خبراء يبحثون تأثير «الاتصال الحكومي» في مستقبل تنمية الدول

منى المري: يعد رابطاً حيوياً بين الحكومات ومجتمعاتهم

المري خلال منتدى مستقبل الاتصال الحكومي المنعقد ضمن القمة العالمية للحكومات
المري خلال منتدى مستقبل الاتصال الحكومي المنعقد ضمن القمة العالمية للحكومات
TT

خبراء يبحثون تأثير «الاتصال الحكومي» في مستقبل تنمية الدول

المري خلال منتدى مستقبل الاتصال الحكومي المنعقد ضمن القمة العالمية للحكومات
المري خلال منتدى مستقبل الاتصال الحكومي المنعقد ضمن القمة العالمية للحكومات

قالت منى المري، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي رئيسة منتدى مستقبل الاتصال الحكومي، إن الاتصال كان دائماً إحدى الركائز المهمة في مجال العمل الحكومي، سواء على مستوى الاتصال الداخلي في متن الأجهزة الحكومية ذاتها أو الاتصال الذي يربط الحكومات بشعوبها وجميع الأطراف المعنية بها، على مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية.
وأشارت المري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه من دون الاتصال، تفقد الحكومات القدرة على التأثير، كون الاتصال الحكومي هو الرابط الذي يجمع بين الحكومات من جهة، والجمهور من جهة أخرى، حيث تكمن أهمية الاتصال الحكومي في المقام الأول في أثره في رفع مستوى وعي المجتمعات بما يجرى على الأرض من جهود التطوير والتنمية في مختلف المجالات، وتنبع تلك الأهمية من احتياج طرفي عملية الاتصال لهذه الرابطة، إذ يعين الاتصال الفعال الحكومات على التعرف على تطلعات شعوبها واحتياجاتها وآرائها في ما تقوم به الحكومة.
وأكدت على هامش انعقاد منتدى مستقبل الاتصال الحكومي ضمن القمة العالمية للحكومات أن الاتصال الحكومي الناجح يعد محرك دفع يسهم بصورة غير مباشرة في استنهاض الطاقات، وحفز الهمم، ورفع مستوى وعي الناس، وإشراكهم في المجتمع بصورة إيجابية فعالة.
وقالت: «يمثل الإعلام إحدى الحلقات المهمة في مضمار الاتصال الحكومي، كونه أحد أهم جسور التواصل التي لا تكتمل من دونها جهود الاتصال الحكومي».
وشددت على أن الاتصال الحكومي الفعال يسهم في نشر الرسائل الأساسية للحكومات، التي تكفل تعريف الجمهور بالأهداف الاستراتيجية للحكومات، وما يتبعها من خطط تعكف على تنفيذها، وتطلعهم على تطورات تلك المشاريع وثمارها وتأثيرها على حياتهم ومستقبلهم، ويبقى نجاح الاتصال الحكومي في مدى تأثيره الإيجابي في الناس، وتحفيزهم على المشاركة في عملية التطوير والتنمية، ضمن أدوار ومساحات مختلفة ومتباينة في الحجم والمدى، كل وفق مكانه في الخريطة المجتمعية.
وأضافت: «لم تعد جهود التنمية مرتبطة بالحكومات فحسب، وإن كان الجانب الأكبر من المسؤولية ملقى على عاتقها، إلا أن مشاركة المجتمع باتت حتمية في إنجاح تلك الجهود، ومن ثم فإن الأهداف التي تضعها الحكومة، ويشارك في تنفيذها المجتمع، سواء القطاع الخاص أو على مستوى المجتمع المدني، من أفراد وجمعيات أهلية، بالطبع سيكون لها أثرها في تعزيز أداء الحكومة، ومنحها مساحة أكبر للتركيز على المزيد من المشاريع والأفكار التي تصب في مصلحة المجتمع وأفراده».
وزادت: «علاوة على أن الاتصال الفعال يسهم في تفادي المساحات الضبابية التي قد تنجم عن عدم وضوح الرؤية، والتي تؤدي بدورها إلى عرقلة جهود الحكومات، وتعطيل دولاب العمل، وتفويت الفرص، وهو ما يمكن تفاديه بسهولة إذا ما اكتملت أركان الاتصال الفعال القائم على الرسالة الواضحة والأهداف المحددة والرؤية المكتملة والوسيلة الفعالة لتوصيل الرسالة إلى الناس والعكس، بتوصيل انطباعات المجتمع وآرائه وأفكاره للحكومات، ما يعينها على تصويب مسارها باستمرار بمرونة تواكب التطلعات وتلبي الاحتياجات وتفي بأغراض التنمية».
وحول التحديات التي تواجه مفهوم الاتصال الحكومي، قالت المري: «شهد العالم على مدار العقدين الماضيين كثيراً من التحولات والتغيرات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية، وكذلك التقنية، التي ساهمت بشكل كبير في تغيير وجه العالم، وتبديل كثير من المفاهيم والقيم والأسس التي تقوم عليها حياة الناس، وكان لتلك التحولات والمتغيرات كذلك عظيم الأثر تحديداً في مجال الاتصال، لا سيما مع التطور التكنولوجي الهائل، وما صاحبه من ظهور تقنيات ومنصات حديثة أشعلت ثورة في مجال الاتصال، وتبدلت معها مفاهيمه وقواعده وأطره التي عهدها الناس لسنين طويلة».
وتضمن منتدى مستقبل الاتصال الحكومي 4 جلسات متخصصة، موزعة على الأيام الثلاثة للقمة العالمية للحكومات، حيث يستضيف مجموعة من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، والخبراء التقنيين والقيادات الإعلامية، من داخل وخارج الدولة، ويناقش آفاق تطوير الاتصال الحكومي من منطلقات عدة وعبر زوايا مختلفة للإجابة عن تساؤلات لوضع خطوط عريضة للتصورات الخاصة بمشهد الاتصال الحكومي في المستقبل القريب.
وجاءت الجلسة الأولى حول منظومة تطوير الاتصال من منظور حكومي من خلال عدد من وزراء الإعلام العرب، لتقديم قراءة في مستقبل الإعلام الحكومي، في ضوء المعطيات الراهنة والمتغيرات المحيطة، بما فيها التطور التكنولوجي الكبير، ومدى قدرة الحكومات على تبني ما قدمته التكنولوجيا من حلول وتقنيات وأدوات ساهمت في تغيير استراتيجيات الاتصال، فيما تتناول الجلسة الثانية علاقة التطور التكنولوجي بالاتصال، وأثر المنصات الجديدة والتكنولوجيا المتطورة في تبديل المعايير التقليدية للاتصال، في حين تطرح ثالثة جلسات المنتدى موضوع الاتصال الحكومي من زاوية خاصة، وهي القدرة على التعاطي الفعال مع الأزمات، والدروس المستفادة من عدد من التجارب السابقة في هذا المجال، في الوقت الذي ستكون فيه رابعة جلساته ورشة عمل تشارك فيها نخبة من قيادات الإعلام الإماراتي والعربي والعالمي لمناقشة مستقبل تطوير العمل الإعلامي، والعلاقة التي تربط الإعلام بالحكومات، مع استعراض التجربة الإماراتية المتميزة في هذا الخصوص، التي تقوم في جوهرها على مبدأ الشراكة نحو النجاح.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.