مجلس «صيانة الدستور» يرفض لائحة غسل الأموال للمرة الثانية

إنذار برلماني لروحاني بسبب الأسعار... والقضاء يحاكم «مختلسين»

متهم بالتلاعب في تهريب العملة يرد على أسئلة قاضي محكمة خاصة بالفساد الاقتصادي بطهران أمس (ميزان)
متهم بالتلاعب في تهريب العملة يرد على أسئلة قاضي محكمة خاصة بالفساد الاقتصادي بطهران أمس (ميزان)
TT

مجلس «صيانة الدستور» يرفض لائحة غسل الأموال للمرة الثانية

متهم بالتلاعب في تهريب العملة يرد على أسئلة قاضي محكمة خاصة بالفساد الاقتصادي بطهران أمس (ميزان)
متهم بالتلاعب في تهريب العملة يرد على أسئلة قاضي محكمة خاصة بالفساد الاقتصادي بطهران أمس (ميزان)

رفض مجلس صيانة الدستور الإيراني للمرة الثانية لائحة «مكافحة غسل الأموال» التي أقرها البرلمان الإيراني في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وهو ضمن أربعة قوانين تفتح الباب على انضمام إيران لمجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف).
وكان المجلس قد أعاد اللائحة إلى البرلمان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما أدى إلى تدخل مجلس تشخيص مصلحة النظام (يفصل في خلافات البرلمان والمجلس)، والذي أبدى تأييده لقرار الرفض.
وعدّ مجلس صيانة الدستور قرار البرلمان «مخالفاً للشرع والدستور»، كما اعتبره مجلس تشخيص مصلحة النظام مخالفاً للسياسات العامة للنظام.
وقال مجلس صيانة الدستور، الذي يشرف على تشريعات البرلمان، إنه أبلغ رئاسة البرلمان قبل أسبوع بقرار الرفض بعد دراسة التعديلات التي أجراها نواب على مشروع الحكومة الإيرانية للانضمام إلى اتفاقية مكافحة غسل الأموال (CFT) ، مشيراً إلى عدم تغيير «إشكالات» طالب برفعها في مسودة القرار، وفق ما نقلت وسائل إعلام إيرانية. وتنفي الحكومة الإيرانية انتقادات داخلية بشأن تأثير مشروع الانضمام إلى اتفاقية فاتف على أنشطة «الحرس الثوري» على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن انضمام بلاده يأتي لتخيف الضغوط الأميركية.
إلى ذلك، وجه عدد من نواب البرلمان الإيراني أمس إنذاراً إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني بسبب ارتفاع أسعار السلع، مطالبين بتدخل الحكومة في ضبط الأسعار بحسب ما نقلت وكالة «فارس». جاء ذلك في إنذار مكتوب حمل توقيع النواب وقرأته هيئة رئاسة البرلمان. وتساءل النائب علي محمد شاعري عن الأسباب التي تمنع الرئيس الإيراني في ضبط الأسعار، مشيراً إلى أن «الغلاء قصم ظهر الإيرانيين».
ونقلت «فارس» عن النائب علي بختيار أن «الناس سئمت الغلاء والتضخم وأسعار المواد الغذائية».
وتركت تذبذبات أسعار العملة الإيرانية أثرها على أسواق السلع. وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد تعهد عقب فرض العقوبات الأميركية بتوفير السلع الأساسية للإيرانيين.
من جهة أخرى، كشف وسائل إعلام إيرانية، أول من أمس، معلومات عن استقالة وزير الصحة الإيراني حسن قاضي زادة هاشمي احتجاجاً على تراجع ميزانية الصحة. ولم يصدر تعليق من الحكومة الإيرانية، لكن وكالات مقربة من الحكومة نقلت عن مصادر مطلعة أن وزير الصحة قدم استقالته قبل نحو أسبوعين إلى روحاني الذي لم يرد بدوره حتى أمس على طلب الاستقالة.
