أبو الغيط يقدم شهادة إضافية حول لغز «جاسوسية» أشرف مروان

TT

أبو الغيط يقدم شهادة إضافية حول لغز «جاسوسية» أشرف مروان

قدم أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، ووزير الخارجية المصري الأسبق، شهادة إضافية تبرئ السياسي المصري الراحل أشرف مروان من تهمة التجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية، إبان حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973. وقال أبو الغيط أمس إن «الإشاعات التي روجتها إسرائيل حوله تكذبها المواقف والأحداث التي وقعت».
ومروان هو سكرتير الرئيس الأسبق أنور السادات، وزوج ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وقد ظل لغزاً كبيراً في حياته، حتى رحيله «منتحراً» في لندن قبل 11 عاماً، حيث زعمت إسرائيل أنها نجحت في تجنيده لصالح «الموساد» خلال حرب 1973. فيما تقول الرواية المصرية «الرسمية» عكس ذلك.
وقال أبو الغيط، خلال ندوة عقدت أمس بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حول كتابيه (شهادتي، وشاهد على الحرب والسلام)، إن مزاعم تجنيد مروان «مجرد ادعاءات إسرائيلية، وإنها ضُربت ضربا مبرحا في السادس من أكتوبر».
وكشف الدبلوماسي المصري البارز، في شهادته حول مروان، أنه «علم بوفاة مروان في لندن، عبر مكالمة هاتفية من سفير مصر هناك جهاد ماضي، فاتصل بالرئيس حسني مبارك، الذي طلب بدوره تقديم كل الدعم والتسهيلات لعودة الجثمان وإقامة جنازة كبرى له، وقال إنه كان وطنيا ويخدم البلد».
وأشار أبو الغيط إلى أنه بعد انتشار التسريبات الإسرائيلية حوله، تلقى مكالمة هاتفية من عبد السلام محجوب نائب رئيس المخابرات العامة الأسبق، وقال إن «مروان كان يخدم مصر، وإن المخابرات المصرية كانت تمده بالمعلومات التي يخبرها لإسرائيل، وإن المخابرات العامة كانت توجهه، خاصة أن الفائدة من ذلك تتمثل في خطأ التقدير لدى إسرائيل بناء على المعلومات التي تصل إليهم».
وتابع: «مصر كانت لديها خطة خداع كبرى قبل الحرب، وإن أحد فصول هذه الخطة ذهاب العساكر إلى شاطئ القناة لصيد الأسماك». وأضاف: «الملفات التي ستنشر لاحقا ستكشف الحقيقة كاملة، وأنه على إسرائيل أن تقول لماذا هزمت إن كانت تحصل على معلومات حقيقية».
وتوفي مروان في يونيو (حزيران) 2007، بعد أن سقط من على شرفة منزله في لندن، ولم يُعرف حتى الآن «رسمياً» ما إذا كان موته قتلاً أم انتحاراً.
وقدم أمين عام الجامعة العربية، في كتابيه، شهادته حول السياسية الخارجية المصرية، مؤكدا أنها دوما تراعي المصالح العربية، وشدد على أن مصر نجحت في تحرير الأرض ولم تتخلف عن المصالح العربية يوماً.
وأضاف: «عندما كنت ممثلا للدولة المصرية كنت أراعي المصالح العربية والمصرية، لكن بطبيعة الحال المصلحة المصرية أولاً، ولكن اختلف الأمر بعد تولي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية».
وحول حرب أكتوبر 1973 قال أبو الغيط: «السادات قيادة تحتاج 100 سنة لكي تتكرر مرة ثانية، فهذا النوع من القادة لا يتكرر كثيرا، فأي تحرير للأرض العربية إنجاز وهذا ما فعله السادات».
وتابع قائلا: «قبل الحرب كان البعض يطالب بأن نؤجل الحرب أو نقوم بحرب استنزاف، لكن السادات ووزير الدفاع آنذاك المشير أحمد إسماعيل أصرا على القيام بحرب واسعة رغم وجود المانع المائي والخط الدفاعي الإسرائيلي». ونوه إلى أن «خطة الحرب كانت عبقرية، ففرض على الإسرائيليين القتال بين الجبهة المصرية والسورية وكان هناك تنسيق بين الرئيس السادات والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد».
وأضاف: «عندما تدهورت الأوضاع على الجبهة السورية قام الرئيس السادات بتطوير القتال ما أدى ذلك إلى نتائج استطاع الرئيس السادات استيعابها عبر العمل السياسي»، مضيفا أن «التفاوض مع الإسرائيليين كان يستند إلى ذكاء الدبلوماسية المصرية، وكذلك قوة القوات المسلحة المصرية التي فرضت حقائق جديدة على الأرض».
واستبق أبو الغيط، ندوته أمس، بتفقد عدد من أجنحة الدول العربية والأجنحة المصرية في معرض الكتاب الدولي، برفقة كل من الأمين العام المساعد للشؤون الفلسطينية السفير سعيد أبو علي، والأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية السفيرة هيفاء أبو غزالة، والمتحدث الرسمي باسم الأمين العام السفير محمود عفيفي.
كما زار أبو الغيط جناح جامعة نايف للعلوم الأمنية بالرياض، في المعرض. وأشاد بجهود الجامعة في دعم العمل الأمني العربي المشترك.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.