الأزمة السورية تشكل تحديا كبيرا للوكالات الإنسانية

خبير أردني: «لو كنت في مخيم الزعتري لكنت أصبحت جهاديا»

لاجئتان سوريتان أمام خيمة في مخيم الزعتري بالأردن أمس (رويترز)
لاجئتان سوريتان أمام خيمة في مخيم الزعتري بالأردن أمس (رويترز)
TT

الأزمة السورية تشكل تحديا كبيرا للوكالات الإنسانية

لاجئتان سوريتان أمام خيمة في مخيم الزعتري بالأردن أمس (رويترز)
لاجئتان سوريتان أمام خيمة في مخيم الزعتري بالأردن أمس (رويترز)

في مخيم نموذجي للاجئين السوريين، يغلب على الخيام اللون الأبيض حاملة شعار الجهة المتبرعة. أما الأكواخ التي بناها مئات اللاجئين السوريين بأنفسهم فسقفت بلوحات الإعلانات القديمة التي كانت، إبان وجودهم في سوريا، تستخدم للإعلان عن الخطوط الجوية الإماراتية، ومركز سيلكور ليزر الطبي واليخوت البحرية وقاعات تنظيم حفلات الزفاف.
وقد زودت مؤسسة خيرية لبنانية تدعى «سوا» الأكواخ بالمراحيض وخزانات المياه، لكن أغلب السوريين على أطراف بعلبك، التي يوجد فيها أكبر تجمعات للاجئين، يعيشون على نفقتهم الخاصة. فمن بين 2.3 مليون لاجئ سوري فروا من الحرب الأهلية في بلادهم، يعيش 20 في المائة فقط في المخيمات، أما البقية منهم والذين تطلق عليهم منظمات الإغاثة اللاجئون الحضر، فيعيشون إما في المدن أو البلدات أو القرى. ففي لبنان، حيث لا يوجد مخيم رسمي للاجئين يعيش 850 ألف لاجئ مسجل موزعين في 1600 منطقة في لبنان.
في أحد هذه التجمعات، تعيش 33 عائلة في 30 كوخا، ولم يلتحق أي من أبناء هذه العائلات بالمدارس. وربع القاطنين فيها مسجلون ضمن وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ليتمكنوا من الحصول على المساعدات الغذائية، بحسب اللاجئين.
وبصورة ما، يأتي الموقف في لبنان نتيجة الخيارات السياسية. وبشكل عام نقلت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية خلال السنوات الأخيرة لاجئين إلى خارج المعسكرات، التي عادة ما تكون عرضة لوقوع مشكلات اجتماعية. وكان الاعتقاد هو أن يعيش اللاجئون حياة أكثر صحة وطبيعية ويكتسبوا المهارات اللازمة لمساعدتهم بعد عودتهم إلى بلادهم مرة أخرى. والخدمات يمكن تقديمها فقط كما هو الحال داخل المعسكر. لكن حجم أزمة اللاجئين في سوريا أظهر أيضا الصعوبات وتكلفة إعاشة السكان اللاجئين في المناطق الحضرية إلى حد كبير، وتسعى الأمم المتحدة جاهدة الآن من أجل إقامة مخيمات في لبنان.
وتعاني منظمات الإغاثة لتوفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية الموجودة في جميع المخيمات إلى أكثر من 1.8 مليون لاجئ حضري مسجل ينتشرون في أنحاء لبنان والأردن وتركيا وغيرها. لكن الأمم المتحدة والحكومات لا تعرف عدد اللاجئين الموجودين في المناطق الحضرية بالفعل. فلا تزال مئات الآلاف منهم غير مسجلين.
وقال جيف كريسب، مدير بارز في المنظمة الدولية للاجئين، وهي جماعة حقوقية في واشنطن، والرئيس السابق لوضع السياسات في وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: «إن الأزمة السورية تشكل تحديا حقيقيا للوكالات الإنسانية، التي هي أكثر اعتيادا على التعامل مع اللاجئين داخل المخيمات، حيث يوجد الجميع في مكان واحد».
