يوسف إدريس و60 سنة من القص

كتابان بالإنجليزية عن القصة المصرية

يوسف إدريس و60 سنة من القص
TT

يوسف إدريس و60 سنة من القص

يوسف إدريس و60 سنة من القص

كتابان صدرا باللغة الإنجليزية خلال العام الماضي (2012) يقدمان نماذج من القصة المصرية القصيرة ومتوسطة الطول إلى قارئ الإنجليزية، وبذلك يمثلان إضافة مهمة إلي الترجمات السابقة ويسهمان في وضع أدبنا القصصي على الخريطة العالمية.
الكتاب الأول هو «العودة إلي الوطن: ستون سنة من القصص المصرية القصيرة» (مطبعة الجامعة الأميركية بالقاهرة) من اختيار وترجمة وتقديم دنيس جونسون -ديفيز. وهذا المترجم (كندي المولد) القدير قد نقل إلى الإنجليزية أكثر من 30 عملا من الأدب العربي – ما بين رواية وقصة قصيرة وشعر ومسرح – بما استحق معه أن يعد – على حد تعبير إدوارد سعيد – المترجم الأول للأدب العربي إلى الإنجليزية في عصرنا. بدأ هذا النشاط حين أصدر في 1946 ترجمته لمختارات من قصص محمود تيمور، وما زال يواصل عمله في الترجمة حتى اليوم (انظر كتابه «حياة في الترجمة» عن تجاربه وذكرياته في هذا المجال).
من بين القصص التي يتضمنها الكتاب: «أبو عرب» لمحمود تيمور، «أم العواجز» ليحيى حقي، «غروب الشمس» لشكري عياد، «الصورة» للطيفة الزيات، «حمال الكراسي» ليوسف إدريس، «الرجل الذي رأى باطن قدمه اليسرى في مرآة مشروخة» للطفي الخولي، «سيلفيا» لأحمد العايدي، «بيت لأولادي» لمحمود دياب، «مكان تحت القبة» لعبد الرحمن فهمي، «التهمة» لسليمان فياض، «كلب» لحمدي الجزار، «زيارة» لجمال الغيطاني، و«أربع أقاصيص» لمحمد المخزنجي (الذي يحظي بنصيب الأسد في هذه المختارات) و«الأب والابن والحمار» لصبري موسى، «الصفارة» لعبد الحكيم قاسم، «أمسية أخرى في النادي» لأليفة رفعت، «الساعة» لخيري شلبي، «الأم» لإبراهيم شكر الله، «العطش» لمحمود الورداني.
ويقول المترجم في مقدمته إنه حين بدأ يترجم أقاصيص تيمور في منتصف خمسينات القرن الماضي، لم يكن هناك ناشر بريطاني أو أميركي متحمس لنشر أي ترجمة من الأدب العربي الحديث. بل إن الحكومات والهيئات الثقافية العربية لم تأبه لأن تشتري نسخة واحدة لمكتباتها من ترجماته. أما الآن فقد تغير الوضع كثيرا. ظهرت كادرات جديدة من المترجمين الأكفاء، وأصبحت مطبعة الجامعة الأميركية بالقاهرة تخرج قرابة 15 كتابا مترجما في كل عام. وصار من حق المترجم أن يحصل على عائد مادي محترم. وواكب ذلك اتساع في رقعة التعبير: خاصة عند الكتابة عن الجنس أو وظائف البدن (يذكر جونسون - ديفيز أن محمود تيمور اعترض على نشر قصة ليوسف الشاروني، لأن فيها حمارا يتبول في الطريق ويحدث بوله شكلا على التراب!)، كذلك زاد عدد ممارسات هذا الفن بين النساء بعد أن كن قلة نادرة تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة.
ولا يتسع المجال هنا للحديث عن قصص الكتاب جميعها، وإنما حسبي أن أنوه بثلاث منها: «الرجل والمزرعة» ليوسف الشاروني (المولود في 1924) قصة محكمة البناء الهندسي على نحو فائق، تجمع بين الصنعة الفنية الكاملة والاهتمام الإنساني الذي يمد مظلة تعاطفه إلى الآباء والأمهات والأبناء على حد سواء (انظر تحليلا لهذه القصة من مجموعة الشاروني «رسالة إلى امرأة» في كتاب يحيى حقي «خطوات في النقد»).
و«الجد حسن» ليحي الطاهر عبد الله (1942 - 1981) ذات مذاق صعيدي صميم، تنم على موهبة في الحكي ينفرد بها هذا القاص الذي توفي - قبل أن يكتمل عطاؤه - في حادث سيارة. لقد تمكن أمثال يحيى الطاهر وسعيد الكفراوي ومحمد البساطي ومحمد مستجاب ومحمد روميش وعبد الحكيم قاسم من أن يحققوا حلم يوسف إدريس؛ «تمصير» القصة القصيرة ونقلها من مرحلة التأثر بتشكوف وموباسان وإدجار بو إلى تقاليد القص المحلي في القرية والمدينة.
و«القاهرة مدينة صغيرة» لنبيل نعوم جورجي (المولود في 1944)، وهو مهندس عمل في الولايات المتحدة الأميركية وتأثر بكواباتا وبورخس والتراث الصوفي العربي. إنها قصة قوطية توفي على الغاية في رسم الجو واستخدام اللغة على نحو إيحائي يتسم بالقصد في التعبير. هنا مهندس قاهري يقع في حب فتاة غجرية ترعى الأغنام في حديقة أمام بيته (قارن موقفا مشابها في رواية نجيب محفوظ «قلب الليل»). وينتهي الأمر بأن يعدمه قومها في الصحراء الشمالية الغربية من مدينة القاهرة على نحو شبيه بما يحدث لجوزيف ك. بطل كافكا في خاتمة رواية «المحاكمة».
