خطة روسية لمصالحة فلسطينية مع وصول هنية إلى موسكو بعد أيام

الروس يرفضون الاحتجاج الإسرائيلي على استقبالهم رئيس {حماس}

اسماعيل هنية في احد مهرجانات حركة «حماس» (ا ب )
اسماعيل هنية في احد مهرجانات حركة «حماس» (ا ب )
TT

خطة روسية لمصالحة فلسطينية مع وصول هنية إلى موسكو بعد أيام

اسماعيل هنية في احد مهرجانات حركة «حماس» (ا ب )
اسماعيل هنية في احد مهرجانات حركة «حماس» (ا ب )

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا تخطط للتحرك من أجل عقد مصالحة فلسطينية بين حركتي «فتح» و«حماس». وأضافت المصادر: «الروس أبلغوا الأطراف بما في ذلك إسرائيل أنهم بصدد فحص هذا الأمر لدى (حماس) والسلطة». وتابعت: «الروس أبلغوا الجميع أن ذلك يساعد على الهدوء ويدعم إقامة الدولة الفلسطينية». وبحسب المصادر، فإن ذلك كان سبباً رئيسياً لتوجيه وزارة الخارجية الروسية دعوة إلى هنية لزيارة موسكو. وأكدت المصادر أن ثمة ترتيبات من أجل هذه الزيارة منذ وقت.
ويفترض أن يغادر هنية قطاع غزة نهاية الأسبوع الحالي أو بداية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، في زيارة إلى مصر تسبق زيارته إلى موسكو. وقالت المصادر إن مغادرة هنية تنتظر ترتيبات مصرية فقط. وأضافت: «كان يفترض أن يخرج في جولة منذ وقت لكن بانتظار ترتيبات مصرية».
ويخطط هنية لجولة خارجية على رأس وفد من «حماس»، قد تشمل قطر وتركيا وبيروت والسودان والكويت ودول أخرى. وتعد هذه أول جولة لهنية منذ ترأس المكتب السياسي لـ«حماس» في مايو (أيار) العام الماضي. وكانت الخارجية الروسية وجّهت نهاية الشهر الماضي دعوة رسمية إلى هنية لزيارة العاصمة الروسية موسكو. وحمل هذه الدعوة سفير جمهورية روسيا الاتحادية لدى دولة فلسطين حيدر رشيد.
وهذه ليست المرة الأولى التي توجّه فيها موسكو دعوة لـ«حماس» من أجل زيارتها، إذ سبق أن زار الرئيس السابق لحركة حماس خالد مشعل موسكو في أكثر من مناسبة.
ويصل موسكو، الخميس، وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي يلتقي وزير الخارجية الروسي في 21 ديسمبر (كانون الأول). ويخطط المالكي لنقاش حول دور روسيا في عملية سلام محتملة وإمكانية إطلاق مؤتمر دولي للسلام، كما يناقش المصالحة. وأكد المالكي في تصريحات سابقة أنه يتطلع أيضاً إلى ما يمكن أن تلعبه موسكو من دور في إنهاء الانقسام الفلسطيني.
وكان المالكي تحدث عن وفد «حماس»، قائلاً: «أعلم أن هناك وفداً من (حماس) سيزور موسكو، وبالتالي نحن نريد أن نتابع هذا الموضوع لنرى ماذا يمكن أن يقال في موسكو مع وفد (حماس)، وبالتالي الوقوف على الدور الذي يمكن لموسكو أن تلعبه من أجل إقناع قيادات (حماس) بإنهاء الانقسام».
وفي ردود الفعل على زيارة هنية المتوقعة لموسكو، احتجت الحكومة الإسرائيلية لدى روسيا على دعوته، وأُعلن بشكل مفاجئ في تل أبيب، أمس الأربعاء، عن وصول وفد برلماني روسي رفيع كـ«بادرة لإنهاء الأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي»، بعد إسقاط طائرة التجسس الروسية فوق اللاذقية.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن التحضير لهذه الزيارة تم بشكل سري بطلب من الروس. وقد وصل الوفد مساء أمس واستقبل بحفاوة. وضم كلاً من رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي الأعلى، كونستانتين كوساتشوف، ورئيس لجنة الدفاع، فيكتور بوندر. وسيحل ضيفاً على رئيس الكنيست يولي إدلشتاين، وسيعقد سلسلة اجتماعات مع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ومجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية. وأكدت هذه المصادر أن وصول الوفد يشير إلى رغبة الكرملين في إنهاء الأزمة مع إسرائيل، التي نشأت في أعقاب حادثة إسقاط الطائرة الروسية «إيليوشين 20» في سبتمبر الماضي بنيران صديقة، التي حمّل الروس مسؤوليتها لإسرائيل؛ لأنها جاءت في أعقاب غاراتها على أهداف سورية.
ووافق الوفد الروسي على اقتراح إسرائيلي للقيام بجولة على الحدود الشمالية مع لبنان، والاطلاع على أنفاق «حزب الله» التي كشف عنها الجيش الإسرائيلي في إطار العملية العسكرية التي أطلق عليها «درع الشمال». كما تأتي هذه الزيارة بعد أسبوع من زيارة الوفد العسكري الإسرائيلي إلى موسكو، الذي حاول إعادة التنسيق الأمني في سوريا مع كبار المسؤولين في الجيش الروسي. ونقل عن مصادر إسرائيلية قولها إن الأيام الأخيرة تشهد محاولة روسية لإعادة مستوى العلاقات مع إسرائيل إلى سابق عهدها.
واستقبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس، في موسكو، رئيس «الوكالة اليهودية» إسحاق هرتسوغ، وصرح بأن «التعاون بين الجيشين الروسي والإسرائيلي سوف يستمر بطريقة لا تعرّض حياة الجنود الروس للخطر، من جهة، وتضمن أمن إسرائيل من جهة أخرى». وأضاف: «بالنسبة للقضايا الإقليمية فإننا نتعاون على أساس ما اتفق عليه الرئيس فلاديمير بوتين، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو».
إلا أن زيارة إسماعيل هنية إلى موسكو، أثارت تحفظاً إسرائيلياً واضحاً. وقد تطرق هرتسوغ إليها محتجاً، خلال لقائه مع لافروف. فرد عليه لافروف قائلاً: «ولكنكم في إسرائيل تديرون مفاوضات مع (حماس) وتبرمون اتفاقيات وتسمحون لقطر بإدخال ملايين الدولارات إليها». وأضاف: «دعوة هنية جاءت في إطار جهود منع حدوث تدهور أمني في قطاع غزة». وقال هرتسوغ للافروف: «قل لهنية إنه لا يمكنه إمساك العصا من طرفيها، فمن جهة يحصل على تهدئة مع إسرائيل في غزة، ومن جهة ثانية يبادر إلى عمليات في الضفة الغربية».
وكانت روسيا قد صوتت ضد مقترح أميركي للتنديد بـ«حماس» في مجلس الأمن الدولي، قبل أسبوعين، وردت إسرائيل على ذلك بتأييد مشروع قرار أميركي يندد بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم. لكن من جهة أخرى، يجري في إسرائيل الحديث عن عودة الدفء إلى العلاقات بين روسيا وإسرائيل.



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.