السلطات العراقية تؤجل إعادة افتتاح المنطقة الخضراء وسط بغداد

أحد مداخل المنطقة الخضراء وسط بغداد (أ.ف.ب)
أحد مداخل المنطقة الخضراء وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

السلطات العراقية تؤجل إعادة افتتاح المنطقة الخضراء وسط بغداد

أحد مداخل المنطقة الخضراء وسط بغداد (أ.ف.ب)
أحد مداخل المنطقة الخضراء وسط بغداد (أ.ف.ب)

أرجأت السلطات العراقية إعادة فتح جزئي للمنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة بغداد، التي كانت مقررة اليوم (الأحد)، حسبما قال مسؤول حكومي بتصريحات إعلامية محلية، مشيراً إلى أن الأعمال لا تزال جارية في الجيب الأمني الذي يضم مقار رسمية ومبنى السفارة الأميركية.
وتمهيداً لهذه العملية التي قالت السلطات قبل أيام عدة إنها ستتم اليوم بشكل رسمي، باشرت القوات الأمنية العراقية بمساعدة أمانة بغداد رفع الكتل الإسمنتية المحيطة بالمنطقة الخضراء التي أصبحت جيباً من الإسمنت المسلح والأسلاك الشائكة على ضفتي نهر دجلة، مع نقاط تفتيش لا يجتازها معظم العراقيين.
وقال حكيم عبد الزهرة مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد: «حتى الآن لا تزال أعمال التنظيف داخل المنطقة الخضراء جارية من قبل كوادر الأمانة»، مشيراً إلى أن «الأمر سيستغرق بعض الوقت».
وأوضح عبد الزهرة، أن «المنطقة كانت مغلقة لخمسة عشر عاماً والنباتات والحشائش وصلت لمستويات عالية»، لافتاً إلى أنه «أمر ليس بالهين».
وأعرب عبد الزهرة عن أمله «بأن يتم فتحها خلال اليومين أو الثلاثة القادمة»، موضحاً في الوقت نفسه، أن «أمر فتح المنطقة الخضراء مناط بالجهات الأمنية وليس بأمانة بغداد».
والمنطقة الخضراء، هو الاسم الشائع للحي «المحصن» الذي يضم مقار الحكومة والبرلمان ومقر السفارة الأميركية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية لدول أخرى وسط العاصمة العراقية بغداد، وتبلغ مساحتها تقريباً نحو 10كم، وتعد أكثر المواقع العسكرية تحصناً.
وذكر مسؤول حكومي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «طريقاً رئيسية ستفتح، لكن يجب تأمين الطرق الفرعية المؤدية إليها من داخل المنطقة الخضراء، والفرق الهندسية تعمل على ذلك».
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، دعا أمام البرلمان خلال منح الثقة لحكومته الشهر الماضي، إلى فتح المنطقة أمام المواطنين، مشدداً على ضرورة تنفيذ هذا الإجراء لكسر الحواجز بين المواطنين. في حين رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي كان قد أمر في أغسطس (آب) 2015 بإعادة فتح المنطقة الخضراء، لكن الأمر استمر فقط أياماً قليلة قبل إعادة إغلاقها أمام المارة.
وفي بادرة رمزية قوية، يعقد وزراء الحكومة الجديدة اجتماعاتهم خارج المنطقة الخضراء، للمرة الأولى منذ العام 2003. لكن رغم ذلك، لا تزال الاجتماعات الرسمية لعبد المهدي، كلقائه مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني، تتم داخل المنطقة.
وتعيش العاصمة بغداد فترة هدوء أمني نسبي، منذ إعلان السلطات العراقية دحر تنظيم داعش من البلاد في ديسمبر (كانون الأول) 2017.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.