آيرلندي فار من جيب «داعش»» المحاصر: أكلنا العشب واعتقدنا أننا سنموت جوعاً

الآيرلندي المشتبه بانتمائه إلى تنظيم داعش ألكسندر بيكمرزاييف خلال المقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)
الآيرلندي المشتبه بانتمائه إلى تنظيم داعش ألكسندر بيكمرزاييف خلال المقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)
TT
20

آيرلندي فار من جيب «داعش»» المحاصر: أكلنا العشب واعتقدنا أننا سنموت جوعاً

الآيرلندي المشتبه بانتمائه إلى تنظيم داعش ألكسندر بيكمرزاييف خلال المقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)
الآيرلندي المشتبه بانتمائه إلى تنظيم داعش ألكسندر بيكمرزاييف خلال المقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)

من مكان اعتقاله في شمال شرقي سوريا، يروي الإيرلندي المشتبه بانتمائه إلى تنظيم داعش ألكسندر بيكمرزاييف، تفاصيل أيام طويلة من الجوع والنزوح والخوف بينما كان قصف كثيف يدكّ الجيب الأخير من مناطق سيطرة التنظيم في سوريا، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وذكرت الوكالة أن «قوات سوريا الديمقراطية» وعمادها «وحدات حماية الشعب» الكردية، اعتقلت بيكمرزاييف (46 عاماً) في نهاية ديسمبر (كانون الأول)، أثناء محاولته الفرار مع زوجته وطفله (خمس سنوات) في صفوف المدنيين من منطقة هجين، آخر معاقل التنظيم في شرق سوريا. وقال بيكمرزاييف للوكالة الفرنسية: «اعتقدت أننا سنموت من الجوع». وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» منذ 10 سبتمبر (أيلول) هجوماً واسعاً ضد الجيب الأخير للتنظيم في سوريا.
والتقت الوكالة الفرنسية بيكمرزاييف داخل مقر لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تواصل التحقيق معه. وقالت إن بيكمرزاييف، وهو رجل نحيل البنية وذو لحية كثّة، وصل إلى سوريا في سبتمبر 2013. بعد أربعة أشهر، لحقت به زوجته البيلاروسية وطفله البالغ من العمر عشرة أشهر حينها. وانتقلت العائلة، كما يروي، في مطلع عام 2014 إلى محافظة الرقة (شمال). وانتهى به المطاف بعد تنقل متكرر على وقع العمليات العسكرية ضد التنظيم، في هجين.
وعبّر عدد من الأجانب المعتقلين لدى «قوات سوريا الديمقراطية» والمشتبه بانتمائهم إلى «داعش» عن رغبتهم بالعودة إلى بلادهم. وترفض الإدارة الذاتية الكردية محاكمة المتشددين الأجانب المقدر عددهم بألف، وتطالب الدول التي ينتمون إليها باستردادهم ومحاكمتهم، الأمر الذي تتحفظ عليه غالبية الدول.
وتتهم «قوات سوريا الديمقراطية» بيكمرزاييف وأربعة أجانب آخرين أوقفوا معه بالتسلل بين المدنيين في محاولة لتشكيل «خلايا نائمة في المناطق الآمنة». لكن الآيرلندي المعتقل يصرّ على أنه لم يأت إلى سوريا «من أجل القتال» مع داعش و«لم ينضم إلى أي فصيل»، وهو أمر قالت الوكالة الفرنسية إنه لا يمكنها التحقق منه.
ويقول الرجل المولود لأب أوزبكي وأم بيلاروسية، ويحمل الجنسية الآيرلندية منذ عام 2010. إن «القصف لم يتوقف منذ الصيف، كل يوم أو كل يومين» على هجين. ويشير إلى أنه اضطر مع زوجته وطفله لتناول الخبز المصنوع من قشور القمح وما يقدمه لهم الجيران وأحياناً العشب. ويضيف: «الخضار؟ كنا نتمنى توفرها. لم يكن لدينا شيء. لا شيء على الإطلاق. نأكل العشب».
ودفعه تقدم المعارك وكثافة الغارات إلى النزوح مع عائلته من بلدة لأخرى. ويوضح: «تركت منزلي لأن قوات سوريا الديمقراطية اقتربت ربما لنحو 800 متر من منزلي» في قرية الكشمة التي وصلها من هجين. بعد الكشمة، نزح إلى السوسة ومنها إلى بلدة الشعفة حيث اتخذ وعائلته من أحد المساجد ملجأ لهم على غرار كثيرين.