والكتاب الثاني الذي أريد أن أتحدث عنه هو «حكايات المواجهة: ثلاث روايات مصرية قصيرة»، من تأليف يوسف إدريس (مطبعة الجامعة الأميركية بالقاهرة) وترجمة الدكتور رشيد العناني. والمترجم هو أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة إكستر البريطانية. له باللغة العربية كتاب «المعنى المراوغ» (وهو مجموعة مقالات نقدية) وكتاب «عالم نجيب محفوظ من خلال رواياته» وكتاب «حصاد القول» (وهو يضم مقتبسات من روايات نجيب محفوظ وأقاصيصه وأحاديثه الصحافية) وكتاب «نجيب محفوظ: قراءة ما بين السطور»، فضلا عن مقالات كثيرة متفرقة عن كولردج، وإزرا باوند، وقاموس «المورد»، وتوفيق الحكيم وغير ذلك من المواضيع. وله بالإنجليزية كتاب «نجيب محفوظ: البحث عن المعنى»، وكتاب «نجيب محفوظ: حياته وعصره» وكتاب «تمثيلات عربية للغرب: مواجهات الشرق والغرب في القصة العربية» (لندن ونيويورك، الناشر: رتلدج 2006). وقد ترجم إلى الإنجليزية رواية محفوظ «حضرة المحترم»، وشفّعها بدراسة تحليلية مدققة. كما ترجم إلي الإنجليزية مسرحية ألفريد فرج «على جناح التبريزي وتابعه قفة» تحت عنوان «القافلة».
يضم كتاب «حكايات المواجهة» ثلاث قصص متوسطة الطول (نوفيلا) لإدريس، تغطي الفترة من أواخر خمسينات القرن الماضي حتى أوائل ثمانيناته. وهذه القصص هي: «سره الباتع» (1958) «السيدة فيينا» (1959) «نيويورك 80» (1980).
والكتاب، كما هو واضح من عنوانه، يجمع بين أعمال تشترك في خيط واحد هو خيط المواجهة بين الشرق والغرب، وما تولده من تفاعلات وتوترات. إنه خيط ممتد في أدبنا العربي منذ مطلع القرن الـ19 حتى يومنا هذا؛ تجده بصور مختلفة في «تخليص الإبريز في تلخيص باريز» للطهطاوي، و«الساق على الساق» للشدياق، و«حديث عيسى بن هشام» للمويلحي، و«الأيام» و«أديب» لطه حسين، و«عصفور من الشرق» للحكيم، وبعض أزجال بيرم التونسي، و«الحي اللاتيني» لسهيل إدريس، و«موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح، و«جسر الشيطان» لعبد الحميد السحار، و«الساخن والبارد» لفتحي غانم، و«أصوات» لسليمان فياض، و«الشاطئ الآخر» لمحمد جبريل، و«محاولة للخروج» لعبد الحكيم قاسم، و«شيكاغو» لعلاء الأسواني و«بروكلين هايتس» لميرال الطحاوي وغيرهم. والمواجهة في هذه الأعمال تتخذ عادة شكل رحلة يقوم بها رجل عربي أو امرأة عربية من الشرق إلى الغرب، حيث يقع في حب امرأة أو رجل غربي. وكل طرف يمثل ثقافته المغايرة لثقافة الآخر.
ويوسف إدريس (1927 - 1991)، بما يشبه الإجماع النقدي، هو أمير القصة العربية القصيرة، مثلما أن محفوظ هو أمير الرواية. وكاتب هذه السطور لا يشارك النقاد رأيهم في إدريس، فهو يراه كاتبا متفاوت المستوى على نحو بالغ، له روائع لا تنكر مثل بعض أقاصيص «أرخص ليالي» و«جمهورية فرحات» و«حادثة شرف» و«لغة الآي آي» و«قاع المدينة» و«بيت من لحم». ولكنه - في غير ذلك - لا يعدو أن يكتب نوادر مسلية، أو يصور مواقف مسطحة يعوزها العمق، فضلا عن عيوب لغته وافتقارها - في أحيان كثيرة - إلى الجمال الفني، وإن لم تفتقر إلي الحيوية. والواقع أن إدريس - كما كتبت عنه في موضع آخر - هو طفل النقد الأدبي المدلل. لقد دلّله النقاد - مع استثناءات قليلة - وأسرفوا في تدليله. نحن نتكلم وكأنه الكاتب الأوحد للقصة القصيرة وننسى أن نجيب محفوظ كتب قصصا قصيرة لا تقل أهمية عن رواياته (رائعته «زعبلاوي» مثلا) وتتفوق على أي شيء كتبه إدريس. وهناك أقاصيص أخرى ليحيى حقي وإدوار الخراط وشفيق مقار ويوسف الشاروني وسليمان فياض وغالب هلسا وزكريا تامر، لا تقل عن قصص إدريس، وأحيانا تتفوق عليها.
والكتاب الراهن برهان على ما أقوله هنا: فهذه القصص متفاوتة المستوى على نحو بالغ، وليس فيها ما يمثل إدريس في أحسن أحواله. «سره الباتع» و«السيدة فيينا» قصتان متوسطتا المستوى تحملان - ولا شك - لمحات من موهبة إدريس - أو عبقريته إن شئت - ولكنهما لا تمثلان وحدات عضوية متكاملة. أما «نيويورك 80»، فهي بالغة الرداءة على نحو مؤكد، تمثل الهوة التي كان ينحدر إليها هذا الكاتب في بعض الأحيان. وحتى الناقد الراحل عبد الرحمن أبو عوف - وكان من أشد المتحمسين لإدريس - لم يملك إلا أن يدينها.
على أن الكتاب يغطي جانبا من إدريس لم ينل حقه من الدراسة حتى الآن، ويلفتنا إلى تعدد اهتماماته ورغبته في ارتياد آفاق جديدة. والترجمة - مثل ترجمة دنيس جونسون - ديفيز - ممتازة، تنم على كفاءة واقتدار. هذان كتابان جديران بالاقتناء، نتطلع إلى أن نرى صداهما عند أدباء الإنجليزية ونقادها، ودارسي القصة العربية من غير العرب.



لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد

لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد
TT

لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد

لاركن... شاعر أحبه الناس واختلف عليه النقاد

مرت قبل أيام الذكرى الأربعون لرحيل الشاعر الإنجليزي فيليب لاركن عن ثلاث وستين سنة (1922-1985). وهو يعتبر من أحب الشعراء الإنجليز شعبياً، لكن النقد ما زال منقسماً حول شعره، وشخصه أيضاً، كما أن الدراسات النقدية عنه، سلباً وإيجاباً، لم تتوقف منذ رحيله، وهناك دورية منتظمة تحمل اسمه، وكذلك ينتصب تمثال له في كنغستن أبون هول، حيث عمل ومات.

كل هذا الحضور الكبير في المشهد الشعري البريطاني، والعالمي أيضاً، وهو لم يصدر سوى أربع مجموعات شعرية في حياته، ويمكن اعتبارها ثلاثاً، فمجموعته الأولى لم تنل أي اهتمام يذكر، ولم يلفت الانتباه النقدي إلا بعد مجموعته الثانية «الأقل انخداعاً»، التي اعتبرت على نطاق واسع من أهم المجموعات الشعرية الصادرة في سنة 1955.

ومع ذلك، لم يختلف نقاد حول شاعر كما اختلفوا حول لاركن. في كتابه الصادر 2011، «فيليب لاركن: قصائد»، يقول الروائي مارتن آمس، ابن الشاعر والروائي كينغسلي آمس، الذي كان صديقاً حميماً للاركن:

«كانت هناك محاولات للتقليل من مكانة لاركن، لكنه لا يزال هنا، ولا تزال أعماله تُقرأ، ولا يزال عنصرياً وكارهاً للنساء بشكل واضح (وإن لم يكن في القصائد)». وهو محق. فكثيراً ما يحاول الناقد والشاعر توم بولين، مثلاً، تشويه سمعة لاركن الشعرية استناداً إلى عدد قليل من رسائله الخاصة، بينما يرى غراهام هولدرنس أن شعر لاركن «شعر بسيط»، ويذهب أبعد من ذلك معتبراً إياه «شعراً تمثيلياً مستنداً إلى فلسفة الشعر الإنجليزي المميزة: التجريبية».

