«ونس» فرقة مصرية تضم أجانب يغنّون بالعربية

مشروع موسيقي وثقافي يقف وراءه مدرّس لغة

خلال إحدى حفلات الفرقة («الشرق الأوسط»)
خلال إحدى حفلات الفرقة («الشرق الأوسط»)
TT

«ونس» فرقة مصرية تضم أجانب يغنّون بالعربية

خلال إحدى حفلات الفرقة («الشرق الأوسط»)
خلال إحدى حفلات الفرقة («الشرق الأوسط»)

بينما تنتشر في عصر العولمة هذا أنماط الموسيقى الأجنبية في العالم العربي إما مباشرة وإما عبر دخولها الأغاني العربية، قرر الدكتور طارق عباس إنشاء فرقة موسيقية تجمع في أغانيها بين التراث والمعاصرة، وغالبية أعضائها من الأجانب الذين يتعلمون اللغة العربية في القاهرة.
طارق عباس الذي يحمل الدكتوراة في اللغة العربية، هو ملحن معتمد في الإذاعة المصرية، ويملك المعرفة الكافية باللغة والموسيقى في آن واحد، لذلك جاءت فرقته مختلفة.
يعمل مدرّساً للغة العربية لغير الناطقين بها في مركز اللغة العربية للعلوم والثقافة التابع لجامعة القاهرة، ويتّبع أسلوبا فريدا منذ العام ٢٠٠١ في تدريس الأجانب بإستخدام الموسيقى والغناء. فهو، كمعظم خبراء اللغة، يرى أن العربية فيها مقدار من الصعوبة، لكن يمكن أن تكون أسهل إذا إقترنت بالموسيقى كونَ هذه لغة عالمية.
يقول عباس لـ "الشرق الأوسط": "أردت أن أكون متميزا. وخلت أنه إذا درّست اللغة معتمدا على الكتب فقط سأكون مثل أي مدرّس عادي. من هنا قررت الجمع بين اللغة والموسيقى".
بدأ عباس تعليم تلامذته الأغاني المصرية التراثية سواء باللغة الفصحى أو اللهجة العامية، وراح يشرح لهم قواعد اللغة ويعرّفهم بثقافة مصر وتراثها الموسيقي العريق لكي يفهموا البلاد بشكل أعمق. وفي العام 2017 أسس فرقته الخاصة "ونس" التي تضم أعضاء من كوريا الجنوبية وألمانيا وبريطانيا وأفارقة وغيرهم، لنشر الثقافة المصرية بين الأجانب.
يقول عباس: "في الفترة التي سبقت إنشاء الفرقة كانت مصر تعاني من
هجمات إرهابية، إضافة إلى تسليط الإعلام الضوء على العشوائيات وسوى ذلك من مشكلات اجتماعية واقتصادية. ودائما ما كانت الصورة التي تصل إلى الغرب هي أن البلد ليست آمنة. لذلك فكرت أن أفعل شيئا يعكس الصورة الحقيقية الجميلة لمصر، وأفضل شيء يعبّر عنا كمصريين هو الفن عموماً والموسيقى خصوصاً".
ضم عباس إبنتيه الشابتين ومغنين مصريين آخرين إلى الفرقة للغناء بالعربية جنباً إلى جنب مع الأجانب، قاصدا إعطاء التشكيلة الفنية نكهة مصرية قوية.
وهو يعتمد على التمويل الذاتي، علماً أن العازفين من أجانب ومصريين يتقاضون أجرا عن الحفلات بينما يعمل المغنون متطوعين بلا أجر. ويقول عباس إن فرقته ليست مشروعا فنيا فحسب، بل أيضا مشروع ثقافي واجتماعي يستحق أن تدعمه جهات حكومية وغير حكومية.
يقول أحد أعضاء الفرقة، الكوري الجنوبي لي سونغ جي الذي يبلغ من العمر ٢٥ عاما، إنه يحب الغناء بالعربية، وبدأ تعلم اللغة في كوريا لمدة عام ونصف العام، ثم إختار القاهرة ليمضي سنة في تعلم اللغة واللهجة العامية في مركز اللغة العربية بجامعة القاهرة.
وكنوع من التدريب، يغني لي أغاني لعمرو دياب ومحمد منير وداليدا. أما انضمامه إلى فرقة "ونس" فحصل عن طريق مدرّسته التي أعجبت بصوته ورشّحته للفرقة. وهو يؤكد أن الغناء جعله يحسّن مستواه في اللغة العربية.
يذكر أنه بعد عام حافل بالحفلات والمشاركات الفنية، يستعد أعضاء الفرقة لإقامة حفلة في فبراير (شباط) 2019 في قصر المانسترلي بالقاهرة.

*من «مبادرة المراسل العربي»



مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
TT

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

18 طفلاً من جنوب لبنان اختارتهم «سيناريو» للتعليم التشاركي والفني لتقديم مسرحية بعنوان «جبل الأمل». الهدف من هذه المبادرة هو دعم هؤلاء الأطفال وتزويدهم بفسحة أمل. فما يعانونه من الحرب الدائرة في بلداتهم وقراهم دفعهم إلى النزوح وترك بيوتهم.

