التلفزيونات الذكية تتجسس لمصلحة الشركات

تقنيات التعرف الأوتوماتيكي على المحتوى تحقق لها الأرباح

التلفزيونات الذكية تتجسس لمصلحة الشركات
TT

التلفزيونات الذكية تتجسس لمصلحة الشركات

التلفزيونات الذكية تتجسس لمصلحة الشركات

لنحيي سوياً شجاعة بيل باكستر، مسؤول التقنية التنفيذي في شركة «فيزيو» الأميركية، الذي قدّم مؤخراً شرحاً صريحاً عن سبب هبوط أسعار التلفزيونات الذكية، وحتى المتفوقة منها، إذ اعترف في حديث أجراه مع موقع «ذا فيرج» بأن «فيزيو» تستطيع مراقبة كلّ ما يشاهده المستخدمون، ومن ثمّ تخفي مصدر هذه البيانات وتبيعها لجهات التسويق أو تستخدمها في عرض الإعلانات المستهدِفة. وتساعد هذه الوسائل، إلى جانب إيجارات الأفلام المؤقتة أو شراء البرامج التلفزيونية «فيزيو» على الاستمرار في تحقيق الأرباح لفترة طويلة بعد بيع الجهاز.
وقد تلقّت «فيزيو» نفسها صفعة قوية من هيئة التجارة الفيدرالية بعد تغريمها قبل عامين بسبب إخفائها ممارساتها الخاصة في جمع البيانات، حتى إنّها لا تزال تواجه دعوى قضائية بسبب هذه المسألة.
لا توجد حتى اليوم نقاشات واضحة حول المقايضات التي تجري لبيع بيانات المستخدمين وغياب المحاسبة. إلا أنّ ما حصل مع «فيزيو» كان عبارة عن فضيحة سريعة سببتها موجة من المقالات الصحافية التي كشفت في عناوينها أن الشركة تتجسس على الناس، لتتوالى بعدها النقاشات المخيفة المعتادة: لا يمكن الوثوق بصانعي التلفزيونات الذين يستخدمون برامج إلكترونية في منتجاتهم... التلفزيونات الذكية هي عبارة عن أجهزة تجسس.
هذه الادعاءات ليست جميعها خاطئة، ولكنّها تفتقر إلى الفرصة التي قد تساعد الأشخاص المهووسين بالخصوصية على التحكّم بالتلفزيون الذكي وخدمات العرض. كما أنّها تتجاهل حقيقة مرّة مفادها أنّ المرحلة التي بلغتها التلفزيونات اليوم أفضل بكثير من الخيار البديل، أي عودة الناس إلى التلفزيونات التقليدية غير الذكية.
- «التلفزيون الجاسوس»
> تقنية تعقّب المشاهدين. إنّ أكثر العوامل المزعزعة للثقة في التلفزيونات الذكية الحديثة هي تقنية تعرف باسم «التعرّف الأوتوماتيكي على المحتوى» أو ACR، التي تعمل كمحقق يجمع البصمات. يلتقط الجهاز صورة لما تضمّه الشاشة من بيكسلات، ثمّ يطابقها مع قاعدة بيانات للبرامج المتلفزة لمعرفة ما تشاهدونه. إنّ معظم أجهزة التلفاز المتوفرة اليوم في الأسواق تستخدم هذه التقنية القادرة على التعامل مع أي شيء يعرض على الشاشة، ومن بينها الفيديوهات المستوردة من أجهزة بث كابلات خارجية غير متصلة بالإنترنت.
ولكنّ هذه التقنية يمكن استخدامها لغايات مفيدة أيضاً. إذ تستخدمها التلفزيونات من شركات كـ«تي.سي.إل»، و«شارب» المدعومة بجهاز «روكو»، للعثور على حلقات لبرنامج تشاهدونه عبر هوائي أو جهاز بث كابل. ولكنّ في معظم الأحيان، يستخدم صانعو أجهزة التلفاز الـACR»» للاستفادة من عادات المشاهدة لدى المستخدم، سواء في توجيه الإعلانات أو بيع بيانات مجهولة المصدر لجهات التسويق. بدورها، بادرت شركة «نيلسن» المتخصصة في البيانات والمقاييس إلى ابتكار طريقة لاستبدال إعلانات مستهدِفة من الإنترنت بإعلانات الكابل التجارية.
قد يبدو لكم هذا الأمر مخيفاً، ولكنّه سهل الإبطال. وهناك دليل ممتاز من صحيفة «نيويورك تايمز» مع الصور يعلّمكم كيف تبطلون عمل تقنية ACR في جميع تلفزيونات العلامات التجارية البارزة. وبمبادرة استباقية منكم، يمكنكم فصل جهازكم عن الواي - فاي، ما سيحوّل إلى تلفاز تقليدي.
