«بيت السناري» يحتضن «وصف مصر الحديثة» في 30 صورة

معرض يوثق تفاصيل الحياة اليومية بعيون محترفين وهواة

TT

«بيت السناري» يحتضن «وصف مصر الحديثة» في 30 صورة

في عام 1798، صادرت الحملة الفرنسية على مصر منزل إبراهيم كتخدا السناري (بيت السناري)، ليصبح مقراً لأعضاء لجنة العلوم والفنون التي صاحبت بعثة نابليون، والتي أخرجت موسعة «وصف مصر» الشهيرة عام 1809، التي وثقت لتفاصيل الحياة اليومية للمصرين على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وغيرها. لذا لم يكن غريباً أن يقع اختيار بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر على بيت السناري لإقامة معرض «وصف مصر الحديثة»، ضمن المسابقة الحادية عشرة للتصوير الفوتوغرافي، حيث يضم المعرض 30 صورة التقطها مصريون محترفون وهواة، لتسجيل تفاصيل الحياة اليومية في عدد من محافظات مصر المختلفة، ويستمر المعرض حتى التاسع عشر من الشهر الجاري.
ويقول أيمن الشربيني، المتحدث باسم بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر، إن عدد الصور التي قدمت للمسابقة وصل إلى 530 صورة، لـ197 مشاركاً، تم تصفيتها إلى 30 صورة لعرضها بمعرض ببيت السناري، إضافة إلى تكريم الفائزين الثلاثة الأوائل في المسابقة.
المدهش في المعرض أن الصورة الأبرز لم يتم التقاطها بواسطة كاميرات احترافية باهظة الثمن، بل إن بعضها التقط بكاميرات أجهزة موبايل متداولة، وبعضها أيضاً كان التجربة الأولى لصاحبها في عالم التصوير، مثل علي رأفت (العشريني) الطالب بكلية الهندسة الذي فاز بالجائزة الثانية للمسابقة عن صورة «غريب في القطار».
يقول علي إنه تعرف على صاحب الصورة في القطار المتجه إلى مدينة الإسكندرية، وتبادلا حديثاً ودياً، وسمح له بالتقاط صورته بكاميرا جواله التي لا تزيد على 13 ميجا بيكسل.
الأمر نفسه حدث مع محمد مصطفى، المهندس المعماري الذي فاز بالمركز الثالث عن صورة بعنوان «محطة قطارات مصر»، ظهر فيها الزحام اليومي للمحطة بينما المسافرون يهرولون للحاق بقطارتهم. محمد اتخذ التصوير هواية منذ 7 سنوات، والتقط الصورة الفائزة بواسطة كاميرا موبايل أيضاً.
أما الفائز بالمركز الأول، فهو محمد ورداني، الموظف الذي يهوى التصوير، ويكرس له كثيراً من الوقت والجهد، وأطلق على صورته «ارسم حلمك»، والتقطها في مدينة البرلس بمحافظة كفر الشيخ، التي حول الفنانون التشكيليون حوائطها إلى معرض فتى مفتوح، يعكس قدراً كبيراً من البهجة والأمل، رغم بساطة الحياة في المدينة.
ويعلق أشرف طلعت، عضو لجنة التحكيم زميل الجمعية الملكية البريطانية للتصوير الوثائقي والصحافي، على الصور الفائزة قائلاً: إن اللجنة المشرفة على التحكيم في الجائزة وضعت عدداً من المعايير التي تم على أساسها اختيار الصور الفائزة وصور المعرض، كان من ضمنها الأثر النفسي الذي تعكسه الصورة في المتلقي، بغض النظر عن نوع الكاميرا المستخدمة.
وغلب على المعرض صور التقطت على امتداد السواحل المصرية، كان بطلها الصيادون والبحر، بينما شاركت الفنانة إيمان الطوخي بصورة تمثل العمل داخل ورش صبغ الأقمشة.
في حين شاركت الصحافية شروق غنيم بصورة التقطت خلال مولد السيدة زينب بالقاهرة، وأطلقت عليها اسم «الليلة الكبيرة». كما شارك الفنان مارو ثروت بصورة من مدينة حلايب، وعرضت صورة «صانع الفخار» للفنان محمد فتحي، التي التقطها بمنطقة الفخارين بحي مصر القديمة.
وعرضت صورة «عامل تنظيف زجاج الأبنية»، للمصور الصحافي حسن محمد، التي أظهرت شاباً معلقاً في الهواء، في مخاطر يومية لتنظيف زجاج البنايات الضخمة.
وظهر مقهى بورصة الصيادين القديم بمنطقة الأنفوشي في صورة للفنانة نادية رفعت، بينما التقط الفنان أندرو شنودة صورة لحى الأهرام، ظهرت خلالها الأهرامات، وقباب، ومآذن كنائس ومساجد، بينهما تتراص البنايات، وأطلق عليها «هذه مصر».



الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
TT

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

اختار «مهرجان برلين السينمائي» الفيلم المصري «شرق 12» للمخرجة هالة القوصي، ليكون فيلم افتتاح برنامج «أسبوع النقاد» خلال دورته الـ75 المقررة في الفترة من 13 إلى 22 فبراير (شباط) 2025.

