روسيا تواصل الهروب من السندات الأميركية وتعزيز مدخرات «صندوق الرفاه»

المركزي متفائل بنتائج النمو والأجور في 2018

البنك المركزي الروسي (رويترز)
البنك المركزي الروسي (رويترز)
TT

روسيا تواصل الهروب من السندات الأميركية وتعزيز مدخرات «صندوق الرفاه»

البنك المركزي الروسي (رويترز)
البنك المركزي الروسي (رويترز)

تواصل روسيا العمل على التقليل من مخاطر العقوبات الأميركية، وتأثير الارتباط بالدولار على الاقتصاد الوطني، وفي هذا السياق قلصت مجددا استثماراتها في سندات الخزانة الأميركية، بينما يستمر المركزي الروسي في تخصيص فائض العائدات النفطية لشراء العملات الصعبة يوميا من السوق المحلية لصالح وزارة المالية، التي تدخر بدورها تلك الأموال في صندوق الرفاه الوطني، باعتباره وسادة أمان لمواجهة الأزمات، بما في ذلك تلك التي قد تتسبب بها أي عقوبات أميركية جديدة أكثر تشدداً.
وفي غضون ذلك، كشف البنك المركزي الروسي يوم أمس عن تراجع نحو 20 في المائة على حجم الأموال التي هربها العملاء من البنوك الروسية إلى الأجنبية خلال الفترة الماضية. وتوقع أن يكون معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018 عند الحد الأعلى من التوقعات، وقال إن الحد الأدنى من الأجور نما العام الماضي بنسبة 4.6 في المائة.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن حجم الاستثمارات الروسية في السندات الأميركية تراجع حتى 12.81 مليار دولار، بعد أن قلصت روسيا تلك الاستثمارات خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 بقدر 1.8 مليار دولار. وأوضحت الوزارة أن الاستثمارات الروسية موزعة حاليا ما بين 3.75 مليار دولار في السندات طويلة الأجل، و9.06 مليار دولار في السندات الأميركية قصيرة الأجل. ووصفت الوزارة هذا التقليص بأنه الأكبر منذ عدة أشهر، وتحديداً منذ شهر مارس (آذار) العام الماضي، حين تخلصت روسيا دفعة واحدة من سندات أميركية بقيمة 80 مليار دولار أميركي، وخرجت بذلك من قائمة أكبر 30 مستثمرا في تلك السندات. وجاءت تلك الخطوة على خلفية تصاعد المخاوف من عقوبات أميركية جديدة، ودعوات أطلقها مسؤولون روس للحد من الارتباط بالدولار، بصفته أداة تأثير أميركية على الاقتصاد الروسي عبر العقوبات.
في سياق متصل، وبغية توفير «وسادة أمان» للاقتصاد الروسي، بحال تراجعت أسعار النفط مجدداً، أو فرضت الولايات المتحدة عقوبات خطيرة ضد روسيا، ولمواجهة أي أزمة اقتصادية بغض النظر عن أسبابها، واصل المركزي الروسي شراء العملات الصعبة من السوق، مستفيداً من فائض العائدات النفطية الذي يوفره ارتفاع سعر البرميل في السوق العالمية إلى معدلات تزيد عن المعتمدة في الميزانية الروسية (40 دولارا للبرميل). وتشير تقارير مالية إلى أن المركزي ضخ في السوق 15.6 مليار روبل يوم 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، اشترى فيها عملات صعبة. ووفق خطة المشتريات الشهرية، يفترض أن يضخ المركزي 265.8 مليار روبل في السوق لغاية 6 فبراير (شباط) الجاري، لشراء العملات الصعبة لصالح وزارة المالية، بغية تعزيز مدخرات «صندوق الرفاه الوطني»، لاستخدامها في أوقات الأزمات، بعد أن استهلكت الحكومة كامل مدخرات صندوق الاحتياطي لتمويل عجز الميزانية خلال العامين الماضيين.
إلى ذلك قال مسؤولون من «المركزي» في تصريحات أمس، إن حجم الأموال الهاربة من البنوك الروسية إلى الأجنبية تراجع بنسبة 20 في المائة، وأوضح أن العملاء (الزبائن) هربوا من البنوك الروسية إلى الأجنبية خلال العام الماضي 63 مليار روبل روسي، مقابل 77 مليار روبل حجم الأموال التي هربوها عام 2017. وكذلك تراجع أكثر من مرة ونصف حجم الأموال التي سحبها العملاء نقدا من البنوك الروسية خلال العام الماضي، من 326 مليار روبل عام 2017. حتى 177 مليار روبل في 2018. وتراجع بشكل ملموس عدد العمليات المصرفية المثيرة للشكوك، بعد الكشف عن تعاملات مالية «في المساحات الرمادية» بمبالغ تزيد سنويا عن 100 مليار روبل. وأكد نائب مديرة المركزي الروسي أنه تم الكشف عن طرق لتهريب الأموال «عبر محطات في دول الجوار»، وقال إن الحديث يدور عن مبالغ ضخمة تصل سنويات حتى 100 مليار روبل، لافتاً إلى أن الأجهزة الأمنية تعمل حاليا على معالجة هذه المسألة.
في بيانات رسمية أخرى، قال البنك المركزي الروسي في تقرير نشره أمس حول «وضع الاقتصاد الروسي»، إن «نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2018 قد يقترب من الحد الأعلى للتوقعات (معدل نمو من 1.5 حتى 2 في المائة)، وذلك رغم تباطؤ نمو المؤشرات الأساسية للنشاط التجاري خلال الربع الأخير من العام الماضي»، وأشار في الوقت ذاته إلى أن النشاط التجاري في الربع الأول من العام الجاري قد يكون أضعف مما هو متوقع.
وتوقف التقرير عند معدل الأجور الشهرية خلال العام الماضي، وقال إنها سجلت نموا فعليا نحو 4.6 في المائة، دون أخذ تأثير قرار رفع الأجور الشهرية بالحسبان، وبنسبة 7 في المائة مع أخذ تأثير القرار بالحسبان. وأكد أن زيادة الأجور الشهرية انعكست بصورة إيجابية على دينامية الدخل الحقيقي للمواطنين، لجهة اقترابها من مستويات التضخم.



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.