لبنان: مصادر وزارية في «8 آذار» تحمّل باسيل مسؤولية العرقلة

نائب في كتلة بري: {سنبقّ البحصة} إذا استمر الوضع على حاله

مارة في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
مارة في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

لبنان: مصادر وزارية في «8 آذار» تحمّل باسيل مسؤولية العرقلة

مارة في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
مارة في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)

رغم نفي معظم الأفرقاء أن أزمة الحكومة عادت إلى المربع الأول؛ فإن المواقف الصادرة عن المطلعين على خفايا التأليف تعكس بما لا يقبل الشك أن العقد؛ المستجدة منها والجديدة، غير قابلة للحل على الأقل في المدى المنظور وفق المعطيات الحالية.
وقالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لـ«الشرق الأوسط»، إنه قدم كل ما لديه من أجل تسهيل عملية التأليف، «لكن في كل مرة كانت العرقلة تأتي من مكان مختلف».
وإذ أشارت المصادر إلى أن الحريري مستاء مما جرى، قالت إنه بعد أن فشلنا في تقديم الحكومة هدية للبنانيين على أبواب الأعياد، فإن الأمور باتت في غاية التعقيد.
وفي حين وصفت مصادر مطلعة على المشاورات الأجواء الحكومية بـ«غير الإيجابية»، حملت مصادر وزارية في «8 آذار» وزير الخارجية جبران باسيل مسؤولية عرقلة الحكومة منذ بدء المشاورات. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «العقدة المخفية الأساسية هي العقدة الباسيلية التي تعرقل تشكيل الحكومة في كل المراحل؛ من (العقدة المسيحية) إلى (العقدة الدرزية) والآن (العقدة السنيّة)»، موضحة: «هدفه هو الحصول على الثلث المعطل بـ11 وزيرا، وهو ما لا يمانعه (حزب الله) لكن شرط ألا يكون على حساب الآخرين».
وهذا الموقف عبر عنه أيضا النائب في «تكتل التنمية والتحرير» علي خريس، من دون تسمية باسيل. وأتى ذلك في وقت لا يزال فيه «التيار الوطني الحر» يرفض تحميل رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل مسؤولية التعطيل في رد منه على مواقف الحلفاء منهم والخصوم.
ورأت المصادر المطلعة على المشاورات أن مشكلة الحكومة باتت مزدوجة بعد فشل حل العقدة السنية لتمثيل «سُنّة 8 آذار»، وهي طرح إعادة توزيع الوزارات المتفق عليه؛ وتحديدا البيئة، والإعلام، والثقافة، والزراعة، إضافة إلى قضية تمثيل الوزير السني الذي قبل رئيس الجمهورية بأن يكون من حصته على أن يكون ضمن فريقه الوزاري، في وقت يصر فيه «اللقاء التشاوري» على أن يكون ممثلا له.
وأمام هذه العقد، رفض علي خريس، النائب في الكتلة البرلمانية التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، أن يصبح البلد محكوما من شخص أو شخصين أو ثلاثة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «(حركة أمل) و(حزب الله) سهلا التأليف، وبعدما بتنا على مقربة ساعات من الإعلان عن تأليف الحكومة، أتى من يسابق على من سيحتسب الوزير السني على حصته وليضرب عرض الحائط بكل الجهود».
وفيما سأل: «هل هناك دولة أم لا؟» قال: «أنا بصفتي نائبا في البرلمان اللبناني أصبحت مقتنعا بأنه لم تعد هناك دولة»، داعيا إلى رفع الصوت، ومهددا بـ«بق البحصة لفضح كل ما يحصل ومن يقف خلف العراقيل». وأضاف: «نحن بصفتنا فريقا سياسيا لن نسكت بعد الآن إذا بقي الوضع على ما هو عليه، سنبق البحصة وسنلجأ إلى التصعيد بكل الوسائل الممكنة للتوصل إلى حل وتأليف الحكومة». في المقابل، رفضت مصادر في «التيار» لـ«الشرق الأوسط»، تحميل باسيل مسؤولية التعطيل، وأكدت أن هناك جهودا تبذل لتدوير الزوايا، وأنه «لا مصلحة لوزير الخارجية في التعطيل الذي ينعكس سلبا على العهد»، وهو ما شدد عليه النائب في تكتل «لبنان القوي» (الوطني الحر) روجيه عازار في حديث إذاعي، قائلا: «(التيار) قدم الكثير، خصوصا أنه يحق له أن يتمثل بعدد وزراء أكبر وفقا لنتائج الانتخابات النيابية، لكننا وافقنا بهدف تشكيل الحكومة، فليسمحوا لنا ويجدوا الحل، لأننا قدمنا حلولا كثيرة».
إلى ذلك، حمل البطريرك الماروني بشارة الراعي المسؤولين كل ما وصل إليه الوضع السياسي والاجتماعي في لبنان لناحية التأخير في تأليف الحكومة ونتائجه والخروج عن اتفاق الطائف، محذرا من التمادي في هذا الأمر.
وفي رسالته بمناسبة عيد الميلاد المجيد رأى الراعي أن «أصحاب الشأن ما زالوا يماطلون في تأليف الحكومة منذ سبعة أشهر، ويتفننون في خلق العقد في كل مرة تصل الحلول إلى خواتمها»، معتبراً أنهم «غير آبهين بالخسائر المالية الباهظة التي تتكبدها الدولة والشعب اللبناني».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.