ولكنّ تعطيل تقنية ACR ليست العلاج الشافي، ولا حتى إيقاف عمل الواي - فاي واستخدام جهاز بثّ آخر. اقرأوا سياسة روكو للخصوصية، وستلاحظون فوراً وجود طرق كثيرة أخرى يمكن من خلالها مراقبة سلوككم عبر برنامج التلفاز الذكي وأجهزة البثّ وتحويل بياناته إلى أرباح مالية.
تستطيع «روكو» التعرّف إلى عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بكم (وبالطبع، ستحدد موقعكم)، وأيضاً ما الأجهزة المتصلة بالشبكة، بالإضافة إلى التطبيقات التي تستخدمونها وما الذي تبحثون عنه بين منتجاتها. بعدها، تعمد الشركة إلى دمج هذه المعلومات مع بيانات أخرى، كنشاطات التصفّح على أجهزة أخرى عبر ملفات تعريف الارتباط مثلاً، لتحسين إعلاناتها المستهدفة.
- مراقبة الشركات
روكو ليست وحيدة في هذا المجال، إذ تجمع أمازون المعلومات حول نشاط المستخدمين الإلكتروني وتراقب استخدامهم لمنتجات كـ«برايم فيديو»، لتستخدم هذه البيانات بعدها في الإعلانات. تعمل «غوغل» بدورها في التنقيب عن نشاطكم على الشبكة، وتعتمد على منتجات كـ«كومكاست»، لتشغيل آلة إعلاناتها. أمّا «آبل»، فتحترم خصوصية مستخدميها أكثر من الشركات الأخرى، فهي لا تتعقّب مثلاً نشاطكم التصفّحي، حتى إنّها تمنع البعض من القيام بذلك، ولكنّها في المقابل تجمع معلومات عن كيفية استخدامكم لتلفاز «آبل» وغيره من المنتجات لتوجيه الإعلانات المستهدفة. وهذا النوع من التعقّب، الذي يتجاوز جهاز التلفزيون نفسه بكثير، مقلق أكثر من التعرّف الأوتوماتيكي على المحتوى.
هنا أيضاً يمكنكم الحدّ من جمع البيانات، ولكن لا يمكنكم منعه بالكامل، حيث إن التطبيقات الفردية تملك طرقها الخاصة لقياس الاستخدام، ويمكنها حتى أن تربط البيانات حول نشاطكم عبر الإنترنت بخدمة الإعلانات المستهدِفة. إنّ غياب القوانين الصارمة واستخدام الإنترنت في حدّ ذاته، بالإضافة إلى خدمات البثّ عبر التلفاز، عبارة عن منجم للتنقيب عن الخصوصية.
من هنا، قد تشعرون أنّ خدمات البثّ المتلفز تشكّل مصدراً للمخاطر وتقررون العودة إلى خدمة الكابل. ولكن عندها، سيتضح لكم أنّ شركات الكابل حتى يمكنها جمع المعلومات حول عادات المشاهدة وبيع البيانات للمعلنين. منذ بداية عام 2017، لم تعد شركات الكابل تحتاج للحصول على الإذن لتعقّب عاداتكم في استخدام الإنترنت، التي يمكن استخدامها عمداً لمزيد من الاستهداف.
- فوائد ونقائص
يمكنكم على سبيل المثال أن توقفوا تشغيل تقنية ACR، ولكنكم عندها قد تفوّتون الخدمات المفيدة لهذه التقنية، كميزة «طرق إضافية للمشاهدة» في روكو. يمكنكم أيضاً أن تفصلوا تلفازكم عن الإنترنت ولكنّكم حينها ستحتاجون إلى قضاء المزيد من الوقت على أجهزة البثّ التي لا تخلو من مشكلات الخصوصية الخاصة بها. يمكنكم أيضاً أن تقرروا استخدام خدمات خالية من الإعلانات كنتفليكس، ولكن عندها ستنقطعون عن أنواع معينة من المحتوى المدعوم بالإعلانات (كالأخبار المباشرة والرياضة) التي قد ترغبون بمشاهدتها.
ومن الخيارات المتاحة لكم أيضاً حصر نشاطكم بمنتجات «آبل» ومبدئها القائم على أنّ «الخصوصية هي حقّ أساسي من حقوق الإنسان»، ولكنّكم حينها ستدفعون 130 دولاراً إضافية للحصول على أجهزة بثّ فعالة من شركات أخرى. وتجدر الإشارة إلى أنّ اللجوء إلى جهاز كـ«بي - هول» لحجب الإعلانات عن شبكة منزلكم بالكامل سيفرض عليكم مبالغ وتعقيدات إضافية. وأخيراً، يبقى لكم أن تقرروا الطريقة الأمثل للحفاظ على خصوصيتكم.
إن الإيجابيات التي تقدمها لكم التلفزيونات الذكية والبرامج التي تتيح جمع البيانات، تفوق سلبياتها بكثير. وحتى لو عمدتم إلى تعطيل ميزات الإنترنت في تلفازكم بالكامل، فستنتفعون من مساهمتها في خفض كلفة الجهاز.



مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
TT

مصر تُكرّم فنانيها الراحلين بالعام الماضي عبر «يوم الثقافة»

مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية
مصطفى فهمي في لقطة من أحد أعماله الدرامية

في سابقة جديدة، تسعى من خلالها وزارة الثقافة المصرية إلى تكريس «تقدير رموز مصر الإبداعية» ستُطلق النسخة الأولى من «يوم الثقافة»، التي من المقرر أن تشهد احتفاءً خاصاً بالفنانين المصريين الذي رحلوا عن عالمنا خلال العام الماضي.

ووفق وزارة الثقافة المصرية، فإن الاحتفالية ستُقام، مساء الأربعاء المقبل، على المسرح الكبير في دار الأوبرا، من إخراج الفنان خالد جلال، وتتضمّن تكريم أسماء عددٍ من الرموز الفنية والثقافية الراحلة خلال 2024، التي أثرت الساحة المصرية بأعمالها الخالدة، من بينهم الفنان حسن يوسف، والفنان مصطفى فهمي، والكاتب والمخرج بشير الديك، والفنان أحمد عدوية، والفنان نبيل الحلفاوي، والشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، والفنان صلاح السعدني، والفنان التشكيلي حلمي التوني.

أحمد عدوية (حساب نجله محمد في فيسبوك)

وقال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري في تصريحات الأحد، إن الاحتفال بيوم الثقافة جاء ليكون مناسبة وطنية تكرم صُنّاع الهوية الثقافية المصرية، مشيراً إلى أن «هذا اليوم سيُعبِّر عن الثقافة بمعناها الأوسع والأشمل».

وأوضح الوزير أن «اختيار النقابات الفنية ولجان المجلس الأعلى للثقافة للمكرمين تم بناءً على مسيرتهم المميزة وإسهاماتهم في ترسيخ الهوية الفكرية والإبداعية لمصر». كما أشار إلى أن الدولة المصرية تهدف إلى أن يُصبح يوم الثقافة تقليداً سنوياً يُبرز إنجازات المتميزين من أبناء الوطن، ويحتفي بالرموز الفكرية والإبداعية التي تركت أثراً عظيماً في تاريخ الثقافة المصرية.

وفي شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، رحل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، عن عمر ناهز 81 عاماً، وقدم الفنان الراحل المولود في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943 أكثر من 200 عمل فني.

صلاح السعدني (أرشيفية)

كما ودّعت مصر في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2024 كذلك الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري، فقد تميَّز التوني الحاصل على جوائز عربية وعالمية عدّة، بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي عدّه «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وفي وقت لاحق من العام نفسه، غيّب الموت الفنان المصري حسن يوسف الذي كان أحد أبرز الوجوه السينمائية في حقبتي الستينات والسبعينات عن عمر ناهز 90 عاماً. وبدأ يوسف المُلقب بـ«الولد الشقي» والمولود في القاهرة عام 1934، مشواره الفني من «المسرح القومي» ومنه إلى السينما التي قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال من بينها «الخطايا»، و«الباب المفتوح»، و«للرجال فقط»، و«الشياطين الثلاثة»، و«مطلوب أرملة»، و«شاطئ المرح»، و«السيرك»، و«الزواج على الطريقة الحديثة»، و«فتاة الاستعراض»، و«7 أيام في الجنة»، و«كفاني يا قلب».

الفنان حسن يوسف وزوجته شمس البارودي (صفحة شمس على فيسبوك)

وعقب وفاة حسن يوسف بساعات رحل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً بعد صراع مع المرض.

وجدّدت وفاة الفنان نبيل الحلفاوي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الحزن في الوسط الفني، فقد رحل بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

وطوى عام 2024 صفحته الأخيرة برحيل الكاتب والمخرج بشير الديك، إثر صراع مع المرض شهدته أيامه الأخيرة، بالإضافة إلى رحيل «أيقونة» الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية، قبيل نهاية العام.