وكان الفيلم الذي يُعدّ إنتاجاً مشتركاً بين هولندا، ومصر، وقطر، قد عُرض للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «كان السينمائي» ضمن برنامج «نصف شهر المخرجين»، خلال دورته الـ77، كما انفرد مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بعرضه الأول في الشرق الأوسط ضمن برنامج «رؤى جديدة»، وحاز الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم في مهرجان «كيرالا السينمائي الدولي» بالهند، للتناغم بين عناصر الديكور والصوت والتصوير، كما جاء في حيثيات لجنة التحكيم. ويشارك الفيلم في مهرجان «روتردام السينمائي» ضمن قسم «أفضل الأفلام العالمية» في دورته التي تنطلق في 30 يناير (كانون الثاني) المقبل.

الفيلم من بطولة منحة البطراوي، وأحمد كمال، وعمر رزيق، وفايزة شمة، وينتمي لفئة «الكوميديا السوداء»، حيث تدور أحداثه في إطار الفانتازيا الساخرة من خلال الموسيقي الطموح «عبده» العالق في مستعمرة صحراوية معزولة ويقضي وقته بين حفر القبور وتأليف الموسيقى باستخدام آلات موسيقية اخترعها من أدوات منزلية، ويخطّط عبده للهروب من المستعمرة رفقة حبيبته للتخلص من هيمنة «شوقي بيه»، بينما الحكاءة «جلالة» تروي للناس قصصاً خيالية عن البحر، والفيلم من تأليف وإخراج هالة القوصي في ثاني أفلامها الطويلة بعد «زهرة الصبار».

وأبدت المخرجة المصرية الهولندية سعادتها باختيار الفيلم في «برلين»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تفاجأت باختياره لأن موزعته هي من تقدمت به، وأضافت: «لم أكن أعرف أن مهرجان (برلين) يقيم أسبوعاً للنقاد، على غرار مهرجاني (كان) و(فينيسيا)، عَلِمتُ بذلك حين اختاروا فيلمنا بوصفه فيلم افتتاح، هذا في حد ذاته شرف كبير، وقد قال لي الناقد طارق الشناوي إنها ربما المرة الوحيدة التي يتم فيها اختيار فيلم مصري لافتتاح هذا القسم».

المخرجة هالة القوصي في مهرجان «البحر الأحمر» (الشرق الأوسط)

وتلفت هالة إلى أن «أسبوع النقاد يُعد جهة مستقلة في جميع المهرجانات الكبرى عن إدارة المهرجان نفسه، ويقام تحت إدارة نقاد، وهو في مهرجان (برلين) لديه طبيعة نقدية وله بعد مفاهيمي من خلال عقد مناقشات بين الأفلام».

وترى هالة أن «أول عرض للفيلم يحدّد جزءاً من مسيرته، وأن التلقي الأول للفيلم في مهرجان (كان) الذي يُعد أكبر تظاهرة سينمائية في العالم، ويحضره عدد من نقاد العالم والمنتجين ومبرمجين من مختلف المهرجانات يتيح للفيلم تسويقاً أكبر وحضوراً أوسع بمختلف المهرجانات».

وعُرض فيلم «شرق 12» في كلٍ من السعودية والبرازيل وأستراليا والهند، حيث شاهده جمهور واسع، وهو ما تراه هالة القوصي غاية السينما؛ كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات، في حين يرى الناس في بلاد مختلفة صدى لتجربتها الشخصية بالفيلم، موضحة: «لذلك نصنع السينما، لأنه كلما شاهد الفيلم جمهور مختلف وتفاعل معه، هذا يجعلنا أكثر حماساً لصناعة الأفلام».

بوستر اختيار الفيلم في مهرجان «برلين» (الشرق الأوسط)

وعن صدى عرض الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» مؤخراً، تقول المخرجة المصرية: «كان من المهم بالنسبة لي عرضه في مهرجان (البحر الأحمر) لأتعرف على ردود فعل عربية على الفيلم، وقد سعدت بها كثيراً، وقد سألني كثيرون، كيف سيستقبل الجمهور العربي الفيلم؟ فقلت، إن أفق الجمهور أوسع مما نتخيل، ولديه قدرة على تذوّق أشكالٍ مختلفة من الفنون، وهذا هو رهاني دائماً، إذ إنني لا أؤمن بمقولة (الجمهور عايز كده)، التي يردّدها بعض صناع الأفلام، لأن هذا الجمهور سيزهد بعد فترة فيها، وفي النهاية فإن العمل الصادق سيلاقي حتماً جمهوره».

لا تستعين هالة بنجوم في أفلامها، وتبرر ذلك قائلة: «لأن وجود أي نجم بأفلامي سيفوق أجره ميزانية الفيلم كلّه، فنحن نعمل بميزانية قليلة مع طموحٍ فني كبيرٍ، ونقتصد في كل النفقات التي لا تضيف قيمة للفيلم، نعمل في ظروف صعبة ليس لدينا كرافانات ولا مساعدين للنجوم، ونحرص على تكثيف فترات العمل وضغط النفقات في كل شيء، وهو ما لا يناسب النجوم».

ووفق الناقد خالد محمود، فإن «مهرجان (برلين) دائماً ما يمنح فرصاً للتجارب السينمائية الجريئة والمختلفة من المنطقة العربية والشرق الأوسط، والأفلام خارج سياق السينما التجارية، التي تجد متنفساً لها في مهرجان (برلين)».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «فيلم (شرق 12) يُعدّ أحد الأفلام المستقلة التي تهتم بها المهرجانات الكبرى وتُسلط عليها الضوء في برامجها، وقد حقّق حضوراً لافتاً في مهرجانات كبرى بدءاً من عرضه الأول في (كان)، ومن ثمّ في (البحر الأحمر)، ولا شك أن اختياره في أسبوع النقاد بـ(برلين) يمثل إضافة مهمة له».