وبالتالي، يستنتج خطأً أن لاركن «يكتفي برؤية سطح الحياة ومحاكاته، رافضاً التعمق في الفكر أو في بنية لغوية جديدة لاستكشاف أعماق وتعقيدات التجربة أو الكلمات». ويجادل والين بأن لاركن «شاعرٌ مباشر»، لكنه، يناقض كلامه بعد قليل، ناسباً لشعره بعض العناصر الميتافيزيقية الغامضة. وهاجمت جيرمين غرير، الكاتبة «النسوية» الأسترالية، لاركن بشدة بعد نشر رسائله المختارة، قائلة إن شعره «بسيط، وشعبي وعامي»، وإن «الموقف الذي يعبر عنه» معادٍ للفكر، وعنصري، وجنساني، وذو وعي طبقي فاسد».

أما بالنسبة لجيمس وود، فلاركن «سجل صغير للإحباط... بيروقراطي الإحباط»، بينما يعتبره كل من برايان أبليارد وبيتر أكرويد شاعراً إقليمياً.

من جانبه، كتب أندرو دنكان أن لاركن «محبط، بارد، ممل، يفتقر إلى الموهبة الأدبية، ولم ينجح أبداً في كتابة قصيدة جيدة».

يمكن تسمية هذا النقد بـ«نقد السيرة الذاتية»، إذا استخدمنا مصطلح جون أوزبورن، الذي «يفترض أن حقيقة الأدب تكمن في إخلاصه للتجربة المعاشة للكاتب». ويشير أوزبورن أيضاً إلى أنه من بين عشرين إلى ثلاثين كتاباً نقدياً ونحو ستين مقالاً قيّماً عن لاركن، فإن أكثر من تسعين في المائة منها يستخدم منهج السيرة الذاتية.

على مستوى النقد الأدبي، يمكننا تقسيم هذا النقد إلى نوعين رئيسيين: يرى النوع الأول أن لاركن شاعر مفتون بالحرمان والوحدة والخسارة، التي تقترب من العدم أو السلبية على الأقل. ويفشل هذا النقد في رؤية أن الحرمان بالنسبة للاركن، كما قال مرة، هو ما كانت عليه أزهار النرجس بالنسبة لوردزورث. إنه مفروض ذاتياً كوسيلة للتسامي، كما سنبين، والهروب من عالم الاستهلاك، ومحاولة لفصل الفن عن المجتمع، والذات عن الآخرين. إنه ليس نتاجاً لاضطراب نفسي، ولا كراهية للنساء، أو مرض نرجسي أو عدم ارتياح يشعر به تجاه شكله الجسماني، كما يوحي بعض النقاد، بل هو نتاج تأمل في الذات، وفي تدهور مجتمع وثقافة ما بعد الحرب، والشيخوخة والموت.

النوع الثاني من النقد ينظر إلى شعر لاركن على أنه غامض ومتناقض، ويشير إلى وجود «شخصيتين» عند لاركن.

والحقيقة، أن لاركن الناضج لم يختلف جوهرياً عن المراهق والشاب، إذ واصل، بطرق مختلفة، تجربة الطفولة، التي هي «ملل منسي»، كما يقول في قصيدته «قادم». والشعور بالغربة والاغتراب عن العالم الخارجي ميزا الكثير من شعره المبكر واللاحق. في قصيدة تعود إلى عام 1938، كتب لاركن: «شبكة من الضباب العائم فوق الغابة والأرض القفر/ هادئة كالموت/ يتسلل الليل المظلم، ويترك العالم وحيداً»، (الأعمال الكاملة ص 225) أو: «في الخارج، ستلسعك الغابة، تذوب، ثم تعود/ في الداخل، ستحترق الشمعة». (CP الأعمال الكاملة، 233).

وفي عام 1946، بعد ثمان سنوات، كرر المضمون نفسه تقريباً: «أرى أن الجدران قتلت الشمس/ والضوء مات» (الأعمال 12). وبعد ما يقرب من ثلاثين عاماً، عبر عن الشعور نفسه بالوحدة والقلق الوجودي وبالصور نفسها تقريباً: «في دهاليز خاوية، تحترق الأضواء/ كم هي معزولة، مثل الحصن/ الورقة المعدة لكتابة رسائل المنفى إلى الوطن/ (إذا كان الوطن موجوداً) (الأعمال 163)». وعكس هذا الإحساس عندما كتب أن «دي إتش لورنس مهم بالنسبة له مثل شكسبير بالنسبة لكيتس»، لأن الرسالة الحقيقية للورنس هي أن: «كل شخص وحيد... الجميع غير قادرين على فعل أي شيء أكثر من لمس بعضهم البعض».

