البشير يعترف بوجود «معاناة» ويتهم معارضيه بتلقي التعليمات من الخارج

قمع مظاهرة احتجاجية في بورسودان... والخرطوم تتهيأ لجمعة «الحرية والتغيير»

مسيرة احتجاجية في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)
مسيرة احتجاجية في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)
TT

البشير يعترف بوجود «معاناة» ويتهم معارضيه بتلقي التعليمات من الخارج

مسيرة احتجاجية في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)
مسيرة احتجاجية في أحد شوارع الخرطوم (رويترز)

تجددت المظاهرات الاحتجاجية، الشعبية في مدينة «بورسودان» بشرق البلاد مرة أخرى، بعد ساعات من خطاب ألقاه الرئيس عمر البشير على حشد عمالي موالٍ لحكومته بالعاصمة الخرطوم، تعهد خلاله بزيادة الرواتب، واتهم فيه معارضيه بالعمالة وتلقي التعليمات من الخارج، ووصف المحتجين، بالحاقدين، وحمل على الأحزاب التي خرجت عن التحالف مع حكومته ووصفهم بالمتخاذلين. وفي الأثناء يتهيأ مواطنون ومعارضون لمظاهرات من المساجد دعا لها «تجمع المهنيين السودانيين» أطلق عليها «جمعة التحرير».
وقال شهود إن مئات الأشخاص خرجوا في مظاهرة سلمية بمدينة بورسودان ميناء السودان على البحر الأحمر، نددوا خلالها بقمع الحريات وتدهور الأوضاع الاقتصادية، طالبت برحيل النظام الحاكم، ورددوا هتافات «الشعب يريد إسقاط النظام، ويا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور».
وأوضح الشهود أن المتظاهرين الذين تجمعوا في محطة المواصلات العامة، ثم توجهوا إلى «أمانة الحكومة»، لتسليم مذكرة للوالي «حاكم إقليم البحر الأحمر»، تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته، بيد أن الشرطة أطلقت عليها الغاز المسيل للدموع، وفرقتها قبل أن تصل مكتب الوالي، وتحولت إلى مسيرات متفرقة ومعارك كر وفر، بينما تحاول الشرطة وسيارات الأجهزة الأمنية تمشيط الشوارع من المحتجين.
وجاءت مظاهرة بورسودان بعد ساعات قليلة من الخطاب الذي ألقاه البشير على اتحادات العمال والمرأة والمعاشيين، الموالية للحكومة، وحمل فيه على من غادروا حكومته، واتهم خلاله المتظاهرين بالعمالة لدول أجنبية، وتلقي التعليمات من سفاراتها، ووجه اتهامات لجهات ودول ووكالات أنباء، بالتآمر على السودان منذ استقلاله.
وأوضح أن بلاده ظلت تتعرض لحصار اقتصادي طوال 21 سنة، وتعامل باعتبارها دولة راعية للإرهاب دون إدانتها في حادثة إرهابية واحدة، وأضاف: «لا توجد دولة لم تتأثر بالحصار، ونحن معرضون للحصار والحرب، وفقدنا بترول الجنوب موردنا الأول، لكن السودان ظل صامداً».
وأقر البشير بسوء الأوضاع الاقتصادية التي تواجهها البلاد، بقوله: «نعم هناك معاناة نحن نعيشها، ونعمل على حلها وحلحلتها»، وأوضح البشير أن حكومته قدمت الكثير خلال فترة حكمها الممتدة 30 سنة، وتابع: «الشعب السوداني يستحق أن يعيش عيشة كريمة، نريد حل مشاكل الناس، خاصة في الخدمة العامة، ليعمل العاملون بذهن خال من المشاكل، ومن دون مشاكل حياتية».
ووعد البشير بزيادة الرواتب ابتداءً من الشهر الجاري (يناير/ كانون الثاني)، وقال: «الرواتب الآن دون الطموح، لذا قررنا في دراسة زيادة تبدأ من هذا الشهر وليس بعده»، وتعهد بتطوير التأمين الصحي وتعميمه وزيادة رواتب المعاشيين «المتقاعدين» وقال: «هم من أعطوا زهرة شبابهم وجهدهم وجاءت مرحلة حفظ حقوقهم ورعايتهم، بزيادة دخلهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية، العاملون يمكن أن يضربوا، لكن المعاشيين في ذمتنا».
وتعهد البشير بوضع خطط سكنية وصناديق عملية لإسكان العاملين، معتبراً الإيجار حاطاً بكرامة المؤجر، وقال: «توفير السكن من الضروريات، العامل يجب أن يكون مستقرا وأسرته في سكن مستقر»، وتابع: «إن أسكن في راكوبة أفضل من أسكن في بيت إيجار».
ولأول مرة كشف البشير عن تحدره الطبقي، وقال إنه ابن عامل وأسرة فقيرة، وإنه كان يعمل خلال الإجازات حتى «كسرت سنة» لسقوطه أثناء العمل، وإنه تركها على حالها حتى لا ينسى الفقر، وقال: «كنت أعمل خلال العطلات، وكان أبي عاملاً فقيراً محدود الدخل، وسقطت ذات مرة أثناء العمل وانكسرت سني»، وتابع: «لذلك لا نريد أن يحكي لنا شخص عن الفقر والمعاناة لأننا عشناها، ولا نريد أن يعيش أي شخص آخر نفس الظروف التي عشناها».