تبادل سجناء وجولة مفاوضات «بنَّاءة» يعززان مسار التطبيع بين موسكو وواشنطن

سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
TT
20

تبادل سجناء وجولة مفاوضات «بنَّاءة» يعززان مسار التطبيع بين موسكو وواشنطن

سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)

تلقّت جهود تطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن دَفعةً جديدةً، الخميس، مع انطلاق جولة مفاوضات تفصيلية في إسطنبول، تناولت تسوية ملفات ظلت عالقة لسنوات، بالتزامن مع تبادل للسجناء بين الطرفين بوساطة إماراتية، منحت، مع خطوات مماثلة سابقة، زخماً جديداً لتعزيز الثقة بين البلدين.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية جون راتكليف، أن موسكو وواشنطن أجرتا عملية تبادل أسرى صباح الخميس، في الإمارات. وقال راتكليف، الذي كان حاضراً في عملية التبادل في مطار أبو ظبي: «اليوم، أعاد الرئيس (دونالد) ترمب إلى الوطن أميركياً آخر (...) من روسيا».

تبادُل الأسرى

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، إن راقصة البالية الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا، التي كانت تقضي حُكماً بالسجن لمدة 12 عاماً بتهمة الخيانة بسبب التبرع للقوات المسلحة الأوكرانية، جرى تسليمها لواشنطن. في المقابل، أفرجت الولايات المتحدة عن المواطن الروسي - الألماني آرثر بتروف، الذي قُبض عليه بسبب انتهاك قيود التصدير إلى روسيا.

لقطة وزّعها الإعلام الروسي للمواطنة الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا قبل عملية تبادل الأسرى 10 أبريل (رويترز)
لقطة وزّعها الإعلام الروسي للمواطنة الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا قبل عملية تبادل الأسرى 10 أبريل (رويترز)

كان نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، قد قال بعد تبادل سابق للسجناء، إن روسيا والولايات المتحدة تواصلان العمل على تبادل الأسرى وتعملان على تعزيز الثقة بينهما.

وكان راتكليف، وفقاً لتقارير إعلامية، قد تحدث عبر الهاتف مع مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف، عدة مرات بعد توليه منصبه، وتحدث أيضاً مع مدير جهاز الاستخبارات الخارجية سيرغي ناريشكين، بهدف تسريع وتيرة الإجراءات المتبادلة.

ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية أن التبادل كان علامة على بناء الثقة بشكل يُعزّز سعي الجانبين إلى تسوية الملفات المتراكمة، والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا. وقال متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأميركية إن هذا التبادل يُسلّط الضوء على أهمية إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة بين موسكو وواشنطن.

قضية كارلينا

في فبراير (شباط) 2024، أبلغ جهاز الأمن الفيدرالي الروسي عن اعتقال مواطنة تبلغ من العمر 32 عاماً من سكان لوس أنجليس وتحمل الجنسية المزدوجة الروسية-الأميركية في أثناء وجودها في مدينة يكاترينبورغ، عاصمة إقليم الأورال الروسي.

ووجّهت السلطات الروسية إلى كارلينا تهمتَي «الخيانة» و«تمويل الإرهاب»، بعد الاشتباه بتحويل أموال لتلبية احتياجات القوات المسلحة الأوكرانية. وقال المحققون إنها أرسلت أموالاً لشراء إمدادات طبية تكتيكية، ومُعدّات، وأسلحة، وذخيرة للجيش الأوكراني.

