تراجع قدرة القوات الحكومية في أنحاء أفغانستان

تخوفات كبيرة لدى الرئيس غني من انعكاسات الانسحاب الأميركي

صورة أرشيفية لقوات الأمن الأفغانية في مكان التفجير الذي استهدف وزارة الداخلية في مارس الماضي (أ.ب)
صورة أرشيفية لقوات الأمن الأفغانية في مكان التفجير الذي استهدف وزارة الداخلية في مارس الماضي (أ.ب)
TT

تراجع قدرة القوات الحكومية في أنحاء أفغانستان

صورة أرشيفية لقوات الأمن الأفغانية في مكان التفجير الذي استهدف وزارة الداخلية في مارس الماضي (أ.ب)
صورة أرشيفية لقوات الأمن الأفغانية في مكان التفجير الذي استهدف وزارة الداخلية في مارس الماضي (أ.ب)

بينما الأنظار متجهة إلى الجولة القادمة من المحادثات بين المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد وممثلي طالبان في الدوحة، وإمكانية التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، بدأت الولايات المتحدة نفض يدها عن الحكومة الموالية لها في كابل بإبراز عدم كفاءتها وعدم قدرة قواتها على الوقوف أمام طالبان. فقد أصدر المكتب الأميركي لإعمار أفغانستان تقريره الفصلي واصفا القوات الحكومية الأفغانية بأنها منهكة وتضاءلت قدراتها إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، فيما يواصل المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد اتصالاته مع طالبان حول الانسحاب المحتمل للقوات الأجنبية.
وقال التقرير الفصلي لمكتب المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان إن السيطرة على الأراضي والسكان «زاد التنافس عليها إلى حد ملحوظ، فيما تواصل تراجع سيطرة الحكومة الأفغانية وانحسار نفوذها». وقال التقرير إن نسبة الأراضي التابعة لسيطرة الحكومة 53.8 في المائة من مجمل أراضي أفغانستان فيما تسيطر الحكومة على 63.5 في المائة من السكان الأفغان حتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وهذه أرقام تتناقض مع ما نشرته مصادر أميركية بعد أكتوبر من أن طالبان تدير شؤون أكثر من نصف سكان أفغانستان فيما قواتها تسيطر على ما يزيد على نصف مديريات أفغانستان قاطبة. وتتجنب طالبان السيطرة طويلة المدى على المدن الكبرى نظرا لافتقارها إلى غطاء جوي أو مضادات للطائرات تمكنها من التصدي لطائرات الحكومة الأفغانية أو قوات حلف شمال الأطلسي في كابل، لكن قوات الحركة قامت بعدة عمليات سيطرة مؤقتة على مدينة قندوز ومدينة غزني، وتقول الحركة إن قواتها يمكنها دخول أي مدينة رئيسية لكنها تتجنب فعل ذلك لما قد يحل بالمدنيين من خسائر فادحة. واستشهد التقرير الفصلي لمكتب إعمار أفغانستان بتقرير أصدرته القوات الأميركية يشير إلى انخفاض عدد أفراد قوات الدفاع الوطني الأفغانية وقوات الأمن ليصل فقط إلى 308 آلاف و693 جنديا، أي ما يعادل 87.7 في المائة من حجم القوات الأساسي، وهو أدنى مستوى لها منذ إنهاء قوات حلف الأطلسي عملياتها القتالية المباشرة في يناير (كانون الثاني) 2015، وكانت هذه القوات بلغ عددها إبان حكم الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ما يصل إلى نحو نصف مليون جندي وشرطي ورجل أمن. كما أن الولايات المتحدة تحتفظ بأربعة عشر ألف جندي في أفغانستان، فيما تشارك قوات حلف شمال الأطلسي ودول أخرى بثمانية آلاف جندي تقول الولايات المتحدة إن مهمتهم الأساسية هي التدريب وتقديم المشورة للقوات الأفغانية.
