبا.

وقالت عبر منصة «إكس»: «بوصفي أوروبية أعتذر للدكتور غسان أبو ستة عن حظر دخوله دولاً أوروبية الذي قررته ألمانيا، التي هبطت إلى مستوى جديد في الدفاع عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، والتي كان الطبيب أبو ستة شاهداً عليها مباشرة».

وحثت المقررة الأممية دول أوروبا على الاعتراض على قرار ألمانيا حظر دخول أبو ستة منطقة شنغن، وقالت: «يجب السماح للدكتور أبو ستة بالإدلاء بشهادته الثمينة في كل مكان، وأن يُستقبل بالاحتفاء الذي يستحقه شخص شجاع وصاحب مبادئ»، حسبما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي».

كان أبو ستة، وهو رئيس جامعة غلاسغو، كتب على حسابه على منصة «إكس» أمس السبت: «أنا في مطار شارل ديغول ويمنعونني من دخول فرنسا. من المفترض أن أتحدث أمام مجلس الشيوخ الفرنسي اليوم. يقولون إن الألمان فرضوا حظراً على دخولي أوروبا لمدة عام».

وعمل أبو ستة لمدة 43 يوماً في «مجمع الشفاء» بغزة خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع المستمرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وكان من المفترض أن يشارك في جلسة مجلس الشيوخ الفرنسي بدعوة من عضو المجلس ريموند بونسيه مونغ.

خلال شهري أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أدت منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 34 ألف فلسطيني، عمل أبو ستة من «مستشفى الشفاء» و«الأهلي المعمداني» في غزة. وخلال أيامه الـ43، تحدث عن مشاهدته «مذبحة» في غزة واستخدام ذخائر الفسفور الأبيض، وهو ما نفته إسرائيل. 

وفي أبريل (نيسان) الماضي منعت ألمانيا أبو ستة ووزير المال اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس من دخولها، حيث كان يفترض أن يشاركا في «المؤتمر الفلسطيني» في برلين، الذي أوقفته الشرطة عقب انطلاقه بساعة واحدة.


بوتين يحضر قداس عيد القيامة في موسكو

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
TT

بوتين يحضر قداس عيد القيامة في موسكو

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعشرات آخرون في موسكو قداس عيد القيامة، اليوم (الأحد) الذي أقيم بقيادة رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل، وهو مؤيد قوي للزعيم الروسي والحرب في أوكرانيا.

وأظهر مقطع فيديو للقداس بوتين وهو يقف في الكنيسة الرئيسية بالعاصمة، وهي كاتدرائية «المسيح المخلص»، إلى جانب رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين، وكل منهما يحمل شمعة حمراء مضاءة.

الرئيس الروسي ورئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين خلال القداس (إ.ب.أ)

وأشار الرئيس الروسي برسم علامة الصليب على صدره عدة مرات، خلال القداس الذي بدأ في وقت متأخر من مساء أمس (السبت) واستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد. ولم يُدلِ بوتين بأي كلمات أو تعليقات خلال القداس، سوى متابعة القداس والصلاة.

جانب من قداس عيد الفصح الأرثوذكسي في كاتدرائية «المسيح المخلص» في موسكو (رويترز)

وقد دعم البطريرك كيريل بقوة الحرب في أوكرانيا التي دخلت الآن عامها الثالث. وقُتل عشرات الآلاف ونزح الملايين من منازلهم، منذ أمر بوتين بالغزو في فبراير (شباط) 2022.

رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك كيريل (رويترز)

وذكرت وكالة «تاس» للأنباء أن البطريرك صلى خلال القداس من أجل حماية «الحدود المقدسة» لروسيا، وعبَّر عن أمله في أن يوقف الله «الصراع الداخلي» بين روسيا وأوكرانيا.


بعد خرق أمني... تسريب معلومات حول آلاف الاجتماعات للجيش الألماني

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (أ.ف.ب)
TT

بعد خرق أمني... تسريب معلومات حول آلاف الاجتماعات للجيش الألماني

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (أ.ف.ب)

أفاد موقع «تسايت أونلاين» الألماني، السبت، بأن خرقاً أمنياً معلوماتياً قد أتاح الوصول إلى معلومات تتعلق بانعقاد ما لا يقل عن 6 آلاف اجتماع للجيش الألماني على منصة «ويبيكس» المخصصة للمؤتمرات عبر الفيديو، وذلك بعد شهرين على تسريبات حول اجتماع عسكري سرّي عبر الأداة نفسها.

