قصف إسرائيلي على «مخازن صواريخ إيرانية» جنوب سوريا

تل أبيب تنفي إسقاط طائرة لها... ودمشق تدين الغارات

قصف إسرائيلي على «مخازن صواريخ إيرانية» جنوب سوريا
TT

قصف إسرائيلي على «مخازن صواريخ إيرانية» جنوب سوريا

قصف إسرائيلي على «مخازن صواريخ إيرانية» جنوب سوريا

نفى الجيش الإسرائيلي أنباء نشرت في دمشق وبيروت عن إسقاط طائرة لها في أجواء الجولان، لكنه لم ينفِ أن تكون قواته قد نفذت أعمال قصف في الأراضي السورية.
وقال في بيان له، الجمعة، إن دورياته عثرت، خلال أعمال تمشيط، على حطام وبقايا الصاروخ السوري الذي أطلقته الدفاعات الجوية السورية، ليل الخميس - الجمعة. وأضاف الناطق العسكري: «متابعة للتقارير وخلال تمشيط أجرته قوات جيش الدفاع في منطقة مفتوحة في هضبة الجولان تم العثور على شظايا تابعة لصاروخ مضاد للطيران تم إطلاقه في الحادث الذي وقع مساء أمس. سيتم نقل الشظايا لفحصها في مختبرات الجيش والشرطة».
وكان التلفزيون الرسمي السوري أعلن أن «الدفاعات الجوية السورية تصدت لأهداف معادية فوق منطقة الكسوة جنوب البلاد وأسقطت عدداً منها». وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن «التصدي للعدوان مستمر فوق المنطقة الجنوبية ودفاعاتنا تسقط عدداً من الأهداف المعادية». وأفاد مصدر أمني سوري بأن «وسائط دفاعنا الجوي تطلق نحو 10 صواريخ مضادة للطائرات تصدت لدفعة صاروخية معادية شمال غربي قرية حرفا بريف دمشق الجنوبي الغربي إلى الشرق من المنطقة العازلة مع العدو الصهيوني».