في هذه الفترة، كان هناك انسجام بين لاركن الشاعر وشخصيته، سواء في الشعر أو النثر. في روايتيه «جل» و«فتاة في الشتاء»، تسحق الشخصيات الرئيسية مشاعر الاغتراب والغربة. في «جل»، يلتحق جون كيمب بأكسفورد للدراسة، لكنه سرعان ما يشعر بالغربة. ملاذه الوحيد كانت غرفته. تدريجياً، تتحول أكسفورد إلى «مدينة وهمية، حتى تُشبه مدينة تي. إس. إليوت في «الأرض اليباب». وفي رواية «فتاة في الشتاء»، نلتقي بكاثرين، وهي لاجئة طردتها الحرب من بلدها. كلا البطلين «يُتركان في حالة استسلام مطلق، بلا مكان يذهبان إليه». كلاهما متردد في البقاء في أي مكان، ربما باستثناء غرفتهما الخاصة، لأنهما لا يستطيعان «إيجاد مكانهما المناسب»، مثل لاركن نفسه، كما يقول في قصيدة «الأماكن، أيها الأحباء»: «لا، لم أجد قط/ المكان الذي يمكن أن أقول عنه/ هذا مكاني المناسب/ سأبقى هنا». (الأعمال، 99)

لا يقصد لاركن هنا بالمكان موقعاً جغرافياً معيّناً. وقد أكد ذلك عندما سُئل عن مدينة هول، حيث عاش لمدة ثلاثين عاماً، في مقابلة مع صحيفة الأوبزرفر عام 1979: «أنا لا أعي حقاً أين أعيش».

يمكن إحالة الخلاف حول شعر وشخصية لاركن إلى سببين رئيسين: السبب الأول أن لاركن كتب شعراً مختلفاً تماماً عن شعر مجايليه منذ مجموعته الثانية «الأقل انخداعاً»، التي برزت فيها السمة الأساسية التي ميزت شعره: اللاانتماء بالمعنى الوجودي. وهي ظاهرة غريبة على الشعر الإنجليزي الذي عرف عموماً بنزعته الواقعية، فلم تزدهر فيه ظاهرة الدادائية ولا السريالية مثلاً كما في الأدب الفرنسي - باستثناء ديفيد غاسكوين الذي عاش لفترة في فرنسا- وذلك لأسباب اجتماعية وثقافية مختلفة لا مجال هنا للخوض فيها. ولعل هذا يفسر عدم وجود دراسات نقدية تتناول هذه الظاهرة، باستثناء كتاب «اللامنتمي» لكولن ويلسون، الذي نُشر عام 1956 وركز فيه فقط على الكُتّاب الأجانب، باستثناء ت. إ. لورانس، مؤلف كتاب «أعمدة الحكمة السبعة»، وهربرت جورج ويلز، الذي عرف بأدب الخيال العلمي.

لم نقرأ في الأدب البريطاني نقداً يتناول لاركن، إنساناً وشاعراً، باعتباره لا منتمٍ، ما عدا بعض الإشارات إلى حياته الشخصية كشخص منعزل وأعزب، وهي إشارات ليست لها أية علاقة بظاهرة اللاانتماء، كتوجه أدبي وفلسفي. إن عدم النظر إليه من هذا المنظور، دفع نقاده إلى اعتبار شعره غامضاً ومتناقضاً، وإلى القول بوجود «لاركنين» أو «جانبين» له. ولكن من خلال النظر إلى لاركن كشاعر وإنسان لا منتمٍ، بالمعنى الوجودي، سنرى أنه كان في انسجام مع نفسه. منذ البداية، كانت لديه آراؤه الوجودية الخاصة فيما يتعلق بالحياة والفن، والذات والآخر، والقلق والاغتراب وحرية الاختيار، كما لو أن جميع أعماله مجرد قصيدة واحدة، يتأمل فيها تلك القضايا الكبرى التي شغلت البشرية في القرن العشرين.

والسبب الثاني، هو موقفه من المرأة، اعتماداً على حياته الخاصة، إذ يرى منتقدوه أنه كان يعاني من عقدة النقص، ومن مظهره الجسدي. لكن بتحليل قصائده، وبعض رسائله الشخصية، سنجد أن مشاكله مع النساء كانت جزءاً من صراعه الأوسع مع الحياة كإنسان لا منتمٍ، وهي تنسجم مع موقفه الوجودي تجاه المجتمع والحياة والالتزام. إنه متردد دائماً، عاجز عن الفعل، بل حتى مجرد رد فعل.

