الائتلاف السوري يرفض المشاركة في مؤتمر يعيد الشرعية للأسد

مروة يرى أن الأجواء لا تعكس رغبة من المجتمع الدولي في عقد «جنيف 2» .. والمعلم يصف المعارضة بـ «واهمون»

عنصران من قوة نرويجية - دنماركية سوف تتولى نقل الأسلحة الكيماوية السورية لتدميرها في البحر (إ.ب.أ)
عنصران من قوة نرويجية - دنماركية سوف تتولى نقل الأسلحة الكيماوية السورية لتدميرها في البحر (إ.ب.أ)
TT

الائتلاف السوري يرفض المشاركة في مؤتمر يعيد الشرعية للأسد

عنصران من قوة نرويجية - دنماركية سوف تتولى نقل الأسلحة الكيماوية السورية لتدميرها في البحر (إ.ب.أ)
عنصران من قوة نرويجية - دنماركية سوف تتولى نقل الأسلحة الكيماوية السورية لتدميرها في البحر (إ.ب.أ)

سيكون على الائتلاف الوطني السوري وهيئاته المختلفة التي ستجتمع في إسطنبول نهاية الأسبوع الحالي أن تتخذ قرار «مصيريا» بشأن المشاركة في مؤتمر «جنيف2» في الوقت الذي تتعرض فيه لضغوط متعارضة بين من يحثها على المشاركة وبين الرافض لها. وقد أعلن الائتلاف أمس رفضه المشاركة في المؤتمر «إذا كان سيعيد الشرعية للرئيس السوري بشار الأسد ونظامه»، بينما قال نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم إن «من يعتقد من المعارضة أنه ذاهب إلى (جنيف2) لتسلم السلطة واهم، فنحن نذهب لنرى من يرفض من المعارضة التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا ويرفض الإرهاب ويعمل من أجل صنع سوريا المستقبل».
ورأى هشام مروة، عضو الائتلاف الوطني، أن موضوع تسليم السلطة ليس واردا بالنسبة إلى النظام منذ اللحظة الأولى، وهذا ما سبق أن عبر عنه الرئيس الأسد وعدد من المسؤولين السوريين، إضافة إلى ممثلين روس وإيرانيين، وكان آخرها ما قاله وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، حيال إمكانية أن ينتج عن «جنيف2» تشكيل حكومة موحدة من المعارضة والنظام. ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى الخلافات بين الدول الأساسية الراعية للمؤتمر، ولا سيما روسيا وأميركا، وهو الأمر الذي قد يؤخر موعد المؤتمر، في ظل محاولة النظام تحسين وضعه العسكري على الأرض.
وأوضح مروة أن كل الأجواء المحيطة بـ«جنيف2» لغاية الآن لا تعكس رغبة من المجتمع الدولي بعقد المؤتمر، مجددا تأكيده رفض المعارضة المشاركة في «جنيف2»، ما لم توفر الضمانات، المتعلقة بتنفيذ مقررات «جنيف2» وتحديد جدول زمني لذلك وجعلها مرتبطة بعقوبات جزائية إذا لم يجرِ الالتزام بها.
بدوره، أكد الأمين العام للائتلاف الوطني السوري المعارض بدر جاموس رفض المشاركة في «جنيف2» إذا كان سيعيد الشرعية المفقودة للأسد، لأنه عندها يكون غير قادر على تقديم أي فائدة للسوريين». وأشار جاموس إلى أن «السوريين يأملون، ويريدون من مؤتمر (جنيف2) الوصول إلى بداية النهاية والفصل الأخير لبشار الأسد ونظامه بعد كل هذه المجازر واستخدام السلاح الكيماوي ضد السوريين».
وفي لقاء مع مجموعة صحافية أمس، عرض سفير الائتلاف في باريس منذر ماخوس الوضع «الصعب» للمعارضة وشروطها للمشاركة انطلاقا من مبدأ أن ذهابها إلى «جنيف2» سيكون من أجل «تنفيذ خريطة الطريق المنصوص عليها في (جنيف1) وليس من أجل الموافقة على بقاء الأسد في السلطة بطريقة أو بأخرى». كذلك فإن ماخوس يرفض، باسم الائتلاف، قراءة النظام لموضوع تشكيل سلطة انتقالية وفق ما عبر عنه وزير الخارجية وليد المعلم أو رئيس الحكومة وائل الحلقي، فالأول دعا إلى إقامة «حكومة مشاركة»، بينما الثاني تحدث عن قيام «حكومة موسعة». وفي الحالتين، يعني ذلك بالنسبة للمعارضة بقاء هيمنة الأسد على السلطة والدولة واستمرار نظام الفساد والديكتاتورية، بينما المطلوب «سلطة انتقالية حقيقية يكون لها الإشراف على الجيش والأجهزة الأمنية وتتمتع بكل السلطات التنفيذية».