وخلال بحث أجراه الموقع الإخباري، كان من الممكن الوصول إلى اسم الشخص الذي يوجّه عبر «ويبيكس» دعوات إلى اجتماعات مهمة للجيش الألماني، وإلى معلومات أخرى مثل الوقت والتاريخ.

وذكر الموقع أنه «كان ممكناً العثور على أكثر من 6 آلاف اجتماع عبر الإنترنت»، بعضها مصنّف على أنه سرّي، ويتناول مواضيع بينها على سبيل المثال صواريخ من طراز «تاوروس» الطويلة المدى التي تطالب بها أوكرانيا، أو موضوع «ساحة المعركة الرقمية»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

إضافة إلى ذلك، كان من السهل التعرف إلى غرف الاجتماعات الافتراضية المخصصة لأعضاء الجيش الألماني البالغ عددهم 248 ألفاً، وذلك بفضل التصميم الإلكتروني الضعيف الذي يفتقر حتى إلى الحماية بكلمة مرور.

وأشار الموقع إلى أنه عثر -من بين أمور أخرى- على غرفة الاجتماعات الرقمية الخاصة بقائد القوات الجوية الألمانية إينغو غيرهارتز.

وذُكِر اسم هذا الأخير في مارس (آذار)، عندما سُرِّبت محادثة سرّية بين ضباط رفيعي المستوى في الجيش الألماني، إذ كان غيرهارتز من بين عسكريين يُزعم أنهم لم يستخدموا الخط المشفر المطلوب على «ويبيكس». وتسبب اعتراض أجهزة الاستخبارات الروسية لهذه المحادثة في فضيحة بألمانيا، ما وضع البلاد في موقف محرج أمام حلفائها.

وحسب موقع «تسايت أونلاين»، فإن الجيش الألماني لم يعلم بالاختراق الأمني إلا بعد أسئلة وجّهها صحافيّون.

وأكد متحدث باسم الجيش الألماني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه كانت هناك ثغرة في مواقع «ويبيكس» التابعة للجيش؛ لكن بمجرد التنبه إلى وجودها، تم العمل على تصحيحها في غضون 24 ساعة.


صديق خان يفوز ببلدية لندن في ولاية ثالثة «تاريخية»

خان لدى إلقائه خطاب الفوز بعد إعلان نتائج الانتخابات في 4 مايو (أ.ب)
خان لدى إلقائه خطاب الفوز بعد إعلان نتائج الانتخابات في 4 مايو (أ.ب)
TT

صديق خان يفوز ببلدية لندن في ولاية ثالثة «تاريخية»

خان لدى إلقائه خطاب الفوز بعد إعلان نتائج الانتخابات في 4 مايو (أ.ب)
خان لدى إلقائه خطاب الفوز بعد إعلان نتائج الانتخابات في 4 مايو (أ.ب)

فاز صديق خان، أمس (السبت)، بولاية ثالثة غير مسبوقة رئيساً لبلدية لندن، ليعمّق جراح حزب المحافظين الذي تكبّد خسائر فادحة هي الأسوأ منذ 40 عاماً في انتخابات البلديات والمجالس المحلية.

وتقدّم العمالي خان، في فوزه التاريخي، بأكثر من 10 نقاط على منافسته المحافظة سوزان هول، بعد حصوله على 43.8 في المائة من إجمالي الأصوات.

وتعرّض المحافظون، الذين يتولّون السلطة منذ 14 عاماً في المملكة المتحدة، لأسوأ انتكاسة لهم منذ 4 عقود في الانتخابات التي دُعي فيها الناخبون للتصويت في انتخابات تشريعية فرعية، تزامنت مع اقتراع لتجديد بعض المسؤولين المحليين في إنجلترا وويلز وفي 11 بلدية.

وأظهرت النتائج فوز حزب العمال بأكثر من 180 مقعداً ورئاسة 8 مجالس محلية إضافية، بينما خسر المحافظون نحو 470 مقعداً و10 مجالس محلية على الأقل.

ودافع رئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي يسعى إلى توحيد صفوف المحافظين، عن سياسته، خصوصاً تلك المتعلقة بخطته لترحيل المهاجرين إلى رواندا وخفض الضرائب. وقال إنَّ «حزب العمال لم يفز في الأماكن التي قال إنَّه سيفوز فيها» للحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية المقبلة، مؤكداً، في مقال نُشر في صحيفة «تلغراف»، أنَّ «المحافظين وحدهم لديهم خطة» للبلاد.


