الاتحاد الأوروبي يدعو إلى «الاقتداء» بتسيبراس

رئيس الوزراء اليوناني
رئيس الوزراء اليوناني
TT

الاتحاد الأوروبي يدعو إلى «الاقتداء» بتسيبراس

رئيس الوزراء اليوناني
رئيس الوزراء اليوناني

لم تؤثّر موجة الصقيع القطبي التي ضربت اليونان في الأيّام الماضية على سخونة المناخ السياسي التي أوشكت أن تطيح بحكومة أليكسيس تسيبراس، بسبب إصراره على الاتفاق الموقّع مع مقدونيا، والذي يواجه معارضة 3 أرباع اليونانيين تقريباً، وفقاً لآخر الاستطلاعات.
ويستعدّ رئيس الوزراء اليوناني للاحتفال نهاية الأسبوع الحالي بمرور 4 سنوات على بداية ولايته، التي عاشت اليونان خلالها أصعب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في تاريخها الحديث، في الوقت الذي تحوّل إلى مثال تدعو بروكسل إلى الاقتداء به في وجه العواصف التي تهبّ على المشروع الأوروبي من جوانب عدّة.
جاء تسيبراس إلى رئاسة الحكومة من أعماق اليسار اليوناني المتطرّف الذي يضرب جذوره في الحركة النقابية، وأمسك بدفّة سفينة تترنّح على شفير الغرق أو الخروج من الميناء الأوروبي بعد أن وُضِع اقتصادها في غرفة العناية الفائقة، ونمت حولها الديون من كل جانب. لم يشعر الشركاء الأوروبيون يومها بالارتياح للرئيس اليساري في إدارة أزمة تقتضي تضحيات كبيرة من المواطنين، وخفض الخدمات الاجتماعية إلى الحد الأدنى، وضخّ مبالغ مالية ضخمة في القطاع المصرفي. لكن تسيبراس فاجأ الجميع حتى أصبح «قدوة» في نظر المفوضيّة الأوروبية والمؤسسات المالية الدولية، عندما استطاع أن ينجز كامل بنود الاتفاق لإنقاذ الاقتصاد اليوناني ومنع خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، بينما كانت اليونان تعيش على الخطوط الأمامية لأكبر أزمة هجرة في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وها هو رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر يعترف منذ أيّام بأن بروكسل «بالغت في الإجراءات التقشفيّة التي فرضتها على اليونان»، ويدعو أوروبا إلى الاقتداء بالمثال اليوناني مع بداية أفول نجم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتعثّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والجعجعة الدائرة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو عدم خروجها.
وإلى جانب المدائح الأوروبية المتتالية، يجمع اليساري تسيبراس دعم واشنطن، وإن كان من باب الحاجة الاستراتيجية إلى تحالفاتها العسكرية في شرق المتوسط وسياستها في منطقة البلقان.
لم يراهن أحد على بقائه طويلاً في الحكم عندما وصل إليه مطلع العام 2015، بعد أزمات سياسيّة مدوّية شهدت استقالات بالجملة في كل الأحزاب اليونانية. وأمام كل حاجز، كان المراقبون يتوقعون سقوطه، خاصة في يونيو (حزيران) 2015 عندما وضعته بروكسل، مدفوعة من ألمانيا، أمام خيارين لا ثالث لهما؛ الخروج من الاتّحاد أو القبول بحزمة الإجراءات التقشفيّة الصارمة المفروضة عليه.
وكان قرار تسيبراس يومها الدعوة إلى استفتاء، رفض فيه اليونانيون برنامج الإنقاذ الأوروبي بنسبة 60 في المائة، لكن تسيبراس، الذي اعترف مؤخراً بأنه كان يرفض كليّاً أن يدخل التاريخ بأنه الرئيس اليوناني الذي أخرج بلاده من الاتحاد الأوروبي، قرّر تجاهل نتيجة الاستفتاء الذي لم يكن ملزماً، وقبل بالشروط التي فرضتها بروكسل. وبعد سنوات ثلاث، خرجت اليونان من نفق البرنامج التقشّفي بفائض أوليّ في ميزان المدفوعات وتراجع ملحوظ في نسبة البطالة، رغم المشهد الكارثي الذي خلّفته الإجراءات التي فرضتها بروكسل بعد القرض الثالث والأخير.
ولم تقتصر الرهانات التي توقّعت سقوط تسيبراس على شركائه الأوروبيين، فقد واجه تمرّداً داخل حزبه انتهى بانفصال مجموعة من النواب عنه احتجاجاً على «استسلامه» للإجراءات الأوروبية. لكنه سارع إلى الدعوة لإجراء انتخابات في سبتمبر (أيلول) الماضي، وعاد ليبدأ ولاية جديدة في زعامة الحزب، مشوبة ببعض الانكفاء والمرارة. ثم جاءت أزمة المهاجرين التي بلغت ذروتها في ربيع العام 2016 عندما تحوّلت اليونان إلى مخيم قسري لما يزيد عن 60 ألف أجنبي بعد الاتفاق الذي وقّعه الاتحاد الأوروبي مع تركيا، وإقفال بوّابة البلقان التي كان المهاجرون يعبرون منها إلى الشمال الأوروبي. لكن برغم الظروف القاسية التي واجهت المهاجرين في بعض المناطق، خاصة في فصل الشتاء، كانت إدارة اليونان للأزمة محط إعجاب وتقدير في أوروبا.
وأبحر تسيبراس بين ملفّات معقّدة كثيرة في السنوات الأربع المنصرمة، لكنه استطاع مواصلة مسيرته في بلد نسي منذ عقود طعم الحكومات اليسارية. كانت البداية مع انشقاق صديقه وزير المال يانيس فاروفاكيس، الذي كان معترضاً بشدة على شروط برنامج الإنقاذ الأوروبي، ثم كانت العلاقة المتوترة مع الكنيسة الأرثوذكسية الواسعة النفوذ في اليونان، والمواجهة المستمرّة مع السلطة القضائية التي تسيطر على مؤسساتها القوى اليمينية والمحافظة، والتي أجهضت محاولته إصلاح قطاع الإعلام المسموع والمرئي، الذي تهيمن عليه مجموعة من رجال الأعمال، الذين ينشطون علناً لعودة اليمين. لكن أحداً لا ينكر أن تسيبراس اليوم أقوى مما كان عليه منذ 4 سنوات، وأنه أظهر براعة غير مألوفة في المناورة خلال أصعب الظروف التي مرّت بها بلاده. وليس مستغرباً أن يلجأ الحريصون على المشروع الأوروبي والخائفون على ديمومته من صعود الشعبويين واليمين المتطرّف، إلى تسويق التجربة اليونانية، وامتداح زعيمها على بُعد 3 أشهر من الانتخابات الأوروبية الحاسمة.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.