تأتي هذه المسرحية من ضمن برنامج «شو بيلد» (إظهار البناء) الذي بدأته «سيناريو» في 22 يوليو (تموز) الجاري في بلدة الزرارية الجنوبية. فأقيمت التمارين للمسرحية التي ستعرض في 29 الجاري، وتستضيفها مؤسسة سعيد وسعدى فخري الاجتماعية في البلدة المذكورة.

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

غالبية الأطفال يقيمون في البلدة وبعضهم الآخر يأتيها من بلدتي أرزاي والخرايب على الشريط الحدودي. وتشير مخرجة المسرحية ومدرّبتهم زينة إبراهيم، إلى أن فكرة العمل وضعها الأطفال بأنفسهم. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد زودناهم بكلمات محددة كي يستلهموا منها أفكارهم. وتتألف هذه الكلمات من حب وسفر وأمل ورحلة ومغامرة واكتشاف... وغيرها. وعلى أساسها كتبوا قصة المسرحية بعنوان (جبل الأمل). وكما تلاحظون ابتعدنا عن استخدام كلمة حرب ضمن المفردات التي عرضناها عليهم».

يتراوح أعمار الأولاد المشاركين ما بين 10 و17 عاماً. خضعوا في برنامج «شو بيلد» إلى 7 جلسات شائقة تركز على اللعب والتمثيل والأداء المسرحي. وتستغرق كل جلسة نحو ساعتين، وذلك على مدى أسبوعين. وتأتي هذه المسرحية لتختتم البرنامج الفني لـ«سيناريو». وتضيف إبراهيم: «هذا البرنامج يوفّر للأولاد متنفساً للتعبير والإبداع، لا سيما خلال هذه الأوقات الصعبة التي يعيشونها في منطقة الجنوب».

تصف زينة إبراهيم هذه التجربة باللبنانية بامتياز. فقد سبق أن قامت ببرامج تعليمية سابقة شملت أولاداً لبنانيين وغيرهم من فلسطينيين وسوريين. وتقول إننا نرى قلقاً كبيراً في عيون أطفال الجنوب. وتتابع: «أكثر ما يخافونه هو أصوات الانفجارات. فهي تشكّل مفتاح الرعب عندهم، ويحاولون قدر الإمكان تجاوزها بابتسامة. وبينهم من كان يطمئنني ويقول لي (لا تخافي إنه ببساطة خرق لجدار الصوت). لا أعرف ما إذا كان تجاوزهم لهذه الأصوات صار بمثابة عادة يألفونها. وقد يكون أسلوباً للهروب من واقع يعيشونه».

تتناول قصة المسرحية رحلة تخييم إلى جبل يصادف فيه الأولاد مجموعة مساجين. وعندما يهمّون بالتواصل معهم يكتشفون أنهم يتحدثون لغة لا يفهمونها. ولكنهم ينجحون في التعبير عن أفكارهم المشتركة. ويقررون أن يمكثوا على هذا الجبل حيث يشعرون بالأمان.

وتعلق المخرجة إبراهيم: «اسم المسرحية استوحيته من عبارة قالتها لي فتاة في العاشرة من عمرها. فبرأيها أن الأمل هو نتيجة الأمان. وأنها ستحارب للوصول إلى غايتها هذه. أما فكرة اللغة غير المفهومة فنشير فيها إلى ضرورة التواصل مع الآخر مهما اختلف عنا».

تروي إبراهيم عن تجربتها هذه أنها أسهمت في تقريب الأولاد بعضهم من بعض: «لقد بدوا في الجلسة الأولى من برنامج (شو بيلد) وكأنهم غرباء. حتى في الحلقات الدائرية التي كانوا يرسمونها بأجسادهم الصغيرة كانوا يحافظون على هذا البعد. أما اليوم فتحولوا إلى أصدقاء يتحدثون في مواضيع كثيرة. كما يتشاركون الاقتراحات حول أفكار جديدة للمسرحية».

أثناء التدريبات على مسرحية «جبل الأمل» (سيناريو)

إضافة إلى التمثيل ستتلون مشاهد المسرحية بلوحات راقصة وأخرى غنائية. وتوضح إبراهيم: «حتى الأغنية كتبوها بأنفسهم ورغبوا في أن يقدموا الدبكة اللبنانية كتحية للبنان».

إحدى الفتيات المشاركات في العمل، وتدعى غزل وعمرها 14 عاماً، تشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المسرحية تعني لها الكثير. وتتابع: «لقد نقلتني من مكان إلى آخر وزادتني فرحاً وسعادة. وكان حماسي كبيراً للمشاركة في هذه المسرحية التي نسينا معها أننا نعيش حالة حرب».

بدورها، تقول رهف ابنة الـ10 سنوات: «كل شيء جميل في هذا المكان، ويشعرني بالسعادة. أنا واحدة من أبطال المسرحية، وهي جميلة جداً وأدعوكم لمشاهدتها».