الزياني: «قمة الرياض» تركز على تعزيز مسيرة العمل الخليجي

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن المجلس يدرس الأسلوب الأمثل لتوحيد العملة

عبد اللطيف الزياني (الشرق الأوسط)
عبد اللطيف الزياني (الشرق الأوسط)
TT

الزياني: «قمة الرياض» تركز على تعزيز مسيرة العمل الخليجي

عبد اللطيف الزياني (الشرق الأوسط)
عبد اللطيف الزياني (الشرق الأوسط)

أكد عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أنه ليس أمام النظام الإيراني الآن، وبعد تطبيق العقوبات الأميركية المشددة عليه، إلا أن يعيد النظر في توجهاته السياسية، والالتزام بالأسس والمبادئ الأساسية التي تحكم العلاقات بين الدول، المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي، مبيناً أن الملف الإيراني سيكون إحدى القضايا التي سيبحثها قادة دول الخليج خلال القمة التي تُعقد بعد غدٍ (الأحد)، في الرياض.
وأوضح الزياني في حديث صحافي لـ«الشرق الأوسط» أن دول الخليج تمكَّنت، وفي غضون سنوات قليلة، من إنجاز عدة ملفات نوعية مشتركة، من أهمها المواطنة الاقتصادية الخليجية، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي، ومشروع الربط الكهربائي، لافتاً إلى أن دول المجلس في طريقها لإنجاز مشروع تنموي استراتيجي طموح يتمثل في السكك الحديدية التي ستربط دول المجلس من مسقط إلى الكويت بشبكة تمتد لمسافة 2200 كيلومتر. الزياني تحدث كذلك عن التكامل الدفاعي ومشروع العملة الموحدة بين دول المجلس، وعلاقات المجلس بالعراق، وتطورات الأوضاع في سوريا واليمن وفلسطين، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
- وسط صراعات وملفات ملتهبة تعيشها المنطقة، ما أولويات القمة الخليجية المقبلة... وما الملفات المدرجة التي ستناقشها القمة «39»؟
- في الواقع، فإن منطقة الشرق الأوسط طالما كانت منطقة ملتهبة، وتشهد دائماً تحديات جسيمة، لكن حكمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، ورؤيتهم الثاقبة تتجاوز جميع التحديات، وتنظر إلى المستقبل، وتحرص على كل ما من شأنه الحفاظ على الأمن والاستقرار في دول المجلس، وتعزيز العمل المشترك بين دول المجلس، وصولاً إلى التكامل المنشود في مختلف المجالات. وهم حريصون على أن تكون المنطقة آمنة مستقرة ومزدهرة بشكل مستدام لصالح شعوبها، وحماية لمكتسباتها ومنجزاتها.
وقمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس التاسعة والثلاثون تأتي في هذا الإطار، وضمن هذا التوجه الحكيم، وسوف تركز على الموضوعات المتعلقة بتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك في شتى جوانبها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الترابط والتكامل الخليجي، والقضايا المتعلقة بالحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، إضافة إلى ترسيخ علاقات الشراكة الاستراتيجية مع الدول والتكتلات الدولية، وتعزيز مكانة مجلس التعاون في الساحتين الإقليمية والدولية.
- ماذا عن الملف اليمني والسوري والفلسطيني والعراقي في هذه القمة المقبلة؛ هل هناك مشاريع واضحة المعالم فيما يخص ملفات تلك الدول سيتم الإعلان عنها خلال القمة؟
- قادة دول المجلس يحرصون دائماً في قمتهم السنوية على بحث الملفات المتعلقة بتطورات الأوضاع في الدول العربية الشقيقة، بما في ذلك الملف اليمني والسوري والفلسطيني والعراقي، من أجل تدارس المستجدات واتخاذ المواقف التي تؤكد على تصميم دول المجلس وعزمها على دعم الأشقاء لتحقيق الاستقرار والأمن والسلام أولاً، ومساعدتهم على إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحروب والصراعات الدامية، وتقديم الدعم والعون للمتضررين والنازحين والمهجرين، وتوحيد المواقف في الساحة الدولية.
