الأميركيون يبحثون عن «مطلوبين دواعش» ويسعون إلى تحديد مصير البغدادي

الأمم المتحدة تريد الوصول إلى النازحين شرق الفرات... وترمب يدافع مجدداً عن الانسحاب من سوريا

الألمانية ليونورا (19 عاماً) عقب فرارها من جيب {داعش} شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)
الألمانية ليونورا (19 عاماً) عقب فرارها من جيب {داعش} شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الأميركيون يبحثون عن «مطلوبين دواعش» ويسعون إلى تحديد مصير البغدادي

الألمانية ليونورا (19 عاماً) عقب فرارها من جيب {داعش} شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)
الألمانية ليونورا (19 عاماً) عقب فرارها من جيب {داعش} شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)

استمر أمس التراجع في وتيرة القتال حول الجيب الأخير لتنظيم داعش بريف دير الزور، شرق سوريا، وسط تقارير عن تحضيرات لإخراج مزيد من العالقين فيه، وعن قوائم بأسماء مطلوبين «دواعش» يحملها جنود أميركيون يشاركون مع «قوات سوريا الديمقراطية» في حصار هذه المنطقة الواقعة شرق الفرات ويحاولون كشف أي معلومة تكشف ما حلّ بزعيم التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي.
ودافع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مجدداً أمس عن سحب قواته من أفغانستان وسوريا. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ترمب قوله، في تغريدة على «تويتر»، إنه ورث «فوضى شاملة في سوريا وأفغانستان، وحروباً لا نهاية لها»، وذات إنفاق غير محدود، وتجلب الموت. وأضاف أنه خلال حملته الانتخابية قال بقوة إن هذه الحروب يجب أن تتوقف في نهاية الأمر.
وأبدى ترمب تصميماً على تدمير تنظيم داعش بصورة كاملة قريباً بنسبة 100 في المائة، مضيفاً أنه سيراقب التنظيم عن كثب، وقال: «حان الوقت لأن نبدأ العودة إلى الوطن (سحب القوات) بعد سنوات كثيرة، وأن نتوخى الحكمة في إنفاق أموالنا. يتعين على بعض الأشخاص التحلي بالذكاء».

وبالتزامن مع ذلك قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها طلبت من «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة تخصيص موقع على الطريق إلى مخيم الهول يمكن فيه تقديم مساعدات للمدنيين الذين يفرون إلى المخيم في أجواء شديدة البرودة هرباً من المعارك الدائرة شرق الفرات، بحسب «رويترز». وتقاتل «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يهيمن عليها مقاتلو «وحدات حماية الشعب» الكردية، تنظيم داعش في جيب هجين بمحافظة دير الزور. وقالت المفوضية إن «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر «فعلياً» على المنطقة التي تضم الموقع لكنها لم ترد على الطلب الذي قدمته المفوضية لها قبل أسبوعين. ويفر مدنيون، معظمهم نساء وأطفال، باتجاه مخيم الهول الذي زاد عدد سكانه إلى ثلاثة أمثاله خلال شهرين ليصبح 33 ألفاً.
ونقلت «رويترز» عن المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أندريه ماهيسيتش قوله للصحافيين في جنيف: «الوضع الإنساني في هذا الجزء من سوريا حرج حالياً. لذلك نناشد توفير الأمان للمدنيين وتمكينهم من الخروج من منطقة الصراع ومن الحصول على المساعدة». وكانت منظمة الصحة العالمية قد قالت الخميس إن هناك تقارير عن وفاة ما لا يقل عن 29 من الأطفال وحديثي الولادة في المخيم الواقع بشمال شرقي سوريا خلال الأسابيع الثمانية الماضية غالبيتهم نتيجة الانخفاض الحاد في درجة حرارة الجسم والتعرض للبرودة.
وقال ماهيسيتش: «طلبت الجهات الإنسانية بشكل جماعي من القوات التي تسيطر على المنطقة تخصيص موقع مؤقت على الطريق إلى الهول يمكن تقديم مساعدات منقذة للأرواح فيه». وأضاف: «تقدم مساعدات ضئيلة - هذا إن قدمت - على الطريق لأولئك الذين يكابدون الجوع والبرد، وغالبيتهم العظمى من النساء والأطفال». وتابع بحسب ما أوردت «رويترز» إن «قوات سوريا الديمقراطية» صادرت أيضاً وثائق هوية وقيّدت حركة النازحين في مخيمات بمحافظة الحسكة، ودعا إلى السماح لهم بحرية التنقل،
وفي خصوص الوضع الميداني في جيب «داعش» الأخير بريف دير الزور، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى «تحضيرات لإخراج مزيد ممن تبقى من العالقين في الجيب المتبقي للتنظيم، قرب الضفاف الشرقية للنهر، تزامناً مع استمرار المفاوضات بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة بالتحالف الدولي من جانب، وقادة وعناصر تنظيم (داعش) من جانب آخر، للتوصل إلى توافق حول مصير الجيب ومصير القادة العسكريين والعناصر المتبقين من جنسيات مختلفة».
وقال «المرصد» إنه حصل على معلومات تفيد بأن عناصر من القوات الأميركية التي وصلت أخيراً ضمن قوة قوامها نحو 700 من القوات الخاصة، تقوم بالبحث عن مطلوبين من الخارجين من جيب «داعش». وأوضح أن جنوداً من هذه القوات توجهوا إلى الجبهات القريبة من جيب «داعش» الأخير وهم يحملون «صوراً لمطلوبين» حيث يقومون «بالبحث والتقصي عنهم من الخارجين» من الجيب المحاصر. وتابع أنه بالتزامن مع عملية البحث هذه تجري عملية بحث أخرى «عن قادة من الصف الأول للتنظيم... وتحصيل معلومة عن أبي بكر البغدادي زعيم التنظيم إن كان حياً».
وزاد «المرصد» أن القادة المتبقين في «الجيب الداعشي» يرفضون الخروج خشية اعتقالهم من قبل القوات الأميركية أو من مخابرات بلادهم، وخشية مواجهة السجن لمدى الحياة في حال القبض عليهم.
وأشار «المرصد السوري» إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» تمكنت صباح أمس الجمعة من إخراج ونقل مزيد من عائلات «داعش» ضمن ما تبقى للتنظيم عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، متحدثاً عن «إخراج نحو 150 شخصاً خلال الساعات الأخيرة من الجنسيتين الروسية والأوزبكية... غالبيتهم من الأطفال والمواطنات».
وفي الإطار ذاته، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير ميداني من قرب بلدة الباغوز بأن المتشدد الألماني مارتن ليمكي فرّ من آخر جيب يسيطر عليه «داعش» في شرق سوريا قبل أن توقفه «قوات سوريا الديمقراطية» في منطقة لاستقبال النازحين، وفق ما قالت زوجتاه اللتان هربتا معه أول من أمس الخميس.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن ليونورا (19 عاماً)، زوجته الثالثة التي تحمل الجنسية الألمانية، قولها إن ليمكي، البالغ بحسب قولها 28 عاماً، فرّ معها ومع زوجته الثانية من آخر بقعة تحت سيطرة «داعش».
وقالت الشابة وهي تحمل طفلها: «أتينا إلى هنا سوية، سلمنا أنفسنا سوية». وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أنها لم تتمكن من رؤية ليمكي، لكن «قوات سوريا الديمقراطية» توقف عادة في منطقة الفرز المشتبه بهم بانتمائهم للتنظيم المتطرف بعد التدقيق والتحقيق الأولي.
وقالت الزوجة الثانية، التي عرفت عن نفسها باسم سابينا (34 عاماً)، للوكالة الفرنسية مكتفية باسم «أبو ياسر» للحديث عن زوجها: «زوجي هنا، خرج معي أيضاً من لدى تنظيم (داعش)».
وادعت الزوجتان أن مارتن لم يكن مقاتلاً بل كان يعمل كتقني تصليح أجهزة إلكترونية. وقالت سابينا إن زوجها كان مريضاً وبالتالي لم يكن بإمكانه القتال. وأعربتا عن رغبتهما بالعودة إلى ألمانيا.
ووفق تقارير في الصحافة الألمانية، فإنه من المرجح أن ليمكي دخل سوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014. وقد كان عنصراً في «الحسبة» أي الشرطة الشرعية للتنظيم قبل أن ينضم إلى فريق الأمنيين، وقد يكون الألماني الذي اعتلى أكبر منصب في التنظيم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».