من الصعب عقد مقارنات مباشرة، ولكن في الأردن، حيث يوجد خمس اللاجئين في المخيمات، ناشدت الأمم المتحدة تقديم مساعدة تعادل نحو 980 دولارا لكل لاجئ، وفي لبنان، يرتفع الرقم إلى 1.210 دولارات. يذهب جزء من التكلفة الإضافية إلى مساعدة المجتمعات المحلية الغارقة في طوفان من اللاجئين، الذين ينتهي بهم الأمر إلى التنافس مع السكان المحليين على الوظائف والخدمات. وفي تركيا، أغنى من الدول المضيفة، ربما يلقى وجود قوة عمل أجنبية رخيصة، على الرغم من كونها غير قانونية، تشجيعا ضمنيا. لكن الوظائف في الاقتصادات اللبنانية والأردنية الصغيرة والهشة ربما تكون نادرة.
محمد معفلاني، 35 عاما، وهو لاجئ من درعا في جنوب سوريا، عاش لمدة ستة أشهر في منطقة شمال عمان، العاصمة الأردنية، ويدفع نحو 240 دولارا شهريا لشقة من غرفتين لزوجته واثنين من أبنائه. وجد محمد عملا غير ثابت كعامل دهان للمنازل ولكن تعرض لاستدعاء عدة مرات من قبل السلطات الأردنية للعمل بصورة غير قانونية، ويعتقد، أن دهاني المنازل الأردنيين غاضبون لأنه يبدي استعدادا للعمل بأجر متدن.
ونظرا لعدم قدرته على تحمل إيجار منزله، أقام محمد وعائلته في مخيم الزعتري للاجئين الضخم الذي تديره الأمم المتحدة في الأردن، في انتظار حافلة إلى الحدود السورية، حيث ستعود الأسرة إلى درعا على الرغم من القتال هناك. وتقول زوجته مها، 29 عاما: «أنا خائفة وسعيدة في نفس الوقت». لم تفكر العائلة في البقاء في الزعتري، الذي هو، كما تقر وكالة اللاجئين نفسها، غير قانوني من عدة نواح، نظرا لوجود جماعات إجرامية ومتمردة تعمل خارج نطاق سيطرة المسؤولين في الوكالة. ويقول حسن أبو هنيه، الخبير الأردني في السلفية الجهادية: «لو كنت في مخيم الزعتري فسوف أصبح جهاديا».
ويتميز مخيم مراغب الفهود الصغير في الأردن، الذي تقوم بتمويله دولة الإمارات ويديره الهلال الأحمر الإماراتي، بتلبية جميع احتياجات سكانه البالغ عددهم 3،000، حيث تتوافر وظائف رمزية، ولكن المسؤولين لا يسمحون للاجئين بإقامة مشاريع صغيرة. لكنه يبدو إلى حد بعيد الأكثر تنظيما، ونظافة وأمنا من المخيمات الأخرى، كما أن لديه إجراءات أمنيه أقوى وأشد صرامة في منح تصاريح المغادرة، حتى ليوم واحد.
وتقول سارة كارازان، 37 عاما، التي تعيش مع أطفالها الخمسة: «مخيم الزعتري غير نظيف وخطير، ونحن سعداء بوجودنا هنا». لكن زياد الحميد، 40 عاما، الذي كان يملك متجرا للهواتف الجوالة في درعا قبل الحرب: «شكا من غياب الحرية»، وقال: «أريد الذهاب إلى الزعتري. هناك سأشعر بالحرية، ويمكنني أن أبدأ عملي الخاص». وقال طالب أبو طالب، وهو مسؤول في الهلال الأحمر الإماراتي الذي استمع إلى المحادثة: «فكر في زوجتك وبناتك. أنت أناني. أنت لا تعرف الحالة التي عليها مخيم الزعتري».
وفي تركيا، أنفقت الحكومة ملياري دولار لإيواء مائتي ألف لاجئ في 21 مخيما. وتدير المخيمات بصورة مباشرة ولا تسمح للغرباء بدخول المخيمات إلا بصورة محدودة للغاية. في كيليس، بلدة على الحدود التركية، يعيش نحو 14 ألف لاجئ في مقطورات ويتمتعون بمجموعة كاملة من المرافق فيما يعد واحدا من أفضل المخيمات. ويسمح فيه بإقامة المشاريع الصغيرة. فيدير مازن مراد، 24 عاما، وهو صانع أجهزة طب الأسنان في سوريا قبل الحرب، متجرا صغيرا لبيع الشالات. فيعبر كل صباح إلى سوريا لشراء بضاعته ثم يعود إلى تركيا لفتح متجره في وقت متأخر من الصباح. وأشار مراد إلى أنه كان يقاتل في إدلب، ضمن كتيبة للجيش السوري الحر المدعوم من الغرب.

خدمة «نيويورك تايمز»



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».