هل تمهد تصريحات كاميرون وماكرون لتغيير موقف واشنطن من استهداف الأراضي الروسية؟

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)
TT

هل تمهد تصريحات كاميرون وماكرون لتغيير موقف واشنطن من استهداف الأراضي الروسية؟

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال استقباله وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في كييف الجمعة (إ.ب.أ)

تشير التصريحات الحادة التي أطلقها وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون عن السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة التي تزودها بها بريطانيا داخل الأراضي الروسية، إلى تغيير لافت في المقاربة البريطانية لمستقبل الصراع مع روسيا.

ماكرون خلال إلقاء خطابه بجامعة السوربون التاريخية حيث دعا لبناء دفاع أوروبي قوي في 25 أبريل (إ.ب.أ)

ومع تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستمرة منذ فبراير (شباط) الماضي، وكان آخرها ما قاله عن احتمال التدخل ميدانياً في حال اخترقت روسيا الخطوط الأوكرانية، بدا أن مقاربة أوروبية بدأت تتصاعد تدريجياً، للتحول إلى موقف موحد تجاه روسيا. وهو ما وصفه المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الجمعة، بأنه «يرقى إلى مستوى التصعيد المباشر للتوترات حول الصراع الأوكراني الذي قد يشكل خطراً محتملاً على الأمن الأوروبي والبنية الأمنية الأوروبية برمتها».

وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون يمر أمام آليات عسكرية مدمرة في العاصمة الأوكرانية كييف يوم الخميس (رويترز)

وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، السبت، إن التدريبات العسكرية التي يجريها حلف شمال الأطلسي على مدى 4 أشهر قرب حدود روسيا دليل على أن الحلف يستعد لصراع محتمل معها. ونفت زاخاروفا اتهامات الحلف لروسيا قبل أيام بالتورط في هجمات إلكترونية على الدول الأعضاء به، قائلة إن هذه «معلومات مضللة» تهدف إلى صرف الانتباه عن أنشطة الحلف. وقالت: «تجري في الوقت الحالي أكبر مناورة لحلف شمال الأطلسي منذ الحرب الباردة بالقرب من حدود روسيا. ووفقاً للسيناريو الخاص بهم، يتم التدريب على إجراءات التحالف ضد روسيا باستخدام جميع الأدوات، ومنها الأسلحة الهجينة والتقليدية». وأضافت: «علينا الإقرار بأن حلف شمال الأطلسي يستعد جدياً لصراع محتمل معنا».

ورغم ذلك، لا يزال الأمر منوطاً بالموقف الأميركي، الذي يعد نقطة الارتكاز في تحديد مستقبل هذه الحرب، في ظل امتناع واشنطن حتى الساعة عن إصدار أي موقف علني، سواء من التصريحات البريطانية أو الفرنسية، وتمسكها «العلني» بعدم استهداف روسيا مباشرة.

كاميرون مع نظيره الأوكراني كوليبا في كييف (إ.ب.أ)

رفع القيود البريطانية

وخلال زيارته إلى كييف قبل يومين، قال كاميرون إن بريطانيا كانت أول دولة توقع اتفاقاً يمنح ضمانات أمنية لأوكرانيا، وإنها الآن أول من يقدم ضمانات بحزمة مساعدات بقيمة 3.75 مليار دولار، على مدى سنوات عدة. وأضاف، في مقابلة مع «رويترز»، أن بريطانيا منحت أوكرانيا الإذن بضرب أهداف على الأراضي الروسية بالأسلحة التي تقدمها لها في حزمة المساعدات الجديدة، بقيمة نحو 620 مليون دولار، التي وصلت طلائعها في اليوم نفسه من زيارته لكييف. وأضاف أن المسؤولين الأوكرانيين سيقررون ما إذا كانوا سيستهدفون الأراضي الروسية. وقال: «أوكرانيا لديها هذا الحق... تماماً كما تضرب روسيا داخل أوكرانيا، يمكنك أن تفهم تماماً سبب شعور أوكرانيا بالحاجة إلى التأكد من أنها تدافع عن نفسها».

لكن كاميرون لم يوضح متى اتخذت بريطانيا هذا القرار، أو إذا كانت خطوة منسقة مع باقي الحلفاء، وخصوصاً مع الولايات المتحدة، أو ما إذا كانت القوات الأوكرانية بدأت في استهداف المنشآت الروسية بأسلحة بريطانية.

