توقع عمليات إرهاب يهودية ضد الفلسطينيين

مسؤول أمني إسرائيلي بارز يحذر منها عشية الانتخابات

TT

توقع عمليات إرهاب يهودية ضد الفلسطينيين

حذر مسؤول كبير في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من الارتفاع الحاد في عدد «جرائم الكراهية» التي ترتكبها عصابات الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة خلال عام 2018 الماضي، وقال إنه ورفاقه في المخابرات يتحسبون من أن تترجم هذه الاعتداءات إلى جرائم مثيلة بـ«محرقة دوما» التي راح ضحيتها عائلة دوابشة في محافظة نابلس في شهر يوليو (تموز) من العام 2015.
وأكد المسؤول الأمني، في تصريحات للمراسلين العسكريين في وسائل الإعلام العبرية، على ما نشره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا) يوم السبت الماضي، من أن «عنف المستوطنين المتطرفين شهد ارتفاعاً مطّرداً منذ مطلع العام 2018، إذ بلغ المعدل الأسبوعي لهجمات المستوطنين التي أفضت إلى إصابات بين صفوف الفلسطينيين أو إلحاق الضرر بالممتلكات الفلسطينية خمس هجمات، بالمقارنة مع ما معدله ثلاث هجمات في العام 2017 وهجمتين في العام 2016». وقال إن معظم الجرائم التي رُصدت في العام الماضي، وقعت في محيط مستوطنة «يتسهار» في منطقة نابلس، وبضمنها 40 اعتداء على عناصر الأمن الإسرائيلية.
وحمل المسؤول الأمني مسؤولية هذه الاعتداءات لكل من قيادات مستوطنة «يتسهار»، التي تغض الطرف عن هذه الجرائم ومساعدة «شبيبة التلال» في بعض أعمالهم العدائية، وكذلك إلى المحاكم الإسرائيلية التي تتساهل مع المتهمين وتطلق سراحهم بسرعة ورفضت خلال العام الماضي، تمديد اعتقال ناشطي اليمين المتطرف وطلبات استصدار أوامر إبعاد عن الضفة الغربية لنشطاء من المستوطنين، ما يحفز شبيبة التلال على مواصلة أعمالهم العدائية، ما أدى إلى تآكل حالة الردع».
وأشار بغضب إلى قرار محكمة إسرائيلية بشطب شهادة معتقل يهودي من عصابات المستوطنين، بذريعة أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، استخدم طرقا غير قانونية لإجبار المعتقل على تقديم شهادته. واعتبر أن ردع «شبيبة التلال» انخفض بشكل ملحوظ مما كان عليه خلال العامين الماضيين، وأشار إلى أن أفراد عصابات «تدفيع الثمن» بما فيها «شبيبة التلال»، باتت تجرؤ على ممارسة نشاطاتها العدائية على مشارف القرى الفلسطينية المحيطة.
ولخص المسؤول تصريحاته بالتحذير من أن يكون هؤلاء الشباب قد قرروا استغلال المعركة الانتخابية القادمة لتنفيذ عمليات إرهاب بشعة على نمط عملية إحراق عائلة دوابشة في دوما، قبل ثلاث سنوات.
وجاءت هذه التحذيرات، أمس، مع الكشف عن وثيقة محفوظة في «أرشيف الدولة» تبين كيف تساهلت السلطات الإسرائيلية مع إرهاب المستوطنين في نهاية السبعينات، مما أدى إلى محاولة اغتيال رؤساء بلديات فلسطينية. ونشر الوثيقة معهد «عكيفوت» المتخصص في كشف الوثائق حول الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وهي عبارة عن محضر يمتد على 48 صفحة، يوثق مداولات أجراها رئيس الوزراء، مناحيم بيغن مع رؤساء أجهزة الأمن الإسرائيلية، في الثالث من يونيو (حزيران) العام 1980. غداة محاولة اغتيال رئيس بلدية نابلس، بسام الشكعة، ورئيس بلدية رام الله، كريم خلف، ورئيس بلدية البيرة، إبراهيم الطويل، بوضع ألغام في سياراتهم، ما أسفر عن إصابة الشكعة وخلف بجراح خطيرة تسببت في بتر سيقانهما، بينما نجا الطويل منها. وقد نفذ الجريمة أعضاء التنظيم السري الإرهابي اليهودي في المستوطنات.
