وفد من الائتلاف السوري برئاسة الجربا يعتزم زيارة موسكو

ممثله في روسيا يرى أن الظروف لم تتوفر بعد لعقد «جنيف 2»

الجربا
الجربا
TT

وفد من الائتلاف السوري برئاسة الجربا يعتزم زيارة موسكو

الجربا
الجربا

يعتزم وفد من الائتلاف الوطني السوري المعارض القيام بزيارة إلى العاصمة الروسية موسكو يومي 13 و14 يناير (كانون الثاني) المقبل، لإجراء مباحثات مع دبلوماسيين روس، حسبما أفاد به أمين عام الائتلاف لإذاعة «ريا نوفوستي» العامة.
ونقلت الوكالة عن بدر جاموس قوله إن «تاريخ الزيارة كان قد حدد في السابق مع وزارة الخارجية الروسية».
وأضاف أن الوفد سيترأسه رئيس الائتلاف المعارض أحمد الجربا، إذا ما أعيد انتخابه رئيسا للائتلاف مطلع يناير المقبل، في مؤتمر قوى المعارضة السورية بإسطنبول.
وتابع: «قبل الانتخابات لا نستطيع أن نؤكد أن الزيارة ستجري خلال هذه الفترة تحديدا، وسوف يعلن عن الموعد الرسمي بعد هذه الانتخابات».
وكان الجربا قد أعلن في أوائل ديسمبر (كانون الأول) عزمه التوجه إلى روسيا حليف الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرا إلى أنه تلقى دعوة من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للقيام بهذه الزيارة.
وقال الجربا في مقابلة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن الهدف من الزيارة هو «إقناع المسؤولين الروس أن مصلحتهم هي أن يكونوا مع الشعب السوري وليس النظام».
ومن المفترض أن تجري الزيارة قبيل انعقاد المؤتمر الدولي حول السلام في سوريا (جنيف 2) الذي سيفتتح في 22 يناير المقبل، في بلدة مونترو السويسرية.
ويهدف المؤتمر إلى جمع ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة، في محاولة لإيجاد حل سياسي للنزاع السوري، الذي أسفر حتى الآن عن مقتل 126 ألف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وسبق للائتلاف أن أعلن موافقته على المشاركة في المؤتمر الدولي، بشرط ألا يكون للرئيس الأسد أي دور في المرحلة الانتقالية. وتعارض روسيا وضع مثل هذه الشروط.
وروسيا التي تريد التوسط من أجل إنهاء النزاع سبق لها أن استضافت في نوفمبر ( تشرين الثاني) الماضي وفدا من الحكومة السورية بغية الإعداد لمؤتمر «جنيف 2».
إلا أن ممثل للمجلس الوطني السوري المعارض في موسكو، قال أمس إن المجلس يرفض المشاركة في محادثات «جنيف 2» الشهر المقبل، في ظل الظروف الراهنة.
وقال محمود الحمزة ممثل المجلس في موسكو في مؤتمر صحافي بوكالة «ريا نوفوستي» الروسية إن المجلس الوطني السوري قرر بإجماع الآراء أنه من غير المعقول عقد اجتماع «جنيف 2»، في ظل الموقف الراهن. وأضاف أنه يتعين أن تتوافر ظروف معينة لعقد المؤتمر، وأن هذه الظروف لم تتوفر حتى الآن.
وقال إن الائتلاف الوطني السوري يوافق على فكرة «جنيف 2» من حيث المبدأ، لكنه قدم مطالب معينة، وسيشارك في حالة الوفاء بهذه المطالب.
في الوقت ذاته، أدان الائتلاف توقيع اتفاق للتنقيب عن النفط بين الحكومة السورية وشركة روسية، عادّا أن العقد مجرد تغطية لـ«مقايضة ثروات البلاد بالسلاح»، بحسب ما جاء في بيان صادر عنه.
وجاء في البيان «ندين في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية توقيع نظام الأسد عقدا للتنقيب عن النفط مع شركة (سويوزنفتا غاز) الروسية في المياه الإقليمية السورية، ويعد هذا الفعل مقايضة لثروات البلاد الباطنية بسلاح روسي يُقتل به الشعب السوري».
وأضاف البيان أن «توقيع الشركة الروسية أحد أهم عقود الطاقة في المنطقة مع نظام مجرم في ظروف توتر وقتال مستمر، يوضح أن الحكومة الروسية تقف وراء هذه الصفقة لتزويد النظام بمزيد من الأسلحة لقتل الشعب السوري».
وأكد الائتلاف أن الحكومة الروسية «شريكة بالدم السوري، بدعمها لنظام الأسد، أكبر مصدر للإرهاب الدولي»، مضيفا أن «الشعب السوري في حل من أي صفقات سلعتها النهائية القتل والدمار على يدي نظام الإرهاب».
وجرى الأربعاء في مقر وزارة النفط والثروة المعدنية في دمشق التوقيع مع شركة «سويوزنفتا غاز» الروسية على أول اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز في المياه السورية الإقليمية. ويُعتقد أن هذه المياه تضم واحدا من أكبر الاحتياطات النفطية في البحر الأبيض المتوسط. ويمتد العقد على مدى 25 عاما.
وستمول الحكومة الروسية مشروع التنقيب، وفي حال اكتشف النفط أو الغاز بكميات تجارية، تسترد موسكو النفقات من الإنتاج، بحسب ما أوضح المسؤولون السوريون.
وفرضت دول غربية داعمة للمعارضة السورية عقوبات اقتصادية على دمشق منذ الأشهر الأولى للانتفاضة الشعبية ضد نظام بشار الأسد، التي ما لبثت أن تحولت إلى نزاع مسلح دامٍ. وتشمل هذه العقوبات وقف استيراد وتصدير النفط. وبات عدد من حقول الإنتاج، لا سيما في شرق البلاد وشمال شرقها، تحت سيطرة المقاتلين المعارضين للنظام.
وكان الإنتاج النفطي موردا أساسيا للحكومة السورية قبل بدء النزاع في منتصف مارس (آذار) 2011. إلا أن السلطات أعلنت في أغسطس (آب) أن إنتاجها تراجع، وفي تطور آخر أعلن المرصد أن خمسة أشخاص توفوا جوعا في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق.
ويشهد المخيم معارك شبه يومية أجبرت عشرات آلاف الأشخاص من سكانه على مغادرته وهو محاصر منذ نحو سنة، ووجهت وكالة أونروا لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين نداء في الـ20 من ديسمبر لتقديم المساعدة لسكانه.
وقال المرصد في بيان إن «خمسة مواطنين استشهدوا، بينهم مسن وآخر من ذوي الاحتياجات الخاصة ومواطنة، جراء نقص الأغذية والعلاج اللازم نتيجة الحصار المفروض من قبل القوات النظامية منذ أشهر على مخيم اليرموك».
ولم تتمكن وكالة «أونروا» من دخول المخيم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي لإدخال المؤن، ودعت الجيش إلى رفع الحصار عنه، وجميع الأطراف إلى السماح للمنظمات الإنسانية بإدخال المساعدات إليه.
وقالت الوكالة في ندائها في الـ20 من ديسمبر إن ظروف الحياة في المخيم تتفاقم بشكل «مأساوي»، مشيرة إلى أن نحو 20 ألف شخص لا يزالون محاصرين داخله. وأضافت: «في حال لم يسؤ الوضع سريعا في المخيم سيكون قد فات الأوان لإنقاد حياة آلاف الأشخاص وبينهم أطفال».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.