مصريون عالقون في ليبيا بين مطرقة المعارك وسندان المعابر

مصادر مصرية وليبية لـ {الشرق الأوسط} : البعد الأمني وراء اختيار رأس جدير لإجلائهم

مصريون عالقون في ليبيا بين مطرقة المعارك وسندان المعابر
TT

مصريون عالقون في ليبيا بين مطرقة المعارك وسندان المعابر

مصريون عالقون في ليبيا بين مطرقة المعارك وسندان المعابر

إذا كان ملف العمالة المصرية في ليبيا قد مثل على الدوام صداعا مزمنا للسلطات المصرية والليبية، فإن عملية إجلاء آلاف المصريين من الأراضي الليبية عن طريق تونس تمثل سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ هذا الملف الشائك.
وقامت السلطات المصرية بتوفير رحلات طيران مجانية لآلاف العمال الغاضبين العالقين على معبر رأس جدير بين ليبيا وتونس، حيث لا يمكن لهؤلاء، كما قال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط»، الوصول إلى شرق العاصمة طرابلس نظرا للاشتباكات الجارية.
وأضاف أن «أغلب هؤلاء هم من عمال المنطقة الغربية، لذلك المنطقي أن يبتعدوا غربا إلى الحدود التونسية وليس أن يقتربوا من القتال الدائر في طرابلس أو المنطقة الشرقية، حيث يخوض الجيش الوطني بقيادة اللواء خليفة حفتر قتالا شرسا ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وفيما قال مسؤول آخر: «لا توجد إحصائيات دقيقة للمصريين في ليبيا أو طرابلس يمكن الاعتماد عليها»، فإن السلطات المصرية تقدر عدد رعاياها المقيمين على الأراضي الليبية بأكثر من 300 ألف مواطن معظمهم من العمال. وقال مسؤول مصري رفض الكشف عن هويته إن القاهرة اختارت الخيار الأنسب لعملية إجلاء عمالها من ليبيا عبر الأراضي التونسية، مشيرا إلى أن نقل المصريين عبر الحدود المصرية الليبية وعبور مناطق التوتر في شرق ليبيا هو أمر محفوف بالمخاطر. وأضاف: «عملية إجلائهم برا عبر الحدود لن تكون سهلة على الإطلاق. نحن نتحاشى أي صدام مع أي جماعات مسلحة في شرق ليبيا. ندرك جيدا أن البعض يريد حدوث مثل هذا الصدام». ولا يقتصر وجود المصريين على مدينة بعينها فهم منتشرون تقريبا في معظم المدن الليبية دون استثناء، وإن كانوا يوجدون بشكل لافت في مدينة مصراتة غرب ليبيا بالإضافة إلى العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي. وقال مسؤولون إنه باستثناء بعض العمال الذين انتابهم الرعب نتيجة تدهور الوضع الأمني في معظم المدن الليبية وفضلوا الرحيل فإن غالبية المصريين يرفضون العودة إلى وطنهم ويفضلون البقاء إلى جانب الليبيين في هذه الظروف العصيبة. وقال مصدر في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»: «أغلب العمال قاعدون هنا. مجموعات قليلة فقط خافت وفضلت الرحيل. لكن بشكل عام ليست هناك أية مشاعر عدائية نحو المصريين إطلاقا».
وأكد ناشطون ومسؤولون في بنغازي أن المصريين هناك بخير على الرغم من القتال شبه اليومي منذ شهر مارس (آذار) الماضي بين جيش حفتر والمتطرفين.
وقال الإعلامي ماهر العوامي من بنغازي: «الطريق من طرابلس لمصراتة أصبح لا يطاق، ولا يقدر المصريون على العبور بيسر للمنطقة الشرقية»، مشيرا إلى أن الجالية المصرية في المدينة هي الأكبر من حيث العدد مقارنة بغيرها.
من جهة اخرى كما تعهد المهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية بتوفير جميع التسهيلات والإجراءات الاستثنائية لتأمين عودة المصريين إلى وطنهم. وقال إن «تعليمات صدرت إلى كافة الوزارات والمصالح المعنية من أجل ضمان تأمين عودة آمنة وسريعة للأشقاء المصريين إلى وطنهم». وأكد المهدي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري الزائر سامح شكري على الإجراءات الاستثنائية التي يحظون بها وما تقدمه تونس من تسهيلات لهم لتيسير عملية عبورهم الآمن من ليبيا إلى مصر.
من جانبه، أعلن شكري أن زيارته لتونس «تأتي في إطار التعبير عن شكر بلاده وتقديرها للجهود التي تبذلها تونس والتسهيلات التي تقدمها من أجل تأمين عبور أبناء الجالية المصرية» الوافدين من القطر الليبي وتأمين عبورهم إلى مصر في أسرع الآجال.
من جانبه , أعلن اللواء بدر طنطاوي محافظ مطروح لوسائل إعلام محلية مصرية، عن إعفاء المصريين العائدين من ليبيا من دفع رسم العبور من منفذ السلوم البري.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».