«الشرعية» ملتزمة رغم الخروقات... وبريطانيا إلى حماية «اتفاق استوكهولم»

«اللجنة» أجرت محادثات مع الطرفين عبر الهاتف

حركة تجارية جيدة شهدتها سوق للسمك في الحديدة أمس (رويترز)
حركة تجارية جيدة شهدتها سوق للسمك في الحديدة أمس (رويترز)
TT

«الشرعية» ملتزمة رغم الخروقات... وبريطانيا إلى حماية «اتفاق استوكهولم»

حركة تجارية جيدة شهدتها سوق للسمك في الحديدة أمس (رويترز)
حركة تجارية جيدة شهدتها سوق للسمك في الحديدة أمس (رويترز)

أعلن وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، أمس (الأربعاء)، أن بلاده ستطرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لحماية الهدنة في اليمن بحيث يتم التصويت عليه في وقت لاحق هذا الأسبوع.
ووفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، أوضح هانت لدى تحدثه في جلسة برلمانية، أن اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة الذي اتفق عليه الطرفان المتحاربان خلال محادثات في السويد الأسبوع الماضي «هش للغاية»، ولكنه صامد حتى الآن. وأضاف: «لقد أصدرت تعليمات لبعثتنا في نيويورك باستئناف العمل على مشروع قانون مع الشركاء في مجلس الأمن بهدف تبنيه في وقت لاحق من هذا الأسبوع».
وزاد الوزير البريطاني بالقول: «سنطلب من مجلس الأمن التصويت على مشروع القرار خلال الساعات الـ48 المقبلة»، مضيفاً أنه «دعا جميع الأطراف إلى الالتزام بالشروط التي تم الاتفاق عليها الأسبوع الماضي»، لافتاً إلى أن مشروع القرار سيؤيد شروط الاتفاق، ويمنح الأمم المتحدة صلاحيات «مراقبة تطبيقها» ووضع «خطوات عاجلة لتخفيف الأزمة الإنسانية».
وبعد تحذيره من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة (غرب اليمن)، أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن تدمير طائرة من دون طيار ومنصة إطلاقها كانت على وشك الإقلاع من مطار صنعاء الدولي لتنفيذ عمل إرهابي وشيك. وأفاد سكان في صنعاء، عبر حديث بالهاتف لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم سمعوا دويّ انفجارين عنيفين جوار المطار يرجح أنهما جرّاء تدمير أهداف للميليشيات بالقرب من المطار.
وشدد متحدث باسم الجيش اليمني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على التزام قوات الحكومة اليمنية بوقف إطلاق النار.
وانعقد، أمس، اجتماعان للجنة الحديدة برئاسة الأمم المتحدة، أحدهما مع الحكومة اليمنية والآخر مع الحوثيين، وفقاً لمصدر أكد أن الاجتماع الذي عُقد عبر الهاتف «كان تعريفياً فقط... تركز الأمم المتحدة على الجوانب الإنسانية في المرحلة الأولى وهو نفس توجه الحكومة اليمنية».
وأكد مصدر آخر في الحكومة اليمنية الشرعية أن سلوك الميليشيات في خرق الهدنات واستغلالها لا يعد غريباً، عطفاً على خروقاتهم لكل الهدنات السابقة. وأشار المصدر إلى أنه «على الأمم المتحدة ممثلةً في المبعوث الأممي مارتن غريفيث والدول الراعية، مسؤولية حقيقية بإلزام الميليشيات الحوثية باتفاق استكهولوم».
وتابع المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» مفضلاً عدم نشر اسمه، بالقول إن «الميليشيات تستغل فرص السلام وتقوضها أمام أنظار المجتمع الدولي الذي يبدو مشلولاً أمام تصرفاتها غير المسؤولة، نأمل أن يتم تدارك الأمر سريعاً قبل فوات الأوان».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في التحالف قوله إن الحوثيين خرقوا الاتفاق في 21 مناسبة منذ بدء سريانه منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء الماضي، معتبراً أن «هناك مؤشرات على الأرض بأنهم اختاروا أن يتجاهلوا الاتفاق».
في السياق ذاته، أفاد التحالف، أمس، بأنه دمّر طائرة من دون طيار ومنصة إطلاقها بمطار صنعاء الدولي في أثناء عملية الإعداد لإطلاقها وتحييد هجوم إرهابي وشيك. مؤكداً أن عملية الاستهداف تتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية مع اتخاذ الإجراءات الوقائية.
وجدد التحالف تحذيره من أن الميليشيات الحوثية الإرهابية تستخدم مطار صنعاء كثكنة عسكرية في مخالفة للقانون الدولي الإنساني.
ومن المفترض أن تصل إلى اليمن خلال الساعات المقبلة بعثة من الأمم المتحدة لترؤس لجنة عسكرية تضم ممثلين عن القوات الموالية للحكومة المدعومة من التحالف، والمتمردين الحوثيين، لمراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة.
وحذّر التحالف بقيادة السعودية من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة في حال تأخرت الأمم المتحدة في التدخل للإشراف على الهدنة والعمل على وقف «خروقات» المتمردين الحوثيين.
من جهته أكد العميد عبده مجلي الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، التزام القوات المسلحة بتنفيذ وقف إطلاق النار بناءً على توجيهات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في الحديدة رغم عدم التزام ميليشيا الحوثي الانقلابية بذلك مع أولى دقائق دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، واختراق الهدنة المعلنة.
