الحراك السياسي لحل أزمة الرئاسة ينطلق غدا

دعوات لتفعيل الشراكة المسيحية - الإسلامية لمواجهة الأصوليات

مجلس الوزراء اللبناني
مجلس الوزراء اللبناني
TT

الحراك السياسي لحل أزمة الرئاسة ينطلق غدا

مجلس الوزراء اللبناني
مجلس الوزراء اللبناني

ينطلق الحراك السياسي على الساحة اللبنانية غدا، بعد أن كبلته عطلة عيد الفطر التي استمرت ثلاثة أيام، بمسعى لبلورة مخارج لأزمة الشغور الرئاسي المستمرة منذ 25 مايو (أيار) الماضي، على أن يعود مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل بعد تجاوزه في الجلسة الأخيرة جملة ملفات كادت تفجر الحكومة، مما يوحي بأن قرار تنشيط العمل الحكومي وتجنيبه التعطيل الذي يكبل عمل البرلمان، أعيد تفعليه.
وقالت مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط ينسق وبشكل أساسي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وباقي الأفرقاء في محاولة لإحداث خرق في جدار الأزمة وإيجاد المخارج المطلوبة، لافتة إلى أن اللقاء الأخير الذي جمعه بأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله والاتصالات المفتوحة مع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري تصب كلها في هذا الإطار. ودعا وزير الإعلام رمزي جريج كل المسؤولين اللبنانيين لمحاولة «هدم الجدار والتوصل إلى اتفاق حول اسم رئيس جديد للجمهورية سواء كان من (14 آذار) أو وسطيا».
وعدّ جريج في حديث تلفزيوني أمس أن «النائب وليد جنبلاط ثابت على موقفه من النظام السوري، ويدرك أن الحرب سيطول أمدها، ولذلك ينبغي أن نحيد لبنان عن الصراع الدائر في سوريا». ولم يستبعد أن يكون جنبلاط طلب من نصر الله خلال لقائهما الأخير الانسحاب من الحرب السورية «باعتبار أن التدخل هناك لم يعد مجديا».
ودعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان خلال أدائه صلاة عيد الفطر في مقر المجلس في بيروت إلى «التخفيف عن لبنان كل الويلات»، عادّا «أننا نعيش حياة غير مستقرة وغير مطمئنة، فإسرائيل تفتك بالشعب الفلسطيني وترتكب المجازر بحقه وتنتهك كل الحرمات والمقدسات، وعلينا أن ندعم هذا الشعب ونخفف عنه ونعمل من أجل راحته واستقراره».
ولفتت أمس دعوة أكثر من مسؤول مسيحي لتفعيل الشراكة مع المسلمين في لبنان لمواجهة مشروع التطرف العاصف في المنطقة، ورأى وزير العمل عن حزب الكتائب سجعان قزي «ألا دور لمسيحيي لبنان، خصوصا الموارنة إذا لم نكن في شراكة مع إخواننا المسلمين السنة والشيعة والدروز الذين انتقلوا بعد الأحداث إلى الشعور بضرورة بناء الدولة، ولكن الخلاف لا يزال على شكل الدولة ونظامها وصيغتها».
وقال قزي في كلمة له خلال ندوة أمس: «نحن المسيحيين نعرف ماذا نريد في لبنان، نريد بناء دولة كالتي بدأنا ببنائها وغيرنا هدمها، نريد أن نعيش مع بعضنا مسيحيين أولا من خلال شراكة مسيحية - مسيحية حقيقية، وليست حربا غير معلنة، ثم نريد الشراكة مع المسلم، وهذا خيار وطني وروحي وإنساني وقدر جغرافي وتاريخي».
بدوره، رأى النائب فادي كرم عضو كتلة «القوات اللبنانية» التي يرأسها سمير جعجع، في بيان أن مناسبة عيد الفطر «تظهر صورة الإسلام الحق والعيش المشترك الذي يبعد كل البعد عن الصورة البشعة المتمثلة بتلك الأصوليات التي تخطف المسيحيين وتقتلهم في العراق وبلاد الشام».
ونبه رأى النائب نعمة الله أبي نصر، عضو تكتل «التغيير والإصلاح»، الذي يرأسه النائب ميشال عون، أن «السياسة الأخطر من التمييز والإهمال هي التي اعتمدتها حكومات ما بعد الطائف، أي سياسة التغيير الديموغرافي»، موضحا أنه «بالفعل نحن المسيحيين أصبحنا 30 في المائة من مجموع الشعب اللبناني وذلك بسبب مرسوم التجنيس الذي صدر سنة 1994 وتخطى كل القوانين؛ إذ تم تجنيس ربع مليون شخص من دون تحقيق التوازن الطائفي المطلوب».
وأشار أبي نصر في كلمة له خلال ندوة نظمتها «المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم»، إلى أن «التغيير الديموغرافي تم من خلال التجنيس والتهجير والتوطين وعدم معالجة أسباب الهجرة، وعدم إعطاء الجنسية للمغتربين، وعدم إعطاء اللبنانيين المغتربين حقوقهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.