هدوء في غزة.. ومواجهات تندلع في نابلس والقدس

«القسام» وإسرائيل تتبادلان شن الهجمات الصاروخية قبل دقائق من انطلاق الهدنة

فلسطينيتان تنتحبان خلال جنازة قريبهما أمس الذي كان قضى بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيتان تنتحبان خلال جنازة قريبهما أمس الذي كان قضى بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
TT

هدوء في غزة.. ومواجهات تندلع في نابلس والقدس

فلسطينيتان تنتحبان خلال جنازة قريبهما أمس الذي كان قضى بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيتان تنتحبان خلال جنازة قريبهما أمس الذي كان قضى بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)

في حين صمدت التهدئة المعلنة في قطاع غزة في يومها الأول، أمس، ولم تسجل أي خروقات من قبل الفلسطينيين أو الإسرائيليين، قتل الجيش الإسرائيلي في نابلس شمال الضفة الغربية ناشطا فلسطينيا بعد اشتباكات عنيفة أدت إلى إصابات في صفوف الفلسطينيين وجنود إسرائيليين. وقالت حركة فتح إن زكريا الأقرع، أحد عناصر «كتائب الأقصى» التابعة للحركة، قضى في اشتباك مسلح في نابلس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل «مخربا فلسطينيا كان ضالعا في اعتداءات إطلاق نار استهدفت قوات الجيش». وأضاف مصدر عسكري إسرائيلي: «جرت تصفية المخرب زكريا موسى داود الأقرع في اشتباك مسلح استغرق عدة ساعات بعد أن حاصرت قوات من جيش الدفاع منزل شقيقه حيث كان يتستر». وتابع: «قوات من الهندسة هدمت أجزاء من المنزل بعد أن أطلق المطلوب الفلسطيني النار باتجاه أفراد القوة مما أدى إلى إصابة اثنين منهم بجروح».
وانتهى الاشتباك بإطلاق قذائف صاروخية تجاه المنزل الذي كان يتحصن فيه الأقرع ما أدى إلى مقتله على الفور. وخلف الاشتباك عددا من المصابين في الجانبين، وقالت مصادر طبية فلسطينية إن 11 فلسطينيا أصيبوا بجراح أحدهم في حالة الخطر جراء الاشتباك.
ويعد هذا الاشتباك الأول بين مسلح فلسطيني وقوات الجيش الإسرائيلي منذ شهور طويلة. وتشهد الضفة توترا كبيرا منذ فقدت آثار ثلاثة مستوطنين قبل شهرين في الخليل جنوب الضفة الغربية، ووجدت جثثهم لاحقا، وزاد التوتر وتحول إلى اشتباكات يومية في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة التي انطلقت في 8 يوليو (تموز) الماضي. وقتل الإسرائيليون على مدار الشهرين الماضيين عددا من الناشطين الفلسطينيين في الضفة وأصابوا واعتقلوا آخرين.
وتركزت كثير من المواجهات في القدس، واشتبك فلسطينيون مع الشرطة الإسرائيلية أمس خارج بوابات المسجد الأقصى بعدما منعت مصلين من دخوله.
وقال مصلون إن الشرطة الإسرائيلية واصلت إغلاق العديد من بوابات المسجد الأقصى الرئيسة أمام المواطنين الفلسطينيين من سكان القدس وخارجها، وسمحت فقط لكبار السن ممن تزيد أعمارهم على الخمسين عاما بدخول المسجد، في حين سهلت دخول المستوطنين اليهود وأفواج السياح الأجانب لساحات الأقصى الخارجية.
وفي غزة، استغل سكان القطاع الهدوء وخرجوا لالتقاط الأنفاس والحصول على احتياجاتهم وإنجاز بعض الأعمال. وشوهد الأهالي وهم يقبلون بشكل لافت على شاطئ غزة وفي المتنزهات والمطاعم بعد 35 يوما تحت القصف ووسط الدمار.