ولهذا السبب، كان يجد مهربه، وعزاءه أيضاً، في عملية التسامي، مستخدماً أنواعاً مختلفة من التقنيات، في قصائده الرئيسية على الأقل، لخلق هذه العملية، التي تساعد الشاعر على تجاوز الأشياء التي يواجهها، والأفكار التي يتأملها، والبيئة المحيطة به، ورفعها إلى مستوى التجريد، حيث نشعر بالسعادة والتحرر من واقعنا الكئيب وتناقضات وجودنا. وهكذا، يبني لاركن عالماً خيالياً، تندمج فيه الذات والموضوع في وحدة واحدة. يستخدم لاركن المواد المادية للواقع، التي يجمعها بوعي، كجسر إلى عالم خيالي، يشعر فيه بالانتماء، ويمكنه أن يقول «هذا مكاني المناسب». لهذا السبب، فإن شعر لاركن يبدو أكثر تعقيداً مما يظنه بعض نقاده، لأنه، أولاً، يعمل على مستويات وجودية مختلفة، وثانياً، بسبب عملية إعادة الخلق والتسامي المتطورة التي يستخدمها في محاولاته لإيجاد إجابات للأسئلة الأساسية التي شغلت عصره، ولا تزال تشغل عصرنا.


«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر

«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر
TT

«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر

«الملك فولتير» في مواجهة «ملك الشمس» لويس الرابع عشر

عندما تطبِق الظُلمة الظلماء على أمة من الأمم في لحظة ما من لحظات تاريخها، فإنه لا يعود في الساحة إلا فلاسفة الدرجة الأولى لكي يضيئوا لها الطريق. ولكنهم عندئذ قد يخاطرون بأنفسهم ويدفعون الثمن باهظاً. عندما شعر أرسطو بالخطر يقترب من رقبته أكثر مما يجب قال هذه العبارة البليغة: «لن أدعهم يرتكبون جريمة أخرى ضد الفلسفة. يكفي أنهم قتلوا سقراط». ثم غادر أثينا مسرعاً تحت جنح الظلام. ومعلوم أن سقراط كان بإمكانه أن ينجو بجلده لو أراد. ولكنه رفض الهرب في آخر لحظة على الرغم من إلحاح تلامذته وأصدقائه الشديد عليه. لقد توسلوا إليه وبكوا على ركبتيه وكانوا جاهزين لتهريبه بكل سهولة ولكنه رفض بإصرار. وفضل بذلك أن يواجه مصيره المحتوم ويتجرع السم الزعاف. وكان بذلك أول شهيد في تاريخ الفلسفة ولكنه لن يكون الأخير. وذلك لأن تهديد المثقفين، بل واغتيالهم على مدار العصور أمر شائع لدى مختلف الأمم والشعوب. بل إنهم المستهدف الأول بالاغتيال حتى قبل رؤساء الدول وقادة الجيوش. لماذا؟ لأن جيوش الفكر أخطر على الظلاميين والرجعيين بكثير. فالتغيير الحقيقي وتبديد حلكات الظلام يتم أول ما يتم على أيدي الفلاسفة والمثقفين الكبار. في البدء كانت الكلمة. الكلمة أخطر من الرصاصة. بعدئذ يأتي الفعل والتغيير العملي. الفكر يسبق السياسة ويعلو عليها وليس العكس. ولكن الفكر بهذا المعنى نادر جداً على عكس ما نتصور. كم هو عدد الفلاسفة الذين غيروا وجه التاريخ البشري؟ يعدون على أصابع اليد الواحدة أو اليدين. بعد الثلاثي سقراط وأفلاطون وأرسطو نقفز قفزة كبرى ألفي سنة لكي نصل إلى ديكارت، وسبينوزا، ولايبنتز، وكانط، وهيغل، ونيتشه وهيدغر... ولكن هل يمكن أن ننسى فولتير، وجان جاك روسو وديدرو الذين تصدوا للظلامية الكاثوليكية بكل قوة؟ بالطبع لا. هذا ما يشرحه لنا أستاذ جامعة بروكسل البروفسور ريمون تروسون في كتابه الضخم عن فولتير (798 صفحة من القطع الكبير). على أي حال، هناك شيء لافت للانتباه هو أنه كلما ازدادت حلكة الظلام اسوداداً اقترب موعد الفجر. كلما احتدت واحتدمت انبجس الفكر المنقذ كفلق الصبح. ما أجمل تلك اللحظة. اشتدي أزمة تنفرجي.

ولكن الشيء الملاحظ أيضاً هو أن التغيير الفكري أصعب أنواع التغيير. إنه أصعب من التغيير المادي. وذلك لأنه يصطدم بعقليات قديمة راسخة منذ مئات السنين رسوخ الجبال. من يستطيع أن يقاوم الشيوخ التقليديين المهيمنين على عقول عامة الشعب؟ من يستطيع أن ينتزع الشعب من براثنهم؟ ولكن التغيير الفكري هو الذي يمهد للتغيير المادي المبتغى. دونه لا تغيير سياسياً حقيقياً ولا من يحزنون. ولذلك قال فلاسفة الأنوار في أوروبا ما فحواه: «شعارنا المقبل هو تغيير الفكر والعقليات أولاً». ينبغي تهذيب الجنس البشري وتنويره وتثقيفه وتخليصه من براثن الطائفية والطائفيين. وبعدئذ يصبح كل شيء ممكناً. بعدئذ يجيء التغيير السياسي تحصيل حاصل. يقول لنا ريمون تروسون ما يلي: «كان هناك ملك جبار في القرن السابع عشر هو لويس الرابع عشر. إنه الملقب بـ(الملك الشمس) باني قصر فرساي العظيم. وكان هناك شخص آخر يتربع على عرش الفكر والآداب الفرنسية في القرن الثامن عشر هو: الملك فولتير. وملك الفكر لم يكن يقل أهمية عن ملك السياسة إن لم يزد». ثم يضيف أستاذ جامعة بروكسل الحرة قائلاً: لا تعتقدوا أن زعيم الأنوار الفرنسية كان ملحداً كارهاً للدين في المطلق. انزعوا من أذهانكم هذه الصورة الخاطئة التي شاعت عنه. لقد كان مؤمناً كل الإيمان بالله والقيم المثالية والأخلاقية العليا للدين. وكان يقول حرفياً لا مخلوق من دون خالق، ولا مصنوع من دون صانع. ولكنه لم يكن مؤمناً على طريقة المتعصبين الطائفيين. كان فولتير يفرق بين شيئين لا يستطيع الشعب الفقير الأمي الجاهل أن يفرق بينهما: الدين/ والطائفية. ولكن معظم الناس بمن فيهم عديد المثقفين لا يستطيعون التفريق بينهما. إنهم يعتقدون أنهما شيء واحد. وعن هذا الاعتقاد الخاطئ تنتج المشاكل والمجازر. فالدين في سموه وعلوه وتعاليه غير الطائفية الضيقة المنغلقة على ذاتها داخل جدران التعصب الفئوي الأعمى. وللتعصب حلاوة في القلب لا تعادلها حلاوة. وبما أن المسيحية في عصره كانت لا تزال أصولية متطرفة، فإن الأكثرية الكاثوليكية كانت تضطهد الأقلية البروتستانتية وتكفرها وتبيح إبادتها شرعاً. كان يبرر ذلك شخص لاهوتي كهنوتي خطير يدعى جاك بوسويه (1627 - 1704). وهو أكبر أصولي فرنسي في ذلك العصر وربما في كل العصور. وكان خطيباً مصقعاً لا يشق له غبار. حتى لويس الرابع عشر كان يخشاه أشد الخشية ويحسب له ألف حساب. وقد هيج الملك على البروتستانتيين في خطبة نارية قائلاً له ما فحواه: «هؤلاء البروتستانتيون الزنادقة لا مكان لهم على أرض المملكة الكاثوليكية الطاهرة. فإما أن يتخلوا عن مذهبهم وعقائدهم الخاطئة ويعتنقوا المذهب الكاثوليكي فوراً، وإما أن يبادوا عن بكرة أبيهم. فالمذهب الكاثوليكي البابوي الروماني هو وحده الفرقة الناجية في المسيحية. وهو وحده المذهب الصحيح المرضي عنه عند الله. وكل ما عداه كفر وهرطقة وخروج على شرع الله. المسيحي الحقيقي الشرعي لا يمكن أن يكون إلا أكثرياً كاثوليكياً» (بين قوسين: نقول ذلك على الرغم من أن الأقلية البروتستانتية كانت هي الأقرب إلى المفهوم العقلاني والحداثي المتسامح للدين وأن الأغلبية الكاثوليكية كانت هي الأقرب إلى المفهوم التكفيري الرجعي الشديد التعصب والعدوانية. ولكن الحق دائماً مع الأقوى. كان ذلك عصر الظلمات الفرنسية...). ينبغي العلم أن الشعب الفرنسي كان كاثوليكياً بنسبة 80 في المائة والباقي أقليات بروتستانتية. وقد نفذ الملك الجبار كلامه حرفياً واجتاح المناطق البروتستانتية وحصلت أكبر حرب أهلية في تاريخ فرنسا. ولا يزال الفرنسيون يخجلون بها ويتأسفون عليها ويعتذرون عنها حتى اللحظة. في ذلك الوقت لم يكن هناك رأي عام دولي يحمي سكان الأقليات ويمنع المتطرفين من الاختلاء بهم وإعمال المجازر فيهم... نحن في القرن السابع عشر لا في القرن الحادي والعشرين.

