أبوظبي تعفو عن الجاسوس البريطاني... ولندن ترحب

عائلته قدمت خطاب التماس إلى الشيخ خليفة... وهانت عبر عن امتنانه

صورة تعود لشهر يناير عام 2017 للطالب البريطاني ماثيو هيدجز وزوجته دانيلا تيخادا في لندن (إ.ب.أ)
صورة تعود لشهر يناير عام 2017 للطالب البريطاني ماثيو هيدجز وزوجته دانيلا تيخادا في لندن (إ.ب.أ)
TT

أبوظبي تعفو عن الجاسوس البريطاني... ولندن ترحب

صورة تعود لشهر يناير عام 2017 للطالب البريطاني ماثيو هيدجز وزوجته دانيلا تيخادا في لندن (إ.ب.أ)
صورة تعود لشهر يناير عام 2017 للطالب البريطاني ماثيو هيدجز وزوجته دانيلا تيخادا في لندن (إ.ب.أ)

أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، عفواً رئاسياً بأثر فوري عن البريطاني ماثيو هيدجز، الذي حكم عليه بتهمة التجسس لصالح دولة أجنبية، ما من شأنه الإضرار بالأمن العسكري والاقتصادي والسياسي لدولة الإمارات، حيث حكمت محكمة استئناف أبوظبي بالسجن المؤبد.
وأعلنت وزارة شؤون الرئاسة، أمس، أن العفو الرئاسي المعتاد لليوم الوطني سيشمل هيدجز، ضمن قائمة المعفى عنهم بمناسبة اليوم الوطني الـ47 لدولة الإمارات، وسيُسمَح له بمغادرة البلاد فور اكتمال الإجراءات الرسمية.
وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية أن عائلة هيدجز قامت بتقديم التماس للعفو إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس البلاد، وذلك من خلال إرسال رسالة شخصية إلى الرئيس، حيث نقل موظفو القنصلية البريطانية الرسالة عبر القنوات الرسمية.
وقال الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تعليق له على الحكم الصادر والعفو الرئاسي: «إن الرأفة والمكارم التي عهدناها من رئيس الدولة، من خلال العفو الرئاسي المعتاد لليوم الوطني، تتيح لنا التركيز على متانة العلاقات الثنائية بين الإمارات والمملكة المتحدة، والمنافع التي يمكن أن يجنيها كلا البلدين، والمجتمع الدولي عموماً، في حين حرصت الإمارات على أن تكون الأولوية للعلاقات الثنائية بين البلدين، خلال المباحثات التي جرت في الأشهر الخمسة قبل الشروع في الإجراءات القضائية، كانت هذه المسألة واضحة، ولكنها أصبحت تزداد تعقيداً بلا داعٍ، رغم كل الجهود التي بذلتها دولة الإمارات».
كانت القضية المرفوعة ضد هيدجز قد استندت إلى أدلة قانونية، من خلال فحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة به، والمعلومات الاستخبارية التي توصلت إليها أجهزة الأمن والاستخبارات الإماراتية، والأدلة التي قدمها هيدجز بنفسه، ومن بينها ما يوثق تسخير وتدريب عناصر لاستخدامها في التجسس والمعلومات السرية المستهدفة، وقد تحققت المحكمة من عمل المتهم في أجهزة استخبارات أجنبية عن طريق أجهزة الاستخبارات الإماراتية.
وأضاف الدكتور أنور قرقاش: «إن مَكرُمة العفو الرئاسي المعتاد تسمح لنا بإغلاق هذا الجزء، والتركيز على الجوانب الإيجابية الكثيرة لهذه العلاقة».
وجاء الحكم بالسجن المؤبد على هيدجز عن الاتهامات المنسوبة إليه، بعد أن اعترف المتهم أمام المحكمة بالتهم التي وجهتها إليه النيابة العامة، بناء على أدلة قانونية أسفرت عنها التحقيقات القضائية التي أجرتها معه، واعترف خلالها تفصيلياً بالجرائم التي ارتكبها، في ظل ضمانات كاملة لحقوق المتهم في أثناء إجراء تلك التحقيقات، وفقاً للدستور الإماراتي وقوانين الدولة، فضلاً عن متابعة ممثلين لسفارة دولته.
ورحب متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالعفو الذي أصدرته دولة الإمارات، اليوم (الاثنين)، عن الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز، فيما قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إنها «أخبار رائعة بخصوص ماثيو هيدجز، رغم عدم موافقتنا على التهم، نحن ممتنون لحكومة الإمارات لحل القضية بسرعة».
وكان هانت قد ذكر قبل أيام أنه أجرى محادثات وصفها بالبناءة مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد بشأن الأكاديمي هيدجز، وأشار إلى اعتقاده أنه يعمل بجد لحل القضية، في إشارة إلى وزير الخارجية البريطاني.
بدورها، عبّرت زوجة هيدجز عن سعادتها لأنباء العفو عنه. وقالت دانييلا تيخادا، التي شاهدت زوجها لآخر مرة يوم الحكم عليه الأسبوع الماضي، لإذاعة «بي بي سي»: «هذا النبأ غمرنا بسعادة بالغة». ورداً على سؤال بشأن تكرار اتهام دولة الإمارات لزوجها بالتجسس، قالت تيخادا: «في صميم قلبي، أعرف أنه ليس كذلك»، لكنها أضافت «إذا كان هذا مقابل عودته، فأنا أرحب بالنبأ»
من جهته، قال جابر اللمكي، المدير التنفيذي لقطاع الاتصال الإعلامي والاستراتيجي في المجلس الوطني للإعلام، إن هيدجز قام بأعمال تجسس حول القدرات العسكرية والاقتصادية للإمارات، ودورها العسكري والسياسي في اليمن، حيث تقود مع السعودية التحالف العربي لدعم الشرعية ضد المتمردين الحوثيين.
وأضاف في مؤتمر صحافي عقد البارحة: «أقر هيدجز بأنه كان يجمع معلومات حساسة حول دولة الإمارات»، مشدداً على أن «الأدلة لا يمكن دحضها». وتابع اللمكي أن دور هيدجز «كان يتركز على جمع معلومات سرية عن القدرات العسكرية لدولة الإمارات، ومعلومات حساسة حول مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الإماراتية والأسر الحاكمة».
وكانت الإمارات قد أوقفت هيدجز في الخامس من مايو (أيار)، في مطار دبي، في الوقت الذي ادعت فيه عائلته أنه طالب دكتوراه، وكان يجري بحثاً عن سياسات الإمارات الخارجية والأمن الداخلي بعد الاحتجاجات في العالم العربي. وتم الإفراج عنه بشروط، وبشكل مؤقت، في 29 أكتوبر (تشرين الأول)، دون السماح له بالسفر.



