منذ سنوات والمصمم الشاب حسين بظاظا يثير الانتباه. حقق ما لم يحققه سوى القليل من أبناء جيله، وهم يعدون على أصابع اليد الواحدة، إلى حد القول: إن نجمه اكتمل. أثار الانتباه، من أول تشكيلة قدمها كمشروع تخرج ونال عليها جائزة. مع الوقت، لم تُثر تصاميمه أوساط الموضة فحسب، بل استقطبت له زبونات من العيار الثقيل، مثل الملكة رانيا العبد الله، والنجمة الهندية أيشوارايا راي، والعارضة ناعومي كامبل، والبقية تأتي؛ لأنه كما يقول لا يزال في البداية.
مثل الكثير من المصممين الشباب في لبنان، تخرج بظاظا في معهد «إسمود»، لكنه تميز عنهم؛ لأنه وحتى قبل انخراطه في المعهد، كان يعشق الفن ويمارسه من خلال التصوير والإخراج.
بعد تخرجه تدرّب في أتولييه ربيع كيروز بباريس، وعمل أيضاً مصمماً متدرباً مع إيلي صعب في بيروت. في عام 2012 أطلق خطه الخاص بالأزياء الجاهزة، ومنذ ذلك الحين وهو يتقدم بسرعة يؤكد فيها أن نفسَه طويل ولا يضاهيه سوى رغبته في الاختلاف عن الموجات التي كانت دارجة وتحقق النجاح التجاري. كما يؤكد في هذه الدردشة الجانبية معه، لم يكن يرغب في ركوب الموجة السائدة ولا خض التابوهات، بل فقط أن يقدم جديداً يعبّر عن شخصيته التواقة للفن وعشقه للرسم، وفي الوقت ذاته يختلف عن الأسلوب الكلاسيكي والتطريزات الغنية، خصوصاً عندما لا يكون لها محل من الإعراب سوى البريق:
- أستلهم الكثير من الماضي؛ فهو بالنسبة لي منجم أفكار. هذا الماضي يعني أيضاً كل تجربة شخصية أمرّ بها، وتعلمت منها درساً مفيداً أعطاني دفعة نحو تحقيق أهدافي. ثم أنا أعتقد أن مزج الماضي بالحاضر لا يعترف بزمن، مزيج رائع، يحتاج إلى مصمم يتمتع بلمسة خاصة لكي يخلق من هذ القديم خلطة جديدة ومثيرة في الوقت ذاته. المهم ألا يتأثر بالأسلوب الكلاسيكي ويتقيد به إلى حد أن يغرق فيه.
- فلسفتي في الحياة تتلخص في مقولة قديمة تعلمتها صغيراً تقول: «كن متواضعاً لأنك ولدت من تراب. كن نبيلاً لأنك صنعت من نجوم». أعتقد أنها مقولة جميلة ومناسبة لكل عصر. فهي تعلم معنى التواضع والتوازن في الحياة وفي الوقت ذاته الثقة بالنفس، لكن بعيداً عن الغطرسة.
- كل تشكيلة أقدمها تتضمن قصصاً لبطلات أرسم ملامحهن من خيالي. ولا يقتصر الأمر على الصور، بل أيضاً على أحداث أتخيل سيناريوهاتها، وأنغمس فيها بكل خيالي وجوارحي. حينها فقط تتضح لي الصورة جيداً، وأتمكن من رسمها بسهولة. أكبر مثال على هذا «تشكيلة إيلين» الأخيرة لربيع وصيف 2019. شخصية خرافية قوية عاشت كل حياتها وهي تبحث عن الكمال.
- لقد رسّخت اسمي بين المصممين الشباب لأني لم أتهاون. فحتى قبل انطلاقتي، ثابرت واجتهدت ولا أزال، لأن طريق النجاح طويلة جداً، ولا يأتي بالتمني. عندما بدأت، كنت متخوفاً أن أسلوبي غير مناسب للسوق العربية، وبالتالي لن يكون مطلوباً. فالمرأة عندما بدأت منذ نحو عقد من الزمن كانت تُقبل على أسلوب معين. لكني كنت مخطئاً؛ لأني اكتشفت أنها لم تكن تعرف غيره بحيث لم يجرأ أحد من قبل أن يقدم لها اقتراحات جديدة ومختلفة، بدليل إقبالها السريع على تصاميمي. لقد كانت متشوقة لشيء مختلف. فهي امرأة معاصرة تعرف الموضة جيداً، وتعرف ما تريده أيضاً، وبالتالي تستحق أن نقترح لها أفكاراً متنوعة تختار منها ما تريده. وما تريده ليس تكراراً لموضة سابقة، بل بحثاً عن توجهات مبتكرة تُعبر عنها وتغذي فضولها وذوقها، وأيضاً طموحاتها.
- أصعب تحدٍ بالنسبة لي هو تحقيق المعادلة بين الجانبين التجاري والفني. أحاول قدر الإمكان أن أركز على الجانب التجاري من خلال التركيز على خطوط كلاسيكية مع احترام شكل المرأة وجسمها بالطبع. أما الجانب الفني فيتركز بالنسبة لي على اختيار الألوان والأقمشة وطريقة مزجها من خلال أشكال هندسية وتقنيات القص وغيرها التي أتبعها لكي تأتي القطعة منحوتة وتتوافر على كل العناصر التي تجعلها أنيقة ومعاصرة.
- لو خيرت أن أغير أي شيء في عالم الموضة، وتحديداً في عالمنا العربي، لغيرت تلك النظرة الدونية للموضة على أساس أنها سطحية لا تهتم سوى بالمظهر عوض اعتبارها جزءاً من ثقافة المجتمع.
- ما ينقصنا حالياً إيماننا بالمواهب العربية. فما زالت هناك ثقة أكبر تولى للمصممين الغربيين والمخضرمين على حساب الشباب. يحزّ في نفسي عدم حصولنا على الدعم بمنحنا الأولية وفرصاً أكبر.
- أحلامي كثيرة، واحد منها أن تصبح لي دار خاصة بي، وهو ما يحتاج مني إلى الكثير من الوقت لبنائه؛ لأني أؤمن بأن عدم التسرع في تحقيق هذا الحلم ضروري لكي أحافظ على الصورة المرسومة في ذهني.
يحزنني أننا في العالم العربي نمنح الأولوية للمصممين الغربيين على حسابنا
فنجان قهوة مع المصمم حسين بظاظا
يحزنني أننا في العالم العربي نمنح الأولوية للمصممين الغربيين على حسابنا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة