«فضيحة سياسية» تلاحق «الوفاق» الليبية بسبب «منتحل» صفة حكومية مالطية

التقى وزراء في حكومة السراج على اعتبار أنه مبعوث شخصي لرئيس مالطا

وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باش أغا مع المالطي نيفيل غافا (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باش أغا مع المالطي نيفيل غافا (وزارة الداخلية)
TT

«فضيحة سياسية» تلاحق «الوفاق» الليبية بسبب «منتحل» صفة حكومية مالطية

وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باش أغا مع المالطي نيفيل غافا (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باش أغا مع المالطي نيفيل غافا (وزارة الداخلية)

التزمت حكومة الوفاق الوطني الليبي، التي تعرضت لانتقادات دولية بسبب استخدامها القوة لفض اعتصام مهاجرين غير شرعيين كانوا على متن سفينة في مصراتة، الصمت حيال ما وصف بـ«فضيحة سياسية»، تفجرت بعدما كشفت تقارير صحافية مالطية عن لقاء مسؤولين في الحكومة، التي يترأسها فائز السراج، مع شخص يحمل الجنسية المالطية، باعتبار أنه أحد مسؤولي حكومة بلاده، خلافا للحقيقة.
والتقى مسؤولون رفيعو المستوى ووزراء في حكومة السراج، خلال اليومين الماضيين مع نيفيل غافا، الذي قدموه في بيانات رسمية على أنه المبعوث الشخصي لرئاسة الحكومة في مالطا. وقال فتحي باش أغا، وزير الداخلية بالحكومة، إنه بحث مع غافا توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات الأمنية، بما يخدم المصلحة المشتركة، ونقل في بيان عن «المبعوث المالطي» أنه «أشاد بما لمسه من انضباطية واستتباب وبسط للأمن داخل العاصمة»، قبل أن ينقل تحيات رئيس وزراء مالطا جوزيف موسعات إلى وزير الداخلية الليبي.
كما أعلن بيان لحكومة السراج أن نائبه أحمد معيتيق أكد لدى لقائه، أول من أمس، مع «المبعوث الشخصي لرئيس وزراء مالطا»، على التعاون من أجل مكافحة عمليات تهريب الوقود، والعمل على استئناف الرحلات الجوية بين ليبيا ومالطا.
في السياق ذاته، قال وزير الصحة الليبي عمر بشير إنه بحث مع غافا، الذي قدمه باعتباره «مستشار رئيس الوزراء المالطي لشؤون الشرق الأوسط»، قضية الديون المستحقة على الدولة الليبية، مقابل علاج الجرحى الليبيين في دولة مالطا، لافتا إلى أن غافا أبدى استعداد بلاده لتنفيذ برامج تدريبية لعناصر طبية لمساعدة ليبيا.
لكن صحيفة «نيوز أوف مالطا» نقلت في المقابل عن غافا نفيه إجراء محادثات دبلوماسية في طرابلس، نيابة عن الحكومة المالطية، كما نقلت عنه نفيه أن يكون قد قاد وفداً رسمياً إلى ليبيا، مصراً على أنه كان في «زيارة شخصية».
وتابع غافا بحسب الصحيفة ذاتها «نعم، أنا في ليبيا ولكن على أساس شخصي، مثلما أذهب إلى إسبانيا أو إيطاليا، أو أي مكان آخر. أعتقد أنه يمكنني زيارة الدول... ألا يمكنني ذلك»؟. كما نقلت الصحيفة عن ناطق باسم مكتب رئيس الحكومة المالطية أن غافا لم يعقد أي اجتماعات رسمية في ليبيا، نيابة عن الحكومة المالطية. وسرد التقرير الصحافي سيرة غافا، الذي اتضح أنه كان مجرد مسؤول في وزارة الصحة في مالطا، وتعرض للنقل من وظيفته بسبب تقارير عن تلقيه رشى. من جانبه، أكد غافا أنه عقد اجتماعات في ليبيا على أساس ما سماه بعلاقات الصداقة مع مسؤولي حكومة السراج، التي التزمت بدورها الصمت، ولم تعلق رسميا على هذه الفضيحة، التي سبق أن تكررت في مناسبات مختلفة.
في سياق آخر، قالت شركة «أكاكوس»، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط الليبية، أمس، إن المحطة الفرعية بحقل الشرارة النفطي تعرّضت لهجوم أول من أمس من طرف مجموعة مسلحة، تتكون من ثمانية أفراد، مشيرة إلى أن الهجوم لم يسفر عن أي إصابات بين العاملين، ولم يؤثر على عمليات الإنتاج.
وأضافت الشركة في بيان، أمس، أن المسلحين سرقوا ثلاث سيارات تابعة لشركة «أكاكوس»، إضافة إلى هواتف العاملين الذين كانوا موجودين في مكان الحادثة، لافتة إلى أنه تم إجلاؤهم لاحقا إلى أماكن آمنة.
وفيما تعمل إدارة شركة أكاكوس والفرق الأمنية المختصّة مع السلطات للتحقق من هوية مرتكبي هذه الأفعال المشينة، دعت المؤسسة الوطنية للنفط كل الجهات المعنية إلى دعم المساعي الرامية إلى حماية المنشآت النفطية، وكل العاملين في هذا القطاع، مع ضرورة وجود جهاز أمني وطني موحّد.
إلى ذلك، أعربت ماريا ريبيرو، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا، عن أسفها لاستخدام السلطات الليبية القوة لإنزال قرابة 80 مهاجرا غير شرعي من سفينة تجارية كانت تقل مهاجرين غير شرعيين في مصراتة بغرب البلاد.
وقالت ريبيرو في بيان لها، أمس، إنه من المؤسف أن جهود الوساطة لم تؤد إلى حل سلمي، مطالبة بإيجاد بدائل للاحتجاز في ليبيا، ونقل المهاجرين من نقاط الإنزال إلى مرافق مناسبة، ودعت إلى استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المهاجرين، الذين تم إنزالهم وتوفير الدعم لهم، وفقا لظروف واحتياجات كل شخص.
في السياق ذاته، حثت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية السلطات الليبية على التحقيق بشأن «استخدام القوة غير القانونية لإنزال المهاجرين»، واتهمت الاتحاد الأوروبي بـ«عرقلة عمليات الإنقاذ التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية، مقابل تمكين خفر السواحل الليبي».
وكانت قوات البحرية التابعة لحكومة السراج، أكدت أنها أجبرت 79 مهاجرا على الأقل من النزول من على متن سفينة الشحن (نيفين)، التي تحمل علم بنما، كانت أنقذتهم الأسبوع الماضي.
في شأن آخر، طلبت وزارة الداخلية المواطنين الإبلاغ عن أي تجاوزات لحراس المصارف المحلية في العاصمة، وقالت في بيان لها أمس، إن مصلحة أمن المرافق والمنشآت تهيب بجميع المواطنين والجهات العامة والخاصة بالإبلاغ عن أي تجاوزات، أو مخالفات قد يرتكبها أعضاء الشرطة، المكلفين حراسة المصارف، حتى يتم البث فيها، ومعالجتها من قبل رئاسة المصلحة، قصد اتخاذ الإجراءات القانونية حيال التجاوزات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.