مصادر مصرية مسؤولة: الحوار المجتمعي مع الرئيس منصور ليس المحدد الوحيد لتعديل خارطة المستقبل

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية يدرس في ضوء الوضع الأمني والسياسي

الرئيس المصري المستشار عدلي منصور (رويترز)
الرئيس المصري المستشار عدلي منصور (رويترز)
TT

مصادر مصرية مسؤولة: الحوار المجتمعي مع الرئيس منصور ليس المحدد الوحيد لتعديل خارطة المستقبل

الرئيس المصري المستشار عدلي منصور (رويترز)
الرئيس المصري المستشار عدلي منصور (رويترز)

كشفت مصادر مصرية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» أمس عن أن الحوار المجتمعي الذي بدأه الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور قبل أيام، ليس المحدد الوحيد لتعديل خارطة المستقبل، مشيرة إلى أن تبكير موعد الانتخابات الرئاسية، وإجرائها قبل الانتخابات البرلمانية، تجري دراسته في ضوء الوضع الأمني والسياسي، ولا يتعلق فقط بما ستسفر عنه جلسات الحوار الوطني مع رئيس الدولة.
ونقلت المصادر عن المستشار منصور تأكيده أمس على التزام الرئاسة بالانتهاء من إنجاز كل من الانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال ستة أشهر من إقرار الاستفتاء على الدستور المقرر له منتصف الشهر المقبل، وذلك في رابع لقاء يجمعه مع ممثلين من عدة محافظات مصرية أمس، منذ بدء جلسات الحوار. وتتركز المناقشات حول الأفضلية لإجراء انتخابات البرلمان أولا أم الرئاسة أولا، وسط اتجاه من جانب المشاركين في الجلسات منذ بدايتها بأن تكون انتخابات الرئاسة أولا.
وبشأن ما إذا كانت اتجاهات جلسات الحوار الوطني هي المحدد لأي من الانتخابات ستجري أولا، قالت المصادر المسؤولة ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» إنه «مع الاحترام لتوجهات المشاركين في جلسات الحوار الوطني مع السيد الرئيس، إلا أن تحديد أي من الانتخابات أولا تسهم فيه عدة عوامل، من بينها التقارير الأمنية وتوقعاتها لما يمكن أن يحدث في حال البدء بانتخابات الرئاسة أو البرلمان»، بالإضافة إلى حسابات أخرى تتعلق بالوضع على الأرض، ومنها مدى القدرة على تأمين العملية الانتخابية الرئاسية أولا، في ظل الأوضاع غير المستقرة التي تشهدها البلاد.
والتقى الرئيس المؤقت بمقر الرئاسة بمصر الجديدة شرق القاهرة أمس بأكثر من 90 من ممثلي المحافظات المصرية. واستمع خلال اللقاء لمناقشات المشاركين عن استحقاقات خارطة المستقبل، وما إذا كانت الأسبقية لانتخابات الرئاسية أم البرلمانية. وقالت المصادر إن التوجه العام للمشاركين هو مع إجراء انتخابات الرئاسة أولا بأغلبية كبيرة، وهو نفس التوجه الذي أبداه المشاركون من عدة تيارات وأحزاب سياسية وممثلين لاتحادات العمال والفلاحين وعدد من شباب القوى المختلفة منذ الأسبوع الماضي. وضم لقاء أمس 95 من ممثلي محافظات مصر الـ27. وأوضح بيان صحافي لرئاسة الجمهورية أن الحوار مع ممثلي المحافظات المصرية كشف عن تفضيل 93 من المشاركين لإجراء الانتخابات الرئاسية أولا، في حين فضل إجراء الانتخابات البرلمانية أولا مشاركان. أما فيما يتعلق بتحديد النظام الانتخابي، فقد عبر 67 من الحضور عن رغبتهم في اللجوء للنظام الانتخابي الفردي، في حين طالب 28 باتباع النظام المختلط بنسب متفاوتة.
واستمع الرئيس منصور لمداخلات وآراء الحضور في عدد من الموضوعات، كالاهتمام بتوعية الشباب أو مطالب قطاعية متعلقة بأوضاع الفئات المهنية المشاركة أو مطالب خاصة بمحافظات بعينها، والتي وعد بالنظر فيها. وردا على استفسار بشأن الجدل الدائر حول مدى دستورية عقد الانتخابات الرئاسية أولا، أكد الرئيس منصور على أن هذا الأمر لا يشوبه عوار دستوري، حيث يمكن لكل مرشح رئاسي أن يحصل على تأييد 25 ألفا من أبناء المحافظات المختلفة، في ضوء عدم وجود المجلس النيابي، وذلك وفقا لمشروع الدستور المطروح للاستفتاء الشعبي العام.
وأثنى الرئيس منصور على دور المرأة المصرية في ثورتي 25 من يناير و30 من يونيو، وأشاد بموقفها الصلب ومشاركتها الميدانية، معدا إياها محركا أساسيا لهاتين الثورتين. كما أوضح أنه يرغب في أن تحصل المرأة المصرية على وجود حقيقي في البرلمان من خلال إثبات ذاتها وإظهار كفاءتها، وليس فقط عبر الاعتماد على نظام المحاصصة.
على صعيد متصل، سلم الرئيس منصور في مقر الرئاسة أمس قلادتي النيل الممنوحتين لكل من اسم الرئيس الراحل محمد نجيب، وخالد محيي الدين، عضو مجلس قيادة الثورة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.