وحُكم على كارلينا بالسجن لمدة 12 عاماً في سجن جزائي، بالإضافة إلى غرامة قدرها 300 ألف روبل. وقد اعترفت أمام القضاة بالتهم المنسوبة إليها.

قضية بتروف

قُبض على بتروف في أواخر أغسطس (آب) 2023 في قبرص، ومن هناك سُلِّم لاحقاً للولايات المتحدة.

وحسب وكالات إنفاذ القانون الأميركية، فقد كان يتنقل بين روسيا وقبرص، حيث كان يعمل لدى شركة للإلكترونيات في سان بطرسبرغ، التي تصفها وزارة العدل الأميركية بأنها مورِّد للإلكترونيات الدقيقة للمجمع الصناعي العسكري الروسي. وحسب مكتب المدعي العام الأميركي، فإن بيتروف استخدم شركات واجهة لشراء منتجات أميركية محظورة التصدير، وأخفى حقيقة أن المشتري النهائي كان شركة روسية. وبناءً على التهم الموجهة إليه، كان يواجه عقوبة بالسجن لمدة تزيد على 20 عاماً. ورفض بتروف الإقرار بالتهمة، واصفاً قضيته بأنها ذات دوافع سياسية.

تبادُل سابق

في فبراير (شباط) الماضي، زار المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، روسيا للتفاوض على عودة السجين مارك فوغل، الذي اعتُقل في أغسطس 2021 في مطار شيريميتيفو الدولي شمالي موسكو؛ وعُثر على مواد مخدرة بينها ماريغوانا وزيت الحشيش في أمتعته. وفي نتيجة مفاوضات للتبادل، سُلِّم الأميركي إلى واشنطن، فيما عاد ألكسندر فينيك، المتهم في الولايات المتحدة بالمشاركة في إدارة بورصة العملات المشفرة إلى روسيا، بعدما أمضى نحو ثماني سنوات في السجن دون صدور قرار من المحكمة بشأن ذنبه.

مفاوضات «بنَّاءة»

في غضون ذلك، أجرت موسكو وواشنطن جولة تفاوض جديدة الخميس، في إسطنبول، شكّلت امتداداً لجولات سابقة ناقشت مجمل الملفات التي تُعرقل تطبيع العلاقات بين الطرفين.

وركّز الجانبان في الجولة الجديدة على مناقشة «مسائل تفصيلية» تتعلق بتحسين العلاقات الثنائية، وتجاوز مشكلات وتعقيدات تراكمت لسنوات. وخلال النقاشات التي استمرت لساعات، قال مصدر مطلع لوكالة «نوفوستي» الروسية إن المفاوضات بين الوفدين الروسي والأميركي في إسطنبول «تسير بهدوء وبطريقة بناءة».

جانب من وصول الوفد الأميركي إلى القنصلية الروسية في إسطنبول 10 أبريل (أ.ف.ب)
جانب من وصول الوفد الأميركي إلى القنصلية الروسية في إسطنبول 10 أبريل (أ.ف.ب)

وجرى اللقاء في القنصلية العامة الروسية. ومثّل موسكو ألكسندر دارشيف، السفير لدى الولايات المتحدة، بينما مثّل واشنطن نائبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية، سوناتا كولتر. أما بقية المشاركين من الوفدين فهم موظفون في وكالات الشؤون الخارجية في البلدين.

وحسب دارشيف، فإن أهمية جولة المفاوضات الجديدة أنها تساعد على «التخلص من الإرث السام» الذي خلَّفته إدارة الرئيس جو بايدن. وخلال الجولة الجديدة، ركّز الجانب الروسي على إعادة الممتلكات الدبلوماسية المصادَرة، واستئناف حركة الطيران المباشر.

وأضاف السفير أنه بفضل الاتصالات بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب، اتفقت روسيا والولايات المتحدة بالفعل على ضمانات للخدمات المصرفية للبعثات الدبلوماسية، وإرسال المساهمات الروسية إلى المنظمات الدولية. وأضاف دارشيف أنه جرى بالفعل تحقيق بعض التقدم في إصدار التأشيرات وتخفيف قيود السفر.