القادة الأوروبيون في صورة جماعية قبل بدء قمتهم الاستثنائية ببروكسل مساء الأربعاء (رويترز)

وقال بيان، على الموقع الإلكتروني للحكومة البريطانية، إن المعدات العسكرية «ستشمل توفير قنابل دقيقة التوجيه وصواريخ دفاع جوي ومعدات لـ100 فريق دفاع جوي متنقل لتمكين أوكرانيا من إسقاط الطائرات من دون طيار والصواريخ الروسية».

وبعدما كان حلفاء كييف الغربيون، بما في ذلك الولايات المتحدة، يمنعون حتى الآن القوات الأوكرانية من استخدام الأسلحة التي زوّدها بها الغرب لاستهداف مواقع داخل روسيا، خوفاً من التصعيد، وربما الانجرار إلى الصراع، عدّت تصريحات كاميرون تحولاً حاداً في موقف أحد أقوى مؤيدي أوكرانيا. حتى الآن، كانت أوكرانيا لا تزال ملتزمة بهذا «المنع»، لكنها كانت قد بدأت في استخدام أسلحتها الخاصة، وخصوصاً طائراتها المسيرة بعيدة المدى، في ضرب العمق الروسي، بما في ذلك العاصمة موسكو وبعض البنى التحتية الحيوية، كمخازن النفط ومصافي تكريره.

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي في البنتاغون (أ.ب)

وأكدت روسيا، السبت، أنها أسقطت خلال الليل 4 صواريخ من طراز «أتاكمس» (ATACMS)، وهي صواريخ بعيدة المدى أرسلتها الولايات المتحدة مؤخراً إلى أوكرانيا، فوق شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها موسكو في 2014.

مديرة المخابرات الوطنية الأميركية أفريل هاينز خلال شهادتها الخميس أمام الكونغرس (أ.ب)

واشنطن على موقفها العلني

وفي وقت سابق، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة أرسلت إلى أوكرانيا أنظمة صواريخ «أتاكمس» بعيدة المدى، شرط استخدامها «داخل أراضيها»، وكانت جزءاً من حزمة مساعدات أرسلت لأوكرانيا في مارس (آذار). وبعد ساعات من توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن على حزمة المساعدات لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، إن «عدداً كبيراً» من الصواريخ أرسل إلى أوكرانيا، مضيفاً: «سنرسل المزيد». وقال إن أوكرانيا ملتزمة باستخدام هذه الصواريخ داخل أراضيها فقط، وليس في روسيا. ورفضت إدارة بايدن إرسال تلك الصواريخ سابقاً بسبب مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى زيادة تصعيد الصراع مع روسيا.

واشنطن زوّدت كييف بصواريخ «أتاكمس» طويلة المدى (رويترز)

لكن تقارير إخبارية نقلاً عن مسؤولين لم تحدد هويتهم، أشارت إلى أن استخدام روسيا للصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي زوّدتها بها كوريا الشمالية ضد أوكرانيا في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضي، أدى إلى تغيير موقف إدارة بايدن. وأضاف هؤلاء أن استمرار روسيا في استهداف البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا كان أحد العوامل أيضاً.

ومع تصريحات كاميرون جنباً إلى جنب مع تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون، توقعت أوساط أميركية حصول تغييرات كبيرة في موقف واشنطن أيضاً تجاه استهداف الأراضي الروسية. وقال كاميرون إن الأموال ضرورية من أجل «صدّ» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى يكون هناك «سلام عادل» وتستعيد أوكرانيا «سيادتها». وأضاف أن هذا ليس مجرد استثمار في أمن أوكرانيا، ولكنه «أفضل استثمار ممكن» يمكن أن تقوم به بريطانيا في أمنها وازدهارها. وحذّر كاميرون من أن «هناك سيناريو بديلاً يتمثل في عدم دعم أوكرانيا بما فيه الكفاية، حيث يحقق بوتين فوزاً... سنعيش بعده في عالم غير آمن وغير مؤكد وخطير للغاية، وسيكلفنا ذلك بطرق كثيرة».

وفي مقابلة مع مجلة «الإيكونوميست»، نشرت الخميس، قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن السؤال سيطرح إذا اخترقت روسيا الخطوط الأمامية ووجّهت كييف نداء. وأضاف: «لا أستبعد أي شيء، لأننا أمام من لا يستبعد أي شيء». وقال: «إذا اخترق الروس الخطوط الأمامية، وإذا كان هناك طلب أوكراني - وهو ليس الحال اليوم - فيجب علينا أن نطرح هذا السؤال على أنفسنا بشكل مشروع». ورداً على سؤال عما إذا كان يعتقد أن الحلفاء قد يشاركونه وجهة نظره في نهاية المطاف، قال ماكرون إنه قد يتعين عليهم جميعاً مواجهة هذا الاحتمال «إذا قررت روسيا الذهاب إلى أبعد من ذلك»، ما يهدد الأمن في أوروبا. وقبل كل شيء، قال إنها مسألة «مصداقية وردع» أن نقول لروسيا: «لا تعتقدي أننا سنتوقف هنا إذا لم تتوقفي أنت».