وعلى الرغم من سريان مفعول الهدنة، التي توسطت فيها مصر، في مسعى للتوصل إلى اتفاق دائم لوقف النار، فإن الجيش الإسرائيلي أبقى على خياراته قائمة.
وقال مصدر عسكري كبير أمس إن قوات الجيش لا تزال في حالة التأهب تمهيدا لاجتياح قطاع غزة مجددا في حال انهيار وقف إطلاق النار الحالي. وأضاف: «هذه القوات على أتم الجهوزية لتنفيذ المهام التي ستكلف بها».
ونوه المصدر بأن المعركة العسكرية الحالية أثبتت ضرورة تزويد القوات المدرعة بالأجهزة المتقدمة المضادة للقذائف والصواريخ.
من جانبها، أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس أنها نفذت هجمات صاروخية على المدن الإسرائيلية بينها مدينة تل أبيب قبيل دخول هدنة الـ72 ساعة حيز التنفيذ. وقالت في بيان: «ردا على جرائم الاحتلال بحق المدنيين وقصف المساجد والمنازل، كتائب القسام تقصف (في الساعة 23:55 قبل منتصف الليل حسب التوقيت المحلي) تل أبيب وعددا من المدن والمغتصبات (المستوطنات) الصهيونية برشقات من الصواريخ». وأضاف البيان أن القسام «قصفت تل أبيب بصاروخ من نوع (إم 75) وكريات ملاخي بثلاثة صواريخ (غراد)».
كما شن الطيران الحربي الإسرائيلي قبل دقائق من دخول التهدئة حيز التنفيذ سلسلة غارات جوية على مناطق مختلفة في قطاع غزة وترافقت هذه الغارات مع القصف المدفعي أيضا.
وتوفيت أمس طفلة رضيعة في غزة متأثرة بجراح أصيبت بها قبل أيام. وقالت طبيبة في مستشفى الشفاء إن الرضيعة ميداء محمد أصلان (شهران) قضت متأثرة بشظايا القصف. ولاحقا أعلن في القاهرة عن وفاة الجريح محمد الرومي متأثرا بجراح أصيب بها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ورفع ذلك حصيلة الضحايا في غزة إلى 1941 و9886 جريحا. وقالت وزارة الصحة إن غالبية الضحايا من الأطفال والنساء. ونشرت الوزارة إحصائية جاء فيها أن «من بين الشهداء يوجد 468 طفلا و243 امرأة و87 مسنا، كما أن من بين الجرحى 3009 أطفال، و1912 امرأة، و359 مسنا».
وفي الوقت الذي فتحت فيه مصر معبر رفح أمس وسمحت بخروج حافلات تقل مسافرين من غزة، فتحت إسرائيل معبر كرم أبو سالم وسمحت بإدخال شاحنات مساعدات. وشوهدت حافلات تغادر غزة عبر معبر رفح باتجاه مصر كما شوهدت شاحنات مساعدات تدخل من معبر كرم أبو سالم إلى غزة. وخفف فتح المعبرين الضغط الكبير عن غزة بعدما تمكن محاصرون من مغادرة القطاع، واستقبلت الهيئات المختصة مزيدا من المساعدات التي مكنتهم من دعم المحتاجين والمنكوبين.
من جهته، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في وقت متأخر من مساء أول من أمس بالوقف الجديد لإطلاق النار لمدة 72 ساعة بين إسرائيل وحماس وحث الطرفين على العمل من أجل هدنة أطول.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن بان أعرب عن «أمله الكبير بأن يعطي هذا الأمر للطرفين وبرعاية مصر فرصة أخرى للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم من أجل مصلحة المدنيين، وأن يكون نقطة انطلاق للطرفين كي يعبرا عن مطالبهما». وأضاف أن بان «مستمر في حض المتنازعين على العمل بشكل بناء على هذا الخط، وعلى تحاشي تصعيد من شأنه أن يؤدي للعودة إلى العنف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.