القمة الاقتصادية في موعدها رغم تصعيد «حركة أمل» ضد مشاركة ليبيا

فارق البُعد الزمني مع قمة شرم الشيخ قد يُضعِف مستوى التمثيل العربي في بيروت

TT

القمة الاقتصادية في موعدها رغم تصعيد «حركة أمل» ضد مشاركة ليبيا

تنعقد القمة الاقتصادية التنموية العربية في موعدها في بيروت، بتمثيل عربي قد لا يكون من صف الرؤساء والقيادات الأولى، بالنظر إلى أنها تأتي قبل القمة العربية - الأوروبية التي تعقد الشهر المقبل في شرم الشيخ، وتشارك فيها قيادات الصف الأول، وذلك إثر الجدل القائم في لبنان حول مشاركة ليبيا فيها والتصعيد الذي أبداه فريق «حركة أمل» تجاه هذه المشاركة.
واستبعدت مصادر واسعة الاطلاع عبر «الشرق الأوسط» أن تتطرق القمة الاقتصادية في بيروت بالعمق إلى إعادة إعمار سوريا، متوقعة أيضاً أن تكون مشاركة المسؤولين العرب من مستوى رؤساء الحكومات والوزراء المعنيين في الاقتصاد والتنمية، إلى جانب وفود من مستويات رفيعة. وشددت المصادر على أن التمثيل من هذا الحجم «لا يمكن أن يُفسر على أنه إحجام عن المشاركة، بل كون القيادات العربية من مستوى الرؤساء ستجتمع في شرم الشيخ خلال القمة العربية - الأوروبية في النصف الأول من فبراير (شباط) المقبل» والذي يلي القمة الاقتصادية العربية التي تنعقد في موعدها في بيروت في 19 و20 يناير (كانون الثاني) الجاري.
وقالت المصادر إنه لا تلوح في الأفق مساع لرفع الحظر عن عضوية سوريا في الجامعة العربية الآن، مشددة على أن الموضوع «مؤجل الآن».
وأشار وزير مكافحة الفساد في حكومة تصريف الأعمال نقولا تويني في حديث إذاعي إلى أن لبنان «ليس هو من يقود سياسة القمة العربية الاقتصادية بل الجامعة العربية هي المسؤولة عن هذه القمة»، معتبرا أن «لبنان هو أول من احتج على تنحية سوريا عن هذه القمة، وأن لبنان الرسمي يريد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وأن تمارس دورها كبقية الدول العربية».
وعن موضوع دعوة ليبيا، أكد أن «الموضوع وطني وليس طائفيا، وأن الرئيس (ميشال) عون وكل الدولة مهتمون بمعرفة مصير الإمام الصدر ورفيقيه من قبل الحكومة الليبية الحالية التي وعدت لبنان بجلاء الحقيقة في أسرع وقت ممكن»، مشيرا إلى «أن عملية الدعوة لا تعود إلى لبنان بل إلى الجامعة العربية»، مشددا على أنه «في ظل التحديات التي يعيشها لبنان لا سيما الخطر الإسرائيلي علينا أن نعود إلى الوحدة، وأنه لا توجد تناقضات حادة في موضوع سوريا أو ليبيا»، داعيا إلى «الكف عن المناكفات السياسية وأن نظهر في مظهر الوحدة وأن لا نختلف في مواضيع أشبعناها بحثا، وأن نتقارب مع سوريا لأن هناك تكاملا جغرافيا معها من أجل النمو الاقتصادي في لبنان، وهذا موقف الرئيس عون».
وارتفعت حدة التصعيد من قبل فريق «حركة أمل» ضد مشاركة ليبيا في القمة الاقتصادية العربية. وعن الإجراءات التي من الممكن أن تتخذها الحركة في حال دعوة ليبيا، أشار النائب علي بزي إلى «انعقاد اجتماع طارئ للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بهيئتيه التشريعية والشرعية، وكان البيان الصادر واضحا بأننا ذاهبون إلى أبعد مدى وأن كل شيء وارد»، معتبرا أن هذا الموضوع «لا يحتمل المزاح، ولا يجربنا أحد، وهو موضوع غير قابل للصرف على الإطلاق».
بدوره، قال النائب هاني قبيسي: «بكل وضوح وصراحة لن نقبل بحضور أي وفد ليبي لحضور القمة الاقتصادية في بيروت، لن نقبل بزيارة أي وفد ليبي لبيروت، أدوات النظام الليبي البائد ما زالت في الحكم وهي نفسها رفضت أي تعاون مع لبنان ومع اللجنة القضائية المكلفة بمتابعة قضية الإمام السيد موسى، لا بل تعرضت للمضايقات خلال عملها في ليبيا، فالإمام السيد موسى الصدر لا يعني طائفة فحسب قضيته قضية كل لبناني ولا نقبل المساومة في هذه القضية». وقال: «نقول للأخ الرئيس نبيه بري نحن رهن إشارة القرار الذي تتخذه، ولن نقبل بمشاركة أي وفد ليبي وليحصل ما يحصل».
من جهة أخرى، صعّد مناصرو «حركة أمل» موقفهم تجاه مشاركة ليبيا في القمة العربية المقررة في بيروت الشهر الحالي على خلفية قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، إذ أزال هؤلاء المناصرون مساء أمس، الأعلام الليبية المرفوعة ضمن أعلام الدول العربية على الواجهة البحرية لبيروت واستبدلوا بها أعلام «أمل». وقال النائب علي بزي: «تصعيدنا لا حدود له، فليطلبوا من الوفد الليبي عدم القدوم وليعتذروا عن دعوته، لأنه لن يدخل إلى لبنان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».