تونس: ائتلاف انتخابي مستقل لمنافسة «النهضة» و«النداء»

TT

تونس: ائتلاف انتخابي مستقل لمنافسة «النهضة» و«النداء»

بدأ ائتلاف انتخابي جديد، أطلق عليه اسم «النصر لتونس»، التحضير للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أسوة بما قامت به قوائم انتخابية مستقلة خلال الانتخابات البلدية، التي جرت في مايو (أيار) الماضي.
ويتكون هذا الائتلاف من عدد كبير من الشخصيات المستقلة عن الأحزاب السياسية، أغلبهم من الموظفين وأصحاب المهن الحرة. ومن المنتظر أن يُعلن عن قوائم انتخابية مستقلة، ويقدم ترشحه في عدد كبير من الدوائر الانتخابية داخل تونس وخارجها.
كما ينتظر الإعلان رسمياً عن هذا الائتلاف الانتخابي نهاية هذا الأسبوع، بعقد مؤتمر صحافي للتعريف بخطوطه السياسية العريضة، وأهدافه من الترشح في قوائم مستقلة، عوضاً عن القوائم الحزبية التي فازت في انتخابات2011 و2014.
وللتأكيد على أهمية هذا الائتلاف الانتخابي، أوضحت مصادر مقربة من مؤسسي هذا المشروع السياسي لـ«الشرق الأوسط»، أنه سينطلق من مدينة المنستير (وسط شرقي)، باعتبارها المدينة التي عرفت سنة 1934 انطلاق الحزب الذي تزعمه الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة.
يذكر أن القوائم الانتخابية المستقلة سجلت نجاحاً مهماً خلال الانتخابات البلدية، التي جرت في مايو الماضي، حيث تمكنت من الحصول على نسبة 32 في المائة من المقاعد البلدية (2367 مقعداً)، وفازت بالمرتبة الأولى في تلك الانتخابات، متقدمة على حزب حركة النهضة (إسلامي)، الذي لم يحرز سوى 29 في المائة من المقاعد (2135 مقعداً)، في حين تمكن حزب النداء الفائز بالمرتبة الأولى في انتخابات 2014 من الحصول على 1595 مقعداً، وهو ما يمثل نسبة 22 في المائة من المقاعد البلدية. وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن المراهنة على القوائم المستقلة في الانتخابات البرلمانية المقبلة «تبقى مسألة نسبية لأنها تختلف جذرياً عن الانتخابات البلدية، التي تعتمد على مبدأ القرب من الناخبين، واستمالتهم من خلال المعرفة المباشرة بالعناصر المرشحة». وتوقع أن تستفيد القوائم الانتخابية المستقلة من حالة التشتت، التي يعرفها 215 حزباً سياسياً في تونس. ومن المنتظر أن يعتمد المستقلون على خطاب يؤكد فشل منظومة الحكم الحالية والمتعاقبة في حل الملفات الاجتماعية والاقتصادية الشائكة، وهو خطاب قد يمكنهم، حسب بعض المراقبين، من تحقيق بعض النتائج الإيجابية. ولكنه يبقى غير كافٍ للفوز في انتخابات تعمل الأحزاب الكبرى على الهيمنة عليها، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، يقوم سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسية، اليوم، بزيارة رسمية إلى تونس العاصمة، لمدة يومين، وذلك بدعوة من نظيره التونسي خميس الجهيناوي.
وذكرت وزارة الخارجية التونسية أن هذه الزيارة تأتي في إطار متابعة نتائج الزيارة التي قام بها الجهيناوي إلى موسكو في 16 من مارس (آذار) 2016، موضحة أنها «تمثل مناسبة لبحث سبل تعزيز علاقات التعاون الثنائي، خصوصاً في مجالات السياحة والتجارة والاستثمار والثقافة والنقل والتعاون المالي، علاوة على بحث برنامج الدورة السابعة للجنة المشتركة التونسية - الروسية المزمع عقدها خلال السنة الحالية».
وسيبحث المسؤول الروسي خلال هذه الزيارة الرسمية مع المسؤولين التونسيين عدة ملفات سياسية واقتصادية. وسيجري وزيرا خارجية البلدين مشاورات سياسية تنفيذاً للعقد المبرم بين وزارتي خارجية البلدين منذ سنة 2000.
ورجحت مصادر متطابقة أن تكون الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا على رأس المشاورات بين البلدين، لما تحظى به تونس من مكانة استراتيجية في علاقتها مع ليبيا المجاورة، وإمكانية المساعدة الفعلية على حلحلة الأوضاع المتأزمة، والسعي إلى إقناع الأطراف المتناحرة بضرورة إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، تنهي الصراع الدائر هناك مذ نحو ثماني سنوات، دون التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
من ناحيتها، تسعى روسيا إلى المساهمة في حل الأزمة الليبية، قبل دخول مرحلة إعادة الإعمار، التي تعتبرها عدة دول غربية منافسة، من بينها فرنسا وإيطاليا، فرصة سانحة تشكل «انفراجة اقتصادية مهمة» لعدد من الشركات التي ستساهم في إعادة الإعمار، والمحافظة على عدد من المصالح الاقتصادية المهمة، على رأسها موارد الطاقة الهائلة المتوفرة في ليبيا.
على صعيد غير متصل، أصدرت المحكمة الابتدائية بالقصرين (وسط غربي) أحكاماً بالسجن في حق سبعة متهمين بتأجيج الاحتجاجات التي عرفتها مدينة تالة (تابعة لولاية القصرين)، تراوحت بين عام واحد وسبعة أشهر، وعقوبات مالية بمبلغ ألف دينار تونسي (نحو 330 دولاراً). أما بقية المتهمين التسعة فقد قررت المحكمة تأجيل النظر في التهم الموجهة إليهم إلى الخامس من فبراير (شباط) المقبل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.