البرلمان اليوناني يجيز الاتفاق حول «شمال مقدونيا»

وسط انقسامات بين الطبقة السياسية وأيضاً الرأي العام

رئيس الحكومة زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس بعد التصديق على الاتفاق أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس بعد التصديق على الاتفاق أمس (أ.ف.ب)
TT

البرلمان اليوناني يجيز الاتفاق حول «شمال مقدونيا»

رئيس الحكومة زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس بعد التصديق على الاتفاق أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس بعد التصديق على الاتفاق أمس (أ.ف.ب)

أجاز البرلمان اليوناني، بعد ظهر أمس (الجمعة)، بأغلبية 3 أعضاء، الاتفاق الخاص بتسمية جمهورية يوغوسلافيا السابقة باسم «جمهورية مقدونيا الشمالية»، وسط انقسامات بين الطبقة السياسية اليونانية والرأي العام، فيما تشهد البلاد احتجاجات شعبية كبيرة رفضاً لهذا الاتفاق الموقّع مع الجارة، التي وافق سابقاً برلمانها على تغيير اسمها. وسوف يسمح التصديق على الاتفاق بانضمام «مقدونيا الشمالية» إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي.
وقد صوّت بالموافقة على الاتفاق 153 نائباً من أصل 300، هم إجمالي أعضاء البرلمان، فيما رفض الاتفاق 146، وامتنع عضو عن التصويت. والذين وافقوا على الاتفاق هم 145 عضوا ينتمون لحزب «سيريزا» اليساري الحاكم بزعامة رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، بالإضافة إلى 8 برلمانيين آخرين ينتمون بمجملهم إلى «حزب اليونانيين المستقلين» و«حزب النهر» وبعض الأعضاء المستقلين.
وتعترض معظم الأحزاب السياسية اليونانية على الاسم الجديد لمقدونيا، من اليمين القومي إلى الاشتراكيين في حركة التغيير (كينال) والشيوعيين، مروراً بأكبر أحزاب اليمين «الديمقراطية الجديدة» الذي يمثله 78 نائباً. وكان يُفترض أن يتم التصويت على الاتفاق حول الاسم الجديد لمقدونيا منتصف ليل الخميس - الجمعة. لكنه أرجئ إلى الجمعة لأن نحو 230 نائباً قالوا إنهم يريدون مناقشة المسألة، حسبما ذكر رئيس البرلمان. وقد طالب زعيم المعارضة كيرياكوس ميتسوتاكيس بأن تكون إجراءات التصويت سرية، حتى يستطيع كل برلماني التعبير بحرية من دون ضغوط حزبية، ولكن تم اتباع طريقة التصويت العلنية وفقاً لما هو معمول به في مثل هذه الأمور.
وجاء التصويت بالموافقة في الوقت الذي تظاهر فيه الآلاف من اليونانيين خارج مبنى البرلمان احتجاجاً على الاتفاق، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وسط هتافات بأن «مقدونيا هي واحدة فقط وهي يونانية».
وفرضت الشرطة اليونانية خطة أمنية محكمة للسيطرة على المظاهرات، حيث أغلقت محطات مترو الأنفاق القريبة من البرلمان، وأيضاً أغلقت بعض الشوارع أمام السيارات، فيما أسهم سوء الأحوال الجوية وسقوط الأمطار الغزيرة وسط أثينا، في منع كثير من المواطنين من المشاركة في الاحتجاجات.
ولمدة ثلاثة أيام على التوالي ناقش البرلمان هذا الاتفاق الموقع بين أثينا وسكوبيا في يونيو (حزيران) الماضي، وتم نشره في الصحف الصادرة يوم الأحد الماضي لإطلاع المواطنين عليه، وشهدت النقاشات مواجهات عنيفة بين نواب المعارضة والحكومة، وأيضاً بين زعيم المعارضة ورئيس الحكومة زعيم حزب «سيريزا» اليساري أليكسيس تسيبراس، الذي قال في كلمته الرئيسية أمام أعضاء البرلمان طالباً منهم الموافقة على الاتفاق، إنه يتحمل المسؤولية التاريخية لهذا الاتفاق التي رفض أن يتحملها أي زعيم سياسي يوناني قبل ذلك، موضحاً أن التوصل لاتفاق هو لاستقرار المنطقة ولمستقبل أفضل لشعبي البلدين. وقال تسيبراس أمام مجلس النواب مساء أول من أمس (الخميس): «غداً يوم حاسم (...) حان الوقت لكسر دوامة النزعة القومية والتطلع إلى (...) تعاون مستقبلي». من جهته، رأى زعيم حزب «الديمقراطية الجديدة» اليميني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن الاتفاق «يسبب مشكلات جديدة» و«يحيي النزعات القومية».
وقال للنواب اليساريين إن «سياستكم سطحية وتنم عن جهل (...) يجب أن تشعروا بالخجل». ورد وزير الخارجية اليوناني السابق نيكوس كوتزياس، أحد مهندس الاتفاق الذي وُقّع في يونيو الماضي: «هل تخافون من دولة لا تملك واحداً في المائة من قدراتنا العسكرية ولا ستة في المائة من إمكاناتنا الاقتصادية؟!».
ويرى كثير من اليونانيين، خصوصاً في شمال البلاد، أن اسم «مقدونيا» حيث وُلِد الإسكندر الأكبر ينتمي حصرياً للتراث التاريخي اليوناني. ويخشى بعضهم أن تكون للبلد المجاور نيات توسعية مستقبلياً بضم المقاطعة اليونانية التي تحمل الاسم نفسه.
وفي الحادي عشر من يناير (كانون الثاني) الحالي، وافق البرلمان المقدوني، على تعديلات دستورية تقضي بتغيير اسم مقدونيا إلى «جمهورية مقدونيا الشمالية»، بموجب اتفاقية «بريسبا» المشار إليه والمبرم مع أثينا، مما وضع حداً لنزاع استمر لعقود، وأثار احتجاجات على جانبي الحدود.
وبعد استقلال مقدونيا عن يوغوسلافيا السابقة، رفضت اليونان اعتماد اسم جارتها الجديدة. وتقول اليونان، التي تضم إقليماً اسمه مقدونيا، إن اسم جارتها يعني المطالبة بالسيادة على أراضٍ يونانية، وإن هذا الاسم هو إرث تاريخي لليونانيين لا يمكن التنازل عنه. وبذلك ستكون مصادقة البرلمان اليوناني الفصل الأخير من خلاف يعود إلى تسعينات القرن الماضي. وإلى جانب تطبيع العلاقات بين البلدين، سيمهد هذا الاتفاق لانضمام مقدونيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الذي يعرقله اعتراض أثينا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».