وبيّن أن الميليشيا الانقلابية قامت بإطلاق النيران والقذائف على مواقع الجيش الوطني والمدنيين في مواقع بمدينة الحديدة، مؤكداً أن قوات الجيش الوطني قامت برصد اختراقات الميليشيا للاتفاقية التي تمت في مشاورات السويد ووثقتها من قِبل لجنة مشكّلة من قبل الحكومة الشرعية، وإبلاغ الأمم المتحدة بها.
ورأى مجلي أن الميليشيا الحوثية المنفذة للأجندة الإيرانية لم تنقلب فقط على الحكومة الشرعية في اليمن، بل تعدت ذلك وانقلبت حتى على الأمم المتحدة واتفاق السويد، وأيضاً على القانون الدولي والإنساني والمرجعيات الثلاث.
وأكد أن الميليشيا الحوثية مستمرة في حفر الخنادق وزرع الألغام واختطاف المدنيين في الحديدة وقصف المنازل ومهاجمة مواقع الجيش الوطني، غير مكترثة بالقرارات الدولية، وضاربةً بها في عرض الحائط.
وتوصّلت الحكومة والانقلابيون في محادثات في السويد استمرت لأسبوع واختُتمت الخميس الماضي، إلى اتّفاق لسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة ومينائها الحيوي الذي يعتمد عليه ملايين اليمنيين للتزوّد بالمؤن، ووقف إطلاق النار في المحافظة.
كما اتّفق طرفا النزاع على التفاهم حيال الوضع في مدينة تعز (جنوب غرب) التي تسيطر عليها القوات الحكومية ويحاصرها المتمرّدون، وعلى تبادل نحو 15 ألف أسير، وكذلك على عقد جولة محادثات جديدة الشهر المقبل لوضع الأطر لاتّفاق سلام ينهي الحرب.
وينص اتفاق الحديدة على إنشاء لجنة مشتركة برئاسة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار وعملية الانسحاب من المدينة التي تعتبر شريان حياة لملايين السكان، إذ تمر عبر مينائها غالبية المساعدات والمواد الغذائية.
وحسب الأمم المتحدة فإن «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» المؤلفة من ممثلين عن طرفي النزاع اليمني، كان يفترض أن تبدأ عملها في مراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة (غرب) أمس (الأربعاء).
وبموجب الاتفاق، ستشرف اللجنة على «عمليات إعادة الانتشار والمراقبة. وستشرف أيضاً على عملية إزالة الألغام من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى» في المحافظة الواقعة في غرب اليمن. ومن المفترض أن يقوم رئيس اللجنة بتقديم تقارير أسبوعية حول امتثال الأطراف بالتزاماتها.
وجاء تحذير التحالف في وقت ينتظر أن تباشر فيه اللجنة الأممية العسكرية بقيادة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت عملها مع ممثلين عسكريين تابعين للحكومة الشرعية والحوثيين لتثبيت الهدنة والفصل بين القوات، تمهيداً لتنفيذ الاتفاق القاضي بخروج الميليشيات من المدينة ومينائها، إضافة إلى مينائي الصليف ورأس عيسى، وتسليم سلطات الإدارة والأمن للأجهزة المحلية التي كانت موجودة قبل الانقلاب على الشرعية في 2014.
وبينما ينتاب الأوساط السياسية اليمنية الشعور بعدم جدية الميليشيات الحوثية في تنفيذ الاتفاق، قال رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، أمس، في تصريحات رسمية: «إن هذا التشاؤم نابع من تجربة مريرة مع الميليشيات».
وبيّن عبد الملك خلال لقائه أمس مع السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون، في الرياض «أن التشاؤم الذي يبديه الكثيرون تجاه ما تم التوصل إليه مع ميليشيات الحوثي في مشاورات السويد نابع من تجربة مريرة جراء انقلاب هذه الميليشيات على كل الاتفاقات والمواثيق التي تكون طرفاً فيها وعدم التزامها يوماً بالتنفيذ».
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، قد أكد خلال لقائه محافظ الحديدة الحسن طاهر، «أهمية تمكين أبناء إقليم تهامة (يضم الحديدة وحجة والمحويت وريمة) من المشاركة الفاعلة في إطار مؤسسات الدولة المختلفة بما يتناسب وتضحياتهم في مواجهة المشروع الإمامي لميليشيات الحوثي الانقلابية، وبما يلبي تطلعاتهم في إدارة محافظاتهم في إطار اليمن الاتحادي الجديد المبنيّ على العدالة والمساواة والحكم الرشيد».
وفي سياق متصل باتفاقات السويد قال مسؤول باللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس، إن الحكومة الشرعية في اليمن وميليشيات الحوثي في اليمن تبادلتا قوائم تتضمن إجمالي 16 ألف اسم لأشخاص يعتقد أنهم معتقلون في إطار اتفاق لتبادل سجناء جرى التوقيع عليه الأسبوع الماضي.
وأوضح المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في اللجنة الدولية للصليب الأحمر فابريزيو كاربوني، في بيان أمس: «إنه في غضون 40 يوماً من توقيع الاتفاق في 11 ديسمبر (كانون الأول) سيكون أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر عشرة أيام لمقابلة من يتم الإفراج عنهم وترتيب نقلهم». وأضاف: «من المتوقع أن تتضمن القوائم أسماء أشخاص معتقلين خارج اليمن، وبعض الأجانب المحتجزين في البلاد».
ويخشى العديد من المراقبين اليمنيين أن تسعى الميليشيات الحوثية في اللحظات الأخيرة إلى تعطيل الاتفاق الخاص بتبادل الأسرى والمحتجزين بخاصة أنها كانت قد لغّمت الاتفاق بتقديم أسماء نحو 7500 شخص، يرجح أن أغلبهم قضوا في جبهات القتال وليسوا أسرى لدى الحكومة الشرعية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».