وكان الرئيس الأفغاني اعترف قبل يومين في خطاب له عبر التلفزيون بأن قوات بلاده خسرت أكثر من 45 ألف جندي وشرطي منذ توليه السلطة أواخر عام 2014، كما ازدادت عمليات استهداف الشرطة والجيش الأفغانيين من قبل قوات طالبان في الأشهر الأخيرة، وازدادت معها عمليات الهروب من التجنيد والجيش. وحسب تقرير مكتب إعادة إعمار أفغانستان فإن الأرقام التي تحدث عنها الرئيس الأفغاني حول القتلى في 53 شهرا تعني أنه كان يقتل حوالي 849 فردا من قوات الأمن شهريا في المتوسط، وهذا أدى إلى انخفاض الروح المعنوية للقوات الأفغانية. ويقول محللون أمنيون إن مساعي إعادة تجنيد الهاربين والغياب غير المصرح به ما زالت تمثل مشكلات رئيسية، ونشر مكتب المفتش الأميركي أيضا أرقاما تشير إلى أن تجنيد النساء واستمرارهن في قوات الدفاع والأمن الوطنيين يمثل تحديا كبيرا. واستشهد المكتب بمعلومات كشفتها القوات الأميركية وأفغانستان وتقول إن القوات الأفغانية تضم 4735 امرأة يشكلن أقل من اثنين في المائة من إجمالي عدد القوات الحالية. وواصل الرئيس أشرف غني حديثه عن رغبة حكومته بإجراء مفاوضات غير مشروطة مع طالبان، وأن الحكومة الأفغانية برئاسته تملك مفاتيح السلام لتوفر خطة وبرنامج وخريطة طريق مناسبة لذلك حسب قوله. ونقلت وكالة خاما بريس عن غني في كلمة له أمام المؤتمر الوطني للشباب والسلام قوله إن عملية المصالحة لها شروط.
ورفضت حتى الأن حركة طالبان أي حوار مع الحكومة الأفغانية في كابل، معتبرة إياها دمية بيد القوات الأميركية، وأنه مع وجود قناة حوار بين طالبان والمبعوث الأميركي لأفغانستان فلم يبق أي مبرر للحوار مع حكومة كابل. وتتمحور المحادثات بين المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد وممثلي طالبان المقرر استئنافها في قطر يوم 25 فبراير (شباط)، حول إبرام هدنة محتملة وانسحاب آلاف الجنود التابعين لقوات حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة. وتبقى عقبات عدة قبل أن يصبح ذلك الأمر ممكنا، ومن شأن الانسحاب النهائي زيادة الضغوط على قوات الدفاع الأفغانية.
ونفى الناطق باسم القصر الجمهوري في كابل أن يكون الرئيس أشرف غني سيوقع وثيقة استسلام الحكومة الأفغانية خلال المرحلة القادمة، وقال شاه حسين مرتضوي الناطق باسم الرئاسة الأفغانية: «الرئيس أشرف غني لن يوقع وثيقة استسلام، ومن يعتقدون بإمكانية إجباره على توقيعه مخطئون. لا نريد قادة مثل شاه شجاع أو الأمير محمد يعقوب لتوقيع وثيقة استسلام، ولكن نريد قادة مثل أمان الله خان وأحمد شاه ومحمود الغزنوي»، وهم القادة التاريخيون لأفغانستان الذين قادوا المقاومة في مراحل مختلفة.
وجاءت هذه التعليقات بعد إعلان التقدم في محادثات طالبان مع المبعوث الأميركي في الدوحة واتفاق الطرفين على جولة جديدة من المفاوضات في الخامس والعشرين من فبراير.
وكشفت مصادر إعلامية أميركية عن إرسال الرئيس أشرف غني رسالة سرية للرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نائبة مسؤول جنوب ووسط آسيا في الخارجية الأميركية أليس ويلز التي زارت كابل مؤخرا. وعرض غني في الرسالة بقاء القوات الأميركية في أفغانستان بتكاليف مالية أقل مما هي عليه الأن. وحسب مسؤول أميركي اطلع على الرسالة فإنها تنطوي على تخوفات كبيرة لدى الرئيس أشرف غني من انعكاسات الانسحاب الأميركي من أفغانستان وانزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية مجددا. وجاء في رسالة أشرف غني أن الولايات المتحدة يمكنها خفض قواتها إلى ثلاثة ألاف جندي فقط وخفض نفقاتها في أفغانستان بقيمة ملياري دولار سنويا، في خطوة من أجل حث الولايات المتحدة على الإبقاء على قوات لها في أفغانستان. ميدانيا فقد أعلنت الحكومة الأفغانية عن مقتل تسعة عشر مسلحا من طالبان وتنظيم داعش في ولاية ننجرهار شرق أفغانستان مساء الأربعاء. ونقلت وكالة خاما بريس عن الجيش الأفغاني أنه قام بعمليات ضد مسلحي تنظيم الدولة وقوات طالبان في مناطق خوكياني وأتشين ومومندارا وغني خيل وحسكا مينا في ولاية ننجرهار المجاورة لباكستان. وقالت حبيبة كاكر نائبة مستشارة حاكم ولاية ننجرهار إن مسلحين من التنظيمين أعلنوا إلقاء السلاح نتيجة الجهود التي تقوم بها الاستخبارات الأفغانية وسلم بعضهم السلاح للقوات الحكومية. كما وصف مولوي حبيب الله جلال آبادي الحرب الحالية في أفغانستان بأنها غير شرعية وتهدف إلى قتل الأفغان أنفسهم بأيديهم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».