ووفق وزارة الخارجية، فإنه في هذه المرحلة من المشاورات لن يُنظَر في قضايا الأمن والسياسة وحل الصراع في أوكرانيا. فيما قالت المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، إن تطبيع العلاقات الكامل بين واشنطن وموسكو لا يمكن أن يحدث إلا عندما «يكون هناك سلام بين روسيا وأوكرانيا».

استئناف الحوار

بدأت استعادة العلاقات بين موسكو وواشنطن باجتماع للوفود في الرياض في 18 فبراير (شباط). واتّفق الطرفان على تهيئة الظروف لاستئناف التعاون الثنائي بشكل كامل، وإزالة القيود المفروضة على عمل السفارات، وإطلاق عملية حل الوضع في أوكرانيا.

وفي نهاية شهر فبراير، وخلال جولة مفاوضات في إسطنبول، اتّفق وفد روسي والولايات المتحدة على خطوات لتمويل عمل البعثات الدبلوماسية، وناقشا إمكانية استعادة حركة النقل الجوي المباشر.

صحافيون يجتمعون خارج القنصلية الروسية في إسطنبول خلال المفاوضات مع واشنطن 10 أبريل (أ.ف.ب)
صحافيون يجتمعون خارج القنصلية الروسية في إسطنبول خلال المفاوضات مع واشنطن 10 أبريل (أ.ف.ب)

علاوة على ذلك، تحدّث الرئيسان بوتين وترمب هاتفياً مرتين خلال الشهرين الماضيين. ومن بين أمور أخرى، ناقش الزعيمان التعاون الثنائي بين البلدين.

وفي الأسبوع الماضي، زار رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف، الولايات المتحدة، وأجرى لقاءات مع ممثلي إدارة البيت الأبيض. وحسب قوله، فإن الأطراف اتّخذت ثلاث خطوات إلى الأمام في عدد كبير من القضايا وتم تحقيق تقدم. وأشار إلى أنه لا يزال هناك عدد من الاجتماعات التي يتعين عقدها لحل الخلافات كافة.

صفقة التعدين مع كييف

على صعيد آخر، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده لدفع أموال للولايات المتحدة مقابل إمدادات جديدة من الأسلحة والمعدات، في مسعى لتسوية مسألة خلافية مع واشنطن، بعدما طالب ترمب كييف بدفع تعويضات عن المساعدات الأميركية السابقة.

زيلينسكي متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي في كييف 8 أبريل (إ.ب.أ)
زيلينسكي متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي في كييف 8 أبريل (إ.ب.أ)

وقال زيلينسكي للصحافيين في كييف، الأربعاء: «طلبت أوكرانيا من واشنطن ما بين 30 و50 مليار دولار مساعدات، وهي مستعدة لدفعها -إمّا مباشرةً إلى الولايات المتحدة وإما كمساهمة في صندوق صفقة التعدين المشترك الذي لم يجرِ إنشاؤه بعد».

وأشارت الوكالة إلى أنه كجزء من صفقة التعدين، قد يُطلب من أوكرانيا تسليم نصف الإيرادات المستقبلية من جزء كبير من اقتصادها إلى الولايات المتحدة، لكن كييف تسعى إلى شروط أكثر ملاءمة وترفض الاعتراف بالمساعدات الأميركية السابقة على أنها ديون.

وحسب وسائل إعلام أوكرانية، فإن مسودة الاتفاق الجديد مع واشنطن تفترض أن كييف ستعيد الأموال مقابل كل المساعدة التي قدمها لها الأميركيون. علاوة على ذلك، فإن الوثيقة تتجاوز تقريباً كل الخطوط الحمراء المُتّفق عليها بين كييف وواشنطن، وتحرم أوكرانيا من جزء من سيادتها وتتناقض مع خططها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل. وحسب صحافيين أوكرانيين، فإن قرار البدء في الدفع قد يصبح سابقة، وبعدها قد يطالب جميع المانحين الآخرين لنظام كييف بإعادة استثماراتهم.