الملك سلمان... رؤية ممتدة لـ16 عاماً تتحقق مع افتتاح قطار الرياض

خادم الحرمين الشريفين لدى افتتاح مشروع «قطار الرياض» ومشاهدة فيلم تعريفي عن المشروع (واس)
خادم الحرمين الشريفين لدى افتتاح مشروع «قطار الرياض» ومشاهدة فيلم تعريفي عن المشروع (واس)
TT

الملك سلمان... رؤية ممتدة لـ16 عاماً تتحقق مع افتتاح قطار الرياض

خادم الحرمين الشريفين لدى افتتاح مشروع «قطار الرياض» ومشاهدة فيلم تعريفي عن المشروع (واس)
خادم الحرمين الشريفين لدى افتتاح مشروع «قطار الرياض» ومشاهدة فيلم تعريفي عن المشروع (واس)

في وثيقة تاريخية يعود عمرها إلى 20 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2009، قدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عندما كان رئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، رؤية استراتيجية شاملة لتطوير نظام النقل العام في مدينة الرياض.

وعرض الملك سلمان عندما كان أميراً للعاصمة السعودية الرياض، على الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، التحديات التي كانت تواجه المدينة آنذاك، مثل النمو السكاني المتزايد، وتأثيراته على البنية التحتية، خاصة الطرق وحركة المرور. ومن هنا، انطلقت فكرة المشروع بإنشاء العمود الفقري للنقل العام المتمثل في القطار الكهربائي والحافلات؛ لتغطية كامل المدينة.

ملامح الوثيقة التاريخية

الوثيقة لم تقتصر على الرؤية فحسب، بل تضمنت خططاً متكاملة ومواصفات فنية دقيقة، أعدّتها الهيئة العليا، بما يشمل تصميم الشبكة التي تمتد بطول 708 كيلومترات، مع ربطها بالخدمات المحلية لتسهيل التنقل داخل العاصمة السعودية.

وأوضحت الوثيقة استخدام الملك سلمان عبارة «العمود الفقري» لوصف مشروع النقل العام بشقيه «الحافلات والقطار»، كأول استخدام لهذا التعبير، ما يعدّ دلالة على اهتمامه البالغ بهذا المشروع وأولويته منذ قرابة العقدين، إلى جانب نظرته لمستقبل المدينة، واستشرافه لما ستصبح عليه، من خلال وضع مشاريع استراتيجية تهدف إلى معالجة المشكلات الناتجة عن التوسع العمراني وارتفاع عدد السكان.

رؤية الملك سلمان: من فكرة إلى واقع

مراقبون لتاريخ المشروع عدّوا، لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يميّز هذا المشروع هو امتداد الرؤية رغم مرور أكثر من عقد على طرحها، لتصبح اليوم واقعاً ملموساً من خلال افتتاح الملك سلمان، الأربعاء، قطار الرياض، أحد أضخم مشاريع النقل العام عالمياً.

وأضاف متابعون لمشاريع النقل في السعودية أن هذه الاستمرارية تعكس القيادة المؤسسية، وثبات النهج التنموي في السعودية، حيث تجاوزت التحديات والتغيرات لضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية.

التخطيط المستدام

وبيّنت الوثيقة التاريخية الدليلَ على أهمية التخطيط طويل المدى، الذي يركز على مواجهة التحديات الحضرية بحلول مبتكرة ومستدامة، مما يجعل «قطار الرياض» ليس مجرد وسيلة نقل، بل نموذجاً يُحتذى به للمشاريع التنموية الكبرى التي تستهدف تحسين جودة الحياة للمواطن والمقيم.

صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

واتفق مراقبون واكبوا افتتاح «قطار الرياض» على أن السعودية أثبتت خلال السنوات الأخيرة أن الرؤى الواضحة والمبنية على التخطيط الدقيق قادرة على تحويل الطموحات إلى إنجازات، وتترك أثراً دائماً للأجيال القادمة.

ووجّه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الأربعاء، الشكرَ لخادم الحرمين الشريفين على دعمه مشروع النقل العام بمدينة الرياض بشقّيه القطار والحافلات، لافتاً إلى أنه يُعد «ثمرة من ثمار غرس» الملك سلمان بن عبد العزيز، و«انطلاقاً من رؤيته الثاقبة» عندما كان رئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.