البرلمان العراقي ينهي فصله التشريعي الأول بقانون واحد وحكومة «ناقصة»

نواب يحملون عبد المهدي مسؤولية تأخر استكمال الوزارة

TT

البرلمان العراقي ينهي فصله التشريعي الأول بقانون واحد وحكومة «ناقصة»

أعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، أمس، نهاية الفصل التشريعي الأول للدورة البرلمانية الرابعة. ودعا الحلبوسي في بيان صدر عن مكتبه، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، «النواب إلى الاستمرار بممارسة دورهم الرقابي من خلال وجودهم في مكاتب مجلس النواب في المحافظات، والتواصل مع المواطنين بشكل مباشر، والتعرف على احتياجاتهم».
إلى ذلك علمت «الشرق الأوسط» من مصدر برلماني مطلع، أن الحلبوسي سيغادر اليوم إلى العاصمة البريطانية لندن على رأس وفد برلماني كبير من مختلف الكتل. وأضاف المصدر أن «الزيارة التي ستستغرق 3 أيام تأتي بدعوة من البرلمان البريطاني، وتهدف إلى تبادل الخبرات بين الطرفين». ولم يشر المصدر إلى ما إذا كانت الزيارة ستتضمن لقاءات مع الرسميين في الحكومة البريطانية.
وفيما لم يتمكن البرلمان من تشريع سوى قانون واحد هو قانون الموازنة المالية لعام 2019، فإن الكتل السياسية المنضوية في البرلمان لم تتمكن من إكمال الكابينة الحكومية التي لا تزال أربع من حقائبها شاغرة (الدفاع والداخلية والتربية والعدل». وفي هذا السياق دعا عمار الحكيم، رئيس تحالف «الإصلاح والإعمار» (يضم «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي و«النصر» بزعامة حيدر العبادي)، قادة «البناء» (يضم «الفتح» بزعامة هادي العامري و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي و«المحور الوطني السني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني») إلى حوار مفتوح من أجل حل المشكلات العالقة بعيداً عن سياسة «لي الأذرع» على حد وصفه.
وشدد الحكيم في كلمة له بمؤتمر عشائري في بغداد، أمس، على «ضرورة الاتفاق لإكمال الكابينة الوزارية بعيداً عن أسلوب لي الأذرع»، ودعا قادة تحالف «البناء» إلى «الجلوس على طاولة واحدة للخروج برؤية موحدة تخدم الشعب العراقي». وأشار الحكيم إلى أن «المرحلة الحالية هي ليست لحظة الصراعات، وإنما هي لحظة التعاضد ودعم الحكومة».
يذكر أن البرلمان العراقي أخفق الخميس الماضي وقبل يوم واحد من نهاية الفصل التشريعي الأول في تمرير مرشحي وزارتي العدل (قادر ولي)، وهو مرشح مستقل عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، و«التربية» (سفانة الحمداني)، وهي مرشحة «المشروع العربي» بزعامة خميس الخنجر، وذلك بسبب اختلال النصاب. وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع، فإن «الجلسة كانت قد بدأت بنصاب كامل، لكنه كان على الحافة (168 نائباً) وهو ما يعني أن خروج أي 5 نواب سيخل بالنصاب، وهو ما حصل بالفعل، حيث جاءت إشارات إلى بعض النواب من نواب وزعماء كتل بضرورة الانسحاب، لأن الصفقة التي كان ينبغي أن يمر عبرها الوزيران المرشحان لم تتم في اللحظات الأخيرة». وأوضح المصدر أن «المرشح لوزارة العدل الكردي كان يمكن أن يمرر لو تم التصويت عليه، لكن الإشكالية كانت تتعلق بوزارة التربية لوجود مشكلات داخل أطراف (المحور السني)، بالإضافة إلى أنه لم يتم الاتفاق كذلك على كيفية إعفاء الوزيرة السابقة شيماء الحيالي التي طلبت إعفاءها من منصبها، حيث كان صوت عليها البرلمان في جلسة سابقة، لكن منعت من تأدية اليمين بعد تداول فيديو دعائي لـ(داعش) يظهر فيه أحد أشقائها».
إلى ذلك حمّل نوابٌ، رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وليس البرلمان، مسؤولية الخلل الذي عاناه البرلمان والحكومة معاً طيلة الشهور الماضية. وقال رئيس كتلة «بيارق الخير»، محمد الخالدي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسؤولية يتحملها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بسبب عدم قدرته على إقناع الكتل السياسية بشأن حكومته التي هي حكومة ائتلافية، وطالما هي كذلك فكان لا بد أن ينهي مشاوراته مع جميع الكتل قبل المجيء إلى البرلمان ويعرض أسماء حكومته». وأضاف الخالدي أنه «في الحكومات الائتلافية من هذا النوع، فإن التكليف الصادر من رئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء المكلف يتضمن فترة دستورية، وهي شهر، وهي المدة المحددة لإكمال الكابينة الوزارية، وفي حال لم يستطع خلال هذا الشهر يكلف شخصاً آخر»، مبيناً أنه «تم اللجوء إلى حيلة قانونية لتمرير نصف الحكومة، وهي صيغة اتفاق أُبرم بين الكتل السياسية، ووافق عليها عبد المهدي لكننا جميعا الآن في البرلمان، وهو وحكومته والشارع العراقي، ندفع ثمن هذه الحيلة القانونية». وأوضح الخالدي أن «البرلمان لا يتحمل أي مسؤولية عما يجري، لأنه لا يستطيع العمل دون إكمال الحكومة من منطلق أن لجانه مترابطة، وأداءه يكمل بعضه بعضاً، وبالتالي وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه بسبب عدم قدرة رئيس الوزراء على إقناع الكتل بمرشحيه للحقائب الوزارية».
في السياق نفسه، أكد النائب عن «المحور الوطني» عبد الله الخربيط لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي واجهناها طيلة الفصل التشريعي الأول هي أن رئيس الوزراء لم يأتِ إلى البرلمان لكي يصارح الشعب من بيت الشعب بما يجري». وأضاف أن «هناك من أراد أن يدفع باتجاه أن يكون رئيس البرلمان محمد الحلبوسي هو من يكون في وجه المدفع ويتحمل المسؤولية، بينما المسؤولية أولاً وأخيراً تقع على عاتق رئيس الوزراء الذي لا يريد على ما يبدو توجيه اللوم أو إغضاب أي طرف، بينما المشكلة تتفاقم دون التوصل إلى حلول صحيحة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».