وحذر البشير من مجموعات تتلقى – بحسب قوله – الدعم من الخارج، بقوله: «لن نلعب بالوطن الغالي مع ناس تأتيهم توجيهات من دول خارجية أو وكالات أنباء، أو مخابرات خارجية»، وتابع: «المظاهرات السلمية ليس حرقاً وتخريباً وتدميراً، الذي حرقوه مال الشعب، وسنعيد بناءه من مال الشعب».
واتهم البشير المتظاهرين بأنهم يعملون على زيادة المشاكل على البلاد، وقال: «نعم هنالك ضائقة ومشاكل تواجه البلد، وهؤلاء الناس يريدون أن يزيدوها، هؤلاء الناس حاقدون على بلادنا، لكنها رغم الكيد، شعبها واقف وهي واقفة على أرجلها، وستظل واقفة وصامدة».
وقال البشير إن حكومته اختارت طريق عزة وكرامة البلاد، ورفضت الطريق السهل والقريب والمذل، وقال: «كان يمكن أن نمشي على الطريق السهل والقريب، ونبيع بلدنا وقرارنا بشوية دولارات، لكن البلد أعز من نبيع كرامتها بدولار ولا وقود ولا قمح».
وتعهد باستغلال موارد السودان للخروج من الأزمة التي يواجهها، وقال: «الميزانية بداية جديدة لمرحلة اقتصادية جديدة، لن نخرج من الأزمة بين ليلة وليلة، لكن سنخرج، لأن الرؤية واضحة والطريق واضح أمامنا».
وشن البشير حملة عنيفة على مجموعة الأحزاب التي خرجت عن التحالف مع حزبه ومن الحكومة: «أقول الناس الذين يتكلمون بأن الحكومة سقطت وأن المركب حتغرق، ويريدون القفز منها، هذه ليست أول مرة يقفزون منها». ووصفهم بأنهم يأتون للحكومة حين تكون الأوضاع مستقرة، ويخرجون عنها «وقت الحارة»، وتابع: «نحن نريد من يركز وقت الحارة، من يركز معنا هو الذي سيستمر معنا».
وأعلنت مجموعة تتكون من 22 حزباً السبت الماضي، فض تحالفها مع حكومة البشير، وقالت إنها انحازت للشعب وللانتفاضة، ونددت بقتل المتظاهرين، ودعت لنظام جديد وتكوين حكومة كفاءات انتقالية، وأشهرها حزبت «الأمة القومي بقيادة نائب رئيس الوزراء الأسبق مبارك الفاضل المهدي، وحركة الإصلاح الآن بقيادة الإسلامي المنشق عن الحزب الحاكم غازي صلاح الدين العتباني».
من جهته، أعلن «تجمع المهنيين السودانيين» الذي تولى تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير، بعد أن التحقت به قوى المعارضة الممثلة في قوى الإجماع الوطني ونداء السودان والتجمع الاتحادي المعارض، أعلن عن سلسلة من المظاهرات السلمية، تبدأ اليوم الجمعة بمظاهرة «جمعة الحرية» تخرج من مساجد البلاد المختلفة، وتتواصل في بقية أيام الأسبوع المقبل.
وجاء في البيان الذي أصدره التجمع في وقت متأخر من ليل أول من أمس، أنه سائر في التصعيد والتظاهر السلمي، بغض النظر عن التهديدات المتكررة للمظاهرات السلمية، وحدد الأحد المقبل موعداً لموكب ينطلق من وسط الخرطوم إلى القصر الرئاسي لتسليم مذكرة تطالب برحيل النظام ورأسه. كما حدد التجمع موكباً رابعاً، بالإضافة إلى موكب الأحد، في مدينة أم درمان يتجه إلى المجلس الوطني «البرلمان» لتسليم مذكرة تطالب برحيل النظام ورئيسه، وتعهد بتنسيق المظاهرات الليلية في كل أنحاء البلاد طوال الأسبوع المقبل.
إلى ذلك توقع قيادي في حزب «المؤتمر الوطني»، الحاكم، إجراء تعديل وزاري محدود يشمل 4 وزارات منها وزارة المالية، بتعيين وزير بديل لمعتز موسى، الذي يتولى الحقيبة بجانب رئاسته للوزارة، كما سيشهد تعديلاً في بعض القطاعات ورئاستها بعد عملية تقييم للأداء خلال فترة المظاهرات، حسب صحف سودانية صادرة، أمس. وفقا لهذه الصحف فإن الحكومة تعاني من نكبات اقتصادية متتالية أظهرت أزمات مختلفة في الوقود والسيولة النقدية، وأدت لانفجار احتجاجات بالولايات والخرطوم منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وسخطا على الوضع الحالي. وفي سبتمبر (أيلول) أعلن الرئيس البشير حل حكومة الوفاق وهيكلة في الأجهزة الحكومية وتقليص للوزارات وإلغاء بعض المناصب الدستورية.
وتشهد عدة مدن وولايات سودانية احتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية ما أدى إلى سقوط 19 حالة وفاة من بينهم أفراد من القوات النظامية وإصابة 219 مواطنا و187 من أفراد القوات النظامية، حسبما أعلن بشارة جمعة أرور وزير الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية يوم الخميس الماضي. فيما أفاد حزب الأمة القومي السوداني المعارض أول من أمس الثلاثاء بسقوط 45 قتيلا و1000 مصاب منذ انطلاق الاحتجاجات. من جهتها، تقول منظمة العفو الدولية إن 37 شخصا توفوا في الاحتجاجات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.