«أشكال وألوان» للصحافي المصري جمال فهمي... «الرسم مرآة للكتابة»

أظهر ولعه بالفن التشكيلي في معرض أكد أنه تأخر 30 سنة

الكاتب والفنان جمال فهمي بصحبة الوزيرة غادة والي
الكاتب والفنان جمال فهمي بصحبة الوزيرة غادة والي
TT

«أشكال وألوان» للصحافي المصري جمال فهمي... «الرسم مرآة للكتابة»

الكاتب والفنان جمال فهمي بصحبة الوزيرة غادة والي
الكاتب والفنان جمال فهمي بصحبة الوزيرة غادة والي

رغم انخفاض درجات الحرارة ليلاً في شتاء القاهرة، فإنّ توافد شخصيات سياسية وصحافية وإعلامية بارزة لحضور حفل افتتاح معرض «أشكال وألوان» للكاتب المصري جمال فهمي، لم يتوقف مساء الأحد، في قاعة عرض «بيكاسو للفن التشكيلي» بحي الزمالك، وسط القاهرة. وتابع جمهور المعرض اللوحات بفضول وتأمل غير اعتيادي مع ابتسامات رضا امتزجت بالألوان المبهجة للمعروضات والموسيقى الرائقة في الخلفية. وسط حضور حفل افتتاح معرضه، كان يقف الكاتب الصحافي المصري جمال فهمي متصفحاً الوجوه بحثاً عن الانطباعات حول معرضه التشكيلي الأول «أشكال وألوان»، بعد ثلاثين عاماً من ولعة المستتر بالفن.
وعلى الرّغم من شهرة فهمي في كتابة المقالات السياسية، وتقديم البرامج التلفزيونية، بجانب مواقفه النقابية البارزة خلال عضويته لمجلس نقابة الصحافيين المصرية، فإن حبه للفن كان كالسر الذي أخفاه عن الجميع، ولم يظهر إلا بين الحين والآخر خلال مقالات محدودة تناولت الحياة الثقافية والفنية في مصر، كما يؤكد فهمي نفسه.
«لقد كان وما زال أشد ما يستهويني ويثير حماسي هو المزج الخلاق بين اللون والشكل، لأنه يثير في نفسي خليطاً من البهجة والمتعة والفرح»، هكذا كتب جمال فهمي عن معرضه في المطبوعات الدعائية الخاصة بالمعرض، الذي يستمر حتى الحادي والعشرين من الشهر الحالي.
وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط»، «إن المعرض هو نتاج لعمل دؤوب لمدة عام ونصف العام، قمت خلالها برسم عشرات اللوحات، لكني اكتفيت بعرض 60 منها فقط». وأضاف: «لم أكن أفكر في عرض لوحاتي، كنت فقط أريد ممارسة شغفي بالرسم وتحقيق حلمي المؤجل»، ولفت إلى أنه كان يقضي أحياناً 9 ساعات متواصلة داخل مرسمه البعيد عن البيت، وكان يصوّر أعماله ويرسلها إلى زوجته وابنته لمعرفة انطباعاتهما، التي كانت أحياناً لا تخلو من القسوة، واستفاد منها فهمي كثيراً.
وعرض فهمي أيضاً لوحاته على عدد من الفنانين المصريين، من ضمنهم الفنان جورج بهجوري، الذي أبدى إعجابه بها، وهنا اطمأن فهمي، وشعر بأنّه مستعد لمواجهة الجمهور، فقرر إقامة معرضه الأول، مؤكداً أنه «لن يتوقف عن الرسم ما دام حياً».
إلى ذلك، أشاد الحضور بدرجة الاحترافية العالية التي عكستها أعمال فهمي، التي ترجع في الأساس إلى عدم إهماله للثقافة البصرية، على الرغم من عدم ممارسته الفن التشكيلي بشكل دائم، حيث كان يحرص فهمي على متابعة الحركة الفنية في العالم، وكان يقتطع من وقت سفره خارج مصر لزيارة المتاحف والمعارض الفنية، والتعرف على الاتجاهات الفنية الحديثة.
ويعجب فهمي كثيراً بأعمال فاسيلي كاندينسكي، رائد الفن التجريدي في القرن العشرين، وبابلو بيكاسو، مؤسس الحركة التكعيبية، وأيضاً سلفادور دالي، أحد أهم أعلام المدرسة السريالية في القرن العشرين، ولا يفضل فهمي الفن التشكيلي التقليدي، الذي يحاكي الواقع، حيث وفرت آلات التصوير الحديثة ذلك.
يقول فهمي إنه يؤمن بما قاله الرسام الفرنسي إدوار مانيه، أحد رواد المدرسة الانطباعية، «إنّ الفن التشكيلي يعلمنا كيف ننظر للأشياء ونستخرج القيم الجمالية»، مؤكداً أنه لا يخطط لمعارضه المقبلة، بل يفضل أن يهتم برسوماته فقط، وأن يجعل لكل لوحة عالمها الخاص، وبعد ذلك يقرر كيف ومتى سيتم عرضها على الجمهور.
فهمي يشعر بأنه يمارس شغفه الفني بروح الهاوي، وبأن لديه الكثير لتعلمه في الحياة، حتى حين عرض خلال المعرض عدداً من منحوتاته من مادة الصلصال وحجر البازلت والرخام، أكد أنها مجرد تجارب أولية أراد عرضها لجمهور المعرض فقط.
ونالت بعض لوحات الكاتب والفنان التشكيلي جمال فهمي إعجاب الحاضرين، من بينها لوحة لجذع شجرة أسود، تتدلى منها زهور حمراء، ولوحة ثانية تمتزج فيها الألوان الساخنة والغامقة، بجانب لوحة أخرى تنتشر فيها المكعبات المتشابهة والمتراصة في تكوين متوازن، وغيرها من اللوحات التي ترك فهمي فيها المجال لفهمها للجمهور، لأن رسائلها الفنية غير مباشرة وغير موحدة. وحرص عدد من الشخصيات البارزة في مصر على افتتاح المعرض، من بينهم وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، ووزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، إضافة إلى الكاتب الصحافي عبد الله السناوي، والسياسي حمدين صباحي، والناشط النقابي والوزير السابق كمال أبو عيطة، والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، والكاتب الصحافي سعيد الشحات، وغيرهم من أصدقاء الكاتب جمال فهمي.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».