حافلات تجلي عناصر «داعش» من الجيب الأخير شرق الفرات

TT

حافلات تجلي عناصر «داعش» من الجيب الأخير شرق الفرات

فيما تستعد «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من قوات التحالف، لشنّ هجومها الأخير على الجيب الأخير لتنظيم داعش، المتركز في أطراف بلدة السوسة ومحيطها، تم أمس خروج أكثر من 200 شخص، معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين، عقب عملية دخول 10 شاحنات إلى جيب التنظيم، لنقل دفعة جديدة من المرتقب أن تخرج خلال الساعات المقبلة، ليصل تعداد من خرجوا منذ نحو 45 يوماً إلى نحو 17 ألفاً، بحسب ما نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وتم السبت إجلاء أكثر من 600 مدني من آخر معقل للتنظيم في محافظة دير الزور شرق سوريا، وقال المرصد: «خرجت أول دفعة على متن أكثر من 25 حافلة؛ حيث خرج أكثر من 600 شخص، غالبيتهم من الأطفال والنساء» قرب بلدة سوسة، من قبل «قوات سوريا الديمقراطية» والتحالف الدولي ضد التنظيم المتطرف.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن عشرات المقاتلين كانوا بين الأشخاص الذين تم اجلاؤهم، ونقلوا إلى مناطق خاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية».
وأوضح أنه بذلك يرتفع إلى 17 ألفاً، عدد الأشخاص الذين تركوا مناطق سيطرة تنظيم داعش، منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينهم 760 مقاتلاً.
وأوضح: «إنها المرة الأولى التي تقوم فيها (قوات سوريا الديمقراطية) وقوات التحالف بتأمين حافلات لنقل المدنيين»، مشيراً إلى أنه ربما يكون قد تم التوصل إلى اتفاق بهذا الصدد بين الطرفين. وفي ردّ على استفسار من «الشرق الأوسط»، حول ظروف نقل المقاتلين، قال رامي عبد الرحمن، إن «الاتفاق على الأرجح غير معلن، وإنه استسلام من قبل قوات التنظيم بضمانة العشائر في المنطقة. مع إشارة إلى أن المقاتلين رفضوا الخروج إلى العراق. وتحدث مدير المرصد عن إخراج ما لا يقل عن 43 مليون دولار في أيدي المقاتلين، وأن بعضهم من جنسيات أوروبية ومن وسط آسيا دفعوا رشاوى كبيرة للخروج عبر تركيا.
وخلال الأشهر الستة الماضية، فرّ نحو 25 ألف شخص من المعارك في شرق سوريا، بحسب ما أعلنته المفوضية العليا للاجئين، الجمعة. وأوضحت المفوضية أن بعضهم أمضى بضع ليالٍ في العراء قبل أن يتم إيواؤهم في مخيمات.
وتشن «قوات سوريا الديمقراطية» التي تتألف من أكراد وعرب بدعم من قوات التحالف، هجوماً منذ سبتمبر (أيلول) الماضي على آخر مواقع تنظيم داعش شرق الفرات.
وتمكنت هذه القوات خلال الأسابيع القليلة الماضية من استعادة بعض البلدات والقرى التي كانت بأيدي التنظيم، بينها هجين والشعفة، في حين لا يزال يسيطر على بعض القرى، مثل سوسة والباغوز.
وأعلنت قوات التحالف، السبت، أنها أطلقت أكثر من 20 صاروخاً ضد آخر مواقع مقاتلي التنظيم، بمعزل عن ضربات مماثلة قام بها الجيش العراقي أيضاً، بحسب ما نقل المرصد.
وبعدما كان التنظيم المتطرف أعلن عام 2014 «الخلافة» في مناطق واسعة من سوريا والعراق، تقهقر لاحقاً، ولم يعد يسيطر حالياً سوى على جيب صغير في شرق الفرات، إضافة إلى جيب آخر في بادية الشام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.