إنهاء الحرب بشروط أوكرانيا

من جهة أخرى، يقول تقرير في مجلة «فورين أفيرز»، إنه على الرغم من أهمية حزمة المساعدات الأميركية الأخيرة بقيمة 61 مليار دولار، في توفير شريان حياة لكييف، فإنها وحدها لن تحل المشكلات الكبرى التي تواجهها أوكرانيا في حربها مع روسيا. فإنهاء الحرب بشروط مواتية لأوكرانيا سيتطلب أكثر من مجرد خط أنابيب جديد من المعدات.

ويضيف التقرير أنه على الرغم من مرور أكثر من عامين على غزو روسيا واسع النطاق لأوكرانيا، ظلّ هدفها في الحرب دون تغيير: سعى الكرملين إلى إخضاع كييف. وكان الدعم غير المستمر والتأخير السياسي بين شركاء أوكرانيا الدوليين سببين في جعل الهدف الروسي مستمراً.

منظومة «باتريوت» المضادة للطيران التي زُوِّدت بها أوكرانيا لتعطيل فاعلية الطيران الروسي (د.ب.أ)

وإذا كان لأوكرانيا أن تتمكن من منع النصر الروسي في الأمد الأبعد، فسوف تحتاج إلى استراتيجية شاملة. وهذا يعني تدريب وتجهيز وتعبئة قوات جديدة، وتحويل أوكرانيا إلى موقع يتمتع بالقدر الكافي من القوة، حتى تتمكن من تحديد معايير السلام الدائم، بشروطها الخاصة. ويعني ذلك، إقناع الكرملين بأن مواصلة الحرب سوف تصبح محفوفة بالأخطار على نحو متزايد بالنسبة لروسيا مع مرور الوقت.

ويرى تقرير «فورين أفيرز» أنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين أن يدركوا أن مساعدة أوكرانيا على صدّ الهجمات الروسية لا تعني وضع أوكرانيا في موقف تفاوضي قوي فقط. ولكي تتفاوض موسكو حقاً، يجب أن تواجه وضعاً يشكل فيه تمديد الصراع تهديداً غير مقبول لها. وعندها فقط سوف تتمكن أوكرانيا من انتزاع تنازلات ذات معنى. إن تجهيز أوكرانيا لتكون قادرة على الإضرار بالأصول الروسية أو تدمير هيبتها هو أمر يصبّ بقوة في مصلحة حلف شمال الأطلسي. ومن المرجح أن يكون للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النفطية في روسيا تأثير أكبر. ورغم وجود أسباب وجيهة تجعل الغرب يتجنب تقديم المساعدة المباشرة لمثل هذه الهجمات، فإن هذا لا يعني أن أوكرانيا لا ينبغي لها أن تشنّ مثل هذه الهجمات.


فوز رئيس بلدية لندن صادق خان بولاية ثالثة 

رئيس بلدية لندن العمّالي صادق خان وزوجته خارج مركز اقتراع في لندن (رويترز)
رئيس بلدية لندن العمّالي صادق خان وزوجته خارج مركز اقتراع في لندن (رويترز)
TT

فوز رئيس بلدية لندن صادق خان بولاية ثالثة 

رئيس بلدية لندن العمّالي صادق خان وزوجته خارج مركز اقتراع في لندن (رويترز)
رئيس بلدية لندن العمّالي صادق خان وزوجته خارج مركز اقتراع في لندن (رويترز)

فاز رئيس بلدية لندن العمّالي صادق خان، السبت، بولاية ثالثة، متفوّقاً بفارق كبير على منافسته المحافظة سوزان هول، بعد إعلان كل مناطق العاصمة نتائجها في الانتخابات المحلية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأصبح خان (53 عاماً)، وهو ابن مهاجرَين باكستانيَين وأول رئيس بلدية مسلم لعاصمة غربية، أول زعيم للندن يحصل على 3 ولايات منذ إنشاء هذا المنصب في العام 2000.

وجرى انتخاب خان لأول مرة عمدةً للعاصمة في عام 2016 في انتصار ساحق كسر خلاله سيطرة المحافظين على منصب عمدة المدينة التي استمرت 8 سنوات.