وناقشت الجلسة مجموعة من المواضيع، بينها تطبيق القانون على المستوطنين، ونظر المحكمة العليا في قضايا أمنية وقرارات حكومية، ومنع التغطية الإعلامية لممارسات إسرائيل في الأراضي المحتلة ومنع احتجاجات سياسية. وشارك في هذه المداولات التي عقدها بيغن، بصفته وزير أمن أيضا، كل من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، رفائيل إيتان، ورئيس الشاباك، أبراهام أحيطوف، ومنسق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة، داني ماط، ونائب وزير الأمن، مردخاي تسيبوري. وجرت هذه المداولات تحت عنوان «الوضع في يهودا والسامرة وقطاع غزة».
ويتبين من البروتوكول أن رئيس الشاباك أحيطوف امتنع عن إعطاء تقرير خلال المداولات حول تقدم التحقيق في محاولة اغتيال رؤساء البلديات الفلسطينيين، وقال إنه «لدي كافة الأسباب كي لا أقول شيئا اليوم، حتى أمام هذه الهيئة السرية». وبدلا من ذلك اقترح التركيز على تحديد السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الأشهر التالية. وأوصى أحيطوف باتباع سياسة الحفاظ على الهدوء والحوار مع رؤساء البلديات والمجالس القروية الفلسطينية، بادعاء توقع تصعيد بتنفيذ فلسطينيين عمليات على خلفية الأزمة المتواصلة بين إسرائيل والقيادة الفلسطينية في الأراضي المحتلة.
ويتضح من الوثيقة أن اليمين الإسرائيلي وضع في تلك الأيام بذور سياسته لتقييد المحكمة بالقوانين حتى لا تمنع الحكومة من تنفيذ سياستها المتطرفة. فقد استعرض المشاركون في هذه المداولات تقارير حول الاحتجاجات التي جرت في أنحاء الضفة الغربية وعمليات الجيش الإسرائيلي والشاباك ضد هذه الاحتجاجات. وجرى بين المجتمعين نقاش حول صلاحيات المحكمة العليا بانتقاد أنشطة الحكومة الإسرائيلية، بعد أن لفت ماط إلى ضرورة الاستعداد لإمكانية أن تقرر المحكمة إعادة ثلاث شخصيات فلسطينية – رئيس بلدية الخليل، فهد القواسمي، ورئيس بلدية حلحول، محمد ملحم، والشيخ رجب التميمي من الخليل – إلى الضفة الغربية بعد إبعادهم عنها.
وعقب بيغن على ذلك معتبرا أنه «إذا اضطررنا إلى إعادتهم فهذه ستكون كارثة، برأيي، لكن الحقيقة هي أنه من الناحية السياسية، كرامة القضاة هي التي ستحسم. وعلى الحكومة أن تحترم قرار المحكمة. (مكانة) المحكمة فوق الحكومة». لكنه أضاف أنه «ليس معقولا أن يكون هناك تدخل متكرر في الشؤون الأمنية. أي يجب البدء بالادعاء (أمام المحكمة العليا) بأن ثمة أمرا معينا غير قابل لأن تنظر المحكمة فيه، وإذا لم ينجح هذا الأمر فإنه لا مناص من تغيير القانون». وقال بيغن إنه يوجد مشروع قانون بهذا الخصوص وسيتم تقديمه للكنيست.
وتحدث المشاركون حول «صعوبة» تطبيق القانون على المستوطنين، مقابل تسليحهم في أعقاب محاولات الاغتيال، والتداول في مواجهة جيش الاحتلال لاحتجاجات فلسطينية. كما جرى التداول في تبعات السيطرة على الفلسطينيين بواسطة قوات الجيش الإسرائيلي، ومنع الاحتجاجات السياسية داخل إسرائيل، وتقييد عمل الصحافيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.