وأكثر من ذلك، طالب ماخوس بإيجاد «آلية دولية» عبر قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يلزم الأطراف بتنفيذ الاتفاق. وفي أي حال، يريد الائتلاف رفع سقف مطالبه من خلال الإصرار على إقامة منطقة حظر جوي كلي أو جزئي لوقف مجزرة البراميل المتفجرة فوق رؤوس السوريين، وبإقامة ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، بيد أنه في الوضع الراهن واستمرار النظام وحلفائه في التمسك بمواقفهم المتشددة، لا يبدو في الأفق بصيص نور يمكن للائتلاف أن يتمسك به ليبرر مشاركته في المؤتمر الموعود. ولذا يتحدث ماخوس عن وجود «تيار» داخل الائتلاف يدعو إلى رفض المشاركة والتركيز بدل ذلك على إقامة حلف واسع سياسيا وعسكريا يضم ميدانيا الجبهة الإسلامية والجيش السوري الحر وضباط سوريا الأحرار وجبهة ثوار سوريا الجديدة التي تضم، وفق ما يؤكده، 16 تنظيما. وبرأيه فإن هذه الجبهة قادرة، إذا حصلت على الدعم اللازم، أن تغير ميزان القوى ميدانيا، وهو ما يرفض الأميركيون النظر فيه، بل إنهم يضغطون على المعارضة للذهاب إلى جنيف من غير ضمانات ومن غير أفق سياسي حقيقي.
ويرفض سفير المعارضة رفضا مطلقا التوجه الروسي الذي أخذ يؤكد أن غرض جنيف هو محاربة الإرهاب، ما يعني إعلان حرب بين المعارضة «المعتدلة» وفصائلها المقاتلة من جهة، وبين جبهة النصرة وداعش من جهة أخرى، مؤكدا أن الهدف الأوحد اليوم هو التخلص من نظام الأسد، وسيترك للسوريين بعد سقوطه أن يقرروا شكل النظام الذي يريدونه.
ويلقي ماخوس باللوم على الولايات المتحدة الأميركية التي يتهمها بالتوصل إلى تفاهم مع روسيا يقوم على بقاء الأسد في السلطة مقابل تخليه عن السلاح الكيماوي، بيد أنه يسارع إلى القول إنه «لا يملك دليلا» على ما يقول، بل هو تحليل للمؤشرات المتوافرة.
ويرى ماخوس أن «لا أمل من (جنيف2)» في ظل الظروف الراهنة، ولا فائدة من القيام بذلك إذا كان الأسد سيفرض شروطه، لكنه ينبه في الوقت عينه إلى تكتيك النظام السياسي الذي يريد دفع المعارضة للامتناع عن المشاركة لتحميلها مسؤولية الفشل. وفي أي حال، بدأت تسمع أصوات تدعو إلى تأجيل الاجتماع لشهر فبراير (شباط) القادم.
في المقابل، أعلن وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم أن سوريا تسعى لعقد مؤتمر «جنيف2» لأن لديها «رؤية واضحة تنطلق من تطلعات الشعب السوري وتلتزم بتوجيهات الرئيس الأسد وتسعى لإنجاح هذا المؤتمر».
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عنه القول إنه «في حال لم يعقد مؤتمر (جنيف2) في موعده فيجب سؤال الولايات المتحدة عن عدم تشكيلها وفدا من المعارضة وفشلها في ذلك»، مضيفا: «نحن في جنيف لن نقبل عقد صفقات مع أحد، وسيكون الحوار سوريا سوريا وبقيادة سورية».
وعن خطط الحكومة السورية في حال فشل مؤتمر جنيف، قال المعلم: «لدينا برنامج سياسي ومؤتمر الحوار الوطني الذي سيكون تحت السماء السورية بالتوازي مع مواصلة الجيش العربي السوري القيام بواجبه الدستوري في الدفاع عن الشعب السوري والقضاء على الإرهاب». وبينما أكد المعلم تمسك سوريا بمشاركة إيران في المؤتمر، قائلا: «من غير المنطقي والمعقول استبعاد إيران من المشاركة لأسباب سياسية من الولايات المتحدة وممن يسمون أنفسهم معارضة»، رأى أن «الجامعة العربية بوضعها الراهن لا تشرف أي مواطن عربي، لذلك نحن فخورون بأننا لسنا أعضاء فيها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».