وتحدثت مصادر محلية في القنيطرة، الجولان الشرقي، عن «دوي سقوط لأحد الصواريخ سمع شرق بلدة حضر في محيط قرية حرفا في سفوح جبل الشيخ»، وأن «المراصد الإسرائيلية في الجولان المحتل خصوصاً في جبل الشيخ أطفأت أضواءها دون معرفة الأسباب».
وفي إسرائيل تحدثت مصادر عن قصف إسرائيلي مدفعي في سوريا، ولم يستبعد أيضاً أن يكون القصف بالطيران. وصرح الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، عاموس يدلين، بأنه «منذ واقعة إسقاط الطائرة الروسية (إيليوشين 20) في اللاذقية، تراجعت الهجمات الإسرائيلية على سوريا إلى درجة قريبة من الصفر».
وأضاف يدلين، الذي يشغل منصب رئيس «معهد دراسات الأمن القومي» في تل أبيب، أنه إضافة إلى «الغضب الروسي» من إسرائيل، فإنه يعتقد أن الروس نقلوا رسائل حادة جداً إلى الإيرانيين، وذلك لأن «الاستراتيجية الروسية تهدف إلى تثبيت الاستقرار في سوريا، بينما توقع إيران أضراراً بهذه الاستراتيجية من خلال نشر مصانع الصواريخ الدقيقة. فالصراع بين إيران وإسرائيل على الأراضي السورية لا يفيد روسيا، ولذلك يمكن، الآن، ملاحظة التغيير في طبيعة النشاط الإيراني في سوريا».
يذكر في هذا السياق أنه بعد واقعة إسقاط الطائرة الروسية حصلت أزمة في علاقات إسرائيل مع سوريا، وحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد إسقاط الطائرة، الاجتماع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أنه لم يتمكن من تنسيق ذلك حتى مؤتمر باريس، قبل أسبوعين، حيث جرى لقاء قصير بين الطرفين على هامش المؤتمر. وسارع بوتين إلى الإعلان أنه لا يخطط لإجراء لقاءات أخرى مع نتنياهو.
من جهته، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ القوات الإسرائيلية استهدفت «مستودعات أسلحة لحزب الله والقوات الإيرانية» في الكسوة، تُستخدم، على حد قوله، «لتخزين الصواريخ بشكل مؤقت». وأضاف: «يبدو أن الإسرائيليين كانت لديهم معلومات استخباراتية بأن أسلحة وصلت حديثاً إلى تلك المستودعات».
كما استهدف القصف منطقة حرفا «على الحدود الإدارية مع ريف القنيطرة» في جنوب البلاد، قال المرصد إن فيها قاعدة عسكرية للجيش السوري. وأشار إلى أن «الدفاعات الجوية السورية شوهدت تطلق صواريخها بكثافة» رداً على القصف الإسرائيلي، وتمكنت من إسقاط صواريخ عدة لم تصل إلى أهدافها.
وكانت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أفادت ليلاً نقلاً عن مصدر عسكري بأنّ الدفاعات الجوية السورية تصدّت «لأهداف معادية فوق منطقة الكسوة» بريف دمشق و«أسقطتها»، من دون أن توضح طبيعة هذه الأهداف.
وأشارت «سانا» إلى أن «العدوان (...) لم يستطع رغم كثافته تحقيق أي هدف من أهدافه»، و«تم التعامل مع جميع الأهداف المعادية وإسقاطها».
ولم تسفر الضربات، وفق تقارير أولية للمرصد السوري، عن أي خسائر بشرية.
واعتبرت وزارة الخارجية السورية أن «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة» هي «دليل آخر على دعمها (إسرائيل) للمجموعات الإرهابية المسلحة ومحاولتها إطالة أمد الأزمة في سوريا». ومنذ بدء النزاع في سوريا في 2011، قصفت إسرائيل مراراً أهدافاً عسكرية للجيش السوري أو أخرى لحزب الله ولمقاتلين إيرانيين في سوريا. ونادراً ما تعلق إسرائيل على استهدافها سوريا، إلا أنها أعلنت في سبتمبر (أيلول) أنها شنت 200 غارة في سوريا خلال 18 شهراً ضد أهداف غالبيتها إيرانية.
واستهدف قصف إسرائيلي في مايو (أيار) الماضي مستودع أسلحة للحرس الثوري الإيراني في منطقة الكسوة، كما قالت إسرائيل. كما استهدفت في ديسمبر (كانون الأول) 2017 مواقع عسكرية في المنطقة، بينها مستودع أسلحة.
ومساء الخميس، كانت المرة الأولى التي تطلق فيها الدفاعات الجوية السورية نيرانها على أهداف جوية منذ 17 سبتمبر، حين أسقطت هذه الدفاعات عن طريق الخطأ طائرة عسكرية روسية إثر غارة إسرائيلية، في حادث أدّى إلى مقتل 15 عسكرياً روسياً.
ويومها اتّهم الجيش الروسي الطيّارين الإسرائيليين باستخدام الطائرة الروسية غطاء للإفلات من نيران الدفاعات السورية، لكن إسرائيل نفت ذلك، مؤكدة أن الطائرة الروسية أصيبت بعد عودة طائراتها إلى الأجواء الإسرائيلية.
وأعلنت روسيا بعدها عن تدابير أمنية تهدف إلى حماية جيشها في سوريا بينها تعزيز الدفاعات الجوية السورية عبر نشر بطاريات صواريخ إس - 300 وتشويش اتصالات الطائرات القريبة منها.
وأعلنت موسكو في أكتوبر (تشرين الأول) أنها سلمت هذه المنظومة إلى سوريا. لكن لم يُعرف ما إذا كان تم استخدامها في معرض الرد على هجوم مساء الخميس، أم لا. وكانت دمشق اعتبرت أن تلك المنظومة ستجبر إسرائيل على القيام بـ«حسابات دقيقة» قبل تنفيذ ضربات جديدة ضدها.
وتكرّر إسرائيل أنها ستواصل تصديها لما وصفه رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو بمحاولات إيران الرامية لترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطوّرة إلى حزب الله اللبناني.
ومنذ التدخل العسكري الروسي في سوريا في عام 2015، الذي أسهم بشكل كبير في استعادة القوات الحكومية مناطق واسعة في البلاد وتحقيق انتصارات متتالية، أقامت موسكو مع إسرائيل آلية «منع الاحتكاك» تفادياً للصدام بين الطرفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».