- الملف الإيراني ملف صعب لدول الخليج، ومع التحرك الأميركي الأخير، والعقوبات التي فرضت على طهران، قد يكون له تأثيرات وتداعيات على المنطقة، ما الملفات المطروحة أمام قادة دول المجلس للتعامل مع هذه التأثيرات؟ وما سبل التصدي لها؟
- بلا شك، فإن العلاقة مع إيران ستكون إحدى القضايا التي سيبحثها قادة دول المجلس في القمة المقبلة، خصوصاً في ضوء بدء تطبيق العقوبات الأميركية على إيران، لما لها من تأثيرات على دول المنطقة عموماً. إيران دولة جارة مهمة في المنطقة، ودول مجلس التعاون كانت تدعو دائماً إلى إقامة علاقات تعاون بناءة معها، لكنها مع الأسف استمرت في التدخل بالشؤون الداخلية لدول المجلس، وتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة لزعزعة أمن المنطقة واستقرارها. أعتقد أنه ليس أمام النظام الإيراني الآن إلا أن يعيد النظر في توجهاته السياسية، والالتزام بالأسس والمبادئ الأساسية التي تحكم العلاقات بين الدول، المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي.
- إلى أين وصل ملف التكامل الاقتصادي الخليجي؟
- ملف التكامل الاقتصادي الخليجي حافل بالإنجازات والمشاريع والبرامج المتميزة. فقد وضع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس رؤية مستقبلية طموحة تتمثل في تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس، والسعي لتحقيق الوحدة الاقتصادية الشاملة. فبعد إقرار الاتفاقية الاقتصادية في عام 1981م، وتعديلها في عام 2001م، تمكنت دول المجلس، وفي غضون سنوات قليلة، من إنجاز المواطنة الاقتصادية الخليجية، وإنشاء السوق الخليجية المشتركة، وتأسيس الاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي، ومشروع الربط الكهربائي، وهي في طريقها لإنجاز مشروع تنموي استراتيجي طموح يتمثل في السكك الحديدية التي ستربط دول المجلس من مسقط إلى الكويت، بشبكة تمتد لمسافة 2200 كيلومتر. كما تم إنشاء هيئتين رئيسيتين تعكسان طموحات قادة دول المجلس لتحقيق الوحدة الاقتصادية الخليجية وفق عمل مؤسسي، وهما هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، والهيئة القضائية الاقتصادية، كما أن التبادلات التجارية بين دول المجلس شهدت قفزة كبيرة، فقد ارتفعت من 6 مليارات دولار في عام 2003م إلى 133 مليار دولار في عام 2017م.
ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى أن المواطنة الاقتصادية قد حققت لمواطني دول المجلس المساواة في الحقوق، كالتملك والتنقل والعمل وممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية والاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية. وقد بلغ عدد المواطنين الخليجيين الذين تنقلوا بين دول المجلس خلال عام واحد 27 مليون مواطن، وبلغ عدد الخليجيين الذين تملكوا مساكن في غير دولهم 230 ألفاً، وبلغ عدد الذين صدرت لهم رخص لممارسة الأنشطة الاقتصادية 112 ألفاً، وبلغ عدد الذين تملكوا أسهماً في الشركات 445 ألف مواطن. التبادلات التجارية بين دول المجلس شهدت قفزة كبيرة، إذ ارتفعت من 6 مليارات دولار في عام 2003م، إلى 133 مليار دولار في عام 2017م.
وحرصاً من مجلس التعاون على تعزيز إنجازاته ورفد العمل الخليجي المشترك من خلال التكامل والترابط الوثيق تم إنشاء العديد من الهيئات والمؤسسات المتخصصة في مختلف المجالات التنموية يصل عددها إلى 30 هيئة. وكما ترى، فإن مجلس التعاون ماضٍ بكل اقتدار وحرص على بلوغ الأهداف السامية التي يسعى إليها قادة دول المجلس (يحفظهم الله).
- هل هناك نية للعودة إلى إحياء ملف العملة الموحدة بين دول الخليج؟ أم أن هذا الملف أصبح من الماضي؟
- العملة الخليجية الموحدة هو أحد المشروعات الاقتصادية المهمة في مسيرة دول المجلس، ويتولى متابعته المجلس النقدي الخليجي، وهو هيئة خليجية مستقلة عن الأمانة العامة، يتولى الإشراف على شؤونها محافظو البنوك المركزية ومؤسسات النقد في دول المجلس، وقد قطع المجلس شوطاً مهماً في استكمال الإجراءات الفنية الخاصة بإقرار العملة الموحدة وإصدارها. والمجلس النقدي أصبح واقعاً ملموساً ولم يتبقَّ إلا بعض مواضيع ذات طابع فني بحت جارٍ العمل على تذليلها. والمجلس يدرس الأسلوب الأمثل لتحقيق هذا الهدف الحيوي لكي يتحقق بخطوات ثابتة تضمن استقرار الأسواق النقدية والمالية والتجارية في الدول الأعضاء.
- إلى أين وصل التكامل الدفاعي الخليجي المشترك؟
نحن فخورون بما حققه التعاون الدفاعي المشترك بين دول مجلس التعاون، وهو يتمّ وفق نهج مدروس وشامل بفضل توجيهات ومتابعة وزراء الدفاع بدول المجلس، وتمكنت دول المجلس من تشكيل وتأسيس هيئات ومنظومات عسكرية فاعلة، فأصبح لدينا الآن منظومة قيادة وسيطرة موحدة، وتم إنشاء القيادة العسكرية الموحدة، وافتتاح مركز العمليات البحرية الموحد، وإنشاء قوة الواجب البحري «81»، والبدء في تفعيل مركز العمليات الجوي والدفاع الجوي الموحد. كما تحرص دول المجلس على تنفيذ برنامج متقدم لزيادة وتعزيز التكامل الدفاعي بينها، واستمرار تطوير قوات «درع الجزيرة» من خلال تكثيف التدريبات والتمارين العسكرية المشتركة، سواء بين دول المجلس أو مع الدول الصديقة والحليفة.
كما تم أخيراً تعيين قائد للقيادة العسكرية الموحدة التي تتخذ من مدينة الرياض مقراً لها، وهو معالي الفريق الركن عيد بن عواض الشلوي، وأنتهز هذه المناسبة لأبارك له هذا التعيين متمنياً له دوام التوفيق والنجاح.
- التقيتم أخيراً برئيس جمهورية العراق الجديد... ما أبرز الملفات التي نوقشت؟ وهل سيكون هناك دعم خليجي للعراق سيُطرح على أجندة «قمة الرياض»؟
- جولة فخامة رئيس جمهورية العراق برهم صالح في عدد من دول المجلس، كانت خطوة مهمة وبادرة طيبة عكست حرص الأشقاء في العراق على تعزيز العلاقات مع أشقائهم في دول المجلس. وكان اللقاء مع فخامته خلال زيارته للمملكة العربية السعودية لقاءً ودياً ومثمراً، تخللته مناقشات موسَّعة حول العلاقات الخليجية - العراقية وسبل تعزيزها وتعميقها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها. والأمانة العامة تعمل في الوقت الحاضر بالتنسيق مع الإخوة في وزارة الخارجية العراقية لتطوير علاقات التعاون المشترك بين الجانبين.
- هناك اهتمام كبير من قادة مجلس التعاون الخليجي بجيل الشباب، هل لديكم مشاريع خاصة لفئة الشباب؟
- شباب دول المجلس هم عماد المسيرة التنموية في دول المجلس، وهم عدته للمستقبل المنشود. ولذلك فإن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، رعاهم الله، يولون قضايا الشباب اهتماماً كبيراً سواء في المجال التعليمي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الرياضي، ويوجهون إلى ضرورة التعرف على هموم الشباب وآمالهم وتطلعاتهم، والعمل على تسهيل المعوقات ووضع البرامج والمشروعات المفيدة لاستقطاب الشباب وإشراكهم في مختلف الفعاليات المحلية والدولية.
ومجلس التعاون تبنى استراتيجية خاصة للشباب، وهذه الاستراتيجية تأتي في إطار الجهود التي تبذلها الوزارات والهيئات المختصة بشؤون الشباب في دول المجلس لتوفير البيئة الملائمة وإعداد البرامج المناسبة لإبراز قدرات الشباب وطاقاتهم وفق منهج علمي مدروس وخطط وبرامج متناسقة تحقق الأهداف المنشودة.



السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي

نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)
نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)
TT

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي

نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)
نائب وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمة في المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» المنعقد في العاصمة لشبونة (واس)

جددت السعودية، الثلاثاء، دعوتها لتكثيف التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات الثقافية والتربوية لترسيخ قيم التعاون والتعايش السلمي في الأجيال القادمة، لضمان مستقبل أفضل يتسم بالتنوع والموائمة، وذلك خلال المؤتمر العاشر لـ«تحالف الحضارات» الذي عُقد في العاصمة البرتغالية لشبونة.

ونيابةً عن الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، شارك المهندس وليد الخريجي نائب وزير الخارجية في المؤتمر، مؤكداً في كلمة له على ما يشهده الوقت الحاضر من تحديات عالمية كبيرة تتطلب تضافر الجهود وتعزيز قيم التعاون والتعايش السلمي، مشيراً إلى أن تحالف الحضارات ليس مجرد منصة حوار، بل هو رسالة سامية تهدف لتعزيز فهم أعمق بين الشعوب والثقافات، وإيجاد جسور للتواصل تمكننا من تجاوز الخلافات وتعزيز الفهم المشترك.

المهندس وليد الخريجي أكد في مؤتمر «تحالف الحضارات» إيمان السعودية الراسخ بأن التنوع مصدر قوة وثراء (واس)

وأشار إلى أن مشاركة السعودية في هذا المؤتمر تؤكد أن «رؤية المملكة 2030» لا تقتصر على تقليل اعتماد المملكة على النفط وتحقيق النمو الاقتصادي فقط، بل هي مشروع ثقافي وطني يسعى لبناء قيم الاعتدال والانفتاح على الحضارات والثقافات الأخرى.

وبيّن نائب وزير الخارجية أن «رؤية المملكة 2030»، منظومة شاملة تُعنى بإرساء أسس التنوع الثقافي والانفتاح على العالم، وتعزيز دورها في دعم السلام العالمي ومحاربة التطرف ونشر التعايش السلمي بين مختلف الشعوب، ويأتي ذلك ضمن التزامها ببناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، وهو ما يعزز دورها الإيجابي في المجتمع الدولي ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأشار إلى ما قدمته السعودية من تجارب وطنية عبر العديد من المبادرات التي أسهمت في إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، وإنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وإنشاء مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف كنموذجٍ لتعزيز التسامح والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع، بما يعكس إيمان المملكة الراسخ بأن التنوع مصدر قوة وثراء، مؤكداً في الوقت نفسه استمرار المملكة في دعم التحالف سياسياً ومالياً، معرباً عن ترحيب السعودية باستضافة الدورة الـ11 من مؤتمر تحالف الحضارات في العام المقبل 2025.

نائب وزير الخارجية السعودي خلال لقائه نظيره الروسي في العاصمة البرتغالية لشبونة (واس)

ولاحقاً، التقى المهندس وليد الخريجي، سيرغي فيرشينين نائب وزير خارجية روسيا، وخوسيه خوليو غوميز نائب وزير خارجية الدومينيكان (كل على حدة) على هامش المؤتمر، وجرى خلال اللقاءين استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون المشترك في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات الدولية والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.