وكان النائب عن مدينة طهران إلياس حضرتي أعلن الأحد عبر حسابه في «تويتر» عن استقالة قاضي زادة هاشمي وغيابه عن اجتماع الحكومة.
من جانبه، نفى رئيس لجنة الصحة في البرلمان علي نوبخت «خفض ميزانية وزارة الصحة»، متهماً الوزير بالهروب من المشكلات التي تواجه وزارة الصحة بسبب العقوبات الأميركية.
في غضون ذلك، شهد وسط العاصمة الإيرانية طهران تواجداً أمنياً عقب تجديد الدعوات للتظاهر وسط العاصمة.
وكانت طهران شهدت خلال الأيام القليلة الماضية احتجاجات بشمال طهران ووفاة وجرح أكثر من عشرين طالبا بجامعة آزاد. ولوحظ أن وسائل الإعلام، التيار المقرب لحكومة روحاني، على مدى اليومين الماضيين دفعت باتجاه التقليل من أهمية الدعوات التي اجتاحت شبكات التواصل والتي تدعو الإيرانيين إلى الخروج في احتجاجات ضد تردي الوضع المعيشي. بموازاة ذلك، سحبت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية تدعم توجهات روحاني الداخلية، تقارير عن مظاهرات وسط طهران، لكن نشر ناشطون أمس تسجيلات عن انتشار قوات مكافحة الشغب على مدخل جامعة طهران في شارع انقلاب. ويشير ناشط في تسجيل يظهر سيارات الشرطة أمام بوابة الجامعة إلى تاريخ وتوقيت تسجيل المقطع.
تسجيلات أخرى تداولها ناشطون عبر شبكات التواصل الاجتماعي تظهر وقفة احتجاجية لضباط الجيش المتقاعدين أمام المحكمة العسكرية، مطالبين الجهات المسؤولة بتلبية مطالبهم المعيشية. كما أظهر تسجيل آخر وقفة احتجاجية لمقاولين أمام مقر بلدية طهران، تطالب السلطات بدفع مستحقاتهم المتأخرة.
في الأثناء، أفادت وكالة «ميزان» الناطقة باسم القضاء تقارير عن استمرار محاكمة تجار موقوفين بتهمة الإخلال في أسواق العملة. وبحسب الوكالة فإن المتهم الأول يدعى قربانعلي فرحزاد وهو يحاكم بتهمة اختلاس نحو 447 مليون دولار لاستيراد السلع للحكومة الإيرانية.
وأشارت الوكالة إلى أن المتهم الأول «اختلس 320 مليونا و662 ألف دولار عبر شبكة تزوير»، مشيرة إلى أنه «كان يبيع العملة بأسعار مرتفعة». وقالت السلطات القضائية إن المتهم الثاني «يحاكم بتهمة الاختلال في نظام العملة والمال عبر تهريب العملة بقيمة 20 مليون دولار». كما تبحث السلطات عن أربعة يشتبه بتورطهم في القضية.
وكانت وزارة الأمن الإيرانية قد أعلنت أول من أمس اعتقال 11 مشتبها بهم ضمن شبكة «فساد اقتصادي» اتهمتها باختلاس 400 مليون دولار كانت مخصصة لاستيراد سلع أساسية وتهريب الأموال إلى خارج البلاد.
وتنفذ طهران حملة أمنية ضد ناشطين اقتصاديين منذ أغسطس (آب) الماضي بأوامر من المرشد الإيراني علي خامنئي. ونقل موقع التلفزيون الإيراني عن مدعي عام طهران عباس جعفري دولت آبادي أمس، أن الحملة الأمنية ضد الفساد شملت 420 شخصاً، مشيراً إلى استدعاء 1700 شخص للتحقيق.
واستهدفت الأشخاص الذين اتهموا باستغلال انهيار العملة المحلية التي خسرت أكثر من 75 من قيمتها مقابل الدولار هذا العام، بعد سلسلة تذبذبات تفاقمت مع إعلان الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات على طهران.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.