هذا التعصب الأصولي التكفيري الأعمى هو الذي نهض فولتير ضده بكل قوة وحاربه طيلة حياته كلها. كانت تلك هي قضيته المركزية الأولى التي لا قضية بعدها أو قبلها. قضية التنوير كانت أعز عليه من روحه. نقول ذلك على الرغم من أنه كان أكثرياً كاثوليكياً مثل جاك بوسويه ولا يعاني عقدة الاضطهاد على عكس مثقفي الأقليات. وهنا تكمن عظمته. فلا شيء كان يجبره على محاربة أساطين مذهبه وطائفته القوية الجبارة المعتدة بعددها وعديدها. لا شيء كان يجبره على التصدي لهم وبخاصة أنهم كانوا قادرين على اغتياله بكل سهولة. يكفي أن يرسلوا إليه أحد الجهلة المهووسين بالتعصب لكي يرديه قتيلاً. ولهذا السبب كان يتخفى عن الأنظار لبعض الوقت عندما تحمّر عليه الأعين أكثر مما يجب. كان «ينزل تحت الأرض» كما يقال ثم سرعان ما يعود إلى السطح بعد شهرين أو ثلاثة لكي يناوشهم مجدداً ويواصل المعركة ضدهم. ولا شيء كان يجبره على الدفاع عن الأقليات اللهم إلا ضميره الأخلاقي بصفته مثقفاً عالمياً يكره الطائفية والطائفيين. لهذا السبب ظل اسمه لامعاً على صفحة التاريخ. وذلك لأنهم حتى في الصين، حتى في الهند واليابان، يعرفون من هو فولتير هذا، ناهيك عن العالم العربي. إنه لشيء ممتع أن يغطس المرء في كتاب البروفسور ريمون تروسون الضخم هذا. نقول ذلك وبخاصة أنه مكتوب بأسلوب ناصع وتبحر علمي مكين. فهو من أعظم الأكاديميين المتبحرين في العلم. أنا شخصياً أغطس فيه بكل استمتاع في نهايات هذا العام المنصرم. كما وأغطس في كتبه الأخرى لأنه مختص كلياً بفلسفة الأنوار في القرن الثامن عشر. لماذا أركز كل هذا التركيز على تلك الفترة من تاريخ أوروبا؟ لأني أعتقد أن العالم العربي يعيش في ذلك الحز الفاصل بين العصور الوسطى والعصور الحديثة. إنه يعيش في عصر فولتير لا في عصر سارتر، وفوكو وبورديو وبقية مثقفي فرنسا الحاليين، حيث اختفت المشكلة الطائفية نهائياً. فلم يعد هناك كاثوليكي واحد يحقد على بروتستانتي أو العكس. هذه هي بعض جوانب المعركة الكبرى التي يشرحها لنا البروفسور ريمون تروسون بكل تمكن واقتدار. نسيت أن أقول إن كتابه الآخر عن جان جاك روسو يشمل ثلاثة مجلدات كبرى. مئات الصفحات، آلاف الصفحات، كنز الكنوز.


إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر

إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر
TT

إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر

إعلان القائمة الطويلة لجائزة بوكر

أعلنت لجنة الجائزة العالمية للرواية العربية (المعروفة بـ«البوكر العربية») صباح اليوم القائمة الطويلة لدورة عام 2026. وتم اختيار الـ16 المرشحة من بين 137 رواية، ضمن 4 روايات من مصر، و3 من الجزائر، و2 من لبنان، ورواية واحدة من السعودية، والعراق، والمغرب، وسوريا، واليمن، وتونس، وعمان. وتنوعت الموضوعات والرؤى التي عالجتها هذه الروايات كما جاء في بيان اللجنة، وهي:

«ماء العروس» للسوري خليل صويلح، و«خمس منازل لله وغرفة لجدتي» لليمني مروان الغفوري، و«الاختباء في عجلة الهامستر» للمصري عصام الزيات، و«منام القيلولة» للجزائري أمين الزاوي، و«عمة آل مشرق» لأميمة الخميس من السعودية، و«عزلة الكنجرو» لعبد السلام إبراهيم من مصر، و«أيام الفاطمي المقتول» للتونسي نزار شقرون، و«البيرق» للعُمانية شريفة التوبي، و«فوق رأسي سحابة» للكاتبة المصرية دعاء إبراهيم، و«في متاهات الأستاذ ف. ن.» للمغربي عبد المجيد سباطة، و«الرائي: رحلة دامو السومري» للعراقي ضياء جبيلي، و«غيبة مي» للبنانية نجوى بركات، و«أصل الأنواع» للمصري أحمد عبد اللطيف، و«حبل الجدة طوما» للجزائري عبد الوهاب عيساوي، و«الحياة ليست رواية» للبناني عبده وازن، و«أُغالب مجرى النهر» للجزائري سعيد خطيبي.

وستُعلَن القائمةُ القصيرة للجائزة في فبراير (شباط) المقبل، والرواية الفائزة في التاسع من أبريل (نيسان) 2026 في احتفالية تُقام في العاصمة الإماراتية أبوظبي.