قوات حفتر تحقق مع جنود «أساءوا إلى مدينة ليبية»

مبادرة قبلية لإنهاء إغلاق حقل الشرارة النفطي

TT

قوات حفتر تحقق مع جنود «أساءوا إلى مدينة ليبية»

أعلن «الجيش الوطني الليبي» الذي يقوده المشير خليفة حفتر، عن اعتقال عدد من جنوده بعد ظهورهم في «مقاطع فيديو تسيء إلى إحدى المدن الليبية».
وقال العميد أحمد المسماري الناطق باسم الجيش، في بيان مساء أول من أمس، إن حفتر «أصدر أوامره بالقبض على كل من ظهر في تلك المقاطع وإحالتهم للتحقيق»، مؤكداً أنه تم «القبض على كل من ظهر في تلك المقاطع».
ولفت المسماري إلى أن «قيادة الجيش ستلاحق أيَّ مخالف للتعليمات والأوامر الصادرة، خصوصاً في الشق الإداري والقانوني»، وأوضح أنه «بذلك تبرهن (قيادة الجيش) على اصطفافها مع الوطن والمواطن، ولن تسمح بأي خرق لقواعد الأمن والأخلاق العسكرية وتحث على احترام حقوق الإنسان».
وعدّ المسماري أن ما تم تداوله في وسائل الإعلام من مقاطع فيديو لأشخاص يهددون إحدى المدن الليبية منافٍ تماماً لتوجيهات قائد الجيش، وأشار إلى أن القيادة «تتابع وحداتها العسكرية، خصوصاً المكلفة بالواجبات القتالية ومطاردة العصابات الإرهابية والإجرامية التي تهدد الأمن الوطني».
وواصل: «نؤكد للشعب الليبي أن بنادقنا لن ولم ترفع في وجوه الليبيين، ولم توجه لأي مدينة أو قبيلة ليبية، بل هي للدفاع عنهم وعن كرامتهم وأمنهم».
على صعيد آخر، استمرت أزمة إغلاق حقل الشرارة أحد أكبر حقول النفط في ليبيا، إذ رفضت لجنة أزمة الوقود والغاز الاتهامات اللاذعة التي وجهها لها رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله بأنها مجموعة غير رسمية تنتحل صفتها بقيادة ميلاد الهجرسي. وشددت في بيان، أمس، على قانونية وضعها، مشيرة إلى أنها تتبع حكومة فائز السراج.
وكان صنع الله طالب، أول من أمس، السراج، بإيقاف «المفرقعات الإعلامية» التي يقوم بها الهجرسي الذي وصفه بأنه «ينتحل» صفة رئيس لجنة أزمة الوقود والغاز، لافتاً إلى أنه عقد أخيراً سلسلة اجتماعات مع مسؤولين عسكريين وأمنيين تابعين لحكومة السراج.
كما أوضح صنع الله أن المجتمع الدولي ولجنة الخبراء بمجلس الأمن الدولي على علم بنشاط «اللجنة الوهمية ودورها الهدام في مكافحة التهريب»، حسب ما قال.
من جهته، دخل المجلس الاجتماعي للطوارق على خط الأزمة بطرحه مبادرة مشروطة، أول من أمس، لإنهاء إغلاق عناصر من «الكتيبة 30» (أغلب عناصرها من الطوارق)، منذ الأحد الماضي، حقل الشرارة النفطي في الجنوب.
وتشترط المبادرة «اعتذار المسؤولين الذين أساءوا لإخوانهم في الوطن عما بدر منهم»، بالإضافة إلى «تعهد والتزام الجهات المعنية بحل مشكلة العاملين على حماية الحقل، والبدء في تنفيذ تنمية حقيقية في الجنوب، وإيقاف الإجراءات المتخذة بشأن من صدرت في حقهم متابعة قانونية».
وندد المجلس بتصريحات رئيس مؤسسة النفط، وأحمد معيتيق نائب السراج، والاتهام الموجه إلى الطوارق بـ«الخيانة» ووصف الكتيبة المكلفة بحماية وحراسة الحقل بأنها «مجرد ميليشيات».
ويعتبر حقل الشرارة الأكبر في البلاد، وتبلغ طاقة إنتاجه 300 ألف برميل من النفط الخام يومياً، وتعرض لعمليات إغلاق متكررة، الأمر الذي تسبب في خسائر بملايين الدولارات للدولة الليبية.
ويواجه قطاع النفط في ليبيا صعوبات نتيجة عدم استقرار عمليات الإنتاج بسبب الإغلاقات المتكررة لحقول وموانئ نفطية على خلفية تهديدات أمنية أو إضرابات عمالية.
من جهتها، نددت وزارة الداخلية بحكومة السراج باعتداء وقع، أول من أمس، على الهيئات القضائية بمدينة العزيزية في العاصمة طرابلس، حيث مقر النيابة العامة والمحكمة، مشيرة في بيان، أمس، إلى أن الهجوم ارتكبه أحد المسلحين بغرض الإفراج عن موقوف. وبعدما أكدت على حماية القضاء وأعضاء النيابة، توعدت الوزارة باعتقال مرتكب الحادث وتقديمه للعدالة.
بدورها، أدانت اللجنة الوطنيّة لحقوق الإنسان بليبيا، الاعتداء المسلّح الذي تعرض له أخيراً منزل صلاح المرغني آمر جهاز الأمن المركزي بمنطقة قصر بن غشير، جنوب غربي العاصمة طرابلس، ما أدى إلى مقتل زوجته وإصابته إصابة بليغة.
وطالبت اللجنة، في بيان، أول من أمس، وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، بالإضافة إلى النائب العام، بفتح تحقيق حيال «هذه الواقعة المؤسفة»، وتحديد هويّة مرتكبي هذه الجريمة وضمان ملاحقتهم ومحاسبتهم. وحذّرت من مغبة استمرار صمت السّلطات المعنية، وعدم التحرك بجدية تجاه تصاعد مؤشرات حالات القتل، خارج نطاق القانون والاغتيالات بمدينة طرابلس وضواحيها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.