الحكومة التونسية تستبق احتجاجات بداية السنة بمحاربة «السترات المستوردة»

TT

الحكومة التونسية تستبق احتجاجات بداية السنة بمحاربة «السترات المستوردة»

وجهت الحكومة التونسية أوامر وتعليمات إلى مصالح الأمن والجيش والجمارك والتجارة بحجز وضبط كل السترات الحمراء والصفراء الموردة إلى تونس خلال هذه الفترة، تحسبا لتوجيهها نحو مؤيدي حركة السترات الحمراء، التي تخطط لتنظيم احتجاجات اجتماعية قوية بداية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.
ودعت الحكومة الأجهزة الحكومية إلى حجز السترات التي يتم توريدها أو تخزينها في انتظار توزيعها على المحتجين الراغبين في نقل تجربة السترات الصفراء الفرنسية إلى تونس.
وتأتي هذه التعليمات بعد أيام فقط من حجز أجهزة الأمن في مدينة صفاقس (وسط شرقي) 52 ألف سترة حمراء وصفراء، تم استيرادها من الصين بصفة غير قانونية، وكانت مخبأة في أحد المخازن، وهو ما أثار الشبهات حول الغاية من استيرادها قبل فترة قصيرة من إعلان حركة السترات الحمراء التونسية عن قرب إطلاق احتجاجات اجتماعية كبيرة، بسبب ما اعتبرته فشل الحكومة في حل الملفات الاجتماعية والاقتصادية الشائكة، وعدم قدرتها على إيجاد حلول مناسبة لها.
وبخصوص السترات الحمراء والصفراء التي تم حجزها في مدينة صفاقس، قال إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة، إن اسم رجل الأعمال الذي استورد هذه الكمية الهائلة المقدرة بنحو 52 ألف سترة، سبق أن ورد في حملة مكافحة الفساد، التي أطلقتها الحكومة سنة 2017.
وتأتي هذه الحملة الأمنية القوية، ردا على تشكيل حركة السترات الحمراء، وفي هذا السياق أشار نجيب الدزيري، الناشط في هذه الحركة إلى بلورة 22 مطلبا اجتماعيا واقتصاديا، وطالب الحكومة بتنفيذها لتفادي احتجاجات اجتماعية، يقع الإعداد لها في جل المدن التونسية في انتظار وصولها إلى العاصمة التونسية.
وتتضمن مطالب الحركة بالخصوص تحسين ظروف عيش المواطنين، وإصلاحات عاجلة لقطاعات الصحة والتعليم والنقل العمومي، وتحسين الأجر الأدنى، وتحسين مخصصات التقاعد، وصيانة الطرقات والبنية التحتية، ومحاسبة الفاسدين في الإدارة.
في السياق ذاته، قال عطية العثموني، وهو ناشط حقوقي من سيدي بوزيد، إن احتجاجات المنطقة التي شهدت تأجيج الثورة التونسية، إثر حادثة احتراق محمد البوعزيزي نهاية 2010 كشفت مدى الغضب السائد ضد الحكومات المتتالية، وكانت مناسبة للتذكير بالوعود التي قطعتها النخبة السياسية على نفسها، لكنها لم تف إلا بالنزر القليل منها، على حد تعبيره.
على صعيد متصل، طالبت نقابة قوات الأمن الداخلي بمنطقة قفصة (جنوب غربي) بضرورة توفر إذن من النيابة العامة قبل استعمال القوّة لفضّ أي اعتصام، أو احتجاج سلمي في مناطق الحوض المنجمي، التي تشهد احتجاجات واعتصامات متتالية، بسبب مطالب السكان في مجالي التنمية والتشغيل. وأكد وحيد مبروك، القيادي في نقابة الأمن الداخلي، أن النقابات الأمنية لا ترفض تطبيق القانون، لكنها تخشى من غياب قوانين وتشريعات تحمي رجال الأمن على حد تعبيره.
وانتقد مبروك بعد اجتماع ضم القيادات الأمنية ما اعتبره «محاولات من بعض المسؤولين الجهويين الزجّ بالمؤسسة الأمنية في الصراعات السياسية والمصالح الضيقة»، علاوة على حث الأطر ورؤساء الوحدات الأمنية على التفاوض مع المحتجين في غياب ممثلين للسلط الجهوية، على حد قوله. وفي المقابل، أكدت مصادر قضائية أن قوات الأمن ليست في حاجة لإذن من النيابة العامة لضمان وحفظ النظام العام، وتطبيق القانون، خاصة إثر تقدم شركة فوسفات قفصة المتضررة بمجموعة من الشكاوى والقضايا لدى المحاكم بقفصة حول تعطيل عدد من منشآتها.
يذكر أن اعتصامات واحتجاجات تشهدها مناطق الحوض المنجمي (جنوب غربي) منذ ثلاثة أسابيع احتجاجا على نتائج إحدى مناظرات توظيف لعاطلين عن العمل، وهو ما تسبب في تعطيل العمل في عدّة منشآت لاستخراج وإنتاج مادة الفوسفات.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».